tag:blogger.com,1999:blog-23730056462910125472024-03-05T13:39:36.232-08:00U R FREEJOURNALISM AND ART صحافة و فنU R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.comBlogger25125tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-36746018540142723512010-02-18T11:30:00.000-08:002010-02-18T11:34:35.739-08:00الديمقراطية في العراق<div align="right"><span style="font-size:180%;">الديمقراطية في العراق<br />الأمس و اليوم .. ماذا عن الغد ؟!!<br /><br /></span><br /><br />أحمد الصالح<br /><br />إن مصطلح الديمقراطية بشكله الإغريقي القديم- تم نحته في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد، و هو يتكون من إجتماع كلمتين الشق الأول من الكلمة DEMOS وتعني عامة الناس والشق الثاني من الكلمة KRATIA وتعني حكم فتصبح DEMOCRATIA أي حكم عامة الناس ( حكم الشعب ) ، والديمقراطية الأثينية عموماً يُنظر إليها على أنها من إولى الأمثلة التي تنطبق عليها المفاهيم المعاصرة للحكم الديمقراطي.<br />أما الديمقراطية اليوم فهي تفهم عادة على أنها شكل من أشكال الحكم السياسي القائم بالأجمال على التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثرية و حماية حقوق الأقليات و الأفراد .<br />و تحت هذا النظام أو درجة من درجاته يعيش في بداية القرن الواحد و العشرين ما يزيد عن نصف سكان الآرض في أوربا و الأمريكتين و الهند و أنحاء أخرى . و يعيش معظم الباقي تحت أنظمة تدّعي نوعا آخر من الديمقراطية( مثل الصين التي تدّعي الديمقراطية الأشتراكية ).<br />و يمكن إ ستخدام مصطلح الديمقراطية بمعنى ضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديمقراطية ، أو بمعنى أوسع لوصف مجتمع حر . و الديمقراطية بهذا المعنى الأوسع هي نظام إجتماعي مميز يؤمن به و يسير عليه المجتمع ككل على شكل أخلاقيات إجتماعية و يشيرالى ثقافة سياسية و أخلاقية و قانونية معينة تتجلى فيها مفاهيم الديمقراطية الأساسية .(1)<br /><br />الشرعية السياسية و الثقافة الديمقراطية<br />تتطلب الديمقراطية وجود درجة عالية من الشرعية السياسية لأن العملية الإنتخابية الدورية تقسم السكان الى معسكرين " خاسر " و " رابح " . لذا فإن الثقافة الديمقراطية الناجحة تتضمن قبول الحزب الخاسر و مؤيديه بحكم الناخبين و سماحهم بالإنتقال السلمي للسلطة و بمفهوم " المعارضة الموالية ". فقد يختلف المتنافسون السياسيون و لكن لابد أن يعترف كل طرف للآخر بدوره الشرعي ، و من الناحية المثالية يشجع المجتمع التسامح و الكياسة في إدارة النقاش بين المواطنين . و هذا الشكل من أشكال الشرعية السياسية ينطوي بداهة على أن كافة الأطراف تتشارك في القيم الأساسية الشائعة . و على الناخبين أن يعلموا بان الحكومة الجديدة لن تتبع سياسات قد يجونها بغيضة ، لأن القيم المشتركة ناهيك عن الديمقراطية تضمن عدم حدوث ذلك . إن الإنتخابات الحرة لوحدها ليست كافية لكي يصبح بلد ما ديمقراطياً ، فثقافة المؤسسات السياسية و الخدمات المدنية فيه يجب أن تتغير أيضا ، و هي نقلة ثقافية يصعب تحقيقها خاصة في الدول التي إعتادت تاريخيا أن يكون إنتقال السلطة فيها عبر العنف .<br /><br />محاسن الديمقراطية<br />للديمقراطية محاسن مشهودة منها:<br />الأستقرار السياسي ، فالشعب يستطيع أن يستبدل الإدارة الحاكمة من دون تغيير الأسس القانونية للحكم ، و هذا أفضل من الذي تحدث فيه التغييرات عبر اللجوء الى العنف .<br />التجاوب الفعال في أوقات الحروب : تشير البحوث الواقعية الى أن الأنظمة الديمقراطية مهيأة أكثر للأنتصار في الحروب من الأنظمة غيرالديمقراطية .<br />إنخفاض مستوى الفساد : الدراسات التي أجراها البنك الدولي توحي بان نوع المؤسسات السياسية الموجودة مهم جدا ً في تحديد مدى إنتشار الفساد : ديمقراطية ، أنظمة برلمانية ، إستقرار سياسي ، حرية الصحافة كلها عوامل ترتبط بإنفاض مستويات الفساد . ( كيف يمكن تطبيق هذا القياس على العراق حاليا ً !! ؟؟ )<br />إنخفاض مستوى الأرهاب : تشير البحوث الى أن الأرهاب أكثر إنتشاراً في الدول ذات مستوى متوسط من الحريات سياسية . و أقل الدول معاناة من الأرهاب هي أكثرها ديمقراطية .<br />إنخفاض الفقر و المجاعة : هناك علاقة تبادلية بين إزدياد الديمقراطية و إرتفاع معدلات إجمالي الناتج القومي للفرد و إزدياد الأحترام لحقوق الأنسان و إنخفاض معدلات الفقر .<br />نظرة السلام الديمقراطي : الديمقراطيات الليبرالية حسب البحوث العديدة لم تدخل قط في حروب مع بعضها . و البحوث الأحدث وجدت بان الديمقراطيات شهدت حروبا أهلية أقل.<br />إنخفاض نسبة قتل الشعب : تشير البحوث الى أن الأمم الأكثر ديمقراطية تتعرض الى القتل بدرجة أقل من قبل حكومتها .<br />السعادة : كلما إزدادت جرعة الديمقراطية في دولة ما إرتفع معدل سعادة الشعب .<br /><br />نماذج النظم الديمقراطية<br />هناك عدد من النماذج المعروفة للنظم الديمقراطية اليوم نتعرف على بعضها في ما يأتي :<br /><br />- نظام الشورى الذي يسترشد بمبدأ " وأمركم شورى بينكم "، والقائم على إختيار النخبة العارفة والملتزمة بالمعايير الأخلاقية والدينية التي تعترف بها الغالبية في المجتمع. ولم يتسنى تطبيق هذا النمط الا في فترات محدودة. ويضاف إلى ذلك فإن تعريف وتحديد هذا الشكل وآلية تنفيذه خضع خلال فترات زمنية إلى اجتهادات وتطبيقات متناقضة. فتطبيقه الآن في بعض دول الخليج، حيث يتم تعيين مجلس شورى إستشاري من قبل المسؤول الأول، يتفاوت عن ما يطبق في الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث تجري إنتخابات لمجلس الشورى، ولكن بعد الموافقة على المرشحين وغربلتهم من قبل هيئة الخبراء ( هيئة تشخيص مصلحة النظام )، علماً ان مفتاح الحل والفصل يبقى بيد المرشد الديني الاعلى وليس بيد الهيئات المنتخبة من قبل الشعب. ولكن يبقى التطبيق لهذا النموذج في الظرف الراهن خاضعاً للتقييد إلى درجة إهمال قطاع واسع من المواطنين والأحزاب السياسية في المشاركة في إدارة شؤونهم. ولابد أن يؤدي هذا النموذج إلى فرض الاستبداد الديني الذي يعد بانه أفضع أشكال الأستبداد.<br />- الديمقراطية الليبرالية ، و تم التوصل الى هذا النموذج عبر مرحلة طويلة نسبيا بدأت من القرن الثامن عشر الى القرن العشرين و ما تزال تسير في عملية تكاملها . و تنطوي الديمقراطية الليبرالية على حماية المواطن من الأستخدام الإستبدادي للسلطة ، و الحفاظ على المجتمع المدني المستند الى مبدأ الحكومة المنتخبة من قبل أفراد المجتمع بغض النظر عن الجنس و العرق و الدين و الطبقة. و تؤمن الديمقراطية الليبرالية حرية المعتقد و حق معارضة الحكومة القائمة و حماية المعارضة وحق تشكيل الحركات و الاتحادات المستقلة و الأحزاب السياسية و بالطبع حرية الملكية الخاصة التي لها تأثيرهام في تطبيق هذا النموذج . لقد إنتشرت الديمقراطية الليبرالية في الولايات المتحدة و أوربا الغربية ، و في اليابان و إيطاليا بعد إنهيار الفاشية الايطالية و العسكرية اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية . و تنتشر الان في بقاع اخرى من عالمنا . و من البديهي أن نشير هنا الى أن الديمقراطية الليبرالية هي ليست نهاية المطاف في التجربة الأنسانية ، فحاجة الأنسان و التغيرات في آلية المجتمع ستبتدع بالتأكيد أشكالا أخرى .<br /><br />- الديمقراطية التوافقية ، و هي أحد النماذج المقترحة لمعالجة مسألة المشاركة في المجتمعات التعددية أو المتعددة ، فهي خلافاً للديمقراطية التمثيلية ، لا تستند الى عناصر التنافس في البرامج و الأستراتيجيات ، و الأحتكام الى منطق الأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة و الأعتماد على اسلوب الاقتراع أو الأنتخاب كما هو الحال في الديمقراطيات القائمة و المستقرة في العالم ، بل تعتمد أساسا على إقامة تحالفات من مكونات سياسية منتخبة التي في الغالب تكون ممثلة لمجاميع طائفية و عرقية و لا تمثل برامج إجتماعية و اقتصادية . ان مثل هذا الأئتلاف يقوم حتى و لو كانت لأطرافها برامج متعارضة ، كي يتوفر لها فرص التمثيل و المشاركة في صنع القرارمن أعلى هرمه الى أسفله من دون الخضوع لسلطة الأغلبية .<br />فمن حق الأقلية أن تحتفظ بحق النقض أو الأعتراض كي تحد من هيمنة الأغلبية المنتخبة على صنع القرار ، و هو ما لا تتيحه الديمقراطية التمثيلية على الرغم من أعترافها بشرعية المعارضة و ضمان حقوقها الدستورية في النشاط و العمل من أجل التحول الى أغلبية بدورها . و يجري ممارسة هذا النمط في الغالب في الدول التي تعاني من الأحتقان العرقي و الطائفي . و هي ممارسة يمكنها أن تتفادى مؤقتا حالة المواجهة بين التكوينات السياسية و الأجتماعية و في الغالب عرقية و طائفية ، و لكنها لا يمكن أن تكون مستقرة و لا تحل القضية الأساسية التي تقر بشكل كامل بدور الشعب و صندوق الأنتخابات في أية عملية ناجحة و مستقرة في ممارسة الديمقراطية و إرسائها . و لعل ما عانته التجربة اللبنانية و تجربة السنوات السبع العراقية المنصرمة خير دليل على ذلك .<br />لقد شهد القرن الفائت أهم موجتين من تطلع البشرية نحو الديمقراطية. الموجة الأولى ترافقت مع نتائج الحرب العالمية الثانية وإنهيار أعتى الأنظمة الاستبدادية في العالم آنذاك أي الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية والعسكرية اليابانية.<br />وإثرهذا الإنهيار إنتقلت القيم الديمقراطية إلى مرحلة جديدة من تغلغلها في وعي وممارسات البشر، وتأثيرها على أنظمة الحكم القائمة في العالم آنذاك.<br />أما الموجة الثانية فقد إقترنت بإنهيار نظام الحزب الواحد في أوربا الشرقية وما رافق ذلك من نزوع نحو الديمقراطية عمت أرجاء المعمورة. وتأثرت بهذه الموجة حتى الدول التي قطعت شوطاً في إقامة المؤسسات المنتخبة وفي إستتباب نظام الحكم الديمقراطي الليبرالي، ونقصد هنا الأنظمة الديمقراطية في الدول الغربية. لقد شكل إنهيار أنظمة الحزب الواحد مؤشراً على أن الديمقراطية كحاجة وكقيمة في حياة البشر وفي شكل المؤسسات السياسية الحديثة من أنظمة وأحزاب قد أحرزت إنتصاراً تاريخياً على الأشكال الأخرى من أنظمة الحكم. وكسبت الديمقراطية مشروعية الحياة السياسية الحديثة، فالقوانين والقواعد والسياسات أصبحت مبررة حيثما إستندت على الديمقراطية رغم الصعوبات والإشكالات أو الثغرات والمثالب فيها أو تلك التي إرتبطت بتطبيقاتها.<br />اليوم تعلن غالبية الحركات السياسية أنها ديمقراطية، وبما فيها قسم من التيارات الدينية التي كانت ترفض إلى وقت قريب مفهوم الديمقراطية باعتباره " بضاعة مستوردة " من الخارج لا تتناسب مع القيم الدينية، تبنيها للديمقراطية أو تسعى إلى الديمقراطية بغض النظر عن التفسيرات المتباينة بل وحتى المتناقضة لها. إن عدداً لا يستهان به من الدول قد تخلت عن النظم الاستبدادية وإنتقلت فعلياً إلى أنماط من الديمقراطية أو تتخذ خطوات تدريجية في هذا الإتجاه. كما أن الكثير من الأحزاب والحركات السياسية أخذت تدقق في برامجها بما يتفق مع القيم الديمقراطية في حياتها الداخلية أو في برامجها. ودفعت هذه الموجة بعض الأنظمة أوالحركات السياسية إلى خداع الرأي العام بتبني الديمقراطية. فنظام صدام حسين المخلوع، على سبيل المثال، سارع في ظل ضغط هذه الموجة إلى الإعلان عن نيته بإصدار قانون تشكيل الأحزاب، رغم عدم الشروع به والتلاعب به لأن كل دعواته تخدم أغراضاً لا علاقة لها بتغيير البناء الإستبدادي الفريد الذي كان قائماً في العراق.(2 )<br /><br />جذور التجربة الديمقراطية في العراق<br /><br /><br />ورث العراق من الدولة العثمانية، شكل البناء الإستبدادي المغلف بالغطاء الديني والمذهبي الطائفي وتأثيره السلبي على وعي الناس وأفكارهم وممارساتهم . فالسيطرة العثمانية غرست تقاليد إجتماعية مستمدة من مفهوم حق الملوك الإلهي في الحكم. ولكن ينبغي الإشارة إلى أنه إلى جانب هذه التركة. فقد تأثرالعراقيون أيضاً بالأفكار التنويرية التي تسربت من أوربا والتجديد الذي طال الشعوب المجاورة؛ أي الشعب التركي وشعب بلاد فارس ( جمال الدين الأفغاني ) وبالحركات الإصلاحية في مصر وبلاد الشام (عبد الرحمن الكواكبي).<br />وقام بعض العراقيين بإقامة صلات مع هذه الحركات الإصلاحية والسياسية. فحركة " تركيا الفتاة " وثورتها على الطغيان وإعلان الدستور عام 1908، وهو ما عرف بالمشروطة التركية، نقلت إلى العراقيين مفاهيم جديدة كالإنتخابات والأحزاب السياسية وحرية الصحافة.<br />ويعتبر عام 1908 عام بداية تبلور إرهاصات الوعي الديمقراطي لدى العراقيين في العصر الحديث.<br />لقد تأثرت العناصر المتنورة " الأفندية " من الطائفة السنية بالإصلاحية التركية بالأساس، علماً أن المؤسسة الدينية السنية ظلت على علاقتها بالدولة أساساً جرياً على التقاليد الدارجة باعتبار ان الدولة كانت مصدر تأمينها إقتصادياً. ولهذا السبب شكلت النخبة الدينية السنيّة مع أنصارها جمعية " المشور " وكان هدفها الدفاع عن الشريعة المحمدية ومقاومة الأفكار اللادينية والتصدي لجمعية الاتحاد والترقي.<br />أما النخبة الشيعية فقد تأثرت أكثر بالحركات الإصلاحية التي عمت إيران أو بلاد فارس كما كانت تسمى آنذاك. فامتد الصراع الحاد الذي جرى في بلاد فارس بين أنصار" المشروطة " و" المشروعة " إلى أوساط الطائفة الشيعية وخاصة المؤسسة الدينية.<br />وإنقسمت المؤسسة الدينية وأتباعها في النجف وكربلاء إلى فريقين، أحدهما يدعو إلى المشروطة بزعامة ( الملا كاظم الخراساني )، وآخر يدعو إلى المشروعة بزعامة ( السيد كاظم اليزدي ). وإعتبر دعاة " المشروعة " (الملا كاظم الخراساني) كافراً. ووصل الصراع إلى حد أنه عندما يسمع أنصار " المشروعة " عن إنحياز أحد العلماء الـى " المشروطة "، فإنهم يدعون إلى الإنفضاض عنه، ويوجهون اللعنات إليه ويرفضون الصلاة خلفه. أما " الأفندية " والمتعلمون من الطائفة الشيعية فكان موقفهم إلى جانب " المشروطة "، وبادروا إلى تنسيق مواقفهم مع " الأفندية " من الطوائف الأخرى في إطار التوجه لتحديث المجتمع وبملامح ديمقراطية أولية.<br /><br />وفي الحقيقة أنه في الفترة التي سبقت إندلاع الحرب العالمية الأولى، شهدت مدن العراق الرئيسية نقاشات واسعة حول مسائل سياسية وإجتماعية وفكرية واسعة ، إلاّ إن إندلاع الحرب سرعان ما كبح هذه النقاشات، وكبتت حرية الفكر وقمع هذا التيار الديمقراطي الوليد، وزاد من ذلك تنامي النزعات" الطورانية " للقيادة التركية الجديدة وتنكرها للدعوات التحررية وبالتالي توجهها لقمع أية تطلعات ديمقراطية للشعوب الخاضعة للإمبراطورية العثمانية.<br /><br />إحتلت بريطانيا العراق بعد هزيمة الدولة العثمانية. و جرى تنصيب الملك فيصل الأول ملكاً على العراق.<br />ومهما قيل عن بيعة العراقيين للملك فيصل الأول، إلاّ أن الواقع الفعلي يدل على أن قرار بريطانيا بتنصيب الملك فيصل على عرش العراق كان هو الحاسم.<br />إن مبايعة الملك فيصل الأول إرتبطت بشرط إقامة نظام " المشروطة " الديمقراطي وإنتخاب " المؤتمر التأسيسي " الذي يسن القوانين والدستور في مدة ثلاثة أشهر من إستلام الملك لزمام الأمور. هذا إضافة إلى أن العاملين في الحركة الوطنية في الموصل أضافوا شرطاً آخراً هو ضرورة إنعقاد المؤتمر الوطني خلال ثلاثة أشهر. أما في منطقة كردستان فقد صوّت الكثيرون " لفيصل " بشرط المحافظة على حقوق الأكراد والأقليات. إلاّ أن هذه المطالب المشروعة إصطدمت بمصالح سلطات الإنتداب البريطانية والنهج الذي إعتمده الملك فيصل وحاشيته من العراقيين والعرب في إدارة البلاد.<br /><br />تعدد أعراق<br /><br />التركيب الأثني ينطوي على التنوع عند تشكيل الدولة العراقية، حيث يشكل العرب قرابة 70% من السكان والكرد 17% والبقية يتوزعون على الأقليات القومية كالأتراك والتركمان والآثوريين والكلدان والفرس والأرمن واليهود.<br />وضمن هذه التركيبة الأثنية، هناك تنوع كبير في الولاءات الدينية. فالعرب يتوزعون على الطائفة الشيعية والسنية والصابئة وفريق من المسيحيين وهذه الطوائف أيضاً بدورها تنقسم إلى فرق مختلفة وتعدد الطرق الحنبلية والشافعية والقادرية. أما الأكراد فبينهم السوراني والبهديناني والفيلي والشبك والمسلم السني أو الشيعي أو الأيزيدي. وكذا الحال عند التركمان حيث نجد الشيعي والسني على حد سواء. ولا يشذ المسيحيون عن هذه القاعدة حيث نجد بينهم من ينتسب إلى الكنيسة (النسطورية) أوالكاثوليكية أوالأرثودوكسية أو البروتستانتية. والحقيقة إن هذا التنوع الفريد هو سلاح ذي حدين، إذ يمكن أن يوفر ثراءاً روحياً وثقافياً وتسامحاً لدى سكان وادي الرافدين وقاعدة للإنتقال الى الديمقراطية من ناحية، ومن ناحية أخرى وفي ظل تجاهل هذه الخصوصية أو إستخدام السلطة لهذا التنوع لإثارة الخصومة بين السكان لفرض تسلطها طبقاً لمبدأ " فرق تسد "، فإنه يتحول إلى سلاح للإستبداد وللتطرف وعدم الإستقرار والمواجهات الدينية والمذهبية والعرقية، وبذلك يصبح معرقلاً لأي تطلع وتقدم نحو الديمقراطية.<br /><br />معادلة حكم غير عادلة<br /><br />ولقد إنتهجت سلطة الإنتداب والسلطة الملكية السبيل الثاني، حيث لجأت إلى تطبيق نمط الإدارة التركية القائم على نمط النقاء العرقي والطائفي، أي الإعتماد على النخبة من الطائفة السنية العربية التي لم تشكل في البلاد إلاّ نسبة 17% من السكان. وتبعاً لذلك أمسك نفس الطاقم العراقي والعربي الذي كان قد خدم الإدارة العثمانية بالحلقات الرئيسية لإدارة الدولة في العهد الملكي . فمنذ عام 1921 حتى عام 1958 أي عام سقوط الملكية، كانت 80% من المناصب الحكومية الحساسة (رئيس الوزراء، وزير المالية، الداخلية، الدفاع، الخارجية) بيد النخبة السنية. وخلال نفس الفترة شُكلت 23 وزارة شغل أربعة فقط من الشيعة منصب رئاسة الوزراء. وفي عام 1930 فقط، على سبيل المثال، كان هناك 13 متصرفاً (محافظاً ) من أصل 14 متصرفاً و 43 مدير قضاء من أصل 47 ينحدرون من أبناء الطائفة السنية. وهيمنت نخبة هذه الطائفة على إدارة المؤسسات الأمنية كالجيش والشرطة والأمن بحيث كان من النادر على أبناء الطوائف الأخرى إختراق هذه المؤسسات.<br />ولم يقتصر الأمر على الجانب الإداري بل تخطاه إلى الجانب الإقتصادي أيضاً. فالدولة وضعت أفضل أراضيها تحت تصرف المتنفذين من سياسيين وكبار العسكريين وملاك الأراضي من أبناء الطائفة السنَية بشكل أكثر من الطوائف الأخرى بحيث أصبح تحت حوزتهم حوالي 5,2 مليون دونم مقابل قرابة نفس المساحة للملاكين الكبار من الطائفة الشيعية. وبلغ الأمر حداً أن يعترف الملك فيصل الأول بهذا الواقع في حديث خاص له حيث قال :" إن الضرائب على الشيعي والموت على الشيعي والمناصب للسني ".<br />وطوى النسيان قضية حل المشاكل القومية (المشكلة الكردية والأقليات) وتنامت دعوات الانصهار الأثني مما أدى إلى لجوء الحكومة المركزية فى شن الحملات التأديبية كلما طالب هؤلاء بتحقيق مطاليبهم.<br />والمشكلة الأخرى التي ورثتها الدولة العراقية عن الدولة العثمانية والتي تهدد التطلعات الديمقراطية هي" العسكرتاريا ". فقد إنتقلت تقاليد الجيش العثماني على يد الضباط العراقيين والعرب الذين خدموا فيه، والذين تأثروا بالضباط من أعضاء " تركيا الفتاة " المولعين بالعنف وحبك المؤامرات، إلى الجيش العراقي منذ لحظة تأسيسه في عام 1921. وفرضت التقاليد المتعالية للمؤسسة العسكرية العثمانية على المجتمع، والزجر والجلد في الجيش العراقي.<br />ويكفي الإشارة إلى أنه منذ عام 1936 وحتى عام 1941 نظّم الجيش أو كان وراء سبعة تغيرات حكومية أو إنقلابات عسكرية (من إنقلاب بكر صدقي حتى إنقلاب العقداء الأربعة).<br />ومن اللافت للنظر أنه قد شارك عدد من الأحزاب التي ترفع لواء الديمقراطية في هذه الإنقلابات، رغم أنها سرعان ما تخلت عن دعمها للإنقلاب بعد أن أدركت عداء العسكريين لأي مظهر من مظاهر الديمقراطية. لقد إستخدم " العسكريون العراقيون " شعار الإستقرار والتحديث ومكافحة النفوذ الأجنبي كواجهة لتصفية المؤسسات الدستورية والديمقراطية المزيفة بدلاً من العمل على إزالة هذا التزييف واعتماد حكم المؤسسات المنتخبة. فهناك غالبية من العسكريين إعتبرت الحزبية شر وتفرقة والديمقراطية أمر منكر.<br />ولم تقتصر الإجراءات المعادية للديمقراطية على ذلك بل جرى عملياً تجميد مواد الدستورالعراقي الخاصة بالحريات العامة. فمنذ أوائل الثلاثينيات، صدر 27 مرسوماً للحد من تمتع المواطن العراقي بحرياته الديمقراطية وإشرافه على السلطة، بدءاً بالمرسوم المرقم 90 لعام 1931 والخاص بصيانة الأمن وضد الإضرابات في ظل وزارة نوري السعيد، ومروراً بمرسوم خطير رقم 62 لعام 1933 حول إسقاط الجنسية عن العراقيين في عهد وزارة رشيد عالي الكيلاني، ثم المرسوم السيئ الصيت والمرقم 16 لعام 1954 والذي أطلق عليه المواطنون العراقيون " مرسوم ما شاكل ذلك " بسبب عدم تقيّده بأي حدود لإنزال العقوبات الصارمة بالمعارضة. وأخيراً صدر مرسوم الطوارئ رقم 10 والصادر في عام 1956 والذي أمتد العمل به حتى سقوط صدام حسين في نيسان 2003.<br /><br />هذه السياسة التي إتبعها النظام أعاقت إلتحام العراقيين وتعزيز روح المواطنة والهوية العراقية مما وفر تربة خصبة لانتعاش الميول الإستبدادية المعادية للديمقراطية لدى النظام.<br /><br />من الملكية الى الجمهورية<br /><br />قام الجيش بإنقلاب صبيحة 14 تموز على الحكم الملكي القائم لتستقبله بترحاب جموع المتظاهرين الشعبية على نطاق واسع.<br />وكان يؤمل لهذا التحول أن يعزز إقامة نظام ديمقراطي في العراق، إلاّ إن النظام الجديد فشل في تحقيق ذلك مما قاد البلاد إلى كارثة 8 شباط عام 1963 التي أرست تقاليد من العداء للديمقراطية و عززت الإستبداد والعنف العرقي والطائفي لم يشهده العراق، ومازال تأثير هذا الحدث قائماً حتى بعد سقوط الإستبداد في نيسان عام 2003. ويعود سبب هذا الفشل بالدرجة الرئيسية إلى عدم قدرة ونضج الحركات السياسية التي تعاونت على إنضاج البناء السياسي الجديد و تحديد معالمه بوضوح، والموقف من الديمقراطية تحديداً، وعدم قدرتها على إستيعاب مبدأ الرجوع إلى رأي الشعب في تحديد مستقبل هذا البناء.<br /><br />ردة شباط و إنهيارالحلم<br /><br />نجحت الردة في 8 شباط في لجم بوادر إرهاصات الوعي الديمقراطي في المجتمع العراق لمدة أربعة عقود، خسر خلالها العراقيون فرص الإستقرار السياسي والإجتماعي والبناء الاقتصادي. وأوقعت هذه الردة العراق في دائرة الركود والتجاذبات العرقية والطائفية، وهيمنة الفئات الهامشية والمتخلفة على مصادر القرارات، هذه الفئات التي تحولت إلى مجموعة إجتماعية طفيلية تنهب وتبتز الدولة وتشيع الفساد المتعدد الجوانب في حياة المجتمع العراقي دون حسيب أو رقيب. وبالطبع إن تسلق مثل هذه الفئات البعيدة عن عملية الإنتاج المادي لا يمكنها أن تلعب دوراً في تطوير أي شكل من أشكال الديمقراطية والرجوع في إدارة الدولة إلى رأي الشعب. وتحولت إدارة الدولة تدريجياً من يد مجموعة تدّعي أنها تمثل حزب، إلى ما يمثل الطائفة ثم العشيرة وتضيق إلى من يمثل العائلة كما حدث في أواخر حكم صدام. وهذا النمط من الحكم الغريب يثير دائماً الخوف والفزع لدى الحكام من إحتمال فقدانهم زمام الأمور، ولذا لا يلجأون إلا إلى طريق وحيد وهو صرف مبالغ طائلة من خزينة الدولة على تشكيل مختلف الأجهزة القمعية والمؤسسات العسكرية التي تتحدد مهمتها لا في الدفاع عن البلاد، بل عن كرسي الحاكم دون الرجوع إلى أي قانون أو مؤسسات منتخبة. وتتصرف هذه الفئات بشكل بشع وغير معهود مع المواطن العراقي المفترض أن يكون صاحب الرأي في إدارة شؤون البلاد. وهكذا تعرض العراقيون إلى أنماط من القمع خاصة في عهد صدام حسين لم يتعرض لها أي شعب على يد حاكمه مهما كان مستبداً. فالسلاح الكيمياوي والمقابر الجماعية والتهجير والتغيير الديموغرافي القسري ونهب المال العام وقمع كل الحركات السياسية والحظر على نشاطاتها، وبضمنها تلك الفئات البعثية التي كان تشكك في صحة هذا الطريق ولو بهمس، أصبح هو النهج الثابت للحكم الذي أكد في كل إجراءاته على أنه نظام معزول عن الشعب ومصاب بحالة من الرعب من احتمال أي تغيير في الحكم.<br />وأدى هذا النهج في الحكم إلى إشاعة أخطر ظاهرة مازالت تلحق الخراب بالبلاد وهي ظاهرة الفساد الذي شمل كل المؤسسات وبما فيها القضائية والأمنية والعسكرية. فالرشوة أضحت ظاهرة لا يسلم منها أي مرفق من مرافق الدولة. أما النهب والرشوة فأصبحا ملازمين لكل من يعمل في أي جهاز يتعامل مع العقود والتبادل التجاري، بل وحتى القضاء. ولم يكن من السهل على أي مواطن عراقي أن يزور دائرة حكومية أو أن يحصل على عمل فيها أو يتابع ملفاً أو عريضة له أو يحصل على جواز سفر دون أن يملأ جيبه برزمات من النقود يوزعها على هذا الموظف أو ذاك كي يحصل على ضالته. ومما هو أخطر من ذلك أن يصبح الفساد وسيلة لبيع آثارنا وممتلكات الدولة بل وحتى الضمائر وبيع العضلات إلى قوى خارجية مقابل مبالغ معتبرة يحصل عليها هذا العارض لبضاعته، وهو ما لاحظه العراقيون بشكل جلي بعد سقوط النظام السابق. فهذه الظواهر وظواهر أخرى مارسها النظام لا تؤسس لنظام ديمقراطي وممارسات ديمقراطية ولا لثقافة ديمقراطية ولا لبلد موحد، بل أسست لنظام وقيم مشوهة وهشة.(3)<br /><br />التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق الجديد<br />يمثل سقوط الدكتاتورية في 9 نيسان/ 2003 حدثاً مدوياً وانعطافة خطيرة في تاريخ العراقيين وتعديلاً نوعياً في مسار حياتهم السياسية والثقافية ، فمن هيمنة حزب بمفرده على مقاليد السلطة واحتكار فرص العمل السياسي إلى تعددية في الأحزاب والتيارات والفعاليات السياسية ، ومن صحافة اللون الواحد إلى طيف واسع من المنابر الصحفية والإعلامية، من الإدماج القسري للهويات المحلية إلى انبعاثها المشوب بالتوتر والريبة من تغييب الشعب عن ممارسة نشاطه السياسي او المهني أو الديمقراطي إلى المشاركة الفاعلة من قبل قطاعات واسعة في الإنتخابات التشريعية او الفعاليات المختلفة ، من التدهور المريع في مستوى الحياة المعيشية إلى الزيادات المحسوسة في دخول طبقات وفئات مختلفة من المجتمع وانفتاح أفق التحسن التدريجي في حياة الملايين، من عزلة البلاد الإقليمية والدولية إلى الانفتاح المستمر والتعاون الايجابي مع دول العالم ومؤسساته ومنظماته غير الحكومية .<br />القوى السياسية في العراق الجديد<br />في15 كانون الأول من العام 2005 جرت لأول مرة في تاريخ العراق الجمهوري إنتخابات حرة و شاملة شارك فيها الناخبون العراقية، بنسبة عالية جدا لم تالفها بلدان المنطقة .