تجيّير المثقف لحساب السياسي
ماجد السامرائي نموذجاً
أحمد الصالح
واحدة من نكبات العراقيين على مدى الخمسين سنة الأخيرة من عمر البلاد هي هجرة مثقفيه الى بلدان المنافي و بأعداد مفزعة تعبر تعبيراً صادقاً عن حجم الخسارة التي منُي بها العراق ، و لازال يخسر ، مادام السياسيون الأنتهازيون الطامحون مستمرون بمشاريعهم التي يمكن وصفها بأكثر الأوصاف لياقة أنها مشاريعا لا وطنية و لا تعنى بشؤون المواطنين لا من قريب و لا من بعيد .
طالعنا السيد ماجد السامرائي بمقالة على ( موقع المجلس الأعلى للثقافة في العراق ) تحدث فيها عن هجرة المثقفين العراقيين الى المنافي و عن نشاطهم الثقافي و الأبداعي و أورد نماذج لنشاطات لعراقيين يعيشون الآن خارج العراق بوصفها نشاطات ( مقاومة ) للأحتلال الأمريكي للعراق..
فمعرض لمنحوتات الفنان الكبير محمد غني حكمت في عمّان أصبح معرضا ( مقاوماً ) للأحتلال، و مسرحية للفنان رائد محسن أصبحت مسرحية ( مقاومة ) للأحتلال ، و هجرة الشاعر و الصحفي و المسرحي و القاص الكبير المرحوم يوسف الصائغ الى سوريا على أُُخريات أيامه باحثٍ عن ملاذٍ آمنٍ يأويه من سخافات السياسة في بلاده – و هو الكاتب لقصيدة جزدان خديجة -، أصبح فعلا ً( مقاوما ) للأحتلال في عُرف السيد ماجد !!!
و مع المقال ( ألصقت ) صورة لمسرحية قُدمت مؤخراً على شارع المتنبي من تأليف الكاتب المبدع و المواظب علي حسين و اخراج الفنان المبدع حيدر منعثر و جسد شخصياتها الفنانون الكبار سامي عبد الحميد و سامي قفطان و شذى سالم و رياض شهيد و آخرون .. مسرحية حكت عن أرهاب نذل دمر الشارع الذي يعد أحد رموز الثقافة في العراق و أودى بحياة عدد من العراقيين الطيبين .
و لعل السيد ماجد يريد أن يقول لنا بنشره لهذه الصورة برفقة مقاله أن هذه المسرحية هي أيضا ( مقاومة ) للأحتلال و القائمين عليها هم أيضا ( مقاومون ) للأحتلال !!!
طيب سوف لن أدخل في مهاترات الأحتلال و المقاومة هذه اللعبة القذرة التي ما زالت قائمة منذ أربع سنوات و راح ضحيتها الآلاف من العراقيين و خسارات مادية بمليارات الدولارات و فرص لتأهيل عراق ديمقراطي جديد على أنقاض أستبداد بغيض عاش مرارته السيد ماجد أيضا في وقت ما ..
انما يهمني التوجه بالسؤال عن أولئك المثقفين الذين هاجروا الى المنافي في عهود سالفة قبل عهد ( الأحتلال ) !؟
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد صدام ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المبدعين و المثقفين في عهد البكر ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المدعين و المثقفين في عهد الأخوة عارف ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد عبد الكريم قاسم ؟
ماذا لو يحدثنا عن الهجرة المليونية لعراقيين على مدى عقود و هم يبحثون عن ملاذ آمن لهم و لأطفالهم يقيهم شر الحروب القذرة التي تورط بها السياسيين و الحزبيين المتعصبين و الطامحين للحكم على أشلاء جثث أبناء بلدهم ؟!
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة أسماء عراقية لامعة في عالم الأبداع و الثقافة و عن زمن هجرتهم و عن أعمالهم هم أيضا في الهجرة ؟!
ماذا عن الجواهري يا سيد ماجد و ماذا عن البياتي و النواب و سعدي و غيرهم من الشعراء ؟!
ماذا عن هجرة غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي و أبراهيم احمد و سليم مطر و غيرهم من القصاصين و الروائيين ؟!
