Tuesday, August 25, 2009

الإنتخابات على الأبواب ماذا جنى العراقيون من الأحزاب و العمل الحزبي ؟!

أحمد الصالح



العراقيون جميعا قد اكتووا بنار الصراعات الحزبية منذ عقود، بل منذ تأسيس دولة العراق الحديث مطلع عشرينات القرن الماضي و ختامها كان طغيان البعث في آخر المطاف و تحكمه بمصائرهم ، و رغم ذلك،
مازال العراقيون بعيدون عن أدراك حقيقة مجريات الأحداث و تداعياتها ، حيث أن الغاطس من الحقائق و المسكوت عنه في العمل السياسي و الحزبي في العراق كما هو معلوم أكثر بكثير مما هو معلن للناس، خاصة و أن العراقيين قد عاشوا تحت حكم استبدادي لسنين طويلة إحتكر المعلومة و الحقيقة و حرم الناس منها حتى جاء اليوم الذي عمد الكثيرون من خصومه للأسف الى توسل نفس أساليب ذلك النظام في محاولة إخفاء المعلومات و الحقائق عن الناس أو محاولة تظليلهم ، وقد يعمدون حتى الى إرهاب من يسعى لأن يبحث عن حقيقة تلك الأحداث .

إن من العدل القول- و نحن نعيش عصر التداول الحر للمعلومات : إن ما يهمني و يؤثر في حياتي ، يهمني جدا ً أن أتـعرف عليه و أدركه، و ما من قوة على الأرض ستخفي الحقيقة عن طالبيها. و ما دامت الأرض تدور ليس مهما أن تعترف الكنيسة مؤخرا مثلا بخطئها الجسيم الذي أرتكبته بحق غاليلو غاليليه القائل بدوران الأرض قبل اعتراف الكنيسة بخمسة قرون .
فهل نحن بحاجة الى خمسة قرون أخرى يا ترى لنلمس أعترافا من الأحزاب العراقية بمجموعها بحقيقة مجريات الأحداث و حقيقة الصراعات الدموية و الخصومات التي جرت فيما بينها و هي تسعى ، كل حزب من جانبه الى نيل السلطة و التحكم بمصائر العراقيين ، و النتيجة حصيلة كارثية شهدها العراقيون جميعا بفعل تلك الصراعات و الخصومات. ؟؟!!

ألسنا بحاجة مثلا الى إجابة عن جملة أسئلة ما زالت تدور في أذهان العراقيين عن كل أنهار الدم التي جرت على أرض العراق و عن مئات الآلاف من الأرواح التي زهقت ومثلها من الأيتام و الأرامل و المعوقين جسديا ً و بدنيا ً ؟؟
أليس من العدل السؤال من المسؤول عن ذلك كله ؟؟
هل سنكتفي بالأجابات السهلة ، إن حزب البعث و أمريكا التي جاءت به على قطارها في العام 1963 كما هو شائع على نطاق واسع! هما المسؤولان الوحيد عن حمامات الدم ( مع الأخذ بالقطع إن البعث هو المسؤول الأول)..

لكن ماذا عن الآخرين ؟؟؟

هل كانت الأحزاب العراقية الأخرى عدا ( البعث) أحزاب ملائكية مثلا ً؟؟!! أو أنها أحزاب معصومة من الخطأ ؟؟
هل كانت خصومات تلك الأحزاب بمجموعها خصومات مبررة على أساس المصلحة الوطنية و على أساس مصلحة الشعب ، أم انها كانت مبررة فقط في السعي من أجل الأستحواذ على السلطة ؟؟!!
و هل كانت تحالفات تلك الأحزاب بمجموعها في هذه المرحلة أو تلك ، ثم فك ذلك التحالف و العودة اليه مرة أخرى حقا ً في صالح العراقيين و ينسجم مع شعارات تلك الأحزاب الطنانة في السعي من أجل حياة كريمة و آمنة لهم ؟؟؟

رغم الكثير من الأجوبة التي قد جنيت من هذا المصدر أو ذاك فهناك على الدوام أسئلة أخرى جديدة تتوالد الواحدة من الأخرى على طريق البحث المضني عن الحقيقة. و الغريب و المثير للأنتباه حقا ، أن رغم كل تلك الأسئلة الساخنة التي يلقي بها الباحثون عن الحقيقة أمام أبواب الأحزاب العراقية ، لم يعمد أي حزب من تلك الأحزاب للرد و التوضيح بشكل رسمي أو حتى عبر بعض منتسبيها المهتمين في الدفاع عن أحزابهم عقائديا ً و تاريخيا ً،و أن جاءت بعض الردود من البعض فهولاء لم يعلنوا صراحة أنهم ينتمون لتلك الأحزاب او أنهم يمثلونها !!
ترى ما السر في ذلك ؟؟؟
ألا يدل صمت الأحزاب عن كشف المستور عن حياتهم الحزبية الداخلية تلك التي أدّت الى إرتكاب جرائم بشعة بحق ضحايا العمل السياسي في العراق طيلة تلك العقود ، أنها فعلا ًتخفي الكثير من الحقائق عن الناس و تخشى كشفها خاصة و هي اليوم في ساحة العمل المعلن، و ما قد تثيره تلك الحقائق من إصطفافات جديدة قد لا تكون في مصلحة الأحزاب العراقية و العمل الحزبي برمته !!.
فالعراقي اليوم و بعد أن توفرت له فرصة تاريخية بمعونة دولية لأن يختار نخبه السياسية عبر صناديق الأقتراع الحر و المباشر سيعمد الى الحقيقة في آخر المطاف مهما حاول الأنتهازيون و النفعيون خداعه و تظليله، و سيكون للحقيقة أثر كبير في اختياراته المستقبلية . و سوف لن يجدي التكتم الحزبي و العصاب الحزبي و القبلية الحزبية والتقديس الحزبي لكسب ولاء العراقيين كما كان الأمر فيما مضى ، حيث تقاذفت الأحزاب و قياداتها على وجه الخصوص بالعراقيين و بمصائرهم عبر سنين من الصراعات فيما بينها ، يوم لم يكن للعراقي فيها لا ناقة و لا جمل، و ظل هاجس الأعم الأغلب من العراقيين هو دفع البلاء الحزبي ، و كل على طريقته في البحث عن سبل النجاة .
و هاهم الملايين من العراقيين في الداخل و الخارج مازالوا الى هذا اليوم يتوسلون نجاتهم حتى لو كانت على حساب خسارة الوطن .
وطن كان و مازال أشبه بالكنز الذي سقط بيد مجموعة من المتحزبين العصابيين يتقاذفونه على هواهم و يمزقونه بفعل خصوماتهم التي بدأت و لم تنتهي .
خصومات لم يكن للعراقيين فيها من حصة سوى مزيدا ًمن الدماء و مزيدا ًمن الغربة و مزيدا ًمن النفي و التهجير !!
ترى هل ستكون الأنتخابات القادمة فرصة سانحة للعراقي للأختيار الحر و الموضوعي بعيدا ًعن التعصب و التقديس الحزبي التقليدي الذي جلب له الويلات اثر الويلات..
العراقيون اليوم .. مواطنون أحرار و معافون و بحاجة لرؤية سياسية جديدة غير تقليدية تأخذ بيدهم لحل مشكلاتهم على مختلف الأصعدة .. تلك المشاكل التي لم تقدر الأحزاب التقليدية على حلها طيلة عقود من السنين، إن لم تسهم فعلا ًفي ًختلاقها و تعقيدها ..
العراقيون ينشدون اليوم وطنا ًمعافى لأبنائهم ، لا حلبة لصراع الثيران !! .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