<br />و تشكلت القوى السياسية المشاركة في هذه الإنتخابات من :<br /><br />الإئتلاف العراقي الموحد<br />و هو إئتلاف واسع يضم أكثر من 20 حزبا، لكن يهيمن عليه حزبين شيعيين رئيسيين هما حزب الدعوة الإسلامي الذي يتزعمه رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري ( فيما بعد نوري المالكي )، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم. وقد حصل الإئتلاف العراقي الموحد على 128 مقعدا من 275 مقعدا في البرلمان الجديد في الانتخابات ، وكان بحاجة لعشرة مقاعد إضافية فقط ليحصل على أغلبية مطلقة. وشكل التحالف حكومة إئتلافية في الفترة الانتقالية بعد أن فاز بأغلبية ضئيلة من 140 مقعدا في الانتخابات السابقة التي أجريت في كانون الثاني العام الماضي. ودعا البرنامج الانتخابي للائتلاف إلى الوحدة الوطنية وتعزيز الدستور الجديد، ووضع نهاية للوجود الأجنبي في البلاد، وعدم تسييس مؤسسات الدولة وتشكيل حكومات إقليمية. ويبدو أن الائتلاف نجح مرة أخرى في حشد تأييد الأغلبية الشيعية في العراق إلا أن نجاحه تأثر على ما يبدو بقرار آية الله علي السيستاني أكبر مرجعية دينية عند الشيعة في العراق، بعدم الإعلان بوضوح عن تأييده. كما تعرض الائتلاف لانتقادات بسبب ضعف أداء الحكومة .<br />التيار الصدري \ تجمع الشبك العراقي \ منظمة بدر \ حزب التجمع الوسطي \ كتلة العدالة \ حركة حزب الله في العراق \ حركة العراقيين الديمقراطيين \ حزب الدعوة الإسلامي \ حزب الدعوة الإسلامي – تنظيم العراق \ حركة سيد الشهداء الإسلامية \ الإتحاد الإسلامي لتركمان العراق \ حزب الفضيلة الإسلامي \ تجمع العدالة و المساواة \ المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق \ العراق الحر \ حركة الموالاة التركمانية .<br />التحالف الكردستاني<br />يضم التحالف الكردستاني أكبر حزبين كرديين هما الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني. والتحالف الكردستاني هو ثاني أكبر تكتل في مجلس النواب حيث حصل على 53 مقعدا، و شارك في الحكومة الائتلافية الحالية مع الائتلاف العراقي الموحد. كما تهيمن القائمة المشتركة للحزبين الكرديين على البرلمان الكردي. ويسعى التحالف الكردستاني إلى تمثيل المصالح الكردية وتعزيزها في البرلمان العراقي، وخاض الحملة الانتخابية تحت شعار " أصواتنا.. مستقبلنا ". ويدعو التحالف إلى الحرية والديمقراطية وتوسيع أفق المكاسب السياسية والدستورية لجميع العراقيين بغض النظر على انتماءاتهم العرقية أو السياسية أو الدينية.<br />وتضرر التحالف الكردستاني بانسحاب الإتحاد الإسلامي الكردستاني الذي شكا من همينة الحزبين الرئيسيين الكرديين على الحياة السياسية الكردية. وعلى الرغم من فوز الإتحاد الإسلامي الكردستاني على خمسة مقاعد في البرلمان الجديد، فإن التحالف الكردستاني تمكن من الاحتفاظ بأغلبية حصته من الأصوات في إقليم كردستان العراقي. وواجه التحالف منافسة أكبر في المحافظات ذات المزيج العرقي حيث أقبل السنة على الانتخابات بعكس ما حدث في الانتخابات التي سبقتها .<br />الاتحاد الديمقراطي الكلداني<br />الحزب الشيوعي الكردستاني<br />الحزب الديمقراطي الكردستاني<br />الجماعة الإسلامية الكردستانية/العراق<br />حزب العمل الكردستاني<br />الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني<br />الاتحاد الوطني الكردستاني<br />حزب الإخوان التركمان/العراق<br /><br />القائمة العراقية<br />القائمة العراقية الموحدة هي تحالف قومي علماني يضم أحزابا سنية وشيعية بقيادة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي. ويضم الائتلاف حركة الوفاق الوطني بقيادة علاوي، والحزب الشيوعي العراقي بقيادة حميد موسى وحزب عراقيون بقيادة الرئيس السابق غازي الياور ورئيس البرلمان السابق حاجم الحسني، وتجمع الديمقراطيين المستقلين بقيادة السياسي المخضرم عدنان الباجه جي. ويقول التحالف إنه " يمثل جميع العراقيين وليس جماعة واحدة ". ويرغب التحالف في بناء دولة ديمقراطية علمانية حديثة تمتلك جيشا قويا وعلاقات طيبة مع جيرانها.<br />وشدد علاوي أثناء الحملة الانتخابية على سجل انجازاته عندما كان رئيسا للوزراء في الحكومة المؤقتة. لكن على الرغم من الحملة الانتخابية القوية وتأييد الولايات المتحدة له، لم يتمكن تحالف علاوي من الفوز سوى بـ25 مقعدا، أقل من نصف المقاعد التي كانت تشغلها أحزابه قبل الانتخابات الأخيرة.<br />الحركة الاشتراكية العربية<br />تجمع الفرات الأوسط<br />التجمع القاسمي الديمقراطي<br />الرابطة العراقية المستقلة<br />مجلس الشيوخ العراقي المستقل<br />الحزب الشيوعي العراقي<br />التجمع الديمقراطي العراقي المستقل<br />حركة الوفاق الوطني العراقي<br />التجمع الجمهوري العراقي<br />عراقيون<br />رابطة القبائل والنبلاء التركمان العراقيين<br />تجمع الولاء للعراق<br />القائمة الوطنية<br />حزب الوحدة الحر<br /><br />قائمة المؤتمر الوطني العراقي<br />خاض المؤتمر الوطني العراقي بزعامة نائب رئيس الوزراء السابق أحمد الجلبي إنتخابات كانون الثاني عام 2005 كجزء من الائتلاف الشيعي الموحد، لكنه إنسحب من الائتلاف في تشرين الثاني عام 2005 بسبب الخلاف حول دعوة بعض الأحزاب لإقامة دولة إسلامية في العراق. وشكل الجلبي تحالفا يدعو إلى تشكيل حكومة ديمقراطية متعددة فيدرالية. ويقول الجلبي إن هناك حاجة لتوسيع العملية السياسية وتقديم خيارات جديدة للعراقيين. وبالإضافة إلى حزب الجلبي، تضم قائمة المؤتمر الوطني العراقي الحزب الملكي الدستوري الذي يضم الشريف علي بن الحسين واثنين من وزراء الحكومة المؤقتة. كما يضم الشيخ فواز الجربا أحد الأعضاء البارزين في الائتلاف العراقي الموحد. لكن من المثير للدهشة أن هذا التحالف لم يحصل على مقعد واحد على الرغم من برنامجه الانتخابي ومركز الجلبي.<br />التجمع الديمقراطي<br />جبهة العمل المشترك الديمقراطية<br />الحزب الوطني الديمقراطي الأول<br />القائمة المستقلة<br />الحركة الدستورية العراقية<br />الحزب الدستوري العراقي<br />المؤتمر الوطني العراقي<br />طارق عبد الحكيم الشهد البديري<br />حزب القرار التركماني<br /><br /><br />جبهة التوافق العراقية<br />شكلت ثلاثة أحزاب سنية جبهة التوافق وهي الحزب الإسلامي العراقي بزعامة طارق الهاشمي، ومؤتمر أهل العراق بزعامة عدنان الدليمي، ومجلس الحوار الوطني العراقي وهو تكتل من الأحزاب السنية بقيادة خلف العليان. لكن التحالف ينفي أن يكون توجهه طائفيا. ودعت الجبهة السنة إلى المشاركة في الانتخابات ورفضت مقاطعتها. وكانت غالبية الأحزاب السنية قد قاطعت الانتخابات البرلمانية السابقة. وتمكنت الجبهة من زيادة تمثيل السنة في البرلمان الذي كان يهيمن عليه الأحزاب الشيعية والكردية، وفازت بـ44 مقعدا في البرلمان الجديد. إلا أن الجبهة طعنت في النتائج في بعض المحافظات خاصة في بغداد، التي لم تحقق فيها مكاسب كبيرة. وشددت الجبهة على أهمية إنهاء " الإحتلال "، وتعزيز الهوية القومية العراقية وتشكيل لجنة لمراجعة الدستور الجديد. كما ترغب في إلغاء القوانين الخاصة باجتثاث البعثيين وحل القوات المسلحة العراقية.<br />الحزب الإسلامي العراقي<br />مؤتمر اهل العراق<br />مجلس الحوار الوطني العراقي<br /><br />جبهة الحوار الوطني<br />شكل صالح المطلك كبير ممثلي السنة في لجنة صياغة الدستور العراقي سابقا، جبهة الحوار الوطني العراقية بالاشتراك مع فاخر القيسي وفهران الصديد في أيلول.وقال المطلك إن التحالف رفض الانضمام إلى جبهة التوافق التي تضم الأحزاب السنية لأن أحد أبرز أعضاءها وهو الحزب الإسلامي العراقي الذي أيد الدستور الجديد. ورفض المطلك الدستور الجديد حتى قبل إجراء استفتاء عليه. وتقول جبهة الحوار الوطني العراقية إنها ائتلاف غير طائفي يرغب في وضع نهاية للوجود الأجنبي وإعادة بناء مؤسسات الدولة. كما تعتزم التركيز على المشكلات الاقتصادية والأمنية التي يواجهها العراق. وحصلت الجبهة على 11 مقعدا في الانتخابات الأخيرة لكنها شكت من وجود عمليات تزوير واسعة النطاق ودعت إلى إعادة الانتخابات. ونظر المراقبون الدوليون في شكاوى الجبهة لكنهم قالوا إنه لا توجد ضرورة لإعادة الانتخابات.<br />الإتحاد الإسلامي الكردستاني<br />للاتحاد الإسلامي الكردستاني تاريخ طويل في تقديم أعمال خيرية وشن حملات انتخابية سياسية سلمية. وللجماعة علاقات وثيقة بالإخوان المسلمين. ويقود الإتحاد صلاح الدين محمد بهاء الدين منذ تشكيله في عام 1994. وكان بهاء الدين قد شارك في مجلس الحكم العراقي منذ يوليو تموز عام 2003 حتى يونيو حزيران 2004. وانسحب الإتحاد من التحالف الكردستاني قبل فترة وجيزة من الانتخابات الأخيرة احتجاجا على هيمنة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على السياسة الكردية. وحصل الإتحاد الإسلامي الكردستاني على خمسة مقاعد في البرلمان الجديد مما يجعله سادس أكبر تكتل في البرلمان<br />تكتل المصالحة و التحرير<br />يقود تكتل المصالحة والتحرير مشعان الجبوري رئيس حزب الوطن. وتلقى الجبوري تهديدات بالقتل لخوضه الانتخابات الأخيرة، وكان اثنان من زملائه بالحزب قد اغتيلا. ورشحته الأحزاب السنية لمنصب رئيس الجمعية الوطنية في مارس آذار عام 2005، لكن الائتلاف العراقي الموحد رفض ترشيحه بسبب صلاته بحزب البعث قبل أن يفر من العراق عام 1989. ويرغب التكتل في إلغاء قرار سلطة الائتلاف المؤقتة بتفكيك الجيش العراقي والشرطة وأجهزة المخابرات، ويريد إعادة جميع أعضاء النظام العراقي السابق عدا المقربين من صدام حسين. ويعتقد التكتل أن الهجمات المسلحة لن تتوقف طالما استمر احتلال القوات الأجنبية للعراق واستمرت السياسات المعادية للسنة. وحصل التكتل على ثلاثة مقاعد في البرلمان الجديد.<br />حركة الرافدين الوطنية بقيادة يوناديم يوسف كانا. و لديها مقعد واحد في البرلمان .<br />قائمة الأمة العراقية بقيادة مثال الألوسي و حاز رئيسها على مقعد واحد في البرلمان.<br />و من الحركات السياسية الأخرى التي شاركت في الإنتخابات لكنها لم تحظ بالفوز حتى بمقاعد في البرلمان هي :<br />حركة المجتمع الديمقراطي بقيادة حميد الكفائي.\ حركة الضباط والمدنيين الأحرار بقيادة نجيب الصالحي. \ تجمع عراق مستقبل بقيادة إبراهيم بحر العلوم. \ قائمة السلام الوطني العراقية بقيادة ليث كبة \ إئتلاف الوعد العراقي بقيادة رند رحيم فرانك. \ الإئتلاف الوطني الديمقراطي بقيادة عبد فيصل السهلاني. \ تجمع القوميين بقيادة حاتم جاسم مخلص. (4)<br />أمل جديد ومصاعب كبيرة<br />ترى الأنظمة المحافظة والتقليدية في الشرق الأوسط ،التغير الكبير الذي حدث في العراق و النهج الديمقراطي الذي تم تبنيه ، مصدر تهديد و خطر على وجودها و مسوغات إستمرارها . فهذه الأنظمة التي ورثت منظومة فكرية تاريخية ترتكز أساسا على معاقبة الخصوم السياسيين بكل أشكال القهر و الأقصاء و الألغاء من جانب و من الجانب الآخر مجافاة التغيرات الكبيرة التي تحدث في العالم . فمفاهيم التحديث و المعاصرة و الديمقراطية و اللبرالية تصور من قبل أنظمة الحكم هذه على أنها استهداف لحرمات المسلمين و تهديدا ً ل ( بيضة ) الأسلام و مكانته و إساءة للرموز المقدسة فيتوجب مقارعتها و رفضها باعتبارها رجسا من عمل شيطان (الغرب ) .<br />و كتحصيل حاصل إذن يجب بقاء الأسر الحاكمة والحكام الفاسدين و القابضين على مقاليد السلطة بيد من حديد و لأمد غير معلوم فذلك مقترن ب (إرادة) الله و تعاليم دينه !!<br />ان موقف أنظمة الحكم المحيطة بالعراق من الديمقراطية و نظام الحكم الجديد قد يبدو مفهوما بسبب الخطر الذي يتههدها منه ، لكن ما يثير الريبة هو موقف الحركات الأصولية و الأسلاميين المحافظين عموما سواء من اصبح في السلطة أو في معارضتها ، و ذلك في معارضتها لجوهر الديمقراطية المتمثل في حقوق الأنسان و وجوب صيانتها في العراق الجديد.<br />ان الخشية جل الخشية، أن القوى المزهوة بالسلطة و بالمناصب الحكومية و امتيازاتها وسط برك الدم و الفوضى و الخراب و الفساد المتفاقم لا ترى في الديمقراطية غير طريق الى السلطة و منافعها ، مدعومة بحشد كتل بشرية يتماهى من خلالها الغرض المقدس مع السياسي البرغماتي .<br />دورة انتخابية جديدة قادمة و يجدر هنا أن نورد ما كتبه "بول بريمر" الحاكم المدني الأمريكي في العراق عن تجربته يقول :<br />(خلال فترتي القصيرة في العراق لمست بإعجاب كبير القدرات التقنية الإستثنائية للعراقيين العاملين في الحكومة والصناعة أنهم يحتاجون فقط الفرصة لكي يضعوا هذه المهارات في خدمة العمل المنتج).<br />و يبقى إفق الديمقراطية في العراق حتى اليوم إفقاً مفتوحاً على إحتمالات عديدة ، و لكن يبقى الأمل وطيداً في أن يستمر نجاح هذه التجربة الرائدة في الشرق الأوسط فيعم نفعها على شعوب المنطقة جميعاً .<br />ahmad_alsaleh58@yahoo.com<br /><br />ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br />(1) موسوعة ويكبيديا على النت<br />(2 ) جذور الاستبداد وبذور الديمقراطية وآفاقها في العراق -عادل حبه<br />( 3) المصدر أعلاه<br />(4) موقع BBC على النت<br /></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-26171955979269185232010-01-16T17:55:00.000-08:002010-01-16T17:56:26.786-08:00<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhsSKbCYQVGAe_srf-283pszhYjGDzRu9EzS15jqyRqRN6LAneoay1lH-lRNat_8Hz85yZDi2Q3XIXIpwX3CPEFm0_siMLckqhW3IqGCyFsOxqHNl7ukPpoiw72rby1Xx-Vl47aNgYIzECF/s1600-h/_45938294_iran310_free.jpg"><img style="TEXT-ALIGN: center; MARGIN: 0px auto 10px; WIDTH: 310px; DISPLAY: block; HEIGHT: 195px; CURSOR: hand" id="BLOGGER_PHOTO_ID_5427521735483980034" border="0" alt="" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhsSKbCYQVGAe_srf-283pszhYjGDzRu9EzS15jqyRqRN6LAneoay1lH-lRNat_8Hz85yZDi2Q3XIXIpwX3CPEFm0_siMLckqhW3IqGCyFsOxqHNl7ukPpoiw72rby1Xx-Vl47aNgYIzECF/s400/_45938294_iran310_free.jpg" /></a><br /><div></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-58776171237766224892009-12-25T18:41:00.000-08:002009-12-25T18:51:16.862-08:00المواقع الصحفية العراقية على الأنترنيت - الخلاصة<span style="font-size:130%;"> والتعاون، فلم تعد الخرائط السياسية والحدود الطبيعية والتضاريس والبحار قادرة على منع الناس من التواصل و التفاعل عبر المحيطات و القارات، و ذلك بعد ثورة التبادل المعلوماتي الحرالذي يشهده العصر الحديث . إن رغبة الإنسان الأزلية، هي البحث عن الحقيقة، والتي لا يمكن الوصول إليها وإدراكها إلا من خلال "المعلومات" التي أصبح من السهل اليوم جمعها وربطها وإسترجاعها وتحليلها وبثها، فلقد مرت البشرية بقفزات وتحولات لم تقف حواجز المكان والجغرافيا بعد اليوم قادرة على تحدي نزعة الإنسان التواقة إلى الحرية والإنفتاح والتشاركتاريخية تغيرت فيها موازين النفوذ والقوة والثروة من عصر التدوين إلى عصر الورق و الطباعة، إلى عصر البث الإذاعي المسموع ثم المرئي، إلى عصر النشرالإلكتروني ، حتى وصلنا اليوم إلى عصرالمعلومات الذي تقاس فيه مكانة الأمم والشعوب من خلال مقدار ما تنتجه وتبثه وتستهلكه من معلومات، وما تمتلكه من مؤسسات وأدوات لإستخدام المعلومات التي تُعد المورد الوحيد غير الناضب.<br />إن قصة التطور التاريخي البشري، هي قصة تطور عملية الإتصال، التي يمكن تقسيمها إلى خمس مراحل هي: الكلام، والكتابة، والطباعة، والإذاعة(المسموعة والمرئية) وأخيراً شبكة المعلومات العالمية "الإنترنيت"، و هنا بدأت ملامح عصر الإتصال الإلكتروني، والتي من أبرز سماته إنفجار المعرفة وطوفان المعلومات.<br />أما في العراق الذي شهد في العقد الأخير من السنين أحداثاً جسيمة لعل أبرزها كان، إطاحة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بنظام "صدام حسين" في التاسع من نيسان 2003 ، و ما تلى ذلك من حراك سياسي وإقتصادي وإجتماعي فاعل إتخذ في كثير من الأحيان طابعا عنيفاً و دموياً، وكان لابد أن يعبرعن نفسه بشكل أو بآخر عبر وسائل الترويج و الدعاية و الإعلام لجميع الأحزاب و المنظمات والجهات الفاعلة في المشهد العراقي .<br />لقد كان النظام قبل سقوطه بسنين قليلة، قد سمح بإستخدام شبكة "الإنترنت" في العراق لبعض المؤسسات الحكومية ، وللمواطنين على نطاق ضيق جداً مع تعليمات و رقابة أمنية صارمة و عقوبات شديدة لمن يخرق هذه التعليمات .<br />وصفت مراسلة ال BBC الإذاعة البريطانية كيفية إستخدام "الإنترنت" في العراق تحت حكم النظام السابق في تقرير لها نشر في العام 2002 ، قالت :" من أول الأشياء التي يتعلمها الزائر الأجنبي الى العراق و عندما يدخل مركزا للإنترنت في بغداد، هو أنه لا يستطيع إستعمال بريده الإلكتروني، لإنه ممنوع الدخول إلى مواقع الخدمات البريدية على الإنترنت مثل "هوتميل" في تلك المراكز".<br />وتوجه شاشات الكومبيوتر في تلك المراكز نحو الجهة البعيدة عن الحائط، حيث يقوم مسؤولون حكوميون من دائرة الإنترنت بالرقابة والمشي ذهابا وإيابا.<br />ويذعر المسؤول إذا وجد شخص متلبساً يحاول دخول هذه المواقع، ويعمد إلى غلق جهاز الكومبيوتر فوراً ".<br /><br />إنفتح المجتع العراقي في عهد ما بعد صدام ، على العالم الخارجي عبر وسائل الإعلام المختلفة فقد عمد العهد الجديد الى تبني الإنفتاح و الشفافية في تبادل المعلومات و حق الجمهور في الوصول اليها، كسياسة و مبادئ عمل ثابتة بما ينسجم مع مفاهيم الديمقراطية التي إلتزم بها أمام المجتمع الدولي ، مما دفع أعداد متزايدة من العراقيين للدخول الى شبكة الإنترنت و تصفح مواقعها ، و إزدياد أعداد المواقع العراقية الإلكترونية على الشبكة العالمية خاصة تلك التي تُعنى بالجانب الأعلامي و الصحفي .<br />إن التعريف بشكل موجز للأحداث السياسية التي جرت في العراق قبل الإطاحة بنظام صدام و ما بعده ، من جهة ، و التعريف بتاريخ النشاط الصحفي للعراقيين في داخل البلاد و خارجها ، من جهة أخرى ، يسّر خلفية مهمة للتعرف على واقع المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية على شبكة "الإنترنت" اليوم ، وتقييم أداءها والتعرف على إتجاهاتها و ميولها و تأثيرها المتبادل في الواقع السياسي و الإجتماعي في العراق الجديد ، وهذا ما أهتمت به الدراسة.<br />فضلا عن تقديم الدراسة شرحاً وافياً عن شبكة "الإنترنت" منذ ظهورها و إنتشارها و طبيعة إستخداماتها، مع التركيز على إستخدامها لأغراض النشر الصحفي .<br />ثم إستخدام شبكة "الإنترنت" في العراق وسعة هذا الإستخدام، في عهد النظام السابق و ما بعده .<br />لقد اقبل المواطن العراقي على التعامل مع شبكة "الإنترنت" وإستخدمها للإطلاع على أخبار بلاده و التطورات الجارية في العملية السياسية والأوضاع الأمنية المتقلبة ، فإكتسبت المواقع الصحفية على الشبكة أهمية خاصة كمصدر مهم المتلقي العراقي .<br />و بموازاة هذا الإهتمام المتزايد من قبل العراقيين بشبكة الإنترنت ، أقدم منتجوا الأخبار و العاملين في الإنتاج الإعلامي والناشطين سياسيا، الى تأسيس العشرات من المواقع الصحفية الإلكترونية على الشبكة وهم يتسابقون اليوم للإستحواذ على سوق إعلام " الأنترنيت " في العراق و كسب المتلقي العراقي تبعاً لمصالحهم وغاياتهم و أجنداتهم .<br />قدمت الدراسة كشف تفصيلي لعدد المواقع الصحفية العراقية على شبكة الإنترنت وعرضت خطابها الإعلامي و السياسي و موقفها من الأحداث الجارية على الساحة السياسية العراقية و قيّمت ذلك الخطاب عبر بيان مواقفها وتعاملها مع الأحداث وطريقة معالجتها ، وحللت مضامين و دلالات التسميات و الألفاظ و المصطلحات المتداولة في الأخبار والتقارير المنشورة على تلك المواقع .<br />ان ما دعى الباحث لإختيارموضوع هذه الدراسة ، هو الفقر الواضح والبيّن في البحوث حول المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية على شبكة "الإنترنت" في المكتبة العراقية والعربية.<br />كما أن الأعداد المتزايدة للمتصفحين العراقيين للمواقع الإلكترونية الصحفية العراقية على شبكة الإنترنت، في خضم العملية السياسية الجارية ، أصبح محط أهتمام كل القوى الفاعلة في العمل السياسي و الإعلامي في العراق الجديد ، اذ ان تبني الديمقراطية كنهج لإدارة الحكم في العراق الجديد إستوجب إيلاء أهمية قصوى للرأي العام و كسب أصوات الجمهور وهدف مثل هذا يتطلب بالقطع نشاطاً اعلامياً واسعاً و بارزاً ، يحتل النشر الصحفي على شبكة "الإنترنت" مكاناً مميزاً فيه .<br />تنوعت إتجاهات التحرير الصحفي في الصحف و المجلات في عراق العهد الجديد ، فظهرت صحف خبرية وصحف الرأي وصحف "الإنترنيت" التي تستقي كل مادتها الإخبارية والثقافية من الشبكة المعلوماتية، وظهرت صحف تعيش في الماضي بإجترار الذكريات الصحفية والسياسية في القرن العشرين، مع ظهور صحف شبابية وأخرى هزلية وصحف فضائح سياسية وصحف الإعلانات. وكان صدورالكثيرمن الصحف متذبذباً، بحيث توقفت الكثير من الصحف عن الصدور بعد فترة زمنية قصيرة . وركزت بعض الصحف على الخدمات البلدية والكهربائية والنفطية والإتصالاتية والمالية التي تقدمها الحكومة للشعب بالنقد ومتابعة آخرالآخبار، وهناك صحف أخرى دخلت في معركة جدل الهويات، وفي مدى أحقية ومظلومية كل حزب أو طائفة أو قومية وطلب التعويض على حساب الفئات الأخرى، وماتبع ذلك من تعدد الولاءات بتعدد الهويات الطائفية والقومية والحزبية. مع التعدد والتنوع الكبيرين في الصحافة ما بعد سقوط نظام صدام ، فإن هناك بالمقابل وجه آخر للعمل الصحفي في العراق في العهد الجديد تمثل في التهديدات والتحديات التي واجهها العاملون في هذا الميدان، مما جعل ممارسة العمل الصحفي في العراق من أخطر الأعمال على حياة العاملين .<br />إذ لم يشهد العالم بأسره وعلى الرغم من كل الحروب والكوارث التي عصفت بالعديد من الدول ما شهده العراق من استهداف للصحفيين ، يتمثل تارة بالإغتيالات التي تتم بسرعة وعن بعد, وتارة أخرى بالقتل الوحشي الذي ينفذ بعد نصب الكمائن وخطف الضحايا تحت تهديد السلاح. ومما يزيد من فرص الخطورة وتعقيد العمل الصحفي في العراق أيضا ما يتعرض اليه العاملون في الصحافة من ملاحقة وإعتقالات ومقاضاة بدعاوى كيدية وعلى نحو متواتر يثير القلق. الأمر الذي ينعكس سلباً بالتأكيد على حرية الرأي والتعبير وعلى إنسيابية حركة الاعلام والصحافة وبما يجعل حرية الصحافة في العراق تمضي صوب منزلق خطير. و تشير مصادر محايدة الى إن أكثر من 270 صحفياً وإعلامياً قد قُتلوا في العراق على مدى خمس سنوات منذ سقوط النظام السابق حتى العام 2008.<br />و من جانب آخر يعتبر العراق اليوم واحدًا من أفضل دول الشرق الأوسط والدول العربية في قوانينه الإعلامية التي أطلقت العنان للصحافيين في التعبيرعن آرائهم وإنشاء مؤسساتهم الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والتي كفل الدستور العراقي الجديد حريتها في التعبير.<br />أشارت الدراسة الى ظاهرة المدونون " البلوغرز " ومنافستهم للصحفيين في العمل الإعلامي ، فهناك أعداد متزايدة اليوم من هواة الكتابة والنشرعلى شبكة "الإنترنت" خاصة في المواقع التفاعلية . ومن المصادفات المثيرة أن أول من لفت الإنتباه الى ظاهرة "البلوغرز" على نطاق واسع عالمياً كان مهندساًعراقياً ، إبتدا نشر مدوناته على الإنترنت من بغداد مع بدء العمليات العسكرية للإطاحة بنظام صدام 2003 وما تلاها من أحداث .<br />تباينت المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية بين موال للعملية السياسية الجارية بعد الإطاحة بالنظام السابق و بين رافض لها ، و عبّرت المواقع عن إنتماءاتها السياسية والطائفية والقومية بشكل واضح تبعاً للواقع السياسي و الإجتماعي القائم في عراق اليوم . إن الأعداد المتزايدة للمواقع الصحفية الألكترونية على الشبكة و إتجاهاتها و ميولها المختلفة و المتعارضة أحيانا ، قد تعبر عن حجم التشتت السياسي والديني والمذهبي والقومي الذي يعيشه العراق في ظل ظروف الفوضى التي شهدتها البلاد بعد الإطاحة بنظام الحكم المركزي الذي كان قائما في عهد صدام حسين ، لكن هذا الإختلاف و التباين من جانب آخر يعبرعن التعدد الواسع النطاق في أصل مكونات الشعب العراقي و تنوع ثقافاته و التي كانت على مر التاريخ مصدرغنى لثقافة الشعب عموما بدلا من أن تكون مصدر تفتت أو إحتراب خاصة عندما تتيسر ظروف إستقرارالأوضاع السياسية و قيام دولة قوية في البلاد .<br />بعد سقوط الدكتاتورية تحررت الصحافة العراقية من هيمنة الدولة لكنها سرعان ما وقعت في فخ الفوضى وباتت غالبيتها رهينة مواقف الأحزاب المختلفة فضلاً عن الشبهات التي تحوم حول مصادر تمويلها وما يتعرض له إعلاميون من قتل وتهديدات.<br />لقد عمد رافضوا العهد الجديد من أتباع النظام السابق و بعض قوى الإسلام السياسي المتشددة<br />الى إستخدام كل الوسائل الممكنة لتحقيق أهدافهم غيرالمشروعة ، ومنها الوسائل الإعلامية لدعم عملياتهم الإرهابية المعيقة للعملية السياسية السلمية الديمقراطية الجارية في البلاد، ولعل الكثير من الصحف و وسائل الإعلام الأخرى التي تثيرالفوضى وتشجع على إعاقة العملية السياسية الجارية في البلاد تتلقى تمويلا من جهات داخلية أو خارجية خفية و غيرشرعية، لا يسّرها إقامة العراق الجديد و لأسباب سياسية باتت معروفة .إن مصادر تمويل الصحف و وسائل الإعلام العراقية الجديدة تتصل بمدى إستقلاليتها وأخلاقياتها و مدى إلتزامها بالمهنية و من ثم بما يتعلق بتنمية و تطوير صناعة إعلام مستقل في البلاد ، و الذي يؤمل له أن يكون العلامة الأبرز والأهم في الحياة الديمقراطية في العراق الجديد.<br />إن إقامة صناعة إعلامية وطنية متطورة في العراق يسهم فيها القطاع الخاص بشكل مباشر و حيوي مع منظومة قوانين ضامنة و حامية ، سينتج عنها تحقيق عوائد مالية كبيرة للبلاد ، وستسهم بالتالي في تعزيز الديمقراطية و تنشيط العمل الإعلامي ذاته ، فضلاً عن الرخاء الذي سيتمتع به العاملين في هذا القطاع مما يعززإستقلاليتهم وعدم حاجتهم الى تمويل من مصادر مجهولة .<br />ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br /></span>ahmad_alsaleh58@yahoo.comU R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-48001875452491626792009-10-11T16:55:00.000-07:002023-02-07T16:13:58.098-08:00المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية و المسألة العراقية *<div align="right">
<span style="font-size: 180%;"> أحمد الصالح
</span>
<span style="font-size: 130%;">تصدت جميع المواقع الصحفية العراقية لمجمل الأحداث والقضايا الجارية على الساحة العراقية منذ التاسع من نيسان 2003 و ما بعده ، و تناولتها بمختلف الفنون الصحفية المعروفة ، و تبعاً لتوجهات المواقع ومديات إلتزامها بأساسيات العمل الصحفي ، يمكن ملاحظة التباين الواضح بين مواقف المواقع و وجهات نظرها أزاء تلك القضايا والأحداث . و رغم تفاوت ظهور المواقع الصحفية على شبكة الإنترنت في أوقات مختلفة ، يمكن ملاحظة و تحديد إتجاهاتها وهويتها ، إذ أن معظم المواقع التزمت خطاباً اعلامياً و سياسياً محدداً قلما يتغير ، مع أن هناك مواقع تحاول التعامل مع مجمل الأحداث بمهنية و حيادية كما يستوجبها العمل الصحفي .