ماذا عن هجرة خليل شوقي و عوني كرومي و قاسم حول و جواد الأسدي و فيصل الياسري و قاسم محمد و ابراهيم الزبيدي و كاظم الساهر و نصير شمه و غيرهم من الفنانين و الأعلاميين ؟!
ماذا عن هجرة شاكر السماوي و عزيز السماوي و أبو سرحان و كريم العراقي و غيرهم من الشعراء الشعبيين ؟!
ماذا عن هجرة ياسين النصير و حاتم الصكَر و فاضل ثامر و ضياء الشكرجي و فالح عبد الجبار و محمد عبد الجبار الشبوط و عادل عبد المهدي و طالب الشطري و عبد اللطيف الحرز وغيرهم من الكتّاب و النقاد ؟!
ماذا عن هجرة عشرات الأسماء المبدعة من الرسامين و النحاتين و الموسيقيين و الصحفيين وأساتذة الجامعات على مدى الخمسين سنة الماضية و تحديداً في العشرين سنة الأخيرة من عهد النظام السابق ؟!
ترى هل كانت هجرة كل تلك الأسماء المبدعة في عالم الثقافة العراقية بقصد ( مقاومة ) المُحتل الذي يريد السيد ماجد (بشخطة ) مقال واحد، أن يجيّر كل أنجازاتها لصالح خطاب سياسي معروفة مقاصده، وتبعا لذلك علينا أن ننسى كل ذاك الضيم و الحيف و الأستهتار الذي لحق بالثقافة العراقية و المثقفيين العراقيين بسبب الأحتراب بين ( سياسيين وطنيين [جداً ] و عصابيين موتوريين ) جعلوا من السياسة في العراق مجرد ميدان لتناطح الثيران المخصية ، فكان من نتائج صراعهم البائس على السلطة و منافعها أن دمروا بحوافرهم وسحقوا كل شيء جميل و معافى في هذا البلد المنكوب !!
يريد لنا السيد ماجد أن نُحيل سبب هجرة كل أولئك المبدعين الى الأحتلال و الرغبة المُلحة في ( مقاومة) الأحتلال من على الأراضي الأردنية و السورية و القطرية و اليمنية و المصرية و التونسية مثلاً ؟؟!!
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن الأموال القذرة التي أشترت عدد من أصوات المثقفين العراقيين و جيّرتها لخدمة أجندات مخابرات دول الأقليم تلك الدول التي عمرها ما أرادت خيراً لا بالعراق و لا بأهله ؟!
المثقفون و المبدعون العراقيون الطيبون ما عادت تنطلي عليهم سخافات الأقلام المشتراة لحساب هذا السياسي أو ذاك ، لحساب مخابرات هذه الدولة أو تلك ، فهم يعلمون جيداً أن مشروعهم الثقافي و الأبداعي أسس و يؤسس لثقافة عراقية وطنية أصيلة ترفض تجيير أنجازاتهم لخدمة السياسيين الأنتهازيين البائسين في هذا العهد و كل عهد ، ثقافة خالية من وساخات السياسيين الطامعين بالحكم في هذا العهد و كل عهد .
و أن سكت المبدعون عن فضح الأنتهازيين المتاجرين بانجازاتهم فهم ساكتون على مضض أو خشية من ارهاب يتربص بهم على عتبة باب الدار ..
أما نغمة ( مقاومة ) الأحتلال التي يحلو للبعض الترّنم بها، فستكشف لنا الأيام القادمة عن ( نشازها ) بعد أن يتم ( التصافي ) بين ( المقاوم ) و المحتل على كعكة السلطة و منافعها ، و اعتراف أطراف اللعبة جميعهم ( بحصصٍ لكلٍ منهم ) على طريقة ( التحاصص ) السائدة هذه الأيام ..
و يأمل المبدعون و المثقفون والعراقيون الطيبون جميعهم من قبلهم، أن يأمنوا شر نتائج هذا (التحاصص السياسي ) الذي فتّ بعضدهم و أطاح بأحلامهم على مدى سنين، أحلام في بلاد آمنة عادلة كريمة مع أبناءها !!