و يمكن إعتماد معيار أساسي يتلخص في مجموعة من الأسماء و القضايا والأحداث التي جرت على الساحة العراقية و من خلاله يمكن الكشف عن طبيعة تعامل المواقع الصحفية مع هذا المعيار ..
و فيما يلي عدد من الشخصيات والأحداث والقضايا المهمة التي رسمت معالم العهد الجديد في العراق ما بعد التاسع من نيسان 2003 ، و بيان طريقة معالجتها من قبل المواقع الصحفية العراقية :
· ( صدام حسين )
تعاملت المواقع الصحفية مع شخصية " صدام حسين " بطرق مختلفة و متباينة ، فبعضها تعامل معها على أساس خلفيته السياسية و البعض الآخر تعامل معها على أساس مهني بحت .
المواقع العائدة للأحزاب و الموالية سياسياً لأحد الأطراف المهتمة بالشأن العراقي ، تعاملت مع شخصية " صدام " على أساس خلفيتها و مرجعيتها السياسية، فالمواقع الإسلامية و العلمانية المعارضة لصدام و المؤيدة للعملية السياسية الجارية بعد إسقاط نظامه ، تصفه " بالدكتاتور " و " الطاغية " و " المستبد " و ما إلى ذلك من صفات سلبية ، في حين تصفه المواقع الموالية لنظام صدام و المواقع الإسلامية المعارضة للعملية السياسية الجارية بعد إسقاط النظام " بالرئيس الشرعي " و " الرئيس الشهيد " و غيرها من الصفات الإيجابية .
أما المواقع المهنية فهي تتعامل مع صدام بوصفه رئيساً لنظام سابق أُطيح به و إبتدأ بعده بناء نظام آخر .
· (عملية حرية العراق)
هذه التسمية كانت قد أطلقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على العمليات العسكرية التي أطاحت بنظام صدام حسين في 9 نيسان 2003 و تم تداولها على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأمريكية و الغربية .
أما المواقع الصحفية العراقية فقد أنقسمت فيما بينها في التعامل مع هذه التسمية منها من تعامل معها إيجابيا وإستخدمها في بداية إطلاقها ثم إستبدلها بصياغة إيجابية أخرى مثل ( تحرير العراق ، و عملية إسقاط نظام الإستبداد ) و هذه هي المواقع المساندة لقوات الحلفاء والمؤيدة لها في إسقاط نظام صدام والتي ما زالت مؤيدة للعملية السياسية الجارية في عهد العراق الجديد .
أما المواقع المعارضة لإسقاط نظام صدام والتي ما زالت معارضة للعملية السياسية الجارية في العراق الجديد، فإنها تعاملت سلبيا ًمع هذه التسمية وأستخدمت بدلاً عنها تسميات أخرى مثل ( إحتلال العراق ، والغزو الهمجي للعراق ... الخ ) و من هذه المواقع مَن تبنى نهجاً إسلامياً بشقيه السني والشيعي ، ومواقع أخرى تعود لحزب البعث و لمؤيدي النظام السابق ، وإن كانت توجهاتها غير إسلامية .
· (إحتلال العراق)
المواقع المساندة لقوات الحلفاء في الإطاحة بنظام صدام تعاملت سلبياً مع هذه العبارة و لم تستخدمها ، حتى صدور قرارمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 16 تشرين الأول 2003 الذي جاء بالأجماع في منح " الشرعية الدولية " للإحتلال الأمريكي للعراق حسب لوائح الأمم المتحدة ، ثم بعد ذلك عادت لإستخدام تسمية "التحرير" بعد قيام الحاكم المدني " بول بريمر " بتسليم السيادة للعراقيين في 8 حزيران 2004 حيث صادق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار بإنهاء إحتلال العراق في 30 حزيران و نقل السيادة الى إدارة عراقية مؤقته .
أما المواقع الرافضة لعملية إسقاط نظام صدام فهي ما زالت تتعامل إيجابيا مع تسمية " الإحتلال " و تستخدمها بشكل مركزي في خطابها الإعلامي حتى بعد تسليم السيادة للعراقيين و قيام الأمم المتحدة بإستصدار قرار إنهاء الإحتلال السالف الذكر .
· ( محاكمة صدام حسين وإعدامه )
المواقع الموالية للعملية السياسية الجارية تعاملت إيجابيا مع محاكمة رئيس النظام السابق وتابعت وقائعها ، مع بعض الإنتقادات لمجريات المحكمة و ماعدّته بعض التجاوزات القانونية والتساهل الذي أبداه القضاة الذين توالوا على المحاكمة ، ثم أيدّت بشدة حكم المحكمة بإعدام صدام و عاضدته .
أما المواقع غيرالموالية للعهد الجديد والتي ترفض العملية السياسية فهي أيضا رفضت المحاكمة و عدّتها باطلة و وصفتها بكونها " لعبة " من ألاعيب الإحتلال ، ودعت الى إطلاق سراح صدام ، ثم إستنكرت إعدامه في أول يوم العيد، وعدّته متعجلاً و مسيئاً للقيم الإسلامية التي يؤمن بها المجتمع العراقي والعربي .
· ( الديمقراطية في العراق )
أبدت المواقع الموالية للعملية السياسية الجارية بعد إسقاط نظام صدام ، تأييدها و مساندتها للخطوات الديمقراطية التي تبناها العهد الجديد في جميع مراحلها من تشكيل مجلس الحكم الى الجمعية الوطنية الى الإنتخابات العامة الى الإستفتاء على الدستور وإنتخابات مجالس المحافظات ، و رغم أنها في العادة توجه إنتقاداتها لبعض الأجراءات والمناقشات التي تجري في مجلس النواب العراقي أو في جميع مفاصل العملية السياسية الجديدة ، لكنها تعد إنتقاداتها ضمن التوجه الديمقراطي العام للبلاد .
أما المواقع الرافضة للعملية السياسية سواء كانت إسلامية متطرفة أوموالية للنظام السابق ، فإنها سخرت من الديمقراطية كمفهوم (مستورد) وغير قابل للعيش في بيئة إسلامية ، أو أنها عدّتها " مسرحية " من صنع الإحتلال لغرض صرف أنظار الناس عن (جرائمه) .
أما المواقع "البعثية" فهي لا تعترف سوى بشرعية النظام السابق وترفض كل ما بعده .
· (قوات الحرس الوطني)
رحبت المواقع الموالية بتشكيل هذه القوات كبديل للجيش السابق و تعاملت معها إيجابيا و ساندت عملياتها القتالية ضد أعداء النظام الجديد . أما المواقع الرافضة للعملية السياسية فقد رفضت الإعتراف بهذه القوات و تعاملت معها سلبياً و أطلقت عليها تسمية " الحرس الوثني " بقصد تحقيرها و التقليل من شأنها ، بل ودعت الى محاربتها و القضاء عليها بوصفها " صنيعة الإحتلال ".
· (القاعدة و " المجاهدين العرب ")
المواقع الموالية للعملية السياسية، تعاملت مع تنظيم" القاعدة " وما يسمى " بالمجاهدين العرب " تعاملا سلبياً و وصفتهم بالإرهابييين المجرمين ، و إستنكرت عملياتهم القتالية و تفجيراتهم في أوساط المدنيين و تخريبهم المتعمد لمصالح العراقيين وعهدهم الجديد، و شجّعت على مقاتلتهم و القبض عليهم و تقديمهم للعدالة و أدانت دول الجوار التي سهّلت دخولهم للعراق أو ساندتهم إعلامياً و ماليا ً ، و تعرضت بعض المواقع بالنقد للمذهب " الوهابي " الذي ينتمي إليه تنظيم القاعدة من الناحية المذهبية الدينية .
أما المواقع الرافضة للعملية السياسية فقد تباينت مواقفها من تنظيم القاعدة و مقاتليه ، و تبعاً لتطورات العملية السياسية و تتابع مراحلها الزمنية ، فهناك من ساند هذا التنظيم بشكل تام و وصف مقاتليه " بالمجاهدين " أو " المقاومين " ودعا العراقيين الى مناصرته ، و هناك من إنتقل بموقفه من تنظيم " القاعدة " من المساندة في الأيام الإولى للتمرد على العهد الجديد، ثم ما لبث أن إتخذ موقفا منتقداً للتنظيم ، و تحول فيما بعد الى الإستنكار والإدانه والدعوة الى مقاتلته على خلفية تطورات العملية السياسية و تغير مواقف بعض القوى والحركات خاصة في المنطقة الغربية من البلاد و خاصة أولئك الذين أطلق عليهم فيما بعد " بمجالس الصحوات " .
· ( السيد السيستاني و المرجعية الشيعية)
تعاملت المواقع الموالية إيجابيا مع المرجعية الشيعية و " السيد علي السيستاني " وعاضدتها في مواقفها الإيجابية من العملية السياسية و دعمها للإنتخابات و سن الدستور الدائم للبلاد ، و أثنت على أدائها في مواقفها المترافقة مع تطورات الأحداث ، و بعضها عظمّت من دورها و إعتبرتها الهادية والموجهة للجميع والحريصة على حقوق العراقيين جميعاً .
أما المواقع الرافضة ، فقد تعاملت سلبياً مع المرجعية وأطلقت أقذع الصفات عليها وعلى السستاني و حملتها \ و حملته ، المسؤولية الأولى في" إحتلال " العراق ، و طالبت بإقصاء المرجعية و طرد رجال الدين الشيعة المنتسبين إليها بوصفهم غيرعراقيين و يحملون جنسيات أجنبية .
ملاحظات و سمات
نموذج الحكم الديمقراطي الجديد في العراق أتاح مساحة كبيرة من الحريات للعمل الصحفي و شرّع جملة تشريعات تضمن هذه الحرية و تحميها.
فهل النشاط الصحفي الحرالذي يشهده العراق الجديد اليوم يحاكي النموذج الغربي للحرية الصحفية في الأنظمة الديمقراطية المعروفة ؟؟
و هل التشريعات و القوانين كافية لضمان حرية العمل الصحفي و تداول الأخبار بحرية في الصحافة العراقية ؟
إن المتابع و المراقب لأداء المواقع الصحفية العراقية على شبكة الإنترنت يلاحظ و بشكل عام ، جملة سمات أساسية فيما يتعلق في نشر الأخبار و أسلوب معالجتها :
1- إن معظم الأخبار المنشورة غير أصيلة و منقولة عن وسائل إعلام أخرى مثل وكالات الأنباء و قنوات التلفزيون و الإذاعات مما يفقدها عناصر التوقيت والسرعة والتشويق، و هذا يعني أنها أخبار جاهزة، و عيب هذا النوع من الأخبار أنها تكون دائما في متناول أيدي جميع الصحفيين بحيث لا يستطيع الصحفي أن ينفرد بنشرها دون غيره من الصحف . و الإعتماد كثيراً على وسائل إعلامية أخرى ، حتماً يخلق صحافة مزيفة و غيرأصيلة .
2- يغلب على الأخبار المنشورة طابع الإنتقاء والتمييز ليس على أساس القيمة الخبرية المرتكزة الى عناصر الخبر ، إنما على أساس سياسة الموقع و توجهاته السياسية والدينية المذهبية و الحزبية ، مما يفقد الموقع صفة الحياد الموضوعي الذي يستوجبه العمل الصحفي .
3- إرتفاع نسبة عناصر الإثارة والشهرة والأهمية و التشويق في المواقع الصحفية المنحازة حزبيا أو مذهبيا ، و إنخفاض نسبة عناصر التوقيت والمصلحة الإجتماعية والوطنية في هذه المواقع .
4- المواقع غير الحزبية تسعى الى إعتماد العناصر الأساسية في أخبارها المنشورة ، و تحاول تأسيس تقاليد مهنية صحيحة .
5- رغم التوسع الكبير جداً في العمل الصحفي الحر في العراق الجديد لكن يلاحظ إنحسار الأخبار المبدعة الأصيلة تلك التي يبذل المخبر الصحفي جهداً كبيراً في الحصول عليها و إستكمالها بالمعلومات الكافية .
و قد يعود السبب في هذا الإنحسار الى تدهور الوضع الأمني في العراق و إستهداف الصحفيين بشكل خاص من قبل الجماعات الأرهابية و المسلحة مما أعاق الى حد كبير من نشاط المخبريين و المراسلين الصحفيين وعطّل حركتهم في الحصول على الأخبار الجديدة.
إن تحسن الوضع الأمني سيعدل هذه الملاحظة و سييسر للمخبرين و المراسلين الصحفيين العراقيين في ميادين الأحداث، الفرصة في إنتاج أخبار أصيلة .
6- إنتشار الخبر المحرف على حساب الخبر الموضوعي في المواقع الصحفية الحزبية و المنحازة على أساس ديني مذهبي، فرغم أن الكثير من الأخبار المنشورة في هذه المواقع منقولة من وسائل إعلامية اخرى ، لكنها تتعرض الى إعتداءات تجعل منها أخبار محرفة ، مثل حذف بعض الوقائع لا بقصد الإختصار و إنما بقصد إخفاء هذه الوقائع عن القراء !
و إختلاق بعض الوقائع التي لم ترد بالفعل في الخبر عند نشره .
و تضمين الخبر رأياً أو وجهة نظر لهدف التأثير بهدف معين ، و بذلك يتعرض الخبر الى عملية تشويه متعمدة تفقده موضوعيته من ناحية و دقته من ناحية ثانية . بحيث يصل الخبر الى القارئ لا كما حدث بالفعل في الواقع و إنما كما تريده الصحيفة أن يصل الى القراء، وهوالأمر الذي من شأنه تضليل القراء و خلق رأي عام موجه في المجتمع . و هوالشيء الذي يمكن أن ينعكس أخيرا في فقد القارئ لثقته في الصحيفة وفي موقعها، و هو أكبر عقاب يمكن أن يوجه الى صحيفة تريد أن تحترم إسمها !
7- تميل معظم الشخصيات السياسية البارزة في العراق الجديد الى تزويد الصحف الأجنبية و العربية بالتصريحات على حساب الصحف المحلية ، مما يعرض الأخيرة الى شحة واضحة في الأخبار المبدعة الجديدة .
و قد يعود سبب إهتمام الشخصيات العراقية بالوسائل الإعلامية غير المحلية و ذلك لسعة إنتشارالإولى و ضخامة إنتاجها ، بقدر كاف لإغراء الشخصيات في حصاد التأثير والشهرة ، لكن إتباع هذا النهج سيؤثر سلبياً على الصحف المحلية و يعيق نموها و تطورها و إنتشارها .
8- تهتم الصحف الحزبية و المنحازة سياسياً بأخبار الشخصيات أكثر من إهتمامها بالأحداث ، في حين تهتم المواقع الصحفية المهنية بشكل متوازن بين أخبار الشخصيات و الأخبار المستمدة من الأحداث .
إن أهتمام المواقع الحزبية بأخبارالشخصيات، الغرض منه سرعة التأثير في أوساط القراء قليلي التعليم و الثقافة الذين يكونون في العادة شغوفون بمتابعة أخبار الشخصيات البارزة بدلاً من إشغال الفكر في تحليل الأحداث و تتبع تفاعلاتها ، كما يفعل القراء المثقفون و أصحاب التعليم العالي في العادة .
9- لا تشير الكثير من المواقع الصحفية الى مصادر الأخبار التي تنشرها مما يضعف مصداقيتها و يجعلها أقرب الى ترويج الإشاعات منها الى نشرالأخبارالصحفية ، ورغم أن الأخبار القليلة المصداقية من هذا النوع قد تلقى رواجاً في أوساط العراقيين في ظروف التوترالأمني و عدم إستتاب الأوضاع ، فهي في الواقع تمنح ( نجاحاً ) مزيفاً للصحف التي تروج هذه الأخبار \ الأشاعات ، و مع مرور الزمن و زيادة رقعة التنافس المتنامية بإضطراد فإن هذه الصحف سوف تفقد مصداقيتها لدى القارئ مما يؤدي بالتالي الى فشلها .
الأخراج الفني للمواقع
تنزع جميع المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية الى إعتماد رموز عراقية مألوفة و متداولة بطوابعها المختلفة ، التاريخية و الجغرافية و التراثية و الفلكلورية ، و البيئية ، و السياسية .
و تبرزها في صور أو أشكال مختلفة ، تعبر عن هوية الموقع الوطنية و إنتماءه السياسي و الفكري و الديني و المذهبي و الحزبي .
بعض المواقع واكبت التطور المتجدد في الإخراج الفني وإستخدام التقنيات المستحدثة و البعض الأخر ما زال يعتمد الأشكال التقليدية و البدائية في العرض و الأخراج ، كل حسب إمكانياته المادية و حجم تمويله و كفاءة المشرفين على إدارته .
فأدخلت بعض المواقع تقنيات حديثة ، مثل شريط الأخبار ، و الصور المتغيرة ، و الفلاش ، و بعضها إستضاف تسجيلات فديو أو تسجيلات إذاعية ، واعتماد التفاعلية مع القراء فضلاً عن إستضافة مواقع أخرى صديقة .
و إستنادا الى نتائج مسح المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية و رصد أستخدامها للتقنيات ، فقد لوحظ أن إستخدام المواقع للتقنيات الحديثة في العرض متفاوتة من حيث النوع و الكم ، و قد يعود ذلك الى حجم التمويل من جهة أو للمعرفة التقنية من عدمها لدى إدارة المواقع، بأهمية إستخدام هذه التقنيات لرفع مستوى التأثير في المتلقي و إيصال الخطاب بأقوى صوره .
أكثر التقنيات المستخدمة شيوعاً في المواقع العراقية هي "الصور" ، و يعود ذلك لسهولة إستخدامها و قوة تأثيرها في إيصال الخطاب الى المتلقي خاصة عندما يكون الجمهور المستهدف على الأغلب قليل التعليم أو أنه لا يحفل كثيراً بالموضوعات المكتوبة تبعاً لطبيعة التصفح على الإنترنت الذي أتاح خياراً واسعاً جداً للمتصفح ، مما أبعده الى حدما عن التركيز على الكلام المكتوب و إنصراف ذهنه الى الصور و الأشكال المرئية التي تكون في العادة أكثر جاذبية و تأثير من الكتابة ، و قديماً قيل إن للصوة المنشورة تأثير على القارئ أكثر من ألف كلمة مكتوبة .
يأتي إستخدام شريط الأخبار المتحرك بالدرجة الثانية في المواقع ، و هو يعبر عن مواكبة الموقع لآخر الأخبار و مستجداتها ، و التي تتطلب متابعة و تحديث مستمرين و المواقع تعمل في سوق منافسة قوي جدا على شبكة الإنترنت و بين وسائل الإعلام الأخرى خاصة القنوات الفضائية و الإذاعات ، التي تتسابق على نشر الأخبار الجديدة دوماً . قد يكتفي المتصفح لمواقع الشبكة اليوم في قراءة شريط الأخبار المتحرك ، فإن كان بقدر من الكفاءة و السعة و النضج و الدقة و السرعة في نقل و عرض الأخبار الجديدة سيكون عاملاً مؤثراً في كسب المتصفح لهذا الموقع و تفضيله على سواه .
إستخدام تقنية الفلاش في المواقع العراقية ما زالت شحيحة ، ربما يعود ذلك الى حداثة هذه التقنية في الإستخدام عموما ، و قد تعمد المواقع العراقية الى إستخدامها مع مرور الزمن و تراكم الخبرة .</span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-5569557461625665692009-10-01T09:10:00.000-07:002023-02-07T16:17:37.086-08:00الصحافة العراقية عند إسقاط صدام في 9 نيسان 2003 *<div align="right">
<span style="font-size: 180%;">أحمد الصالح</span>
لم تتغير الخطوط العامة للسياسة الإعلامية لنظام الحكم السابق في العراق، في أيامه الأخيرة ، و التي إنتهجها منذ تولي" صدام" مقادير البلاد عام 1979 ، فرغم الضغوط الكبيرة التي كان يعاني منها الشعب العراقي و الرعب الذي إجتاح البلاد من مجاهيل الحرب القادمة التي بدت نذرها تلوح في الأفق ، و لم تزل الذكريات المريرة لحرب تحرير الكويت و الحرب الإيرانية ماثلة في أذهان الناس ، في حين أستمرت وسائل إعلام النظام في إتباع سياسة التجهيل و إخفاء المعلومات و كيل الإتهامات للخصوم و التزلف و التطبيل لرأس النظام و الدعاء له بالعمر المديد و الإنتصار على أعداءه .
و كالعادة تصدر الإنتهازيون و المتملقون و الجهلة الصفوف و تولوا المناصب و سيطروا على المفاصل الرئيسية في ماكنة الإعلام الرسمي و غير الرسمي .
يقول الأديب العراقي المعروف "عبد الستار ناصر": (جاءني الصديق الصحفي هاشم حسن برزمة من صحف النظام وقال : إقرأ .. وكان ذلك قبل التحرير طبعاً، إذا بي أمام كارثة حقيقية عنوانها الصحافة في العراق، طباعة رثة، وإخراج متخلف، وحروف مثلومة وصور باهتة وقصائد مضحكة ومقالات يرثي لها، وفي أعلى كل صحيفة وصية عجفاء من وصايا القائد (المحنك!) .
ماذا تراني قرأت في كومة الصحف التي جاءت من بغداد؟ قرأت عن مأدبة إفطار أقامها المقاتل الكيمياوي علي حسن المجيد في ذكرى شهداء (النصر المبين!) ، وقيادة فرع (سيف القائد) تهدي سيفها ثانية إلي الرئيس بمناسبة التصدي للجيوش العالمية عام 1991 وجاءت الهدية من الرفيق (عكلة عبد صكر ) عضو قيادة قطر العراق، وقد وردت في كلمته وصف صدام بالمؤمن المجاهد، والجهبذ العبقري والمعلم الأول!!
الجرائد العراقية تنشر صورة صدام وهو (يصلّي) في كربلاء والنجف الأشرف وما من أحد يمكنه القول: إن صدام هو الذي أمر بضرب كربلاء والنجف الأشرف، ذلك أن الصحافة العراقية تصدر تحت لمعان السيف والخنجر والسكين وأمام رائحة البارود وحبال المشانق، وكل من يعمل في صحف النظام يحيا بروح تقول (كلا) ولسان محكوم بالرعب لا يكرر غير (نعم ) وإذا اخترع الإنسان جهازاً يقرأ الأفكار لما كان مصير الصحفيين تحت حكم النظام المقبور غير الموت وبتر الأصابع واللسان .(1)
إستمرت الصحف الحكومية اليومية وغيرالحكومية بالصدور حيث تتصدر صفحاتها الإولى يومياً صورة لصدام بغض النظر عن وجود خبر يتعلق بنشاطاته من عدمه و هذا سياق إعتمدته الصحافة العراقية منذ آب 1979 مما أفقد الصحف خاصية مهمة من خصائصها المهنية .
و الصحف هي :
(الثورة) وتصدر يوميا عن دار الثور للصحافة والنشر وهي ناطقة باسم حزب البعث الحاكم .
(الجمهورية) و تصدر عن دارالجماهير للصحافة والنشر وهي جريدة حكومية رسمية .
(العراق) وتصدرعن دارالعراق للصحافة والنشر وأوكل لها دورالنطق باسم الأحزاب الكردية الموالية للنظام التي لم يكن لها وجود أصلاً بعد فك التحالف (الكردي-البعثي) منذ السبعينات .
(القادسية) وهي جريدة يومية سياسية منوعة تصدر عن وزارة الدفاع و يرافقها مطبوع آخر بإسم القادسية الأسبوعي ـ يصدر كل يوم أحد .
و ( بغداد أوبزرفر ) و تصدر باللغة الإنكليزية عن دار الجماهير للصحافة .
و ( البعث الرياضي ) و تصدر عن اللجنة الأولمبية التي يشرف عليها عدي صدام .
و إستمرت مجلة (ألف باء) الأسبوعية بالصدور عن وزارة الثقافة والإعلام ، وهي مجلة عريقة سبق و أن صدرت في الستينات قبل إستلام البعث للسلطة لكن خطابها تغير بما يتماشى مع الخطاب الرسمي للنظام .
و مجلة ( مجلتي ) المعنية بالأطفال و الصادرة عن دار ثقافة أطفال في وزارة الثقافة والإعلام .
إلى جانب 24 صحيفة إسبوعية تصدرها النقابات والمنظمات المهنية والإتحادات الجماهيرية و ماتصدره المحافظات أيضاً التي كان يشرف عليها "عدي" منذ العام 1992 .
فلقد سبق لعدي الأبن الأكبر لصدام أن أقام إمبراطورية إعلامية منذ أواسط الثمانينات عندما أصدر جريدة (البعث الرياضي) في ذلك الوقت و تضخمت الى حد كبير في مطلع التسعينات عندما ضم جميع الإتحادات الجماهيرية والمنظمات المهنية ( نقابة الصحفيين وإتحاد الأدباء ونقابة الفنانين وجمعية المصورين وجمعية الشعراء الشعبيين ...الخ )، تحت مظلة (التجمع الثقافي) الذي ترأسه وأشرف عليه ومن خلالها أصدرعدد كبير من الصحف الإسبوعية التي يفترض بها أن تكون ناطقة بإسم تلك المنظمات لكنها في الحقيقة مشاريع تجارية يعود ريعها الوفير الى حساب " عدي " الشخصي ، و ذلك من خلال الإعلانات و الصفقات المريبة التي كان يبرمها عبر ممثليه المشرفين على هذه الصحف مع دوائر الدولة أو مع الشركات التجارية الخاصة ، و قد ظهرت أسماء كثيرة من وكلاء " عدي " في الوسط الإعلامي والذين كان لهم دور في عقد هذه الصفقات بتوكيل منه شخصياً .
حتى سقوط النظام إستمرت جريدة ( بابل) بالصدور اليومي وهي تصدر عن دار بابل للصحافة و النشر التي كان قد أسسها " عدي " بعد حرب الكويت في مطلع التسعينات و جهز لها موارد مادية و بشرية ضخمة بعد أن إستحوذ على إحدى مطابع و مباني ( دارالحرية ) الحكومية و أدرجها ضمن ممتلكاته الخاصة .
و من تلك الصحف التي تعود ملكيتها الى " عدي " شخصياً :
جريدة (نبض الشباب) والتي كان أول صدور لها بعد نجاة " عدي " من محاولة الإغتيال التي تعرض لها في العام 1996 حيث حاز " عدي " على لقب ( نبض الشباب!! ) ، و جريدة ( الزوراء ) و التي كانت تصدر عن نقابة الصحفيين، و جريدة ( ألوان) و مجلة ( الموعد ) وهما معنيتان بالنشاطات الفنية ، و جريدة ( الرأي ) والتي قدمت نفسها بخطاب إسلامي ينسجم مع توجه النظام في تلك المرحلة ، و جريدة (المصور ) و جريدة ( الإتحاد) و مجلة ( الرافدين ) الإسبوعية ، و مجلة ( المرأة ) و مجلة (صوت الطلبة )، و جريدة ( الزمن ) التي أريد لها أن تستقطب المثقفين العراقيين المهاجرين و الذين كانت مواقفهم معلنة و معروفة في معارضة النظام آنذاك .