لا بلاد طاردة لأبناءها تلاحقهم بالزيف و الرعب و الأكاذيب حتى في منافيهم !!ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماجد السامرائي نموذجاً
أحمد الصالح
واحدة من نكبات العراقيين على مدى الخمسين سنة الأخيرة من عمر البلاد هي هجرة مثقفيه الى بلدان المنافي و بأعداد مفزعة تعبر تعبيراً صادقاً عن حجم الخسارة التي منُي بها العراق ، و لازال يخسر ، مادام السياسيون الأنتهازيون الطامحون مستمرون بمشاريعهم التي يمكن وصفها بأكثر الأوصاف لياقة أنها مشاريعا لا وطنية و لا تعنى بشؤون المواطنين لا من قريب و لا من بعيد .
طالعنا السيد ماجد السامرائي بمقالة على ( موقع المجلس الأعلى للثقافة في العراق ) تحدث فيها عن هجرة المثقفين العراقيين الى المنافي و عن نشاطهم الثقافي و الأبداعي و أورد نماذج لنشاطات لعراقيين يعيشون الآن خارج العراق بوصفها نشاطات ( مقاومة ) للأحتلال الأمريكي للعراق..
فمعرض لمنحوتات الفنان الكبير محمد غني حكمت في عمّان أصبح معرضا ( مقاوماً ) للأحتلال، و مسرحية للفنان رائد محسن أصبحت مسرحية ( مقاومة ) للأحتلال ، و هجرة الشاعر و الصحفي و المسرحي و القاص الكبير المرحوم يوسف الصائغ الى سوريا على أُُخريات أيامه باحثٍ عن ملاذٍ آمنٍ يأويه من سخافات السياسة في بلاده – و هو الكاتب لقصيدة جزدان خديجة -، أصبح فعلا ً( مقاوما ) للأحتلال في عُرف السيد ماجد !!!
و مع المقال ( ألصقت ) صورة لمسرحية قُدمت مؤخراً على شارع المتنبي من تأليف الكاتب المبدع و المواظب علي حسين و اخراج الفنان المبدع حيدر منعثر و جسد شخصياتها الفنانون الكبار سامي عبد الحميد و سامي قفطان و شذى سالم و رياض شهيد و آخرون .. مسرحية حكت عن أرهاب نذل دمر الشارع الذي يعد أحد رموز الثقافة في العراق و أودى بحياة عدد من العراقيين الطيبين .
و لعل السيد ماجد يريد أن يقول لنا بنشره لهذه الصورة برفقة مقاله أن هذه المسرحية هي أيضا ( مقاومة ) للأحتلال و القائمين عليها هم أيضا ( مقاومون ) للأحتلال !!!
طيب سوف لن أدخل في مهاترات الأحتلال و المقاومة هذه اللعبة القذرة التي ما زالت قائمة منذ أربع سنوات و راح ضحيتها الآلاف من العراقيين و خسارات مادية بمليارات الدولارات و فرص لتأهيل عراق ديمقراطي جديد على أنقاض أستبداد بغيض عاش مرارته السيد ماجد أيضا في وقت ما ..
انما يهمني التوجه بالسؤال عن أولئك المثقفين الذين هاجروا الى المنافي في عهود سالفة قبل عهد ( الأحتلال ) !؟
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد صدام ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المبدعين و المثقفين في عهد البكر ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المدعين و المثقفين في عهد الأخوة عارف ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد عبد الكريم قاسم ؟
ماذا لو يحدثنا عن الهجرة المليونية لعراقيين على مدى عقود و هم يبحثون عن ملاذ آمن لهم و لأطفالهم يقيهم شر الحروب القذرة التي تورط بها السياسيين و الحزبيين المتعصبين و الطامحين للحكم على أشلاء جثث أبناء بلدهم ؟!
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة أسماء عراقية لامعة في عالم الأبداع و الثقافة و عن زمن هجرتهم و عن أعمالهم هم أيضا في الهجرة ؟!
ماذا عن الجواهري يا سيد ماجد و ماذا عن البياتي و النواب و سعدي و غيرهم من الشعراء ؟!
ماذا عن هجرة غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي و أبراهيم احمد و سليم مطر و غيرهم من القصاصين و الروائيين ؟!
ماذا عن هجرة خليل شوقي و عوني كرومي و قاسم حول و جواد الأسدي و فيصل الياسري و قاسم محمد و ابراهيم الزبيدي و كاظم الساهر و نصير شمه و غيرهم من الفنانين و الأعلاميين ؟!
ماذا عن هجرة شاكر السماوي و عزيز السماوي و أبو سرحان و كريم العراقي و غيرهم من الشعراء الشعبيين ؟!
ماذا عن هجرة ياسين النصير و حاتم الصكَر و فاضل ثامر و ضياء الشكرجي و فالح عبد الجبار و محمد عبد الجبار الشبوط و عادل عبد المهدي و طالب الشطري و عبد اللطيف الحرز وغيرهم من الكتّاب و النقاد ؟!
ماذا عن هجرة عشرات الأسماء المبدعة من الرسامين و النحاتين و الموسيقيين و الصحفيين وأساتذة الجامعات على مدى الخمسين سنة الماضية و تحديداً في العشرين سنة الأخيرة من عهد النظام السابق ؟!
ترى هل كانت هجرة كل تلك الأسماء المبدعة في عالم الثقافة العراقية بقصد ( مقاومة ) المُحتل الذي يريد السيد ماجد (بشخطة ) مقال واحد، أن يجيّر كل أنجازاتها لصالح خطاب سياسي معروفة مقاصده، وتبعا لذلك علينا أن ننسى كل ذاك الضيم و الحيف و الأستهتار الذي لحق بالثقافة العراقية و المثقفيين العراقيين بسبب الأحتراب بين ( سياسيين وطنيين [جداً ] و عصابيين موتوريين ) جعلوا من السياسة في العراق مجرد ميدان لتناطح الثيران المخصية ، فكان من نتائج صراعهم البائس على السلطة و منافعها أن دمروا بحوافرهم وسحقوا كل شيء جميل و معافى في هذا البلد المنكوب !!
يريد لنا السيد ماجد أن نُحيل سبب هجرة كل أولئك المبدعين الى الأحتلال و الرغبة المُلحة في ( مقاومة) الأحتلال من على الأراضي الأردنية و السورية و القطرية و اليمنية و المصرية و التونسية مثلاً ؟؟!!
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن الأموال القذرة التي أشترت عدد من أصوات المثقفين العراقيين و جيّرتها لخدمة أجندات مخابرات دول الأقليم تلك الدول التي عمرها ما أرادت خيراً لا بالعراق و لا بأهله ؟!
المثقفون و المبدعون العراقيون الطيبون ما عادت تنطلي عليهم سخافات الأقلام المشتراة لحساب هذا السياسي أو ذاك ، لحساب مخابرات هذه الدولة أو تلك ، فهم يعلمون جيداً أن مشروعهم الثقافي و الأبداعي أسس و يؤسس لثقافة عراقية وطنية أصيلة ترفض تجيير أنجازاتهم لخدمة السياسيين الأنتهازيين البائسين في هذا العهد و كل عهد ، ثقافة خالية من وساخات السياسيين الطامعين بالحكم في هذا العهد و كل عهد .
و أن سكت المبدعون عن فضح الأنتهازيين المتاجرين بانجازاتهم فهم ساكتون على مضض أو خشية من ارهاب يتربص بهم على عتبة باب الدار ..
أما نغمة ( مقاومة ) الأحتلال التي يحلو للبعض الترّنم بها، فستكشف لنا الأيام القادمة عن ( نشازها ) بعد أن يتم ( التصافي ) بين ( المقاوم ) و المحتل على كعكة السلطة و منافعها ، و اعتراف أطراف اللعبة جميعهم ( بحصصٍ لكلٍ منهم ) على طريقة ( التحاصص ) السائدة هذه الأيام ..
و يأمل المبدعون و المثقفون والعراقيون الطيبون جميعهم من قبلهم، أن يأمنوا شر نتائج هذا (التحاصص السياسي ) الذي فتّ بعضدهم و أطاح بأحلامهم على مدى سنين، أحلام في بلاد آمنة عادلة كريمة مع أبناءها !!
لا بلاد طاردة لأبناءها تلاحقهم بالزيف و الرعب و الأكاذيب حتى في منافيهم !!ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
No comments:
Post a Comment