يقول " وجيه عباس " : ( ما بعد عام 2001 كُنت أدير بشكل كامل صحيفة (الزمن) الأسبوعية وهي ثقافية منوعة، أراد لها عدي صدام حسين أن تسحب عيون القارئ العراقي عن صحيفة (الزمان) اللندنية التي يديرها "سعد البزاز"، والتي كانت بحق البضاعة السرية الأكثر تهريبا لسواق طريق النقل البري، رئة العراقيين الوحيدة إلى الخارج آنذاك، طريق بغداد - عمان، ومدار بحث المعنيين بالصحافة الأهم من عراقيي الداخل، عبر شبكة الإنترنيت حتى حجبها بشكل كامل من الشبكة العنكبوتية في منتصف العام 2002، بل حجبها عن الوزراء أنفسهم ). (2)
وإستمر تلفزيون العراق الرسمي ببث برامجه و إذاعة بغداد كذلك .
و كذلك إستمرت قناة العراق الفضائية التي كانت قد تأسست في أواسط التسعينات في بث برامجها اليومية المعتادة .
وإستمر تلفزيون الشباب و إذاعة الشباب بث برامجهما على مداراليوم ، وسبق للمحطتين أن أنشأهما " عدي " مطلع التسعينات بعد أن إستحوذ على ممتلكات القناة الثانية التلفزيونية الحكومية و إذاعة صوت الجماهير الحكومية أيضا وأدرجهما ضمن ممتلكاته الخاصة .
تهجم شنيع
من الأمور اللافتة في ذلك الوقت قيام جريدة (بابل) بالتعرض الى موضوع حساس جداً لم يجرؤ أحد ان يتناوله في العراق في جدل علني وفي صحافة رسمية .
فقامت الجريدة – التي يمتلكها عدي صدام حسين - بالتهجم على ( الطائفة الشيعية ) بشكل مباشر و صريح و طعنت بمعتقادتهم و طقوسهم متغافلة ان ( الشيعة ) في العراق يشكلون نسبة الأغلبية من السكان.
نعم ، لقد تعرضت جريدة (الثورة) الناطقة بإسم حزب البعث، في وقت سابق و في العام 1991 بعد القضاء على إنتفاضة الجنوب التي قامت بعد حرب الكويت و إنهيار الجيش و أنسحابه حينذاك .
لكن الكاتب في حينها حاول أن يبطن كلامه ولا يصرح بشكل علني أنه يستهدف ( شيعة العراق) حصراً في التهجم و التشنيع، اما ما جاءت به جريدة ( بابل ) في أُخريات أيام النظام قبل سقوطه فهو تهجم صريح و يعبرعن موقف النظام من أبناء شعبه وبطريقة إستفزازية لعلها تبرر لنا الكثير من المظاهر التي برزت بعد سقوط النظام .
( نشرت جريدة (بابل) مقالة تحت عنوان (طقوس عاشوراء عند الرافضة) في عددها الصادر في العاشر من نيسان (ابريل) الماضي. إن هذه المقالة الإستفزازية قميئة فعلاً بكل إدانة وإستنكار وهي إن دلت علي شيء فإنما تدل علي مستوي الخواء الفكري والسياسي لصحف النظام والناطقة باسم بعض رموزه.إن الفقرات النـزيرة التي نقلتها جريدة عراقية معارضة تصدر في لندن عن جريدة (بابل) تقطر في الحقيقة سماً طائفياً متخلفاً، هو الوجه الآخر للقطران الطائفي الذي راح يفوح ويفيض من البرامج والبيانات الطائفية من الجهة المقابلة والتي تريد وإن أنكرت ذلك علناً وتكتيكيا إقامة إتحاد للإمارات الطائفية المتذابحة في العراق.
ففي مقالته يذهب كاتب (بابل) الذي إمتشق لغة طائفية سقيمة سادت في عهد المماليك وما قبله من عصور الإنحطاط الحضاري التي أعقبت سقوط بغداد علي أيدي المغول وصعود نجم السلاجقة الترك فيستعمل كلمة (الرافضة) جمع (الرافضي).في النـزر اليسير الذي أقتبس عن تلك المقالة المفعمة بالسوء، نقرأ، أن الكاتب (البابلي) يشنع على أغلبية المجتمع العراقي من الطائفة الشيعية بأنهم (أبناء زنى لأنهم يبيحون العلاقات الجنسية المحرمة (وأن مزارات أئمة الشيعة - وهم جميعا من أحفاد النبي العربي الكريم كما يعلم القارئ -وعتباتهم المقدسة هي أماكن للاختلاط الجنسي بهدف التكاثر السكاني..) و(أن الشيعة أو الرافضة حين يبكون خلال طقوس عاشوراء فهم لا يبكون علي الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وإنما يبكون مصيرهم ومصير أجدادهم الخونة الذين خانوا الله ورسوله والصحابة..) فهل ثمة تشنيع طائفي أكثر بذاءة وحقدا علي ملايين العراقيين من هذا؟) (3)
إختراق و إضطراب
و من الفعاليات المبتكرة لمعارضي نظام صدام آنذاك ان قامت احدى صحف المعارضة بطبع إحدى أعدادها بترويسة ومانشيت صحيفة (بابل) التي يصدرها عدي صدام وأرسلت خمسين ألف نسخة منها الى بغداد وتم توزيعها هناك ونفدت خلال ساعات حيث استبشر المواطنون عندما اكتشفوا أن عنوان الصحيفة (بابل) لكن موادها ضد نظام صدام ولما علمت أجهزة النظام بهذه الفعالية أعلنت حالة الطوارئ بين صفوفها ولكن بعد فوات الأوان ·
ليس هذا فحسب بل إن هناك مجاميع قصصية وشعرية معارضة لكتاب وشعراء عراقيين في داخل العراق أخذوا يطبعون مؤلفاتهم بشكل سري وبطريقة التصوير ويوزعونها على المواطنين وبعضها يرسل الى خارج العراق·
في أواخر أيام النظام و قعت أجهزته الأمنية و العسكرية في إرتباك و اضطراب كبيرين إنعكس بالتالي على أداء منتسبيها الذين أخذوا يبحثون عن ملاذ آمن لهم بعد أن تسربلت لهم القناعة أن النظام زائل لا محالة في الحرب القادمة ..
إن ما ورد في مذكرات الطبيب الشخصي لصدام وأسرته الدكتور الجراح "علاء بشير" و التي نشرها في كتاب بعنوان ( كنت طبيباً لصدام ) يشير بدقة الى التردي الكبير الذي وقع فيه النظام و رجاله .
يقول بشير : ( كانت مظاهر الإنهيار تطالعنا واضحة في كل مكان، ففي أماكن متزايدة من بغداد بدأت مياه الصرف الصحي في ملء الشوارع من الرصيف إلي الرصيف. كان الماء يصعد من الأرض ولا أحد يعرف من أين.
كان طفح مياه الصرف الصحي يحدث دائما بالطريقة نفسها فقد كان يصيب الحي تلو الآخر بالتناوب وعندما استقصيت هذه الظاهرة عرفت السبب: لقد أصاب جنون الفساد قطاع الصرف الصحي ببغداد أيضا. عندما تطفح مياه الصرف الصحي في مكان وتملأه كان الناس يذهبون للمهندس المسؤول في الإدارة المختصة، وهناك كان الفني المسؤول متواجد دائما وفي مقابل رشوة مناسبة يقوم بتحويل مياه الصرف الصحي إلي حي سكني آخر.. كانت هذه تجارة مربحة. لقد إمتد الفساد في كل المجتمع العراقي ولم يتوقف امتداده حتي في الوسط الأكاديمي فقد ازدادت الحالات التي يأخذ فيها المدرسون والأساتذة ــ الذين لم تعد الحكومة قادرة علي دفع رواتبهم ـ الرشاوي من تلاميذهم وطلابهم من أجل مساعدتهم علي إجتياز إختبارات القبول أو الإمتحانات. بدأت الجامعات والمعاهد العليا في العراق التي كانت تعمل علي مستوي عال وتبعاَ للنموذج الإنكليزي، بدأت مثلها مثل كل شيء في المجتمع العراقي في الإنهيار وقد ساهمت الطبقة الحاكمة في هذا الإنهيار، فقد ظهرت على كثير منهم فجأة عقد الإحساس بالنقص لأن الأعضاء الشباب في حزب البعث بدأوا في الترقي. وكان معظمهم من الحاصلين علي الشهادة الجامعية ودرجة الدكتوراه من جامعة بغداد. وكان معظم المقربين من صدام من الحاصلين علي شهادة إتمام التعليم الابتدائي أو الثانوي على الأكثر. )(4)و قد إنعكس هذا الإضطراب على الصحافة و وسائل الإعلام الرسمية و غير الرسمية التي لم تعد مقُنعة لمتلقيها العراقي و الذي أخذ يتخلى عنها تماماً و ينصرف لتلقي الأخبار و المعلومات من مصادر أخرى خاصة تلك المعارضة للنظام .
لقد كان رأس النظام و أفراد إسرته يعيشون في عالم آخر غير مشغولين بمصير الشعب و البلاد و غير مشغولين حتى بمصائرهم الشخصية لقناعتهم أنهم سينجون من الحرب القادمة كما نجوا و نجا نظامهم في حروب و أزمات سابقة .
ان ما ورد في مذكرات الدكتور الجراح "علاء بشير" ، يدل بوضوح على أنماط تفكير و سلوك بعض أفراد أسرة صدام قبل أيام من بدء العمليات العسكرية التي أطاحت بنظامه .
يقول الدكتور علاء :
( في السادس من كانون الثاني تم إلغاء العرض العسكري الذي يقام عادة في عيد الجيش. فقد اصبح من الواضح لكل مواطن عراقي عاقل أن العد التنازلي للحرب ضد أميركا وبريطانيا قد بدأ وأن العراق ليس لديه أي قدرة علي المقاومة. وبينما كان المفتشون يبحثون بلا جدوي عن أسلحة الدمار الشامل في العراق التي لم تكن بحوزة صدام، وبينما كانت التهديدات تنهال علينا من واشنطن ولندن، إذا ب " قصي " الأبن الأصغر لصدام يطلبني إلي بيته. فإبنته ذات الخمس عشر سنة لم تكن راضية عن أنفها، وطلبت مني الأسرة أن أعدله. فبينما تدق طبول الحرب علي مشارف العراق كانت عائلة صدام منشغلة بمثل هذه الأمور. وعلى أي حال فقد كانت عملية بسيطة، قد أجريتها آلاف المرات في مستشفي المنصور من قبل. وفي اليوم التالي طلبت إلي بيت" رغد" ابنة صدام زوجة "حسين كامل" فقد كانت ابنتها، حفيدة صدام ذات الستة عشر ربيعا، "حرير"، تريد تجميل أنفها هي الأخري. وكأنهم لم يكتفوا بذلك.. فقد اتصلت بي بعدها أخت زوجة قصي للسبب نفسه. وفي الخامس عشر من شباط كنت قد انتهيت من الثلاث عمليات. وقد لفت نظري أن عائلة صدام لم تكن تدرك ما ينتظرها وما تعنيه الحرب وما ستجلبه عليهم. لم يكن تقييمهم للأمور سليما كما ظهر لاحقا فيما بعد.
في الثالث عشر من شهر مارس قبل بدء الحرب بأسبوع أجريت آخر فحص علي مريضاتي الثلاث. ولفت نظري اختفاء جميع النجف والأثاث الإيطالي من بيت قصي في الجادرية وبدا البيت شبه خال. كان للموت رائحة في ذلك المكان. أما وطبان أخو برزان و صدام فقد أرسل لي قبلها بأيام داعرتين من صديقاته بصحبة أحد حراسه، أرادت أحداهما تصغير صدرها والثانية تعديل عظام الحوض حيث كانت فعلا كبيرة الحجم فأجبتهما أن الوقت غير مناسب تماماً لأن البلد يستعد لخوض الحرب. وغضبتا جداً عندما أرسلتهما دون تلبية رغبتهما. اتصل بي حارس وطبان بعدها بيوم قائلا: «إن رئيسي يسألك ماذا إذا كان من الممكن أن تساعد الفتاتين بالرغم من ذلك»؟ فأجبته: لآلقد وصلت حياة وطبان إلي هذا المستوي المتدني فلم يعد يشغله غير الخمر والراقصات والداعرات. وكان هذا هو وضع سبعاوي أيضا، الأخ الأكبر لبرزان.)(5)
بهذه الأجواء دخل العراق الحرب مع قوات التحالف الدولي فكان من الطبيعي أن يحصل الأنهيار الكبير الذي شهدناه لنظام صدام و بهذه السرعة ، و ذلك يفسر صمت أغلبية الشعب العراقي و عدم مقاومته للقوات الغازية و التي رفعت شعار التحرير للشعب من الدكتاتورية و الإستبداد .
و كانت الصحافة بإضطرابها و ترديها المريع في أخريات أيام النظام تعبر تعبيراً صادقا عن حال النظام و مدى ترديه و إرتباكه و ضعفه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جريدة الزمان اللندنية - بهدؤ رجاءاً - متي سنصدق ما جري؟ - عبد الستار ناصر- مايس 2003(2) وجيه عباس- صحفي عراقي- مقالة على النت
(3) جريدة ابن الرئيس والتهجم علي الطائفة الشيعية - إستفزازات ضد العراقيين جميعاً.. وليس طائفة بعينها - علاء اللاميجريدة (الزمان) العدد 1317 التاريخ 2002 -9– 20
(4) كنت طبيبا لصدام _ الدكتور علاءع</div><div align="right">بشير الطبيب الشخصي لصدام حسين
(5) المصد</div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-32992145865925953802009-10-01T09:05:00.000-07:002023-02-07T16:18:21.534-08:00الصحافة العراقية ما بعد التاسع من نيسان 2003 *<div align="right"> <span style="font-size: 180%;"> أحمد الصالح
</span>
مع إسقاط نظام صدام في التاسع من نيسان عام 2003 إبتدأ عهد جديد للصحافة العراقية شهدت فيها تحولات كبيرة ، ولعل كان أبرزها هو رفع جميع القيود التي كانت مفروضة عليها في ظل النظام السابق ، فظهرت أثر ذلك، العشرات من الصحف و المجلات اليومية و الأسبوعية، كما دخل البلاد، العشرات من المراسلين الأجانب لوكالات الأنباء و التلفزيون و الإذاعة و الصحف، وأصبح العراق ورشة عمل صحفي كبرى يحسب لها حساباً على المستوى العالمي بالنظر لجسامة الأحداث الجارية على ساحته ومدى إهتمام العالم بأجمعه بتلقي أخباره و متابعة تطورات العمليات العسكرية و السياسية الجارية فيه ، خاصة وان سلطات الحاكم المدني لقوات الأئتلاف الدولي في البداية ثم السلطات العراقية الوطنية فيما بعد، قد وفرت أجواء الحرية و فتحت الأبواب واسعة أمام الجميع لممارسة العمل الصحفي و النشر بكافة أشكاله و أنواعه ، إنسجاما مع إلتزامات رجال العهد الجديد بالنهج الديمقراطي وأعترافهم بحق الجمهور بالأتصال و تلقي المعلومات عبر وسائل الأعلام المتعددة، دون قيد أو شرط .
إلغاء وزارة الإعلام وإستحداث الهيئات المتخصصة
بعد ما يقرب من إسبوعين من الإطاحة بنظام صدام ، وفي 23/4/2003 أقدم الحاكم الأمريكي المدني لسلطة الإئتلاف "بول بريمر" على حل وزارة الإعلام العراقية ، والتي كانت جزأ ًمن المشهد السياسي العراقي لما قبل الحرب ، وتم تسريح كل موظفيها إسوة بوزارة الدفاع و المؤسسات القريبة من مركز القرار للنظام السابق، وإثر ذلك القرار تغير المشهد الإعلامي في العراق رأسا ًعلى عقب و قطع صلته بالكامل بما كان عليه قبل سقوط النظام ، فإنتقلت الفعالية الإعلامية من مرحلة الإعلام المُحتكر من قبل سلطة الحاكم المستبد والموجه بإتجاه واحد متمثلاً بعدة صحف وثلاث قنوات محلية وفضائية واحدة، إلى إعلام متحرر من كل القيود وغير منضبط على مستويي الكم والنوع ، فوجدت وسائل الإعلام العراقية نفسها فجأة في مواجهة وضع جديد لم يعشه العراق طيلة الـعقود الماضية كما لاتوجد تجربة مشابهه له من قبل، في الشرق الأوسط أو في العالم العربي . فبعد الرقابة الصارمة التي كان النظام السابق يمارسها في إدارته لمختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والتي كانت أشبه بنوع من أنواع الدعاية والوصاية، أصبحت الساحة الإعلامية في العراق متاحة لكل مَن يريد أن يصدر جريدة أو يُنشئ إذاعة أو يؤسس قناة تلفزيونية من دون رقيب، وبالتالي أفرزت هذه الأوضاع عددًا من الظواهر تجسدت في البداية بشكل أو بآخر في حالة من الفوضى والإنفلات الإعلامي، و أبرزت عدداً هائلاً من الصحف والمنشورات أول الأمر، كإحدى معالم المشهد الاعلامي العراقي الجديد - لسهولة إنتاجها وتوزيعها- حتى تراوح عددها من 180 إلى 200 صحيفة يومية وأسبوعية، وأخرى نصف أسبوعية وشهرية، وكذلك صحف تصدر بين يوم وآخر، متباينة في التوجهات السياسية والأيديولوجية، والمذهبية و القومية، و كل منها تتبع الجهة الصادرة عنها، لتتوسع الأمور فيما بعد إلى عدد من الإذاعات و القنوات التلفزيونية المحلية العاملة على نطاق البلد أو على نطاق كل محافظة من محافظات البلاد.ولتنظيم هذه الحركة الإعلامية أصدر الحاكم المدني السابق للعراق "بول بريمر" قرارين الأول بتاريخ 20/3/2004 ويحمل رقم 65 وهو القرار المؤسس لـ"الهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والإعلام"، أما القرار الثاني فهو الأمر رقم (66) بتاريخ 20/3/2004 والذي ينص على تأسيس "الهيئة العراقية العامة لخدمات البث والإرسال". وهذان القراران كانا يهدفان إلى توفير الهيكلية القانونية والإدارية لتفعيل أهداف ووظائف وآليات عمل الإعلام العراقي الجديد . فأصدرت "الهيئة الوطنية للاتصالات والإعلام" فيما بعد مجموعة من التوجيهات العامة حول قواعد ونظم التغطية الإعلامية، كما أصدرت "اللائحة المؤقتة لقواعد البث الإعلامي " بشقيه الحكومي والخاص. أما "الهيئة العراقية العامة لخدمات البث والإرسال" فهي الجهاز الحكومي الوحيد المؤهل لعمليات البث الإذاعي والتلفزيوني في العراق والتي تشرف على "شبكة الإعلام العراقي" التي تُعد اليوم أكبر مؤسسة إعلامية عراقية ممولة من قبل الدولة وتضم عدد من القنوات التلفزيونية و الإذاعية المتخصصة و عدد من الصحف و المجلات و أستقبلت عدد كبيراً من موظفي وزارة الإعلام و مؤسساتها المنحلة السابقة فضلاً عن أشغالها لعدد من مباني و منافع الوزارة المنحلة.وقد ولدت فكرة إنشاء هيئة الإتصالات والإعلام خلال مؤتمر دولي عقد في العاصمة اليونانية أثينا في حزيران 2003، فقد إعتمد ذلك المؤتمر إطاراً وثائقياً لإصلاح الاعلام العراقي عُرف لاحقاً بـ "إطار أثينا" والذي شكل الأساس لقانون إنشاء الهيئة بعد تشاور الحاكم الاميركي المدني " بول بريمر" مع مجلس الحكم العراقي وإختصاصيين عراقيين في قطاعي الإعلام والإتصالات.و أُنيطت بالهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والإعلام المهام التالية :- تنظيم البث وشبكة الإتصالات العامة والخدمات، ويشمل التراخيص والتسعير والربط الداخلي. - وتحديد الشروط الأساسية لتوفير الخدمات العامة وخدمات الإتصالات الدولية. - و تخطيط وتنسيق وتوزيع وتحديد إستعمال ذبذبات البث، وتنظيم مضامين الإعلام. - وتطوير آليات الصحافة المطبوعة، ووضع وتطوير وتعزيز قواعد الإعلام الخاص بالإنتخابات، - ودعم وتشجيع التأهيل المهني، وإعتماد توجيهات السلوك المهني على مواضيع الإعلام، - وتطوير ونشر سياسات إتصالاتية وإعلامية، وإقتراح القوانين على الحكومة والجهات المعنية في هذا الشأن.
يتشكل المجتمع الإعلامي العراقي في الوقت الحالي من أكثر من 200 جريدة ومجلة بين يومية وإسبوعية وشهرية وغيرها. وما يقارب 50 قناة تلفزيونية بين فضائية وأرضية وأذاعية ، تتوزع على لغات البلد الرئيسية (العربية، الكردية، التركمانية والسريانية ). مثلما تتوزع على ألوان الطيف العراقي الأثني والديني، كما تتوزع على أراضي محافظاته، حيث توجد قناة تلفزيونية أرضية واحدة على الأقل لكل محافظة. كما لا يمكن أن نتجاهل الإعلام الإلكتروني، حيث توجد مئات المواقع الإعلامية العراقية الشخصية أوالمؤسساتية على شبكة الإنترنت.
إتجاهات متنوعة
تنوعت إتجاهات التحرير الصحفي في صحف ومجلات العهد الجديد ، بحيث إتصفت كل صحيفة بخصائص تميزها عن غيرها، فظهرت صحف خبرية وصحف الرأي وصحف الإنترنيت التي تستقي كل مادتها الإخبارية والثقافية من الإنترنيت ماعدا المقال الإفتتاحي، وظهرت صحف تعيش في الماضي بإجترار الذكريات الصحفية والسياسية في القرن العشرين، مع ظهور صحف شبابية وأخرى هزلية وصحف فضائح سياسية وصحف الإعلانات وكان صدورالكثيرمن الصحف متذبذباً، بحيث توقفت الكثير من الصحف عن الصدور بعد فترة زمنية قصيرة . وركزت بعض الصحف على الخدمات البلدية والكهربائية والنفطية والإتصالاتية والمالية التي تقدمها الحكومة للشعب بالنقد ومتابعة آخرالآخبار… وهناك صحف أخرى دخلت في معركة جدل الهويات، وفي مدى أحقية ومظلومية كل حزب أو طائفة أو قومية وطلب التعويض على حساب الفئات الأخرى، مما أدى الى تفتيت الهوية الوطنية وماتبعه من تعدد الولاءات بتعدد الهويات الطائفية والقومية والحزبية. إن هذا الجدل العقيم قد كان سبباً في صراعات وصدامات مسلحة، ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء في ظل غياب الولاء الوطني الحقيقي.. ومازالتً التجربة اللبنانية في ثمانينات القرن الماضي ماثلة في أذهان العراقيين، ودور المليشيات في الحرب الأهلية آنذاك، وما رافقها من مآسي والتي إنتهت بالشعب اللبناني الى حـالة اللا دولة و لعله يعاني من نتائج تلك الأحداث الى اليوم ، وعلى الدوام كان العراقيون المعتدلون يذكّرون الفرقاء بمآسي التجربة اللبنانية ، لعلهم يعقلون و يتافدونها في أدائهم السياسي على الساحة العراقية.
وجه آخر
و مع هذا التعدد و التنوع الكبيرين في الصحافة بعد سقوط نظام صدام ، لكن بالمقابل فإن هناك وجه آخر للعمل الصحفي في العراق في العهد الجديد تمثل في التهديدات والتحديات التي واجهها العاملون في هذا الميدان، مما جعل ممارسة العمل الصحفي في العراق من أخطر الأعمال على حياة العاملين في عالم اليوم .
إذ لم يشهد العالم بأسره وعلى الرغم من كل الحروب والكوارث التي عصفت بالعديد من الدول ما شهده العراق من إستهداف للصحفيين ، يتمثل تارة بالإغتيالات التي تتم بسرعة وعن بعد, وتارة أخرى بالقتل الوحشي الذي ينفذ بعد نصب الكمائن وخطف الضحايا تحت تهديد السلاح. ومما يزيد من فرص الخطورة وتعقيد العمل الصحفي في العراق أيضا ما يتعرض اليه العاملون في الصحافة من ملاحقة وإعتقالات ومقاضاة بدعاوى كيدية وعلى نحو متواتر يثير القلق. الأمرالذي ينعكس سلباً بالتأكيد على حرية الرأي والتعبير وعلى إنسيابية حركة الإعلام والصحافة وبما يجعل حريةالصحافة في العراق تمضي صوب منزلق خطير.(1) تقول نقابة الصحفيين العراقيين، إن أكثر من 270 صحفياً وإعلامياً قد قتلوا في العراق على مدى خمس سنوات منذ سقوط النظام السابق حتى العام 2008.نعم لقد قام العهد الجديد برفع كل القيود التي كانت مفروضة على الصحافة العراقية، لكنه من جانب آخر ترك الباب مفتوحأ ولم يضع ضوابطً أو شروطاً مهنية واضحة المعالم لممارسة العمل الصحفي أو لإصدار الصحف والمجلات أوإقامة محطات تلفزيونية أو إذاعية، الأمر الذي أدى الى فوضى إعلامية كبيرة في العراق أسفرت عن أصدار عشرات الصحف من قبل أشخاص بعيدين كل البعد عن مهنة الصحافة، مما شكل إنتكاسة مهنية في تاريخ الصحافة العراقية .فمن حيث عدد وسائل الإعلام خلال السنوات ما بعد 2003 فان العراق إحتل المركز الأول على المستوى العربي، لكن من حيث المهنية والنوعية فأنه يحتل مركزاً متأخراً لعدم وجود ضوابط، ما دام كل شخص يمتلك المال يستطيع أن يصدر صحيفة.تفتخر القيادة العراقية الجديدة بأنها رفعت القيود عن الصحافة، حيث قال الرئيس العراقي "جلال طالباني" في بيان أصدره بمناسبة الذكرى الخامسة لأسقاط نظام صدام و قيام العراق الجديد: "أُطلقت حريات العمل السياسي والحزبي والنقابي، وشُرعت الأبواب أمام الإعلام الحر فصدرت مئات المطبوعات وتأسست عشرات القنوات التلفزيونية والإذاعية، مما أنهى عهد الرأي الواحد المفروض قسراً".يُذكر أن منظمة مراسلون بلا حدود وضعت العراق فى عام 2007 في الترتيب رقم 157 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره المنظمة كل عام، متراجعاً ثلاث درجات عن العام الذى قبله، ليكون في المرتبة قبل الأخيرة بين الدول العربية، متقدما على فلسطين بدرجة واحدة.وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن الصحفيين في العراق "يخشون بالدرجة الأولى الجماعات المسلحة التي تستهدفهم، في الوقت الذي لم تجد فيه السلطات أي سبيل لوضع حد لحوادث إستهداف الصحفيين". (2)
موجة جديدة من الصحفيين المهاجرين
كما تعرفنا في فصل سابق على ظاهرة هجرة عدد كبير من الصحفيين و المثقفين العراقيين الى خارج البلاد بسبب خشيتهم من ملاحقات و إجراءات النظام السابق القسرية والقمعية، على مدى عقود حكمه الثلاثة و نّيف ، والتي كانت تهدد حياتهم و حياة أُسرهم و مصدر رزقهم ، فلم يهنئ الصحفيون في العهد الجديد طويلاً في العمل الحر في بلادهم ، إذ بعد أن إستبشروا خيراً به خاب أملهم في الإستمرار في العمل داخل البلاد بالنسبة الى كثير منهم إثر تعرضهم لمخاطر عديدة هددت حياتهم و مصادر رزقهم. و إذا كان الصحفيون في السابق يتعرضون الى مخاطر محددة من قبل أجهزة النظام القمعية، فالمخاطر في العهد الجديد متعددة المصادر و مختلفة الأنواع والأشكال، إذ قد تكون تهديداً مباشراً من بعض المتنفذين في العهد الجديد أولئك المتعصبين حزبياً أو مذهبياً ، أو من العصابات و الميليشيات التي وجدت لها مرتعاً خصباً في ظل غياب الدولة القوية و ضعف أجهزتها الأمنية ، أو من خلال المصادمات العسكرية المستمرة ، أو من خلال العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين مثل التفجيرات و الإختطافات و الإغتيالات التي كان للصحفيين حصة كبيرة منها ..ألخ ،
كل هذه العوامل أدت الى هجرة موجة جديدة من الصحفيين الى خارج البلاد للنجاة بحياتهم و بحياة أُسرهم ، أو للبحث عن فرصة للرزق و العيش بأمان في بلدان المنافي و الشتات . أشار تقرير لمنظمة " مراسلون بلا حدود " الى عدد كبير من الصحفيين الذين يعيشون خارج البلاد بقوله: "يعيش هؤلاء الصحفيون في مأمن إثر نجاتهم من الجحيم العراقي لا سيما أن هذه الدولة تعد الأكثر دموية في العالم بالنسبة إلى المحترفين في القطاع الإعلامي ولكن الإبتعاد عن الوطن لا يعني نهاية مشاكلهم، فمعظم هؤلاء عاطلون عن العمل".وأضاف التقرير أن المحترفين يتعرضون في القطاع الإعلامي للإختطاف على يد جماعات تسيرها الأسباب السياسية أو جني الأرباح.وقد أحصت مراسلون بلا حدود 87 عملية إختطاف لصحفيين منذ بداية النزاع في العراق، وفي هذا السياق، لا يزال 15 إعلاميا محتجزين كرهائن في العراق. وأضافت المنظمة في تقريرها، أنه بالرغم من دعوة السلطات العراقية لإحترام حرية الصحافة " فإن التدابيرالأخيرة التي إتخذتها الحكومة تترجم عجزها " مذكرة بأن وزارة الداخلية إقترحت في شباط 2008 " منح الصحافيين تراخيص لحمل أسلحة "، وبحسب المنظمة ومقرها باريس، فقد قتل 210 صحافيين وعاملين في مجال الصحافة منذ اذار/مارس 2003 وخطف 87 آخرين. واذا كان المراسلون الأجانب أول المستهدفين في المرحلة الأولى من الحرب فقد بات الصحافيون العراقيون اليوم هم المستهدفون، وأن في هذه الظروف غالباً ما يختارالصحافيون العراقيون المنفى " حفاظاً على سلامتهم " ويقرر البعض " الرحيل بعد التعرض لمحاولة أغتيال أو خطف " في حين يرحل آخرون " بمجرد تلقي تهديدات " . وبحسب المنظمة فأن " هناك 200 صحافي وموظف في وسائل الاعلام العراقية في الأردن " في حين " يصعب الحصول على أرقام دقيقة " من سوريا. كما لجأ " عشرات " الصحافيين العراقيين الى أوروبا حيث ساعدت المنظمة حوالى ثلاثين صحافياً خصوصاً في فرنسا.
وتشير المنظمة الى أن الصحافيين العراقيين في المنفى غالبا ما يعيشون في ظروف صعبة وأن عدداً منهم أضطر الى التخلي عن مهنة الصحافة. وخلصت الى القول إن عودتهم الى العراق " غير واردة حاليا لأن المجموعات المسلحة لا تزال ناشطة في البلاد " .(3) و لعل حادثة إغتيال نقيب الصحفيين العراقيين " شهاب التميمي " آذار 2008 من قبل أفراد مجهولين ، تؤشر الى حد بعيد حجم الخطر الذي يتهدد الصحفيين في العراق اليوم ، مما دفع السلطات المحلية الى التفكير جدياً للبحث عن وسائل ناجعة لحماية الصحفيين .
فقد قامت وزارة الداخلية، أثر ذلك بفتح 43 ملفاً يتعلق بإستهداف الصحفيين وملاحقة الجماعات التي تستهدف عموم الاعلاميين العراقيين. و مما يشار له في هذا الصدد وعلى سبيل (الكوميديا السوداء) ، أن محافظ النجف " أسعد أبو كلل " قد قرر أنشاء (مقبرة خاصة) للصحفيين في مقبرة وادي السلام في النجف ، مما شكل صدمة كبيرة للصحفيين و الأعلاميين العراقيين ، حيث وصفوا هذا القرار بنذير شؤم لهم ، و أشار بعضهم الى أن بعض القوى السياسية في العراق الجديد تحاول دوما أشاعة ثقافة الموت حتى على سبيل الإحسان !!
و أعتبر البعض الآخر هذا القرار بمثابة " دعوة لموت الصحفيين " !!(4)
تشريعات جديدة للإعلام
يعتبر العراق واحدًا من أفضل دول الشرق الأوسط و الدول العربية في قوانينه الإعلامية التي أطلقت العنان للصحافيين في التعبير عن آرائهم وإنشاء مؤسساتهم الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية التي كفل الدستور العراقي حريتها في التعبير حيث نصت المادة 36 من الدستور العراقي لسنة 2005 ضمن الفصل الثاني تحت عنوان الحريات على ما يلي:
تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب:
أولا- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً- حرية الاجتماع والتظاهرالسلمي وتنظم بقانون. كما نصت المادة (45) من الدستور " لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءاً عليه، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية.
كما أقدم مجلس النواب العراقي في نيسان من العام 2008 على مناقشة تشريع قانون لحماية الصحفيين العراقيين- لم يصدر حتى اليوم- تأكيداً لأحكام الدستور الخاصة بحرية الصحافة .
ينص مشروع القانون الجديد على أن " أي إعتداء على الصحفي أثناء تأدية مهامه الصحفية بمثابة إعتداء على موظف حكومي أثناء تأديه واجباته الرسمية ويعاقب المعتدي بالعقوبة المقررة قانوناً على الموظف الحكومي ".
ويؤكد مشروع القانون على أنه لا يعتقل الصحفي أو يلقى القبض عليه بسبب عمله الصحفي إلا عن طريق القضاء وبعد إعلام نقابة الصحفيين العراقيين وحضور ممثلها في التحقيق ." و يتيح هذا القانون للصحفي حق الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الدوائر الحكومية والهيئات العامة لنقلها الى الجمهور ولايحق لتلك الجهات رفض طلبات الحصول على المعلومات إلا في حالة كان الإفصاح عنها سيلحق ضرراً كبيراً باحدى المصالح الوطنية بشكل أكبر من الضرر الحاصل في حالة عدم نشر تلك المعلومات وحجبها عن الجمهور ."
و أتاح مشروع القانون " للصحفي الحق في عدم الأفصاح عن مصادر معلوماته مالم يكن ذلك ضروياً لمنع وقوع جريمة أو كشف فاعليها على أن يصدر ذلك بقرار من المحكمة المختصة بالحادث ولايجوز إقامة الدعاوى للمطالبة بالتعويض بعد ثلاثة أشهر من تاريخ النشر ." و شدد مشروع القانون على أنه لايجوز مصادرة أدوات عمل الصحفي إلا بإذن من المحكمة ، وأن يكون ذلك ضروريا لمنع وقوع جريمة او التحقيق فيها . وتتكفل الدولة بإنشاء قوة فعالة لحماية الصحفيين ووسائل الاعلام والتحقيق في الجرائم التي تطالهم و على الأجهزة الأمنية إجراء تحقيقات فورية في حالة تعرض أي صحفي لأي نوع من التهديد أو الأذى وأن تبذل الجهود لمعاقبة الجناة ." و أجاز مشروع القانون للصحفيين أداء عملهم دون تدخل من قبل القوات الأمنية مالم يكن هناك مسوغ شرعي . كما أوجب على الدولة التكفل برعاية عوائل شهداء الصحافة بتخصيص راتب تقاعدي لهم . وتكفل أيضاً بتخصيص راتب للصحفيين الذين يتعرضون الى الإعاقة بسبب عملهم اذا كان العجز أكثر من خمسين بالمائة . و تكفل بالرعاية الصحية للصحفيين وتتكفل بعلاجهم على نفقتها داخل وخارج البلاد اذا كانت الإصابة أو الإعاقة بسبب العمل الصحفي . و يلزم مشروع القانون رؤساء المؤسسات الإعلامية المحلية والأجنبية العاملة في العراق إبرام عقود عمل مع الصحفيين العاملين بتلك المؤسسات وفق نموذج معد من قبل نقابة الصحفيين العراقيين يضمن حقوق المؤسسة والمنتسب فيها ويتم إيداع نسخة من العقد لدى النقابة .
و يؤكد على عدم جواز فصل الصحفي من عمله إلا بعد إخبار نقابة الصحفيين بمبررات الفصل فإذا إستنفذت النقابة مرحلة التوفيق بين الصحفي ومؤسسته تطبق الأحكام الواردة في قانون العمل عند إنتهاء تعاقده .
ويؤكد على حق الصحفي حضور المؤتمرات وكذلك الجلسات والإجتماعات العامة في سبيل تأدية عمله المهني. و يشيرالى أن الصحفيين لاسلطات عليهم في أداء عملهم غير القانون .
من الجدير بالذكر أن مشروع القانون الجديد عرّف الصحفي بأنه: الذي يعمل في الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية ومنتمي الى نقابة الصحفيين العراقيين، كما ألغى هذا المشروع قانون المطبوعات رقم 206 لسنة 1968 بكافة تعديلاته .(5)
و من الإنتقادات التي وجهت لمشروع القانون الجديد أنه عرّف الصحفي بالمنتمي لنقابة الصحفيين العراقيين فقط ، علماً أن هناك تنظيمات نقابية و مهنية عديدة تضم عدداً من الصحفيين غير (نقابة الصحفيين) والتي يتهمها منتقدوها بإن هناك تيار سياسي معين قد سيطر على هيكليتها و فعالياتها تبعاً لظروف البلاد المعروفة.
أكد "هادي جلو مرعي" نائب مدير مرصد الحريات الصحفية في العراق : " إن من صاغوا مشروع القانون يحملون عقليات تفكر بإسلوب النظام السابق، وإنهم لم يستوعبوا عمق التغييرالذي حدث في العراق منذ سنة 2003، حسب تعبيره. ووصف "مرعي" النقابات والإتحادات الصحافية بالقيد الذي يحد من حرية الصحافيين".
و تعالت دعوات في مجلس النواب و من قبل عدد من العاملين في ميدان الإعلام، الى إعادة النظر بمشروع القانون و إجراء التعديلات عليه لكي لا يتأطر بظروف المرحلة الآنية ، بل يسري على السنوات القادمة و يتطلع الى المستقبل.(6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)التقرير السنوى للجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين بالتعاون مع برنامج دعم الاعلام العراقي المستقل ( داعم ) عن انتهاكات حرية الصحافة والتعبير في العراق لعام 2007
(2)جريدة <a href="http://arabic.people.com.cn/31662/index.html">الشرق الأوسط</a>\ عن وكالة شينخوا\ 21\3\ 2008 \واقع الصحافة في العراق بعد 5 سنوات على الحرب.
(3)وكالة الصحافة الفرنسية (4)شبكة النبأ للمعلوماتية على النت
(5) المركزالاعلامي للبلاغ \ على النت في 29/04/2008م
(6)راديو سوا
* </div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-54169141573821280112009-09-13T14:26:00.000-07:002023-02-07T16:19:11.799-08:00المواقع الصحفية العراقية على شبكة الأنترنت *<div align="right">
<strong><span style="font-size: 180%;">أحمد الصالح</span></strong>
مع شيوع إستخدام شبكة الإنترنت عبر قارات العالم وعلى نطاق شعبي في أواسط التسعينات من القرن الماضي ، كان الإعلاميون و الصحفيون العراقيون الذين يعيشون في المنافي آنذاك سباقون لإقتحام هذا العالم الواسع الرحيب للتعبير عن قضاياهم و همومهم ، خاصة تلك التي تتعلق بمسألة الحكم و العدالة و الحرية و النشاط الثقافي و الفني في بلادهم التي كانت تحت حكم إستبدادي مطلق .
أما زملاؤهم في الداخل فكانوا يتحرقون شوقاً لإستخدام هذه التقنية بشكل حر وكفوء حيث حُرم عليهم ذلك بفعل الإجراءات القسرية التي كان يعمد اليها النظام مع حملة الأقلام الحرة .
و ما أن أُطيح بنظام صدام حتى سارع الأعلاميون العراقيون الى تأسيس مواقعهم الإلكترونية ، يشاركهم في هذه الفورة السياسيون القدامى و الجدد ، و كل من يرى في الإنترنت فرصة للشهرة و الإنتشار و الكسب ، خاصة و أن العراق الجديد تبنى الديمقراطية كمنهج لتداول الحكم ، و للإعلام كما هو معروف ، دوراً مهماً و حاسماً في تعزيز فرص الناشطين سياسياً في هذا المنهج .
إستنتاجات و بعد التعرف على تاريخ الصحافة العراقية منذ التأسيس و ما تلاها من حقب ، مع التركيز على النشاط الصحفي على شبكة الإنترنت خاصة بعد الإطاحة بنظام صدام و على مساحة خمس سنوات ، يمكن الخروج بالإستنتاجات التالية :
1- يعكس النشاط الصحفي والإعلامي عموماً ، حجم و نوع الحراك السياسي في أي مجتمع ، و يمكن إعتماده كمعيار لكشف إتجاهات الصراع و بيان حجم الكتل والتيارات الفاعلة في المشهد السياسي للمجتمع ، و كذا الحال في العراق ، فلطالما كانت الصحافة في هذه البلاد، وعبر تاريخها الطويل و المتفرد بين بلدان الشرق الأوسط ، تعبر تعبيراً صادقاً و دقيقاً عن مجمل العملية السياسية الجارية فيه خاصة بعد أن إنفتحت أجواء العمل الحر أمام الصحافة وعلى أوسع أبوابها بعد التاسع من نيسان 2003.
2- الأعداد المتزايدة للمواقع الصحفية الإلكترونية على الشبكة و إتجاهاتها و ميولها المختلفة و المتعارضة أحيانا ، قد تعبر عن حجم التشتت السياسي و الديني و المذهبي و القومي الذي يعيشه العراق في ظل ظروف الفوضى التي شهدتها البلاد بعد الإطاحة بنظام الحكم المركزي الذي كان قائما في عهد صدام حسين .
لكن هذا الإختلاف والتباين يعبر من جانب آخر عن التعدد الواسع النطاق في أصل مكونات الشعب العراقي و تنوع ثقافاته و التي كانت على مر التاريخ مصدر غنى لثقافة الشعب عموما بدلا ًمن أن تكون مصدر تفتت أو إحتراب خاصة عندما تتيسر ظروف إستقرارالأوضاع السياسية و قيام دولة قوية في البلاد .
على هذا الأساس يمكن أن تكون ( المواقع الصحفية الإلكترونية ) مؤشرا ممتازا للحراك السياسي و الإجتماعي و الثقافي في البلاد في هذه المرحلة .
3- يلاحظ أيضا تزايد المواقع الإلكترونية الصحفية الحزبية ، ولهذا عدة دلالات منها :
- نشطت أحزاب و حركات المعارضة لنظام صدام منذ وقت مبكر على شبكة الإنترت و إستخدمتها على نطاق واسع للترويج الى خطابها السياسي لرخص تكاليف هذه الوسيلة الإعلامية و لسعتها المتزايدة بإضطراد و لإمكانية الوصول الى الجمهور المستهدف من العراقيين خاصة في خارج العراق بسهولة و يسر رغم إنتشارهم الواسع في مختلف بلدان العالم .
- تمتعت أحزاب و حركات المعارضة لنظام صدام بوجود أعداد كبيرة من المثقفين و الإختصاصيين و الإعلاميين الذي غادروا العراق هرباً من الإجراءات القمعية للنظام السابق فعمدوا الى تكريس جهودم في مقارعته بالوسائل الإعلامية المتيسرة و خاصة شبكة الإنترنت لمزايها الأيجابية الكثيرة و لعل أبرزها أنها سهلة التمكن والأستخدام من قبل حتى الناشطين الأفراد .
- الدعم المادي الدولي الذي حظيت به بعض فصائل المعارضة للنظام السابق و خاصة من قبل الولايات المتحدة و دول أخرى .
- أما بعد الإطاحة بنظام صدام فقد تيسرت لجميع الناشطين العراقيين فرصة إستخدام شبكة الإنترنت لأغراض متعددة و لعل أبرزها النشاط الإعلامي والصحفي ، بما يعبر عن سعة الحراك السياسي و الإجتماعي و حجم الخزين الثقافي في العراق.
4- يلاحظ أن هناك زيادة واضحة في عدد المواقع الصحفية الكردية نسبة الى مواقع القوميات الأخرى المكونة للمجتمع العراقي ، و قد يعود سبب ذلك الى عدة عوامل :
- إن منطقة كردستان العراق شهدت إستقراراً سياسياً مبكراً و متنامي بإضطراد نسبة الى مناطق العراق فقد تمكنت أحزابها السياسية من مسك زمام الأمور فيها بعد إنتفاضة العام 1991 بعد أن تخلى الحكم المركزي في بغداد عنها بفعل الضغوط الدولية وعدم سيطرته على المنطقة و تغير الظروف السياسية في غير صالحه .
- الشعور القومي الكردي الطاغي على الحركة السياسية وعموم النشاط الإجتماعي لسكان المنطقة على خلفية عقود من الإضطهاد و الحروب التي تعرض لها الشعب الكردي من الحكومات المركزية المتعاقبة.
- تعرف سكان المنطقة على شبكة الإنترنت في وقت مبكر نسبة الى بقية سكان العراق الذين كان يُمنع عليهم إستخدام شبكة الإنترنت إلا بشكل محدود جداً و تحت رقابة مشددة .
- تتلقى عموم النشاطات الإعلامية و الإجتماعية و السياسية في المنطقة الكردية دعماً متزايداً من قبل جهات متعددة و على المستوى العالمي نصرة للقضية الكردية و بفعل المجهود الناجح الذي بذلته التنظيمات الكردية عبر أقطار العالم و لعقود من السنين.
5 - من جانب آخر يلاحظ زيادة في عدد المواقع السياسية الإسلامية الشيعية نسبة الى غيرها ، وهذا يعود الى :
- إدراك أبناء الطائفة الشيعية و لو في وقت متأخر أهمية النشاط الإعلامي في الترويج الى قضيتهم و للتعبير عن طموحاتهم و مصالحهم .
- مساحة الحرية الواسعة التي تمتع بها عموم الشعب العراقي بعد الإطاحة بنظام صدام و خاصة أبناء الطائفة الشيعية الذين تيسرت لهم لأول مرة فرصة المشاركة بالحكم على نطاق واسع و بشكل مركزي في العهد الجديد ، فجائت هذه المواقع كغيرها من وسائل الإعلام المتيسرة للتعريف بنشاطهم السياسي و الإجتماعي والثقافي .
- حصول الأحزاب و الحركات السياسية الشيعية على دعم غير محدود من الطائفة الشيعية عبر أقطار العالم المختلفة ، وإن كان بعضه يأتي بشكل غير مباشر، عبر دعم المرجعيات الدينية الشيعية مثلاً أو عبر التبرعات التي تحظى بها المراقد المقدسة المتعددة " لآل البيت " في العراق.
- إدراك قطاعات واسعة من أبناء الشيعة في العراق أهمية النشاط الإعلامي للترويج لقضاياهم و للتعبير عن نظرتهم في مختلف القضايا التي تعنيهم و تعني بلادهم .
6- إن الصراع السياسي و طموحات الأحزاب والحركات والناشطين السياسيين هو الطاغي على المواقع الصحفية الإلكترونية أكثر من غيره وان كان يلبس لبوساً طائفياً أو قومياً في أحيان أخرى .
7- قد تعبر بعض المواقع الصحفية عن ترويج طائفي و إتهامات متبادلة بين أطراف النزاع ، بيد أنه من الواضح ان النزاع الطائفي غير متأصل في طبيعة العراقيين بقدر ما هو حث أجنبي و نفوذ مدفوع من قبل دول الجوار تبعاً لأجندتها الوطنية و الأقليمية المختلفة والمتباينة ، فعلى سبيل المثال ، ما زال الصراع " الأيراني \ السعودي- العربي " يترك بصماته الواضحة على الأرض العراقية ليعبر عنه في وسائل الإعلام على أنه صراعا بين مكونات الشعب العراقي و ليس في هذا التعليل الكثير من الحقيقة .
8- لم تشر معظم المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية الى تاريخ تأسيسها و ظهورها على الشبكة ليتسنى متابعة مواقفها من مجريات الأحداث و القضايا رجوعاً الى الماضي و بشكل متسلسل.
9- تبقى مصادر تمويل المواقع الإلكترونية مجهولة أو خفية و يحرص القائمون عليها على التمويه على هذه المسألة مما يثير الكثير من الشك و يعيق المصداقية في الخطاب الإعلامي و السياسي لهذه المواقع والأجندة التي تسعى الى تحقيقها .
10 – هناك الكثير من الإرتجال في تأسيس بعض المواقع الإلكترونية الصحفية ، وقد يعود ذلك الى تحاشي دخول مؤسسات و شركات و منظمات أو وكالات محلية جادة هذا الميدان .. فقد يتم إنشاء المواقع الألكترونية بناء على رغبة شخصية و مزاج فردي لا يلبث أن ينطفئ مع مرور الزمن أو عدم الجدوى ، و هوأيضا مغامرات غير محسوبة و غير مهيء لها مهنياً بشكل جيد ... بالإضافة الى ضعف التمويل لهذا الأستثمار ، لحداثة عهد العراقيين بالصحافة الحرة ، و تخوف الرأسمال المحلي من إقتحام هذا الميدان لعدم خبرته به.
11- ما زال الصحفيون العراقيون يعانون من التهديد لحياتهم و مصادر رزقهم. فإذا كان النظام السابق هو مصدر التهديد لهم مما دفع العشرات منهم للهجرة خارج البلاد فان الوضع الأمني المرتبك وعبث الميليشيات و العصابات والأرهابيين و الأحزاب المتطرفة و المتعصبة هي مصدر التهديد الجديد لهم ، فضلاً عن ضعف أجهزة الدولة الأمنية غير القادرة على توفير الحماية للصحفيين و للمواطنين عموماً .
12- معظم المواقع الإكترونية الصحفية العراقية لم تستخدم التقنيات الحديثة في الإخراج الفني و العرض المشوق للمادة الصحفية ، و قد يعود ذلك الى ضعف التمويل المُستثمَر في إنشاء المواقع ، و لقلة خبرة و دراية القائمين على إنشائها و أدارتها بأهمية الأخراج الفني للمواقع الصحفية ، فضلاً عن حداثة العهد بالنسبة لعراقيي الداخل بالعمل الصحفي الحر و النشر الإلكتروني على وجه الخصوص .
13- غياب الأخبار المبدعة و الأصيلة عن معظم المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية ، و يعود ذلك الى: - إعتمادها على مواقع وكالات الأنباء والأذاعات و الفضائيات و الصحف أستسهالاً . - الوضع الأمني غير المستتب و التهديد المستمر و المتصاعد لحياة المراسلين الصحفيين العاملين في ميدان الأحداث ، مما أعاق عمل الكثير منهم و أدى بذلك الى شحة الأخبار الأصيلة و المبدعة و المنتجة في مكان الحدث .
- عدم وجود تشريعات و إجراءات رسمية رادعة تمنع المواقع الإلكترونية من سرقة جهود الغير في النشر الصحفي .
- ضعف الإمكانات و القدرات لبعض القائمين على إدارة المواقع الإلكترونية ، و إبتعاد البعض عنهم عن شروط العمل الصحفي و أخلاقيات المهنة .
14- إقتحمت شبكة الإنترنت " الخشية و التوجس " التاريخي للشخصية العراقية و المحرمات التي كان إختراقها الى وقت قريب مؤداه الإعدام في كثير من الأحيان تحت سلطة النظام الدكتاتوري السابق .
فجأة وجد العراقي نفسه أمام العالم الواسع الملون الرحيب عبر نافذة الإنترنت ليطل من خلالها وقت ما يشاء و في أي مكان يشاء حتى لوكان مستلقياً على فراش النوم .
إن تزايد سعة الإستخدام لشبكة الإنترنت في العراق مع مرور الوقت أتاح للعراقيين فرصة ممتازة لمتابعة الأحداث و القضايا التي تحظى بإهتمامهم ، والتعرف على وجهات النظر المتباينة ، مما سوف ييسر رؤية ناضجة للأشياء ستكون هي الفيصل في إختياراتهم السياسية والحياتية في المستقبل ، خاصة وهم يعيشون حياة ديمقراطية نامية .
و لم يكن الإستخدام الحر لشبكة الإنترنت يحمل طابعا إيجابيا فقط ، إنما كانت له تأثيرات سلبية لابد منها في ظل أوضاع سياسية و أمنية قلقة ، خاصة بعد إستخدام الإرهابيين و المتطرفين الواسع و الفعال للشبكة في الترويج و التثقيف لأفكارهم الشاذة و نشر عملياتهم و بياناتهم الأرهابية و ثقافة الكراهية و التطرف التي تبنوها، فكانت الشبكة عبر وسائطها المتعددة مرتعاً مفضلاً لهذه المنظمات ، تبعا لخاصية الهروب و التخفي عن أنظار العدالة، تلك الميزة التي تيسرها الشبكة للمستفيدين من هذه التقنية .
15- يسرت شبكة الإنترنت فرص كبيرة لهواة الكتابة و غيرالمحترفين من الصحفيين لنشر نتاجاتهم الصحفية في المواقع الإلكترونية المنتشرة بأعداد لا تحصى ، كما أن قسم منهم فضل إقامة موقعه الشخصي لعرض آراءه و نتاجاته الأدبية الخاصة .
أخيرا يسّر ( البلوغ \ المدونة) فرصة ممتازة للناشطين في ميدان الكتابة الصحفية ، حتى كان لأحد العراقيين قصب السبق في شهرة ( البلوغ ) عالمياً من خلال روايته لمعايشاته اليومية في بغداد أبان الإطاحة بنظام صدام ، مما دعى كبريات الصحف العالمية الى التعاقد معه و نشر قصصه الصحفية .
أصبح ( البلوغ \ المدونة ) اليوم ممارسة شهيرة لدى العراقيين لنشر قصصهم الصحفية و باللغتين العربية والإنكليزية مما جعل القراء يهتمون بهذه القصص على نطاق عالمي .
16- يسّرت المواقع الإلكترونية التفاعلية و مع تحسن إستخدامات شبكة الإنترنت مع مرور الزمن فرصاً كبيرة للعراقيين للتواصل و التحاور في شتى المواضيع مما سيتم حصاده في المستقبل وعيا ًو إدراكاً لأهمية الحياة الديمقراطية و تبادل الرأي في حياتهم الجديدة و نبذ العنف و القسر الذي إعتادوا عليه عقود من الزمن تحت حكم الدكتاتورية .
17- منذ اليوم الأول لإسقاط النظام السابق ، ظهرت على الساحة الإعلامية في العراق ثلاثة أنواع من الصحف يمكن تصنيفها حسب جههات إصدارها ، وهي: صحف السلطة الجديدة ، و صحف الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني ، و الصحف المستقلة .
تبنت صحف السلطة في البداية الخطاب السياسي للولايات المتحدة الراعية للعملية السياسية في العراق ، ثم مع تأسيس السلطات العراقية و تعاقب مراحل العملية السياسية الوطنية، تحول خطاب هذه الصحف ليعبر عن سياسة الدولة الجديدة و توجهاتها الديمقراطية ، و رغم الضبابية و المصاعب الكبيرة التي إعترضت عمل هذه الصحف و وسائل الإعلام من حيث كفاءة العاملين فيها أو من حيث الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها مقراتها و العاملين فيها ، أو من حيث تيسر الأمكانيات المادية ، فقد حاولت مع مرور الزمن أن تنتهج لها خطاً يسعى لأن يكون مهنياً محترفاً و بعيد الى حد مقبول، عن الصراعات السياسية و الحزبية و تبعاتها .
18- صورة الفوضى التي عاشتها البلاد طيلة الخمس سنوات السابقة منذ إسقاط نظام صدام تكشف عن جزء من الأجابة على السؤال أعلاه ..
فلعل الكثير من الوسائل و الصحف التي تثير الفوضى و تشجع على إعاقة العملية السياسية الجارية في البلاد تتلقى تمويلاً من جهات داخلية أو خارجية خفية و غير شرعية ، لا يسرها إقامة العراق الجديد و لأسباب سياسية باتت معروفة . كما أن هناك من الأثرياء الذين سعوا الى إقتحام مجال الإعلام ليس لغرض الأستثمار المشروع ، إنما بقصد الوجاهة والترويج الإعلاني لأغراض سياسية و منفعية خاصة .
أسهم هؤلاء للأسف في إعطاء صورة غير حسنة عن الممارسة الإعلامية في البلاد بسبب ضعف قدراتهم و عدم درايتهم بإصول العمل الإعلامي و مقاصده الشريفة .
19- تثار تساؤلات كثيرة عن شرعية التمويل الحزبي للصحف و وسائل الإعلام الناطقه بإسمائها ، كما تثار نفس التسؤلات بخصوص شرعية تمويل بعض الصحف المستقلة .
ففي الوقت الذي تعاني منه جميع الصحف و وسائل الإعلام العراقية من ضعف التمويل المتأتي من الإعلانات التجارية أو مبيعات الصحف ، يبقى السؤال العالق ..
أذن كيف تستطيع هذه الوسائل و الصحف من الإستمرار في الصدور و العمل في حين توقفت أخرى بسبب إنعدام مصادر التمويل ؟؟!!
20- إتجاهات التحرير الصحفي في المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية تنوعت و تعددت ، حسب الفنون الصحفية المعروفة ، فهناك صحف الرأي، و صحف الخبر ، و الصحف التي تستقي مادتها من الإنترنت بالإعتماد على المواقع و الصحف الأخرى ، كما أن هناك مواقع و صحف تجمع كل الفنون الصحفية بما فيها الفديو كليب و الإذاعة .
وهناك مواقع أهتمت بعرض وقائع الماضي و الذكريات عبر نشرها للوثائق و الشهادات عن حقبة العهد السابق و الذي قبله ، فالمتصفح ما زال مهتماً بهذا الموروث و متابعة مادته.
و هناك أيضا إتجاهات أخرى للتحرير الصحفي لهذه المواقع ، فهناك صحف و مواقع هزلية ، و أخرى شبابية ، و أخرى إختصت بالفضائح السياسية و غيرها .
لكن الملاحظ أن الفورة الأولى لظهور أعداد كبيرة من الصحف في البداية لم تستمر طويلا ، فمع مرور الزمن بدأت الكثير من الصحف تتوقف عن الصدور أو مواقع إلكترونية تتوقف عن التحديث.
و من حيث التوجه أيضا فقد أهتمت بعض الصحف والمواقع بالمسائل المطلبية للشعب والتي ما زالت الشاغل الأكبر- بعد الأمن - للناس و للصحافة، لعدم وجود أفق قريب لحل هذه المشكلات الموروثة من النظام السابق و التي إزدادت كثيراً بفعل العمليات الإرهابية و الفساد الأداري المستشري في الدولة الجديدة .
في حين راحت صحف و مواقع أخرى و هي كثيرة أيضا تهتم بجدل الهويات القومية و الطائفية و الجهوية و عرض المظلوميات على خلفية مجريات الأمور في ظل نظام صدام السابق .
و بالتأكيد كان للبعض المتطر ف من وسائل الأعلام و الصحف هذه دوراً مثيراً في الصراع المسلح المؤسف بين بعض المكونات الشعبية العراقية خلال السنين الماضية .
21- كشفت الدراسة عن العدد المريع للصحفيين و الإعلاميين الذي تعرضوا للإغتيال و للعمليات الأرهابية و للإختطاف و للإصابة خلال العمل و للإعتقال ، و ما الى ذلك من مخاطر .
ففي كل عام تكشف منظمات معنية بحقوق الصحفيين عن الخطرالأكبرالذي يحيق بالصحفيين العاملين في العراق بما لايوجد له مثيلا في بلدان أخرى أو في مواقع نزاع سابقة.
و رغم ذلك تدل هذه الأرقام و الحوادث على أصرار الصحفي العراقي على المواصلة و الإستمرار في أداء مهماته ساعياً الى تطويرها قُدما ، و هذا يُعد مفخرة للعاملين في هذا القطاع و سيحصدون نتائجه الحسنة على المستوى العالمي في المستقبل القريب .
22- من جانب آخر أضحى الصحفيون و العاملون في حقل الأعلام عموما هدفاً سهلاً و محدداً لما يمكن تسميته بالطغيان الطائفي و العرقي المتطرف و قوى التخلف و الجهل التي وجدت لها مساحة واسعة من الحركة في ظل غياب هيبة الدولة و القانون ، فراح عشرات الصحفيين و الإعلاميين ضحية لإصرارهم على الإستمرار في عملهم ، مثلما تعرض زملاؤهم من أجيال سابقة لعنت و ظلم سلطات النظام السابق ، فإضطر عدد غير قليل للهجرة بينما تنحى بعضهم عن مهنة المتاعب و الموت السهل في حين إستمر البعض الآخر باصرار على تأدية واجبه المهني .
إن مساحة الحريات المطلقة التي يسّرتها الحياة السياسية في العراق الجديد مهدت لظهور بعض الإعلاميين و الصحفيين ذوي الميول العرقية و الطائفية عملوا على تكريس مصطلحات و مسميات طغت على الخيارات الوطنية ، في حين تخلى العلمانيون و اللبراليون، وغيرهم عن الإعلان عن ميولهم السياسية أو برامجهم الوطنية خشية إتهامهم ( بالكفر والإلحاد ) و ما يتبع هذا الإتهام من عواقب وخيمة .
التوصيات
في ظل هذا التنافس الشديد و حجم الإستثمار المتزايد و المتنوع في حقل الإعلام على مستوى الوسيلة و التوجه و المضمون ، تصبح مسألة النجاح و التفوق أمرا لابد منه للإستمرار و فيما عدا ذلك فلا بد من التخلي عن ولوج هذا العالم الصعب و التنحي جانبا لإتاحة الفرصة الى من يجيد شروط لعبة النجاح .
إن النجاح الأعلامي في عصر العولمة لا يقاس بالقيمة الثقافية و المعرفية و المنفعة الإجتماعية المضافة فقط إنما يقاس بالعائد التجاري قبل كل شيء .
فأما أن تستمر في العمل و الإنجاز بتوفر التمويل الكاف أو أنك تخسر كل شيء دفعة واحدة ، و ما من أحد يتبرع لتعويض خسارتك بدون مقابل .
مازالت معظم الوسائل الإعلامية تعتمد الى حد كبير على الإعلان كمصدر أساس للتمويل و التشغيل والذي يضمن للوسيلة مستوى كبير من الأستقلالية و إعتماد المعايير المهنية الصحيحة بعيداً عن نفوذ غير مرغوب به أو مضر بأخلاقيات المهنة و أصولها .
و رغم الإنفتاح الواسع في العمل الإعلامي و الإعلاني في العراق بعد الإطاحة بالنظام الدكتاتوري السابق ، فإن معظم الصحف و وسائل الأعلام العراقية الأخرى ما زالت تعاني من شحة التمويل عن طريق الإعلانات ، و هذا مرتبط بعدة عوامل ، لعل أبرزها ضعف الحركة الأقتصادية في البلاد بسبب الظروف الأمنية القلقة ، و لجهل المستثمر العراقي بالقيمة الترويجية التسويقية للإعلان ، و لحداثة العراقيين بهذه الوسيلة حيث كان الإعلان التجاري ممنوعاً أو محدوداً بشروط قاسية الى وقت قريب قبل سقوط النظام السابق على خلفية فلسفة النظام في الحكم .
الإعلانات الوحيدة التي يمكن إعتبارها مصدر تمويل جيد للصحف هي الإعلانات الحكومية ، التي إستحوذت على معظمها " شبكة الإعلام العراقي " التابعة للدولة و عبر وسائلها الإعلامية التلفزيونية و الإذاعية و الصحفية المتعددة ، مما دعا الصحف و وسائل الإعلام العراقية الأخرى الى الشكوى من هذا الأستحواذ و مطالبة الدولة و في أعلى مستوياتها لاتخاذ إجراءات عادلة في نشر الإعلانات الحكومية .
إن انحسار الإعلان التجاري عن الصحف الورقية إنسحب أيضا على المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية مما أفقدها مصدراً مهما للتمويل المستقل .
إن ضعف التمويل المستقل لوسائل الإعلام العراقية أو إنعدامه كلياً ، حتماً يثير تساؤلا مشروعا ً عن مصادر تمويل هذه الوسائل و الصحف ، و ماهية إستحقاقاته ؟!
و تبعاً لذلك يصبح من الطبيعي التساؤل عن الأخلاقية والإستقلالية و المهنية التي تعد شروط مهمة لتنمية و تطوير حقل النشاط الإعلامي العراقي بشكل مستقل ، والذي يعد العلامة الأبرز و الأهم في الحياة الديمقراطية في العراق الجديد .
إن مسالة السوق الإعلامية و التنشيط الإعلامي في العراق بحاجة الى معرفة دقيقة بأساليب الترويج و التسويق الإعلامي لشعوب العالم من حيث إستخدام النهج والإسلوب المناسب لمخاطبة شعوب تؤمن بالديمقراطية و تمارسها . إن أقامة صناعة إعلامية وطنية متطورة في العراق سيمكن من تحقيق عوائد مالية كبيرة للبلاد ، حيث ستسهم بالتالي في تعزيز الديمقراطية و تنشيط العمل الإعلامي ذاته ، فضلاً عن الرخاء الذي سيتمتع به العاملين في هذا القطاع .
و تاسيسا ً على ذلك كله لابد من هذه التوصيات :
1- العراق منذ عقود من السنين و هو مركز إستقطاب عالمي و محل إهتمام سكان العالم في كل مكان و كان من المفترض أن تنشط فيه حركة الإعلام المحلي و الدولي .
ومن الحيف أن لا يلتفت الإعلاميون العراقيون و الجهات المعنية بالتنشيط الإعلامي ، للإستفادة من السوق الدولية النشيطة في هذا الحقل .
2- من المهم جداً سن تشريعات تتعامل مع ظاهرة التمويل الخفي و غير المنظور لوسائل الإعلام العراقية ، و تحديد مصادره ، خاصة تلك الوسائل التي تروج للإرهاب و تهدد السلم الإجتماعي ، و تدعو الى ثقافة الكراهية و التمييز بين أفراد الشعب العراقي .
3- تطوير شبكة الإنترنت و تعزيز بنيتها التحتية و التقنية ، و فسح المجال للقطاع الخاص و تحت تشريعات محددة لولوج هذا الميدان و الأستثمار الفعال في جميع أصعدته إنسجاما مع التوجه الديمقراطي للبلاد .
4- مساهمة الدولة و تشجيع القطاع الخاص عبر تشريعات معينة على الولوج و الأستثمار بفعالية في عالم البرمجيات و تقنياتها و صناعة أجهزة الكومبيوتر ، و السعي الى تيسيرها بأسعار متهاودة في الأسواق ، خاصة و أن المواد الأولية و الطاقات البشرية و الأموال متوفرة في العراق للبدء في إنشاء و تطوير هذه الصناعة .
5- إلزام نقابة الصحفيين و الجهات المعنية بالنشر و الإعلام في البلا د، بتبني تشريعات يتم بموجبها أعداد كشوف و بيانات بوسائل الأعلام المختلفة جميعها ، و التعريف بالقائمين عليها و المشرفين على أدارتها من حيث الآهلية و الإنتساب للعمل الصحفي من عدمه ، لغرض تعريف المتلقي و القارئ و حماية ذوي المهنة من المتطفلين عليها .
6- إعادة النظر بتشريعات الوسائل الإعلامية الممولة من قبل الدولة و المال العام حالياً ، خاصة فيما يتعلق بممتلكاتها و جدارة منتسبيها و كفائتهم و طبيعة توجهاتهم ، خاصة وأن ناشطي النظام السابق إستطاعوا أن ينظمّوا صفوفهم و يعودون الى الساحة الإعلامية بقوة للتبشير بعودة الدكتاتورية و النظام الشمولي مرة أخرى وفق أية تسمية كانت ... أو أي صبغة شمولية أخرى .
على المشّرع العراقي أن يولي إهتماما خاصا لمتابعة المال العام المصروف على وسائل إعلام الدولة ، و تبيان مجالات صرفه و جدواه ، و بيان ذلك الى الشعب .
إن إعتماد الكفاءات الإعلامية العراقية المشهود لها بالتاريخ المهني المحترف و النزاهة و الجدارة أمر لا يمكن التغاضي عنه في تعيين و إدارة وسائل الإعلام العائدة للدولة ، و لا يتأتى ذلك إلا بنبذ المحسوبية و الولاء الحزبي و إقصاء التحاصص الطائفي عن هذا القطاع ، و ما عدا ذلك فمن الأجدر بالدولة أن تتخلى عن دعم ( إعلام رسمي ) و عليها أن تتبنى مفهوم الإعلام الحر الممول من قبل القطاع الخاص ، لتدرء عن نفسها تهمة الفساد في المال العام .
7- تفعيل قانون مكافحة الترويج للإرهاب و ما يهدد السلم الأجتماعي و عدم التساهل مع أية وسيلة أعلامية و صحيفة تتبنى هذا الخطاب الخطير و أن تغلف بدعوات تبدو للظاهر دعوات سياسية مشروعة ، فعلى القضاء و الجهات المعنية بالترويج الإعلامي أن تولي هذا الأمر أهمية خاصة في ظل الظروف القلقة و الصعبة التي يعيشها العراق اليوم ، كما يجب إعتماد العدل في المراقبة و المحاسبة ، و نبذ سياسة الكيد و الكيل بمكيالين .
8- ضرورة الإهتمام بكليات و معاهد الإعلام في البلاد والبحث عن مصادر تمويل أخرى لتطويرها و تحسين أداءها التعليمي بما يتناسب مع حجم الثورة التقنية و الإعلامية الكبرى التي يعيشها العالم في عصر العولمة ، يأتي ذلك من خلال مفاتحة و تعزيز العلاقات مع وسائل الإعلام الدولية التي لها الريادة في إعانة الإعلام النامي و مساعدته على النهوض .
إن تجربة وكالة رويترز بالتعاون مع مظمة اليونسكو في تأسيس وكالة ( أ صوات العراق ) ينبغي الأخذ بها و تعميمها من قبل المعنيين بوسائل الإعلام في عموم العراق .
9- لا بد من إتباع شروط مهنية- يجب أن تكون شروط غير سياسية - صارمة في منح الهوية الصحفية في نقابة الصحفيين ، كما يجب إتباع نفس الشروط المهنية الصارمة بمنح رخص العمل لوسائل الإعلام من قبل الجهات المعنية بمنح الرخص، لغرض حماية مهنة العمل الصحفي من المتطفلين و ذوي الأغراض الخاصة التي لا تنسجم مع أصول هذا النشاط .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* </div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-14155132630995927482009-08-25T19:50:00.000-07:002009-08-25T19:57:48.475-07:00الإنتخابات على الأبواب ماذا جنى العراقيون من الأحزاب و العمل الحزبي ؟!<span style="font-size:180%;">أحمد الصالح<br /><br /></span><br /><br /><span style="font-size:130%;">العراقيون جميعا قد اكتووا بنار الصراعات الحزبية منذ عقود، بل منذ تأسيس دولة العراق الحديث مطلع عشرينات القرن الماضي و ختامها كان طغيان البعث في آخر المطاف و تحكمه بمصائرهم ، و رغم ذلك،<br />مازال العراقيون بعيدون عن أدراك حقيقة مجريات الأحداث و تداعياتها ، حيث أن الغاطس من الحقائق و المسكوت عنه في العمل السياسي و الحزبي في العراق كما هو معلوم أكثر بكثير مما هو معلن للناس، خاصة و أن العراقيين قد عاشوا تحت حكم استبدادي لسنين طويلة إحتكر المعلومة و الحقيقة و حرم الناس منها حتى جاء اليوم الذي عمد الكثيرون من خصومه للأسف الى توسل نفس أساليب ذلك النظام في محاولة إخفاء المعلومات و الحقائق عن الناس أو محاولة تظليلهم ، وقد يعمدون حتى الى إرهاب من يسعى لأن يبحث عن حقيقة تلك الأحداث .<br /><br />إن من العدل القول- و نحن نعيش عصر التداول الحر للمعلومات : إن ما يهمني و يؤثر في حياتي ، يهمني جدا ً أن أتـعرف عليه و أدركه، و ما من قوة على الأرض ستخفي الحقيقة عن طالبيها. و ما دامت الأرض تدور ليس مهما أن تعترف الكنيسة مؤخرا مثلا بخطئها الجسيم الذي أرتكبته بحق غاليلو غاليليه القائل بدوران الأرض قبل اعتراف الكنيسة بخمسة قرون .<br />فهل نحن بحاجة الى خمسة قرون أخرى يا ترى لنلمس أعترافا من الأحزاب العراقية بمجموعها بحقيقة مجريات الأحداث و حقيقة الصراعات الدموية و الخصومات التي جرت فيما بينها و هي تسعى ، كل حزب من جانبه الى نيل السلطة و التحكم بمصائر العراقيين ، و النتيجة حصيلة كارثية شهدها العراقيون جميعا بفعل تلك الصراعات و الخصومات. ؟؟!!<br /><br />ألسنا بحاجة مثلا الى إجابة عن جملة أسئلة ما زالت تدور في أذهان العراقيين عن كل أنهار الدم التي جرت على أرض العراق و عن مئات الآلاف من الأرواح التي زهقت ومثلها من الأيتام و الأرامل و المعوقين جسديا ً و بدنيا ً ؟؟<br />أليس من العدل السؤال من المسؤول عن ذلك كله ؟؟<br />هل سنكتفي بالأجابات السهلة ، إن حزب البعث و أمريكا التي جاءت به على قطارها في العام 1963 كما هو شائع على نطاق واسع! هما المسؤولان الوحيد عن حمامات الدم ( مع الأخذ بالقطع إن البعث هو المسؤول الأول)..<br /><br />لكن ماذا عن الآخرين ؟؟؟<br /><br />هل كانت الأحزاب العراقية الأخرى عدا ( البعث) أحزاب ملائكية مثلا ً؟؟!! أو أنها أحزاب معصومة من الخطأ ؟؟<br />هل كانت خصومات تلك الأحزاب بمجموعها خصومات مبررة على أساس المصلحة الوطنية و على أساس مصلحة الشعب ، أم انها كانت مبررة فقط في السعي من أجل الأستحواذ على السلطة ؟؟!!<br />و هل كانت تحالفات تلك الأحزاب بمجموعها في هذه المرحلة أو تلك ، ثم فك ذلك التحالف و العودة اليه مرة أخرى حقا ً في صالح العراقيين و ينسجم مع شعارات تلك الأحزاب الطنانة في السعي من أجل حياة كريمة و آمنة لهم ؟؟؟<br /><br />رغم الكثير من الأجوبة التي قد جنيت من هذا المصدر أو ذاك فهناك على الدوام أسئلة أخرى جديدة تتوالد الواحدة من الأخرى على طريق البحث المضني عن الحقيقة. و الغريب و المثير للأنتباه حقا ، أن رغم كل تلك الأسئلة الساخنة التي يلقي بها الباحثون عن الحقيقة أمام أبواب الأحزاب العراقية ، لم يعمد أي حزب من تلك الأحزاب للرد و التوضيح بشكل رسمي أو حتى عبر بعض منتسبيها المهتمين في الدفاع عن أحزابهم عقائديا ً و تاريخيا ً،و أن جاءت بعض الردود من البعض فهولاء لم يعلنوا صراحة أنهم ينتمون لتلك الأحزاب او أنهم يمثلونها !!<br />ترى ما السر في ذلك ؟؟؟<br />ألا يدل صمت الأحزاب عن كشف المستور عن حياتهم الحزبية الداخلية تلك التي أدّت الى إرتكاب جرائم بشعة بحق ضحايا العمل السياسي في العراق طيلة تلك العقود ، أنها فعلا ًتخفي الكثير من الحقائق عن الناس و تخشى كشفها خاصة و هي اليوم في ساحة العمل المعلن، و ما قد تثيره تلك الحقائق من إصطفافات جديدة قد لا تكون في مصلحة الأحزاب العراقية و العمل الحزبي برمته !!.<br />فالعراقي اليوم و بعد أن توفرت له فرصة تاريخية بمعونة دولية لأن يختار نخبه السياسية عبر صناديق الأقتراع الحر و المباشر سيعمد الى الحقيقة في آخر المطاف مهما حاول الأنتهازيون و النفعيون خداعه و تظليله، و سيكون للحقيقة أثر كبير في اختياراته المستقبلية . و سوف لن يجدي التكتم الحزبي و العصاب الحزبي و القبلية الحزبية والتقديس الحزبي لكسب ولاء العراقيين كما كان الأمر فيما مضى ، حيث تقاذفت الأحزاب و قياداتها على وجه الخصوص بالعراقيين و بمصائرهم عبر سنين من الصراعات فيما بينها ، يوم لم يكن للعراقي فيها لا ناقة و لا جمل، و ظل هاجس الأعم الأغلب من العراقيين هو دفع البلاء الحزبي ، و كل على طريقته في البحث عن سبل النجاة .<br />و هاهم الملايين من العراقيين في الداخل و الخارج مازالوا الى هذا اليوم يتوسلون نجاتهم حتى لو كانت على حساب خسارة الوطن .<br />وطن كان و مازال أشبه بالكنز الذي سقط بيد مجموعة من المتحزبين العصابيين يتقاذفونه على هواهم و يمزقونه بفعل خصوماتهم التي بدأت و لم تنتهي .<br />خصومات لم يكن للعراقيين فيها من حصة سوى مزيدا ًمن الدماء و مزيدا ًمن الغربة و مزيدا ًمن النفي و التهجير !!<br />ترى هل ستكون الأنتخابات القادمة فرصة سانحة للعراقي للأختيار الحر و الموضوعي بعيدا ًعن التعصب و التقديس الحزبي التقليدي الذي جلب له الويلات اثر الويلات..<br />العراقيون اليوم .. مواطنون أحرار و معافون و بحاجة لرؤية سياسية جديدة غير تقليدية تأخذ بيدهم لحل مشكلاتهم على مختلف الأصعدة .. تلك المشاكل التي لم تقدر الأحزاب التقليدية على حلها طيلة عقود من السنين، إن لم تسهم فعلا ًفي ًختلاقها و تعقيدها ..<br />العراقيون ينشدون اليوم وطنا ًمعافى لأبنائهم ، لا حلبة لصراع الثيران !! .<br />ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</span>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-27410773905529192532008-12-28T19:18:00.000-08:002008-12-28T19:54:17.136-08:00مسرحية ورقة التوت<div align="right"><span style="font-size:130%;"><span style="font-size:180%;"><strong><span style="color:#663366;"><span style="color:#993399;">ورقة التوت</span><br /></span><br /><br /></strong></span><span style="color:#993399;"><strong>مسرحية في فصل واحد<br /><br />تأليف<br /><br /></strong><strong><span style="color:#663366;"><span style="font-size:180%;">أحمد الصالح</span><br /></span><br />حزيران 1987<br />بغداد<br /><br />المسرحية الفائزة بجائزة ( أفضل نص مسرحي ) في مهرجان منتدى المسرح السابع \ بغداد 1991<br /><br /><br /></strong></span><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><strong><em>الشخصيات<br /><br /><br />د. وائل \أستاذ جامعي في الخامسة و الثلاثين<br /><br />وداد \ طالبة جامعية في الثانية و العشرين<br /></em></strong></span><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />" <span style="font-size:130%;">يملك النص الكثير من صنعة المسرحية، فكرة و حواراً ذكيا ًومفارقة و حبكة و نماذج ينهض الحوار المحتدم ببنائها من الداخل، بناء فيه الكثير من المتعة الحسية الذهنية التي يسعى الى تحقيقها المسرح بعامة ، ثم في النص تعرية لوجوه الزيف و الخديعة و الكذب ، تمنح النص قيمة أخلاقية ، تعليمية مطلوبة " .<br /><br />محمد مبارك<br />بغداد \ 1991<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />" ان أحمد الصالح قد أدرك جيدا ً أهمية الصنعة المسرحية في " ورقة التوت " حيث أنشأ مبنى من التساؤلات تتمحور حول الفكرة الأساسية للمسرحية " الخطيئة " فقد أستطاع التعرض لها بجرأة عبر بنية منطقية يقظة ..<br />فورقة التوت كدالة قابلة للـتأويل اعتمدها المؤلف كرمز أساس منطلقا ً من كونها ستار الخطيئة منذ الرجل الأول والمرأة الأولى حيث سرعان ما يتحول هذا الرمز الى عامل مساعد في الفرشة الدرامية ..<br />انها لعبة شيطانية حقا ً أدخلنا اليها المؤلف، مثيراً فينا تساؤلا ً كبيرا ًفي ماهية أبعاد هذه الخطيئة ، و هل هناك حدود للخطيئة ؟<br />لقد حاول الصالح أن يضع سؤالا مستترا ً أستتار الخطيئة ذاتها ، وهو، هل هناك ما يبررالخطيئة؟<br />ان الولوج الى العوالم السرية يشير الى ان في داخل كل منا انسان وشيطان، وأن كل منهما يجد مبرارته في العوالم السرية للأنسان مهما كان ".<br /><br />يوسف رشيد<br />بغداد \ 1991<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />( منذ اللحظة الأولى لدخول أول متفرج ، نرى د. وائل في الصالة بوصفه أحد رجال التشريفات .<br /><br />فهو يستقبل الجمهور و يقودهم الى مقاعدهم، يرحب بهم و يستجيب الى أستفساراتهم دون أية غرابة<br /><br />في الموضوع ، فهو منهم و ليس من فاصل يفصله عنهم .<br /><br />الستارة مرفوعة عن صالون بيت يشي بالرفاه و النعمة، توزعت قطع الأثاث على نحو ينم عن ذوق<br /><br />عصري فهناك عدة لوحات على الجدران و في أحد الجوانب مكتبه مليئة بالكتب و التحف ..<br /><br />انه بيت د . وائل الأستاذ الجامعي.<br />و عند أكتمال دخول المتفرجين الى صالة العرض ، ينسحب رجال التشريفات ، عدا وائل )<br /><br /><br /><br />وائل :أهلا أهلا بكم آنساتي سيداتي سادتي ..<br /><br />أهلا و مرحبا بكم في بيتي المتواضع هذا ، الذي هو بيتكم ، أشكركم من صميم قلبي لأنكم<br />كلفتم أنفسكم مشقة القدوم من بيوتكم .. من أحياء المدينة .. و من ضواحيها البعيدة .. لتضيفوا<br />عندي الليلة في بيتي ..<br /><br />لا لتشربوا الشاي أو القهوة بالطبع ، فأنكم لا تهتمون بهذه السفاسف و لا ينطلي عليكم هذا<br />النفاق الأجتماعي ، أنما جئتم لتشاهدوا حكايتي ، و أنا فرح بهذا ، صدقوني .. لست ممن<br />يخفون الحقائق حتى لو كانت تلك الحقائق أسرار بيوت ، قد يحرص البعض على أخفائها و<br />كتمانها خشية أن يعرف بها الآخرون، فتسجل نقاط ضعف ضده ، لأنها أسرار !!<br /><br />أما أنا.. فلا .. لست حريصا على أخفاء أي شيء .. لقد عودت نفسي على العمل بوضوح و<br />تحت الضوء .. و ..<br /><br />( يرن جرس الهاتف )<br /><br />و ربما يخالفني أحدكم الرأي فيما أعتقد .. فله رأيه .. و لي رأييي ..<br /><br />( يستمر جرس الهاتف بالرنين )<br /><br />عذراً أصدقائي .. أعتقد أن من الواجب أن أجيب على الهاتف ..<br /><br />( و بعد أن يرفع سماعة الهاتف )<br /><br />دكتور وائل.. أهلا ..أهلا ..أهلا سرى ، يعني بعض المشاغل ، لا شيء مهم ..الحمد لله بخير<br />أشكرك .. آسف جداً يا سرى .. لأني مرتبط بموعد مهم و سأخرج بعد قليل .. صدقيني كنت<br />على وشك أن أخرج عندما رن جرس الهاتف ..<br /><br />في وقت لاحق .. أنا سأتصل بك .. شكراً سرى ...<br /><br />على ماذا ؟!<br /><br />لأنك أتصلت بي يا سرى ..<br /><br />مع السلامة حبيبتي.<br /><br />( يغلق الهاتف .. و يتوجه الى المتفرجين )<br /><br />انها سرى خطيبتي .. مسكينة .. تُحبني .. تُحبني كثيراً ..<br /><br />اني أسمع أحدكم يتسائل ، لماذا كذبت عليها أذن و قلت لها أني سأخرج بعد قليل !<br /><br />ماذا أفعل يا أخي ..<br /><br />ليس من سبيل للتعامل مع النساء غير الكذب .. ثم أني الآن بانتظار فتاتي !<br /><br />( يخاطب أحد المتفرجين )<br /><br />و لماذا أنت منزعج هكذا؟! سرى خطيبتي ، و أنا التي كذبت عليها ، فمالك أنت !!<br /><br />( يرن جرس الباب فيما وائل مستمر في مخاطبة الشخص المعني في الصالة )<br /><br />ثم اذا كان هذا الأمر يخدش حياءك .. بأمكانك أن تخرج يا أخي ..<br /><br />( و لا أحد يجيب طبعا )<br /><br />لماذا أنت صامت ..؟!<br /><br />( الجرس مستمر بالرنين )<br /><br />أوه .. دعك في مكانك .. عن أذنكم ..<br /><br />( يفتح الباب .. و تدخل وداد، لا يبدو عليها الثراء، لكنها تجيد مواكبة الموضة ليس في زيها<br /><br />فقط، انما في طريقة كلامها و مشيتها و في كل شيء.. و يصح وصفها بالفتاة المغناجة<br /><br />اللامبالية لكن هذا الى حين ! )<br /><br />وائل : أهلا وداد ..<br /><br />( يحاول اخفاء غضبه الذي قد يفيده لأن يدعي انشغاله بامر هام أمام وداد .. ان هذا جزء<br /><br />من خطته في أصطياد الفريسة !!)<br />وداد : أوه .. هلو دكتور .. في الموعد بالضبط .. اكزاكتلي .<br /><br />وائل : ( بلا مبالاة ) نعم .. هذا شيء حسن .<br /><br />( من الآن .. قد يغمز وائل الجمهور بشيء ما أو يلمح لهم بأنه يشعر بوجودهم ، لكنه<br /><br />يبدأ ينسحب عنهم تدريجيا ليعيش حكايته متقمصا دوره بالكامل .. أما وداد فانها لا ترى<br />الجمهور لكنها تشعر بوجودهم في ضميرها ، في جملة القيم التي يحملها كل منا في<br />رأسه و التي قد لا تمت لمشاعره بصلة )<br />وداد : دكتور .. أرجو أن لا أثقل عليك .. الحقيقة دكتور .. اني دائما محرجة بحضورك..<br /><br />وائل : لا وداد .. لا داعي للحرج .. تفضلي ..<br /><br />وداد : أوه دكتور .. ثانكيو .. و الله يا دكتور .. لو لم تكن رغبتك في هذه الدعوة ..صدقني لما قدمت<br /><br />الى بيتك يوما ..<br /><br />أوه .. اني خجولة جدا دكتور .<br /><br />وائل : رغبتي !!؟<br /><br />وداد لم تكن رغبتي ..انها رغبتك !<br /><br />وداد : أوه ما هذا دكتور .. ألم تكن أنت الذي طلب اللقاء .. هل نسيت ما قلته لي البارحة في حديقة<br /><br />الكلية .. في تلك الزاوية البعيدة عندما أختلينا الى بعضنا !!<br /><br />وائل : صحيح أنا الذي طلب لقاءك .. لكني قرات الرغبة في عينيك يا وداد ..<br /><br />لا تحاولي أخفاء الحقيقة .. أنك لأكثر من مرة توحين الي بهذه الفكرة .. و لا أخفي عليك ..<br /><br />كنت أحذر منك .. أنت بالذات .. و لأكثر من مرة حاولت الهرب من اللقاء بك ..<br /><br />لكن ثقتي بنفسي و الحاحك الخفي، دفعاني لأستجيب لك وأبادر الى دعوتك على كوب قهوة<br /><br />في بيتي .<br /><br />وداد : ما هذا يا دكتور ؟!<br /><br />كأنك تحملني مسؤولية خطأ ما .. حسن .. ألم يكن بأمكانك دعوتي في مكان عام ؟! مثل تلك<br /><br />المرة في كازينو ..<br /><br />وائل : كازينو وداد !!؟<br /><br />طيب .. فكرّت في ذلك و قلت في نفسي، لتكن الكازينو ملتقانا مرة أخرى .. لكنك لم<br /><br />تشجعيني على أن أطرح هذه الفكرة ..<br /><br />صحيح أني لم أفاتحك بذلك .. لكني قرأته في عينيك .. رجل مثلي لا يخطىء في قراءة لغة<br /><br />العيون ..<br /><br />على أية حال وداد .. بودي أن تعرفي .. اني رجل مؤمن بحسم قضاياي المعلقة حتى لو جعلني<br /><br />ذلك في مواجهة الموقف الصعب .. هذه طريقتي في التعامل مع الناس و مع الأشياء .<br /><br />وداد : هذا واضح دكتور .. لكن صدقني .. لو كانت رغبتي بالفعل .. كنت أنا التي بادرت و ...<br />وائل : ( يقاطعها ) لا وداد .. أنك لا تصرحين بمثل هذه الأمور .. أنك أمراة ، و الرجل دائما هو<br /><br />المسؤول عن المبادرة حتى لو كانت بصدد دعوة على كوب قهوة .. أنك تعرفين هذا جيدا ..<br /><br />على أية حا.......<br /><br />وداد : ( تقاطعه ) أعرف ؟!!<br /><br />أنا لا أعرف شيئا دكتور .. صدقّني !<br /><br />وائل : الله ما أجملك يا قطتي البيضاء .. دعك من هذا الآن ..<br /><br />تعرفين أولا تعرفين .. ليس هذا بمهم الآن .. كيف تشربين القهوة .. حلوة أم مرة ؟<br /><br />وداد : حلوة ..<br /><br />وائل : غريب .. يبدو أننا غير متوافقين بالمرّة .<br /><br />وداد : أنت تشربها مرّة ؟!<br /><br />وائل : المرة ألذ ّ .. تعلمين ؟! لو كان لدي حنظل لغليته معها .<br /><br />وداد : أنك تمزح دكتور !!<br /><br />وائل : انها الحقيقة .<br /><br />وداد : ما خاب ظني ..<br /><br />أنك حقا رجل تعيس يستحق العطف و الحنان ..<br /><br />تصور ! مع أن هذا لا يبدو عليك ؟!<br /><br />وائل : ( بنبرة حزينة مدّعية ) ماذا أفعل ؟ هذا قدري و للرب حكمته .. لكني مؤمن بالله .. و لن أشكو<br /><br />أمري لأحد ..<br /><br />وداد : حتى لو كنت أنا ؟!<br /><br />وائل : ( بأبتسامة خبيثة ) قلت لأحد .. و لم أقل لأحداهن !<br /><br />( ثم يذهب ليجلب كوبي القهوة بينما تنشغل وداد بتملي المكان و التعرف عليه .. هنا نكتشف<br />أن ما ظهرت به علينا لأول وهلة ليس شخصيتها الحقيقية .. فهي قد لبست شخصية أخرى<br /><br />للتعامل مع وائل .. فها هي تبدو عميقة التفكير شديدة الأنتباه و جادة في التعامل مع الأشياء ..<br /><br />تفتح آلة التسجيل فتنبعث منها موسيقى رومانسية تصلح للقاء حُب بين رجل وامرأة .. بعد<br /><br />فترة يعود وائل و يقدم كوب القهوة لها )<br /><br />وائل :تفضلي .. القهوة الحلوة .. للحلوة وداد .<br /><br />وداد : ( تعود الى شخصيتها المزيفة ) أوه .. ثانكيو دكتور .. هذا أطراء جميل منك .<br /><br />وائل : ماذا ؟! أطراء !؟<br /><br />هذا ليس أطراء وداد .. أنت حقيقة حلوة .<br /><br />وداد : ( بعد رشفة من الكوب ) هه .. لم أسمع هذا منك من قبل ..<br /><br />وائل : لم أكن جريئا بما فيه الكفاية .. و أنت تعرفين جو الكلية و علاقة الأستاذ بالتلميذة لا يسمح<br /><br />بهذا.<br /><br />وداد : لكن هذا يخالف الحقيقة !<br /><br />وائل : أية حقيقة ؟!<br /><br />وداد : دكتور ما هذا ؟! أنسيت ؟!<br /><br />وائل : نسيت ماذا ؟!<br /><br />وداد : أنك دائما تقول لنا ، الصراحة و الصدق أفضل سبيل للتعامل مع الناس و الأشياء و في كل<br /><br />وقت ..<br /><br />وائل : ما علاقة هذا بما نحن فيه ؟!<br /><br />وداد : أنك تعرف اني حلوة .. فينبغي أن تقول لي ، انك حلوة ، حتى لو كان ذلك في الصف و أمام<br /><br />الطلبة !<br /><br />وائل : هكذا بهذه البساطة !!<br /><br />وداد : وكيف لا دكتور ! أنك دائما تقول لنا ان للأنسان وجها ً واحدا ً.. و لسانا ً واحدا ً ..<br /><br />وائل : ( يقاطعها ) المسألة لا تتحمل هذا التأويل .. أنها بسيطة جداً ، فلا تعقديها ..<br /><br />وداد : بالعكس دكتور .. أنت تعرف كم أنا عفوية و بسيطة .. أنا الذي في قلبي على لساني ..<br /><br />وائل : حقا !!<br /><br />وداد : لا تهزأ بي دكتور ..<br /><br />كن صريحا معي .<br /><br />وائل : صريح حول ماذا ؟!<br /><br />وداد : ألم تقل لي أنني حلوة ؟!<br /><br />وائل : نعم قلت هذا !<br /><br />وداد : أذن لماذا لا تصارحني ؟<br /><br />وداد : ماذا تريدين ان تقولي بحق السماء !<br /><br />وداد : أريد ان أعرف لماذا تكرهني ؟<br /><br />وائل : ( مذهولا ) أنا !!<br /><br />وداد : نعم أنت .. و دائما تهرب مني .. كلما أسالك في الصف أو أفاتحك بموضوع .. تسخر مني ..<br /><br />ثم تنظر ألي بلا مبالاة مقيته .. مع أنك أحيانا تغمزني بشيء ما ..<br /><br />و ها أنت اليوم تصرح لي بحبك و تقول لي ، أنك حلوة يا وداد .<br /><br />وائل : أنا صرحت بحبي !!<br /><br />وداد : نعم صرحت بحبك .. و الا ما معنى أن تقول لي ، انت حلوة .. و تقولها لي هنا في بيتك و مع<br /><br />هذه الموسيقى .. و ها نحن الأثنين على أنفراد .. ماذا يريد الحب أكثر من هذا ؟!<br /><br />وائل : ( مع نفسه ) و الآن ماذا ستقول يا وائل ..!!<br /><br />( ثم يخاطب وداد بهدوء ) وداد ما هذا الذي تقولين .. أولا ً .. أنا لم أقل أني أحبك .. و ...<br /><br />وداد : ( تقاطعه ) أذن أنت تكرهني يا وائل ( و تتصنع البكاء ) لماذا تكرهني ؟! ها !! لماذا !!<br /><br />وائل : و لا أكرهك وداد .. أنا لم أقل شيئا من هذا .. كل ما في الأمر اني لا أنظر للمسألة من نفس<br /><br />الزاوية التي تنظرين منها .. اني لا أجد حتى الآن علاقة بيننا تستدعي هكذا تعامل ..<br /><br />وداد : ( وهي تدعي الأنفعال ) لا ترى علاقة ؟!<br /><br />ما هذا يا دكتور .. لا ترى علاقة و تدعوني الى بيتك .. و تضرب موعد محدد و تؤكد على<br /><br />أن آتي لوحدي .. هذا ما قلته بالضبط لي ، أمس في تلك الزاوية البعيدة .. أم أنك نسيت ...<br /><br />و الآن تقول ليس من علاقة ؟! ( و يتضح حبثها )<br /><br />يا لك من مغفلة يا وداد .. بماذا تبررين وجودك هنا ..<br /><br />( و تجهش ببكاء خفيف )<br /><br />وائل : وداد .. لا تحاولي محاصرتي بأمر ، هو في الواقع حصل برغبتك و ليس برغبتي .<br /><br />وداد : للمرة الثانية ، تناقض كلامك الذي قلته لنا في الصف .<br /><br />وائل : ماذا ؟! كيف ؟!<br /><br />وداد : دكتور ألم تدعني الى هنا بنفسك ؟<br /><br />وائل : نعم ..<br /><br />وداد : وجئتُ أنا بالموعد ؟<br /><br />وائل : نعم ؟<br /><br />وداد : خلص ..<br /><br />وائل : ما الذي خلص .. أي مأزق هذا يا ألهي .<br /><br />وداد : ليس لله شأن فيما نحن فيه دكتور ..<br /><br />ان الذي بيننا يعني شيئا آخر .. شيء غير علاقة الأستاذ بالتلميذة .. أليس كذلك ؟!<br /><br />وائل : تقصدين ..أن هناك علاقة حب بيننا مثلا ؟!<br /><br />وداد : ( تغير لهجتها ) هذا من جانبك ..<br /><br />أما أنا .. فاني لم أفكر بهذا الموضوع أطلاقا .<br /><br />وائل : وداد لا تلعبي بمشاعري .. ففي كل الأحوال أنا ما زلت أستاذك .<br /><br />وداد : ( تدعي الغفلة مرة اخرى ) أنا دكتور !!!!<br /><br />بالعكس أنا الذي في قلبي على لساني .. و أنت تعرف كم أنا عفوية و بسيطة !<br /><br />وائل : كل هذا .. و .. عفوية و بسيطة .. اني أدرك الآن ما كنت غافلا عنه بالأمس .. لم لم أنتبه لك<br /><br />طيلة كل تلك الفترة ..<br /><br />غريب .. مع أن من طبيعتي الأنتباه الى الأذكياء و الأهتمام بهم ..<br /><br />صحيح كنت أخشاك لهاجس ما في نفسي ، لكني لم أكن أتوقع أنك بهذا المستوى من الفطّنة .<br /><br />وداد : ها أنت ترى كم ظلمتني يا دكتور .<br /><br />وائل : ( يجاريها في اللعب ) عسى الله أن يمنحني الفرصة في القريب العاجل لرفع الحيف عنك يا<br /><br />وداد ..<br /><br />أني أعاهدك سيكون ذلك في المستقبل القريب ان شاء الله .<br /><br />وداد : و كيف يا دكتور ؟!<br /><br />وائل : سوف أهتم بك .. أهتماما خاصا ً.. و ستجدين نفسك تنالين أعلى الدرجات بين زملائك الطلبة .<br /><br />وداد : ( وهي تعني ما تقول ) مقابل ماذا يا دكتور ؟!<br /><br />وائل : نعم ؟؟!!<br /><br />عفوا ً وداد .. أرجو أن لا يصل الأمر الى هذا الحد .. نحن ما زلنا أستاذ و تلميذته ..<br /><br />أرجوك لا تدفعي الأمور بالأتجاه الذي يعجبك .<br /><br />وداد : يعجبني دكتور وائل ؟!<br /><br />وائل : طبعا ..انك تحاولين أن ..<br /><br />( ثم يغير مجرى الحديث)<br /><br /><br />وداد .. يبدو أنك قد خبرت الحياة جيدا ً ( وبلغة الأساتذة )<br /><br />لكن كثيراً من الأمور قد أختلطت عليك ..<br /><br />انك أحيانا ً لا تعرفين بالضبط في أية مسألة تتكلمين .<br /><br />وداد : ( بضحكة داعرة ) أهوه ...<br /><br />لقد سمعت هذا كثيرا ً .. كثيرا ً جدا ً يا دكتور .<br /><br />( يرن جرس بالهاتف فينهض وائل مسرعاً للخروج من هذا المأزق .. و يجيب على الهاتف و<br /><br />هو يحاول أن لا تسمعه وداد )<br /><br />وائل: ( على الهاتف ) نعم .. ( ثم بصوت خفيض ) أهلا سرى .. نعم .. هائنذا على وشك الخروج ..<br /><br />أمر طاريء .. ما هو ؟!<br /><br />وجدت قطة صغيرة في غرفة نومي .. كلا تحت السرير .. حتى الآن لم أستطع الأمساك بها ..<br /><br />سأخرج حال الأمساك بها .. لم يبق الا القليل .. لو تعلمين ؟؟<br /><br />لقد أخذت تلهث من التعب ..<br /><br />صوتي خفيض ؟<br /><br />أتعبتني مطاردة القطة يا عزيزيتي .. حسنا ً.. مع السلامة .<br /><br />وداد : خطيبتك أليس كذلك ؟<br />وائل : كيف عرفت ؟!<br /><br />وداد : لا شيء ..حدسي كان يقول لي ذلك ..ثم أنك كلّمتها بصوت لا أكاد أسمعه ..اذن هي خطيبتك .<br /><br />وائل : الحقيقة أني في أشد الأسف وداد .<br /><br />وداد : و لماذا الأسف ؟ هل حصل مكروه ؟<br /><br />وائل : حصل أمر طاريء .. و ينبغي علي أن أخرج حالا ً .<br /><br />وداد : مع هذا .. لا داعي للأسف دكتور .. نكمل حديثنا و أنا التي سأذهب ..<br /><br />وائل : نكمل حديثنا !!؟؟<br /><br />وداد : نعم حديثنا دكتور .. انك معتاد على حسم قضاياك العالقة !! أم انك نسيت؟! .<br /><br />وائل : أي حديث وداد ؟!<br /><br />وداد : الذي من أجله دعوتني الى بيتك .<br /><br />وائل : وداد .. أنا اشكرك شكرا ً جزيلا ً لأنك لبيت دعوتي و سأكون ممتنا ً لو أتحت لي الفرصة<br /><br />لزيارتك في بيتك .. مع أني لم أكن أحسب أن زيارتك ستكون على هذا النحو ..<br /><br />كان بودي أن تتمتعي بوقتك هنا في ضيافتي لوقت أطول .. لكن ماذا أفعل .. أنت ترين الهاتف<br /><br />.. و خطيبتي ...<br /><br />وداد : على رسلك دكتور .. لن تنطلي علي هذه الخدعة .<br /><br />وائل : أرجوك وداد .<br /><br />وداد : بأي صفة ؟!<br /><br />وداد : بصفة الحبيبة .. أنكر هذا أيضا ً !<br /><br />وائل : أسمعيني جيدا ً وداد ..<br /><br />وداد : نعم حبيبي ..<br />وائل : بلا حبيبي .. بلا بطيخ .. لقد كنت مخطئا ً عندما دعوتك الى البيت .. كنت أحسب أن<br /><br />بأستطاعتي ...<br /><br />وداد : ( تقاطعه ) و هل تظن أن الأمر بهذه السهولة دكتور .<br /><br />وائل : أكاد أُُجن ..<br /><br />أي أمر هو الذي بهذه السهولة يا وداد ؟!<br /><br />وداد : من حقك أن تغضب ...<br /><br />( الى نفسها ) ما كان عليك أن تكوني قاسية الى هذا الحد يا وداد ..<br /><br />( بعد فترة)<br /><br />دكتور تسمح لي بسؤال ..<br /><br />وائل : ( بعد أن هدأت فورة غضبه ).. تفضلي .<br /><br />وداد : هل يكفيك مرتبك في الجامعة ؟<br /><br />وائل : كلا طبعا ً ..<br /><br />وداد : لديك عملا ً آخر ؟<br /><br />وائل : لابد من هذا ..<br /><br />وداد : ماذا تعمل ؟<br /><br />وائل : ماذا .. هل هو تحقيق ؟<br /><br />وداد : كلا .. فقط أردت أن أعر ف .. هه .. ماذا تعمل ؟!<br /><br />وائل : يعني .. أعمال حرة ..<br /><br />وداد : كعملي مثلا ً ؟!<br /><br />وائل : ( ساخرا ً فهو يعرف بالضبط ماذا تعمل! ) لم يبق الا هذا !<br /><br />وائل : دعينا من هذا وداد !!<br /><br />وداد : لماذا يا وائل !! لماذا !!؟؟<br /><br />الطريق الذي قادك الى التجارة في السوق السوداء هو نفس الطريق الذي قادني الى التجارة السوداء التي أتعاطاها ..<br /><br />نحن الأثنين نتعامل في الأسواق الحرام .<br /><br />نبيع ضمائر و نشتري ذمم .. و نحن نعرف ذلك جيدا..<br /><br />لماذا لا تعترف أنت بذلك ..<br /><br />وائل : اني أمارس عملا ً شريفا ..<br /><br />وداد : أين ؟؟!!<br /><br />في الكلية أم في السوق السوداء .<br /><br />وائل : لن يجديك هذا نفعا ً .. لن أبرئك .. و لن يبرئك جميع الناس ..<br /><br />لماذا جئت الي يا عزيزتي اذا كان شعور التوبة يلح عليك هكذا ؟!<br /><br />لست انا بالكاهن يا وداد !<br /><br />وداد : لم تُخطيء .. انك أنت نفسك بحاجة الى كاهن يبرئك من الخطيئة .<br /><br />وائل : وداد .. انتهى كل شيء .. و أرجوك تفضلي .<br /><br />وداد : ( تعود الى غفلتها المتصنعة ).<br /><br />ماهذا يا دكتور .. تزعل مني .. لقد جئت كما طلبت و قد هيأت كل مستلزمات الدعوة .. أنظر<br /><br />.. ( تفتح حقيبتها و تستل منها كاسيت فديو ).<br /><br />وائل : ماهذا ؟!<br /><br />وداد : كاسيت فديو !! ماذا ؟! أول مرة تراه .. مع أن جهاز الفديو هاهو أمامي !!<br /><br />وائل : أقصد ماذا به .. أي فلم فيه ؟<br /><br />وداد : أوه دكتور .. لا تتعجل الأمور .. ستعرف كل شيء .. فقط أمنحني فرصة لأكمل كلامي ..<br /><br />وائل : ( بانزعاج ) تفضلي ..<br /><br />وداد : اي .. و كم تربح في الشهر ؟<br /><br />وائل : مرة أخرى !<br /><br />وائل : و كيف لا دكتور .. اني منذ الآن يجب أن أعرف عنك كل شيء .. دخلك .. مصادره .. لماذا أخترت السوق السوداء دون غيرها من الأسواق ..<br /><br />وائل : ( لكي ينهي الحديث ) لأن الربح فيها أوفر .. ها ؟ هل أرتحت ألآن ؟!<br /><br />وداد : و هل يصح ذلك ؟!.. أستاذ جامعي يعمل في السوق السوداء !!!!<br /><br />وداد : أنا لم أقل عيب .. لكن ما السبب ؟!<br /><br />وائل : ( بتهكم ) نفس السبب الذي يدعوك الى للعمل يا آنسة وداد .<br /><br />وداد : عظيم .. هذا ما أردته بالضبط .<br /><br />وائل : ما العظيم في ما قلته ؟!<br /><br />وداد : لم يبق الا القليل و تكتمل سهرتنا.. والقليل الذي بقي هو أهم ما في سهرتنا ..عندك مشروب ؟؟<br /><br />وائل : طبعا ً عندي يا قرين العين ..ماذا تشربين..ويسكي .. شمبانيا .. براندي أم أنك تفضلين البيرة ؟<br /><br />وداد : لابد من الجرأة في مثل هذه الأمور .<br /><br />وائل : هه ؟!..<br /><br />وداد : ماذا تشربين يا وداد .. ماذا تشربين ؟!<br /><br />( بعد لحظة ) .. عصير .<br /><br />وائل : عصير ؟؟!!<br /><br />وداد : أجل عصير ! ألا يوجد عصير ؟!<br /><br />وائل : لا طبعا ً .. يوجد ..<br /><br />طيب .. عصير .. عصير .. ( يذهب ليجلب العصير بينما تضع وداد كاسيت الفديو في الجهاز<br /><br />و تهيئه للتشغيل دون أن تفتح الزر.. و بعد لحظات يعود وائل حاملا كأسي عصير ).<br /><br />وائل : تفضلي هذا العصير ... لنرَ ماذا بعد ذلك .<br /><br />ودادا : ها ماذا قلت ؟!<br /><br />وائل : لاشيء .. لاشيء .<br /><br />وداد : أنت أيضا ً تشرب العصير .. انك جريء مثلي ..<br /><br />وائل : ليس من اللياقة أن أشرب شيئا ً آخر و أنت تشربين العصير .<br /><br />وداد : تتكلم عن اللياقة دكتور .. هذا جميل منك .. الحقيقة أنك دائما تغريني بكلامك .. حتى أنك<br /><br />تشجعني على قبول الفكرة التي تلحُّ عليّ .<br /><br />وائل : ماذا تريدين بالضبط ؟!<br /><br />وداد : أريد حسم القضية المعلقة بيننا .<br /><br />وائل : ليس هناك من قضية غير تلك التي في دماغك و من صنع خيالك و أواهامك ..<br /><br />وداد : أوهامي دكتور وائل التي تسخر منها الآن .. أنت مسؤول عنها ..<br /><br />لم تكن لدي أوهام قبل أن أعرفك .. أنت الذي زرعها في رأسي .. من أحاديثك أنت<br /><br />..محاضراتك في الشرف و الفضيلة والمثل العليا .. من هذا كله بنيت أوهامي .. بنيتها وهما ً<br /><br />فوق وهم .. من محاضراتك أنت .. عشت أياما ً بلياليها في صراع مرير مع نفسي .. صراع<br /><br />أسود .. لم أكن أعرف الحزن .. و لم تتسلل الكآبة يوما الى نفسي ... لكن مذ عرفتك وجدت<br /><br />نفسي في بحر من الهوس و القلق و الضياع .. فتاة عارية مثل كلبة سائبة في شوارع التيه ..<br /><br />و كان لابد من التحدي ..كان لابد لي أن اتحدى نفسي.. فأبتدأت بها .. و لأني جُبلت من طين<br /><br />السواقي النظيفة ،وجدت في نفسي ثمة أملاً للخلاص .. شجرة الأمل هذه أزهرت في روحي<br />.. كان لابد لي من التشبث بها .. ليس لشيء ..فقط لأعيش .. أليس من حقي أن أعيش ؟!<br /><br />و أخذت أنتشل خطاياي من قاع روحي .. الواحدة تلو الأخرى ..<br /><br />كان لابد لي أن أنظف روحي أولا .. فأنا الى يوم قريب كنت أحسب نفسي أني الخاطئة<br /><br />الوحيدة على وجه الأرض .. أما اليوم ، فلقد تغير الأمر كثيراً يا وائل .. اليوم هدّمت<br /><br />أوهامي و مسحت عذاباتي .. وجئتك كأمنا حواء .. أمرأة مثل ماء .. هل أنا أمرأة من ماء<br /><br />؟! ( تنتحب )<br /><br />وائل : ( يحاول تهدئتها ) وداد .. أرجوك يا وداد .. يا عيني .. الحياة ليست كلاما ً و حسب .. ان ما<br /><br />أقوله في الصف يا عزيزتي ليس بالضرورة يمثل سلوكي في الحياة ..<br /><br />وداد : ( بحرقة ) لماذا ؟؟ لماذا ؟؟ ( باكية ).<br /><br />وائل : لأن ذاك الكلام مكرّس لكم ما دمتم طلبة ..<br /><br />وداد : ( ساخرة ) و بعد التخرج ؟!<br /><br />وائل : ستعلمكم الحياة كلاما ً آخر ..<br /><br />هكذا هي الحياة .. أنا مثلك يا عزيزيتي عندما كنت طالبا ً .. كنت أسمع نفس الكلام الذي<br /><br />تسمعينه مني الآن ، من أستاذي .. و بعد أن تخرجت و أدرت كرسيي من الجنوب الى الشمال<br /><br />.. من طالب الى أستاذ .. كان لابد لي من الأستمرار بنفس اللعبة التي لعبها أستاذي من قبل و<br /><br />لعبها من قبله استاذه .. و ستعلبها بعدنا أجيال و أجيال الى يوم يبعثون .. هكذا هي الحياة يا<br /><br />آنسة وداد ...<br /><br />اننا ببساطة حفاة نمشي على هشيم من البلور و الشاطر فينا من لا يجرح قديمه ..<br /><br />وداد : لكن هشيم البلور ذاك .. هو أنسانيتنا ..هو ضميرنا الذي هوينا عليه بفؤوس الرخص و الأنانية<br /><br />فأحلناه الى هشيما ً .. هو درّة وجودنا و حقيقتنا الخالدة التي نباهي بها الكائنات .. لماذا اذن<br /><br />بعنا أنفسنا للّذة العابرة ؟؟<br /><br />لماذا ؟؟ أجبني ؟؟<br /><br />يا ألهي .. من ذا الذي سيقود قدمي لأدوس بهما هشيم البلورهذا .. فلعلي أطّهر روحي<br /><br />بنزيف الدم .. مَن ؟؟<br /><br />وائل : يا لله .. دعك من هذا يا وداد .. دعك من هذا الآن .. خذي الأمور على سجيتها يا وداد .. كوني<br /><br />سهلة و بسيطة و متسامحة .. أنني أنا أستاذك أسمعي كلامي و خذيه عبرة مني ..<br /><br />وداد : أي كلام هذا .. كلام الصف أم كلام الحياة ..؟!<br /><br />وائل : ( ضاحكا ) يا لك من لماحة ذكية .. أختاري أنت ما شئت يا قطتي البيضاء الحزينة .. فقط<br /><br />دعينا نعيش لحظتنا ..<br /><br />وداد : تفضل يا دكتور .. تكلم .. أنا منذ زمن أحلم بهذه اللحظة ..<br /><br />الله . أنا و انت في صالون بيتك الجميل ..<br /><br />متقابلان هكذا ..مثلما نحن الآن تماما .. نشرب عصير البرتقال رشفة رشفة .. و موسيقى<br /><br />تنبض من الجدران .. و جو يوحي بالشاعرية .. و كلام مثل العسل .. الله .. الله ..<br /><br />و الذي بيننا اعظم من ان يقال .. الله ما أجمله .<br /><br />وائل : وداد .. لا تبتعدي عن الموضوع ..<br /><br />وداد : أنا فيه يا دكتور .. صدقني و الله أكاد أغرق فيه .. انك لا تتصور كم أنا معجبة بك .. و كم<br /><br />بنيت أحلاما وردية من أجلك .. حتى أني عندما ألمحك من بعيد .. تكاد الدنيا لا تلّمني ..<br /><br />فأروح أسبح في عالم الأحلام .. كل يوم تجدني أرسم حلما ً يختلف عن الآخر .. مرة أنا و<br /><br />أنت في أرض فسيحة خضراء .. و مرة في ساحل البحر عند الغروب .. و مرة في السماء عند<br /><br />أنبلاج الفجر أنا و أنت نطير مثل حمامتين ..و مرة هنا في صالون بيتك هذا .. مثلما كنت أحلم<br /><br />تماما .. هل أنا في حلم الآن !!<br /><br />وائل : يبدو أنك منتبهة جيدا لمحاضراتي !<br /><br />وداد : تصور ! .. و مع هذا أنال أعلى الدرجات في دروسك .<br /><br />وائل : ( و قد أدرك ما تعني ) وداد .. تنالين أعلى الدرجات لآن أجوبتك في الأمتحانات صحيحة .<br /><br />وداد : لا يا وائل أنك تكذب .. ليست هذه الحقيقة .<br /><br />وائل : ( بتحدي ) و ما هي الحقيقة.. آنسة وداد؟! .<br /><br />وداد : الحقيقة أنك تستدرجني لمصديتك .. مثلما أستدرجت غيري ..تغريني بالنجاح من جهة و تصد<br /><br />عني كلما كلمتك من جهة أخرى .. انك باسلوبك هذا يا دكتور تروض أشرس النمور .<br /><br />وائل : أنت التي جئت بقدميك الى البيت .. كان بامكانك أن ترفضي .<br /><br />وداد : طبعا .. من السهل جدا أن أرفض .. لكن رفضي سوف لن يغير اتجاه كرسيي من الجنوب الى<br /><br />الشمال .. ستبقى أنت في كرسي الأستاذ و سأبقى أنا في كرسي التلميذ .. التلميذ الذي عليه<br /><br />أن يسمع و يسمع فقط .. و الا سوف لن يجد كرسيا على الأطلاق .. كرسي الأستاذية يا<br /><br />أستاذ .. جبروت .. جبروت لا يقل شأنا عن جبروت المال أو الجاه أو السلطة .. جبروت<br /><br />مصنوع ببراعة من كلمات منمقة و معارف زاخرة و عوينات و حقيبة و قليل من الخبث<br /><br />يكفي ..لا تعجب .. هذا بعض من أحاديثك الينا .. أم أنك تريد أن أكمل كل أحاديثك .. حسن<br /><br />.. بأمكاني أن أجرد لك كم من الفتيات و الفتيان كانوا ضحية كرسي الشمال الذي تربعت<br /><br />عليه كأنك سلطان زمانك .<br /><br />وائل : ( غاضباً ) يكفي .. الى هنا يكفي .. و تفضلي .. مع السلامة .<br /><br />وداد : ( تعود الى لهجتها المتصنعة ) حبيبي وائل .. ما هذا .. تغضب مرة أخرى .. يا عيني عليك<br /><br />عندما تغضب .. كانك طفل صغير .. يا عيني .. لا تدري كم أحب الرجل عندما يصير طفلاً<br /><br />.. بخاصة .. عندما يكون الطفل دكتورا ً و أستاذاً جامعياً .<br /><br />وائل : ( بغضب مكتوم ) وداد .. أرجوك لا تتجاوزي حدودك .. أعتبري كل شيء بيننا قد أنتهى ..<br /><br />أذهبي ..<br /><br />وداد : ليس هذا في صالحك .. أما اذا ما عرفت أن حديث البارحة في تلك الزاوية البعيدة .. كله قد تم<br /><br />تسجيله على هذا الشريط ( تستل شريطا ً صوتيا ً من حقيبتها ) فأنك سوف لن تغضب بعد<br /><br />الآن ..<br /><br />( و تستمر وداد بلهجتها الباردة فيما يدهش وائل لما يرى غير مصدق )<br /><br />أما اذا غلبك انفعالك و بقيت هكذا غاضباً .. فأنك ستضطرني الى أن أسلُم الشريط الى من<br /><br />يرغب بسماعه .. ها .. دكتور ؟! سكّت !! ليس في صالحك أن أخرج من بيتك و أنا غاضبة<br /><br />.. أحذر ..<br /><br />وائل : ( و هو لا يدري ماذا يقول ) وداد أنت لس طبيعية .. لس طبيعية أبدا ً.<br /><br />وداد : ربما .. و الا ماذا تقول .. لكن بحق السماء يا وائل .. ماهو الطبيعي .. و ما هو اللاطبيعي ..؟!<br /><br />علماء النفس لم يحسموا هذه المسألة حتى الآن ..( تغير لهجتها و تعود وداد المتصنعة اللعوب)<br /><br />لكن ألا ترى أن هذا متعب لنا دكتور .. دعنا بالمهم .. أنت دعوتني الى هنا لماذا .؟! ها !؟<br /><br />وائل : ( مذهولا ً )ها ..!! وداد أعتبري الدعوة منتهية .. و أذا سمحت .. هات الشريط .؟<br /><br />وداد : دكتور وائل .. دعنا بالمهم أقول لك .. صدقني أنا لا أضمر لك السوء .. بالعكس .. أني أحبك<br /><br />.. و أريد لك كل الخير .. لكني أجد من الضروري أن نجد حلاً لمشكلتنا ..<br /><br />وائل : و ماهي المشكلة بنظرك وداد ؟<br /><br />وداد : المشكلة ببساطة .. أنك أستاذي .. ثري و رجل فاضل .. لكنك ترفل بالخطيئة .. وأنا تلميذتك<br /><br />الفقيرة البائسة أرفل بالخطيئة أيضا .. , ..<br /><br />وائل : ( يقاطعها ) كم تطلبين ؟<br /><br />وداد : المسألة ليست على هذا النحو .. أنا لا أشحذ منك دكتور .. أسمعني جيداً .. لقد جئت الى هنا<br /><br />لأنقذك من ورطة كبيرة أنت فيها .<br /><br />وائل : ورطة ؟! أية ورطة ؟!<br /><br />وداد : أنا يا دكتور .. أنا أكبر ورطة بالنسبة أليك .. يكفي أن تعرف أنك غير مخّير .. أنك الآن في<br /><br />قبضة يدي ، فكيف ستفلّت منها ..<br /><br />أسمع يا وائل .. كلانا مخطئان .. و رغم أنك ما زلت فوق .. و أنا مازلت تحت .. لكن<br /><br />الخطيئة هي أيضا ساحة للقاء .. بل هي أنسب ساحة للقائنا .<br /><br />وائل : من قال هذا ؟ من قال هذا ؟<br /><br />وداد : أنت الذي قلته .. ألم تقل أن الفضيلة أنسب ساحة للقاء الأفاضل ..<br /><br />أعكس المعادلة .. ستجدني غير مخطئة .. ما هذا يا دكتور .. أنت أستاذي .. و ما أنا ألا طفلة<br /><br />صغيرة في مدرسة الخطيئة التي أنت عميدها ..<br /><br />( بجد مشوب بالسخرية ) دعني يا أستاذي الجليل .. دعني أنهل من علومك .. و أني أتذرع<br /><br />الى الشيطان أن يطيل في عمرك ..فماذا عسانا أن نفعل نحن تلامذتك الصغار بدونك .. ماذا<br /><br />عسانا أن نلقى في دروب الدنيا و متاهاتها دون بركاتك .. انك يا أستاذي العزيز .. شجرة<br /><br />الخطيئة الوارفة الظلال .. فدعنا نحن الصغار المساكين نتفيأ بظلك .. لكن قل لي .. ما<br /><br />الخطيئة ؟؟<br /><br />( و تغير لهجتها الى الجد ) هل الخطيئة أن تنتقل وداد من بيت الى بيت و من رصيف الى<br /><br />رصيف و من رجل الى رجل .. أم أن ينتقل وائل من أمراة الى أخرى ..؟<br /><br />هل الخطيئة أن يتاجر أستاذ جامعي في السوق السوداء ..؟!<br /><br />قل لي .. هل اللذة العابرة خطيئة !؟.. كم كم المتزوجين خاطئين .. و كم من العزاب<br /><br />خاطئين؟! .. كم من الأساتذة خاطئين .. و كم من الطلبة خاطئين .. كم من الشيوخ .. كم من<br /><br />الشباب .. من النساء .. كم منهم خاطيء ؟!!.. كم ..؟!<br /><br />قُل لي ما الخطيئة يا أستاذ .. قُل ؟؟<br /><br />( و بعد فترة صمت مشحون بالتوتر ) أنت نفسك لا تعرف ما الخطيئة .<br /><br />وائل : ( بعد تأمل عميق ) نعم أنا نفسي لا أعرف ..<br /><br />وداد : و أذن .. بأي حق أعتليت كرسي القضاة .. و صرت تتحكم في مصائرنا ؟؟ .. من أباح لك هذا<br /><br />الحق في أن تكون فيصلاً بين الصح و بين الخطأ ؟؟ ..هل هو تفويض من السماء و حق ألهي<br /><br />آخر ؟؟<br /><br />أنك يا سيدي الحكم و اللاعب في ملعب الخطيئة .. و لن أخطيء أن قلت .. أنت الخطيئة بكل<br /><br />عنفوانها الباذح ..<br /><br />وائل : اني أجزم .. أنك قد صرعت الكثيرين قبلي .. و ها أنت تحاولين أن تلعبي اللعبة نفسها معي ..<br /><br />لكن هيهات .. وائل ليس كغيره من الرجال .. قولي لي .. كم رجل وقع في مصيدتك ؟<br /><br />وداد : كثيرون .. و أني أباهي و أفخر بذلك و أنا في حضرتك أستاذي العزيز .. لكن قل لي .. كم فتاة<br /><br />أصطدت قبلي ؟؟<br /><br />وائل : كثيرات أيضا يا وداد .. حسناً .. ها نحن نلعب بالورق المكشوف و لنرَ من سيصل خط النهاية<br /><br />قبل خصمه .<br /><br />وداد : في مباراتنا هذه ..أعتقد أن الفوز و الخسارة ستكون من نصيبنا نحن الأثنين معا ً.<br /><br />وائل : و كيف يكون ذلك .. في كل مباراة هناك فائز و هناك خاسر !!<br /><br />وداد : الا مباراتنا هذه .. فأما أن نفوز كلينا أو نخسر كلينا .. أم أن الأمر قد صعب تفسيره عليك يا<br /><br />أستاذ ؟!<br /><br />وائل : أكاد لا أفهمك .. أنك ذكية الى حد لا أستطيع فيه مجاراة ذكائك أنك تلخصين خبث النساء<br /><br />جميعهن في هذا الراس .<br /><br />وداد : و خبث الرجال أيضا دكتور وائل ..<br /><br />أرجو أن لا تنسى محاضراتك المسهبة لنا نحن طلبتك المغفلين ..<br /><br />هل تذكر ما قلته عن الذكاء و الخبث .. أنا التي سأذكرك به تفصيلا ..<br /><br />وائل : أرجوك يا آنسة وداد .. الأمر لا يحتمل هذا التعقيد ..<br /><br />بودي أن أسالك نحن هنا من أجل ماذا ؟؟!!<br /><br />وداد : حقا من أجل ماذا ؟؟<br /><br />طبعا بأمكانك أنت، أن تجيب على ذلك بسهولة فأنت صاحب الدعوة ..( و فيما يمتعض وائل)<br /><br />و لأقل لك .. نحن الأثنين صاحبا الدعوة .. ها أنت ترى أني تنازلت ، نزولاً عند رغبتك و<br /><br />توافقا ًمع منطقك في اللعب كي لاأجرح كبريائك .. تفضل بأمكانك أن تُجيب ..<br /><br />وائل : ( مبتسما ً) وداد .. ألا ترين أن الحياة أبسط بكثير مما نحن فيه .. اني أعترف لك أنك لست<br /><br />كغيرك من القطط المغمضة اللواتي دعوتهن الى هذا البيت .. لكن صدقيني يا آنسة وداد .. أنا<br /><br />لم أستعمل القوة أو الأكراه يوماً على أحد .. ما زلت أؤمن أن ما من شيء أناله الا ذاك الذي<br /><br />أستحقه فعلاً ، و هو يأتيني في العادة على صدق نيتي و حسن سجيتي .<br /><br />وداد : حتى و أن كنت أنا .. هذا الشيء ؟!<br /><br />وائل : أنت .. أنت ما زلت حتى اللحظة لغز محير لي .. ربما أستحقك و ربما لا ..<br /><br />وداد : وائل .. أنا أحدى ضحاياك .. أنا أحدى قططك المغمضة لكن هناك فارقاً واحداً بيني و بين<br /><br />سواي .. هو أني قد فتحت عيني أخيرا ..و رغم ذلك .. ما زلت قطة تموء عند قدميك ..<br /><br />وائل : على فكرة .. أجمل لك أن تبقي مسدلة الجفنين .<br /><br />وداد : ( تغمض عينيها ) هكذا ؟!<br /><br />وائل : و الله .. اني أراك أجمل هكذا .<br /><br />وداد : ( وهي ما زالت مغمضة العينين ) ها أنت تعزف لحنك المغري على أضعف وتر لدى النساء<br /><br />.. الجمال ...<br /><br />وائل : و هل هناك أحلى من أنغام هذا الوتر يا قطتي البيضاء .<br /><br />وداد : ( تفتح عينيها و هي لم تزل في خدرها اللذيذ ) غاب عن ذهنك يا أستاذي العزيز .. مُذ خلقت<br /><br />أمنا حواء من ضلع آدم .. كان الجمال سلاحاً قاهرا ًبيد المرأة لو أحسنت أستخدامه ..<br /><br />وائل : و هل أحسنتِ أستخدامه أنتِ ؟<br /><br />وداد : بالطبع .. والا كيف أوقعت فرائسي في المصيدة .. أني لا أملك غيره .. ليس لدي المال أو<br />الجاه أو المنصب أو النسب .. و لا حتى كرسي الأستاذ ..<br /><br />ها .. ما الذي تبقى لك الآن ؟!<br /><br />وائل : لا يا وداد .. ما زال الكثير .. الكثير لدي .. لكني و بالحق أقسم .. أني قد أعجبت بمنطقك و<br /><br />حلاوة لسانك .. أنك تتمتعين بذهن متقد و ببصيرة ثاقبة .<br /><br />وداد : و ماذا بعد ؟<br /><br />وائل : و بجمال أخاذ ..<br /><br />وداد : لا يا وائل .. ورقة الجمال أحترقت .. أنظر ها هي .. ورقة فاسدة لا روح فيها ..<br /><br />وائل : و ما وراء الجمال و ما بعده .. هل فسد هو أيضاً .!؟<br /><br />وداد : ماذا تريد أن تقول يا وائل ..؟!<br /><br />وائل : الذي تريدين أن تقوليه أنت .. الذي نريد أن نقوله .. نحن الأثنين معا ً.. الذي منذ ساعة ندور<br /><br />حوله ..<br /><br />نحن يا وداد مثلما العطاشى .. ندور حول نبع الماء ، لكننا نخشى أن نروي ظمأنا منه خشية<br /><br />أن نتسمم .. و لماذا نتسمم ؟! نحن لا ندري ان كان نبع مسموماً أم لا .. فقط لأن أحدهم<br /><br />أخبرنا .. أن هذا النبع مسموم..<br /><br />ربما أخطأ هذا الأحدهم .. ربما هو عاجز حتى أن يتشهى<br /><br />الماء !!<br /><br />وداد : ( وهي لم تزل في خدرها و أئتلاق شهوتها ) و هل تتشهى الماء أنت كما أنا .؟!<br /><br />وائل: بودي لو أغرق فيه .. الماء يتدفق زلالاً من نبعك. . يا أثرى نبع ..<br /><br />وداد : ما زال النصر بعيدا عنك يا آدم .. فهناك في يد حواء تفاحات أخر ..<br /><br />وائل : عن أي تفاح تتكلمين يا وداد و من وجنتيك يفوح أزكى عطر .. و أشهى تفاح ..<br /><br />وداد : هل حقا ما تقول ؟<br /><br />وائل : قسما بآدم و حواء .<br /><br />وداد : وائل !!!...<br /><br />وائل : عيون وائل ..<br /><br />وداد : و لكن ليس الآن .<br /><br />وائل : ولماذا يا معبودتي .. الآن أجمل .<br /><br />وداد : ليس قبل أن تقسم لي .<br /><br />وائل : سأقسم لك بشفتي ..<br /><br />وداد : أريده بقلبك و لسانك .. هل صحيح ما قلته الآن ؟<br /><br />وائل : طبعا ً صحيح يا حلوتي .. صحيح مئة بالمئة .<br /><br />وداد : ( بفرح ) صحيح وائل ..<br /><br />و متى سيكون الزفاف ؟؟<br /><br />وائل : ( مصعوقا ً) عن أي زفاف تتكلمين ؟<br /><br />وداد : ( مندهشة ) زفافي أليك !!<br /><br />وائل : يا الله .. ها نحن نعود الى الحديث السقيم !<br /><br />وداد : ( ببرود ) هل رأيت .. هذه ورقة أخرى تحترق ..<br /><br />وائل : ( غاضبا ً) أوراق .. أوراق .. أوراق ..<br /><br />وداد ماذا دهاك .. هل انت أمراة .. من أين طينة جُبلتِ .. ألست أنثى .. أم أن ثقافتك قد<br /><br />أطفأت فيك جمرة الأنثى .. وداد لم تطفيء فيّ ثقافتي جمرة الرجل .. فما عساك أنت ؟!<br /><br />أنت رغم حسن مظهرك و لباقتك .. أجزم .. أنك لست بأنثى .. اني أُحادث رجلا ً منذ ساعة<br /><br />.. لا ليس برجل .. أنما أحادث عجوزا ً خرقاء لا حياة فيها ..<br /><br />أسمعي وداد ..أذا بقيت على ما أنت عليه .. فأنا على يقين أنك سوف لن تجدي أسمك على<br /><br />لسان رجل أبدا ً..<br /><br />وداد : ( تبكي بأنفعال ) كفى .. كفى .. كفى .. ما الذي تريده مني .. ما الذي تريده أكثر من هذا .. و<br /><br />ماذا اعطيت أنت .. أنك رجل أناني غشاش .. أنك ..<br /><br />لا استطيع .. لا استطيع .. ( تقوم لتغادر .. لكنها تتوقف و تعود ثانية )<br /><br />لكن لا لن أغادر .. يكفي ان أكون هنا بحضور خطيبتك .. أم أنك تجدني مغفلة ..<br /><br />لا.. لا.. ان احترقت فسوف أحرق العالم معي .. أنا أيضا لي الحق في الحياة ..<br /><br />وائل : ( ضاحكا ً بتشفي ) يا لبؤسك و شقائك .. أنظروا هاهي حواء ايها السادة .. جاءت اليوم لتثأر<br /><br />لبنات جنسها من آدم .. ( ساخرا ً) لكني لست آدم !! أنا وائل .. أنا وائل يا وداد .. و هذه<br /><br />الحلبة ما زالت أمامك .. ربما تخسرين جولة .. لكن النزال ما زال مستمرا ً .. و أنا رجل<br /><br />شريف ، سوف لن أسمح لأحد المشاهدين أن يتدخل .. و لذا أود أن أطمئنك ، أن خطيبتي<br /><br />سوف لن تأتي اليوم .<br /><br />وداد : لم تجافِ الحقيقة يا دكتور .. النزال مازال مستمرا ً.. لكن المشاهدين سيتدخلون هذه المرة ..<br /><br />وائل : و كيف يكون ذلك و أنا أراهم و اجمين ..صاغرين و قد شنّفوا أسماعهم ..<br /><br />هناك أحدهم في تلك الزاوية يضحك !! لا أدري لماذا !!<br /><br />أنظري عيونهم .. أنها تحدق فيك .. أنهم ينتظرون سقوط الضحية .. كي يصفقوا للجلاد ..<br /><br />وداد : خطيبتك ستأتي يا دكتور .. و ستشهد مهزلة آدم التي ستكون مأساة كبرى لوائل .<br /><br />وائل : ( ضاحكا ) ها .. ها .. ها .. من حقك أن تقولي هذا .. يا لغفلتك .. أنك لم تسمعي ما جرى<br /><br />بيني و بينها على الهاتف .<br /><br />وداد : كنت قد سمعته منذ البارحة .<br /><br />وائل : ماذا تقولين ؟!<br /><br />وداد : طبعا .. و كيف لم أسمعه و أنا التي قلته .. ( وائل مندهشا ً )<br /><br />نعم دكتور وائل .. أنا التي أبلغت خطيبتك بكل شيء .. و هي لم تتصل بك الا بطلب مني ..<br /><br />لا تعجب .. ما زال النزال مستمرا ً .<br /><br />وائل : يا الهي .. يا الهي .. ماذا أفعل .. أسمعي .. ان لم تخرجي الآن فسأتصل بالشرطة و سيكون<br /><br />يومك أسودا ً.<br /><br />وداد : مهلا دكتور وائل .. ليس من الحكمة أن تستدعي الشرطة لأمراة ضعيفة .. مسكينة مثلي ..<br /><br />ماذا ستقول لندمائك على طاولتك المسائية .. هه ؟!<br /><br />أستدعيت لها الشرطة حتى خرجت من البيت .. يا لطفلي المسكين الضعيف .. هل أعيّتك<br /><br />الحيلة يا وائل .. كيف .. و أنت دون جوان عصرك .. و فحل زمانك .. كيف.. كيف يكون<br /><br />ذلك ..<br /><br />وائل : أسكتي .. اسكتي .. شيطان .. أنت شيطان .. أنت لست عجوزا خرقاء فقط .. أنت شيطان<br /><br />أيضا ً.<br /><br />وداد : نحن في عصر الكومبيوتر دكتور وائل .. ما هذا التخريف ..؟!<br /><br />وائل : أسكتي .. ( يهجم عليها لكنها تفلت منه بلباقة و هي تشهر بوجهه الشريط الصوتي مهددة به )<br /><br />وداد : لن تمسني ..<br /><br />ليست هذه النسحة الوحيدة منه .. هناك نسختان في البريد .. واحدة لخطيبتك و أخرى لعمادة<br /><br />الجامعة .. ستصل في الوقت المناسب و هناك من يوصلها ان لم أعد خلال ساعات .. سأجعلك<br /><br />ترفل بالفضيحة .<br /><br />وائل : ( واجما ً مندهشا ً .. تمور في داخله أعاصير من الغضب .. لكنه و لكم حاول أن ينطق و لو<br /><br />بكلمة .. فلم يفلح .. ثم يدفن وجهه في راحتي كفيه و يروح باكيا ً)<br /><br />وداد : يا عيني .. تبكي .. يا طفلي الصغير المدلل .. يكفي .. يكفي هذا ..<br /><br />و الآن قل لي .. هل تحبها الى هذا الحد يا أستاذي العزيز ؟<br /><br />وائل : أجل ..<br /><br />وداد : و هل تخاف أن تفقدها .. لماذا يكون الخوف قرينا ً للحب ؟!<br /><br />أجبني يا وائل ؟<br /><br />أذكر أني قد سألتك ذات السؤال يوما في الصف .. و لكنك سخرت مني .. هل تذكر .. تذكر ما<br /><br />قلته لي ، لقد قلت لي ساخرا ً: بامكان جميع الناس أن يحبوا.. لكن الخوف حصة الخائفين فقط<br /><br />يا وداد .. و كأنك تقول لي : أنا اشجع من عنترة يا وداد ..<br /><br />وائل : كفى .. كفى يا وداد .. كفى برك .. أنا لا أطيقك .. أني اكرهك .. أكرهك .<br /><br />وداد : لكني أحبك .. أحبك يا وائل .. و سوف لن أتنازل عن حبي لك قدر ما حييت .<br /><br />وائل : أنك لا تُحبيني أنا .. لا تُحبيني أنا .. أنك تحبين في الدكتور .. الأستاذ الجامعي .. تُحبين في<br /><br />المنصب و المركز الأجتماعي و الثراء .. تُحبين فيَّ كل ما يغري حواء في هذا الزمان ..<br /><br />السيارة و الجاه و البيت الفخم ..<br /><br />لقد سال لعابك كما يسيل لعابكّن في كل زمان ..<br /><br />و ماذا بعد .. لا شيء .. لا شيء .<br /><br />وداد : وأنت ماذا تريد من خطيبتك .. الفضيلة و المثل العليا و النبل و النقاء !!!!؟؟<br /><br />لم تعد تغريني هذه الكلمات الجوفاء الرنانة .. كلمات تصبها في آذاننا كالرصاص المذاب كل<br /><br />صباح ..<br /><br />أنك لا تدري كم كان أحساسي رهيبا ً عندما وضعت يدي على حقيقتك .. يوم أكتشفت زيفك و<br /><br />ريائك .. يومها يا وائل .. و يومها فقط منيت نفسي بالأمل .. و قلت لعل الرب يغفر لي<br /><br />خطاياي .. و أخذت أبصر بوضوح .. أنا التي كنت أخال نفسي الخاطئة الوحيدة في هذا الكون<br /><br />.. و كنت أحسبك المثال المنزّل من السماء .. و شوكة الشرف التي طالما و خزت ضميري ..<br /><br />هل تعلم ماذا أصابني يومها ..<br /><br />لم تصبني الدهشة كما الناس العاديين .. لا .. لقد أرتجفت و أهتزت جميع أوصالي .. و<br /><br />تملكتني رعشة كتلك التي تتملك الأنبياء ..<br /><br />في تلك اللحظة .. غاب الوعي عني .. و أخذتني سنة من النوم .. و لكني لأول مرة لم أحلم<br /><br />في المنام ..<br /><br />( ثم في أنتقالة من الجد الى الهزل )<br /><br />دكتور ما تفسير هذا ؟؟!!<br /><br />وائل : يا الهي .. أرجوك وداد ( فيما وداد ضاحكة ) ..أرجوك قولي لي ماذا تريدين مني .. هل دفعك<br /><br />أحدهم الي .. ماذا تريدين مني ؟؟!!<br /><br />وداد : قل ماذا تريد أنت من خطيبتك .. هل الزواج فقط ؟<br /><br />أم انك تريد أن تتزوج أملاك ابيها .. مع أني أرجح الأحتمال الثاني .<br /><br />وائل : لا هذا و لا ذاك .. هل علي أن أتزوج من فتاة فقيرة كي أرضيك .؟!<br /><br />وداد : و من أنا حتى ترضيني .. أنا فقط أردت أن أتاكد ..<br /><br />وائل : ( بتصميم ) وداد .. أني أحب خطيبتي و أريد الزواج منها .. و أذا كانت أبنة رجل ثري فليس<br /><br />في الأمر عيب أو خطأ ..<br /><br />وداد : ( هازئة ) أبدا ً دكتور وائل .. ما من خطأ في ذلك .. ( و بجد ) لكن العيب فيه عندما تكتشف<br /><br />أن خطيبتك شريكتي في غزواتي الرجالية ..<br /><br />وائل : وداد !!<br /><br />وداد : أجل يا وائل .. ماذا كنت تظن أذن !<br /><br />ثم أليس من العيب أن تريد هذا الأمر لنفسك بل و تفخر به كل مساء أمام أصحابك .. و تجده<br /><br />من الكبائر على خطيبتك .. لماذا يا وائل .. ما هذه الأنانية يا عزيزي .<br /><br />وائل : وداد .. هل صحيح ما تقولين ؟!<br /><br />وداد : و لدي الدليل القاطع ..<br /><br />ثم لماذا تندهش .. هذا أمر بديهي .. أنك دائما كنت تقول لنا .. المال مفسد للمدركين .. فكيف<br /><br />اذا كان بيد المغفلين .. و أعتقد أن خطيبتك مغفلة .. هذا باعترافك أنت .. ألم تقل أنها فاضلة و<br /><br />نقية و نبيلة .. أليست هذه صفات المغفلين دكتور وائل .. أم أني على خطأ ؟!<br />انك بالطبع لا تستطيع نكران ذلك .. هذا ما قلته لنا في الصف .. و لا أخفيك سرا ً أن قلت<br /><br />لك .. أني قد أخذت قولك هذا رأس مالا ً لي في جميع غزواتي ..لا لشيء .. فقط لكي أثبت<br /><br />لنفسي أني مدركة و ذكية .. و لست مغفلة .<br /><br />وائل : و بهذه الطريقة تبررين خطيئتك .<br /><br />وداد : طيب .. أنا بهذا أبرر خطيئتي .. وأنت بماذا تبررها أستاذ ؟؟<br /><br />وائل : وداد .. كفي عن مناوراتك السخيفة هذه .. أنك تقولين هذا بدافع الغيرة .<br /><br />وداد : حسنا ..( تستل صورة فوتغرافية من حقيبتها )<br /><br />صورة واحدة تكفي .. ( الصورة تؤكد كلامها عن خطيبة وائل الذي فتح فاهه مندهشا لما يرى<br /><br />في الصورة )<br /><br />وائل : ( مذهولا ً) ما هذا بحق الشيطان !! دائرة تحقيقات أنت أم ماذا ؟!<br /><br />وداد : ما هذا الأطراء دكتور وائل .. أمر بسيط جداً .. أنها عدّة الشغل .. ألم تستخدم الصور مرة في<br /><br />غزواتك ..<br /><br />لا تخفي علي نباهتك .. فأنت أستاذي في جميع الأحوال .<br /><br />وائل : ( بعد فترة صمت و ذهول يكون للموسيقى أثر بالغ فيها )<br /><br />وداد .... هل هناك ورقة لم تحترق حتى الآن .. ؟<br /><br />وداد : لم تبق سوى ورقة التوت يا وائل .. و سنخط على سطورها أنا و أنت ...<br /><br />نحن الأثنين خاطئين يا وائل .. و نستحق الرجم بالحجارة .. لا المجد كما أردت أن توحي لنا<br /><br />بمحاضراتك السقيمة ..<br /><br />لكننا على ما يبدو نستحق الحياة .. أليس كذلك .<br /><br />وائل : حسنا ماذا تطلبين ؟<br /><br />وداد : هل هدأت فعلا ؟!<br />ان هذه المسالة بحاجة الى الهدوء و التروي باتخاذ القرار .<br /><br />وائل :( غاضبا ً) قولي ماذا عندك ؟!<br /><br />وداد : أوي .. ما هذا ؟! لقد أفزعتني .. ( ضاحكة .. ثم بجد ) حسنا ً ..<br /><br />وائل ليس أمامك سوى خيارين لا ثالث لهما .<br /><br />وائل : ( مستسلما ً) ما هما ؟<br /><br />وداد : أما أن تطرد من الجامعة .. و تضيع في دروب الندم .. أو ...<br /><br />تتزوجني ...<br /><br />وائل : ( لم يفاجئ .. أنما هو مجبر على الخيار الثاني )<br /><br />أتزوجك .<br /><br />وداد : ( تهتف ) طوبى للخطيئة .. طوبى لنا .<br /><br />( يرن جرس الباب )<br /><br />وداد : خطيبتك .<br /><br />وائل : التي كانت ...<br /><br />وداد : و الآن حان وقت الفديو ..<br /><br />( و بين ترقب و ائل و الجمهور لما سوف يطلع عليهم على شاشة التلفزيون ، وداد تضغط<br /><br />على زر التشغيل في جهاز الفديو ...<br /><br />وأذا به فلم كارتون توم و جيري .. يفضل أن تعرض مشاهد ضاحكة من مقالب الفأرة للقط<br /><br />.. يضحكان بفعل المفاجأة و تضمحل الأضاءة مع ضحكهما المتصاعد فيما يستمر التلفزيون<br /><br />بالعرض الى حين ......و ينتهي العرض )<br /><br />- أظلام -<br />ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br /><br />أحمد الصالح \ بغداد حزيران 1987<br /><br />ahmad_alsaleh58@yahoo.com<br /><br /><br /><br /></span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-76244782066443908232008-09-24T13:07:00.000-07:002008-09-24T13:13:08.301-07:00<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjklq4zwA6tKLvTPwvE6D7X6XLEPiuMjWxn3USI6xGt2IP_AWXprdterZcOLZ8N6lTtJviJk4hNZLHNPEFRH70KkeTUe8-537oo0R6NNE-mXrXXkNDCDN-pgRYW9VlkZ-Y53HFid82wyrRH/s1600-h/%D9%85%D8%B5%D8%B9%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%89+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1.jpg"><img id="BLOGGER_PHOTO_ID_5249682659589845026" style="DISPLAY: block; MARGIN: 0px auto 10px; WIDTH: 200px; CURSOR: hand; HEIGHT: 233px; TEXT-ALIGN: center" height="131" alt="" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjklq4zwA6tKLvTPwvE6D7X6XLEPiuMjWxn3USI6xGt2IP_AWXprdterZcOLZ8N6lTtJviJk4hNZLHNPEFRH70KkeTUe8-537oo0R6NNE-mXrXXkNDCDN-pgRYW9VlkZ-Y53HFid82wyrRH/s400/%D9%85%D8%B5%D8%B9%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%89+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1.jpg" width="49" border="0" /></a><br /><div><span style="font-size:130%;">الصعود الى الجنة</span><br /><br /><br /><span style="font-size:130%;">ترجمة / أحمد الصالح<br /></span><br />* رجل يخطط لبناء مصعد فوق الكرة الأرضية بكلفة 10 بليون دولار أمريكي .<br /><br />* المصعد يستخدم كيبل بطول 62.000 ميل و سيتم تشغيله في سنة 2019 .<br /><br />واشنطن- كاريل هارتمان<br />عن جريدة" ذا تنسين" الأمريكية<br /><br />الرئيس الأمريكي "جورج دبل يو بوش" يرغب بالعودة الى القمر و يرغب أيضاً بأن يخطو الأنسان بقدميه على سطح المريخ للمرة الأولى ..أما العالم " برادلي س . إدوارد " فهو لديه فكرة أخرى، تُعد حقيقة خارج المألوف .<br />الفكرة ببساطة هي :مصعد يتسلق الفضاء بأرتفاع 62 ألف ميل . و العالم " إدوارد" يعتقد أن فكرته يمكن تحقيقها قبل سنة من العام 2020 الذي افترضه الرئيس "بوش" عام رجوع الأنسان الى القمر ، كما انه يقدر كلفة مشروعه بمبلغ 10 بليون دولار أمريكي ، و هي كلفة متواضعة نسبيا مقارنة بأية تجربة فضائية اخرى . يقول ادوارد : " انها ليست تجربة فيزيائية جديدة ، لا شيء جديد يستدعي اكتشافه ولا شيء يستدعي اختراعه "، و يضيف " اذا حصل تأخير بسبب الميزانية او لأي سبب آخر ، فالمدة المحدودة قد تمدد ، بيد أن ال 15 سنة أنما هي تقدير حقيقي لأنجاز هذا المصعد "<br />إدوارد ليس شخصاً فقط لديه فكرة ما ، انه رئيس مشروع المصعد الفضائي العائد الى الى جمعية العلماء و الباحثين في " فيرمونت – ولاية فرجينيا " و سبق لوكالة " ناسا " لأبحاث الفضاء أن رصدت له أكثر من 500 الف دولار لدراسة الفكرة ، كما أن الكونغرس قد خصص له 2.5 مليون دولار اضافية ، حيث يقول "روبرت كازنوفا" مدير مشروع الأفكار المتقدمة في وكالة ( ناسا ) إن" ناس كثيرون مبتهجون بالفكرة " .<br />ادوارد ، يعتقد إن المصعد الفضائي يقدم حلاً أرخص و أأمن من الرحلات الفضائية التي يمكن أستخدامها لحمل رواد الفضاء لأستكشاف الكواكب . فالمصعد يتم تشغيله بواسطة كيبل مصنوع بشكل إنبوبي ، و صفائحه المبرومة مصنوعة من ذرات الكاربون و مادته أقوى عدة مرات من مادة " الستيل " . يبلغ عرض كل صفيحة كاربونية حوالي 3 قدم و سمكها أرق من سمك قطعة من الورق العادي ،كما تبلغ حمولة الكيبل في كل مرة حوالي 13 طن من المعدات. الكيبل سيكون مشدودا الى منصة فوق خط الأستواء على شاطيء الباسفيك في أميركا الجنوبية حيث تكون الرياح هناك هادئة و المناخ جيد بشكل عام و رحلات الطائرات التجارية قليلة . المنصة ستكون متنقلة و لذا فأن الكيبل سيتحرك خارج مدار الأقمار الصناعية ليتلافى الأصطدام بها . " ديفيد براين " كاتب قصص الخيال العلمي و الذي يرتبط بعلاقات قوية بالعلماء الفيزيائيين في جامعة " سان دييغو- كاليفورنيا " يعتقد ان فكرة المشروع قوية ، لكن من المشكوك فيه ان مصعدا مثل هذا هذا سيتم تشغيله في 2019 . " ليس هناك أدنى شك ان أحفادنا سيستعملون المصعد الفضائي روتينيا " هذا ما قاله براين ، و أضاف " بيد ان الأمر قد يستدعي جيلا آخرلجمع التكنلوجيا المطلوبة "<br />مشروع " إدوارد" إستوجب إقامة ثالث إجتماع موسع حول المصعد المقترح في واشنطن ، و المتكلم الرئيس في هذا الأجتماع على مدى ثلاثة أيام هو " جون مانكنس "مدير قسم تكنلوجيا الأنسان الآلي في وكالة " ناسا " .<br />منظموا اللقاء قالوا: تمت مناقشة التحديات التكنلوجية و الحلول و الجدوى الأقتصادية لمشروع المصعد المقترح .<br />إن المصعد الفضائي ليست فكرة جديدة ، فالعالم الروسي " كونستين شيلوكوفسكي " سبق أن وضع تصورا له قبل قرن مضى .<br />و رواية " آرثر سيز كلارك – و جود الفردوس " التي نشرت سنة 1979 تحدثت عن المصعد الفضائي بأرتفاع 24.000 ميلا ، و قيام مستعمرات دائمة على سطح القمر وعطارد والمريخ.<br />الجديد حاليا كما يقول إدوارد: " هو إننا نمتلك المعادن و المواد التي تمكننا فعليا من بناءه "<br />لقد وضع " إدوارد" تصورا لقذف قسم من الكيبل في الفضاء بواسطة صاروخ .<br />سمي المصعد " بالمتسلق " الذي سيكون متصلا بالكيبل في الفضاء المشدود بين سطح الأرض و حافة الفضاء .<br />يصف "إدوارد " العملية: " كما لو أن كرة تدور بشكل مغزلي حول سلك يدور حول رأسك حيث أن دوران الأرض يجعل الكيبل مشدودا و متوترا " .<br />سيعتمد المصعد في تشغيله على طاقة كهربائية ناتجة عن تحويل الضوء الى كهرباء بواسطة خلايا كهروضوئية .<br />و يقول" ادوارد": إنه على الأرجح يحتاج الى عامين آخرين من التطوير و التحسين على المادة الأساسية للكيبل لغرض إختيار الصلابة المطلوبة ، و بعد ذلك يعتقد إدوارد ان المشروع سيبدأ .<br />" أما الأعاقة الرئيسية على الأرجح فهي العامل السياسي و التمويل و هما عاملان مترابطان " كما يقول ادوارد .<br />و يضيف " ان التقنيات ، ليست مشكلة حقيقية بعد الآن ".<br /><br />ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br /><br /><br />شرح الصورة:<br />1) مصعد الى الفردوس<br />ما يقرب من 90% ال 99% من نفقات الرحلات الفضائية تأتي من صواريخ الدفع ، المصعد الفضائي من الممكن أن يقلص هذه النفقات من خلال نقل الحمولة بدون الأستعانة بالصواريخ .<br />العالم برادلي يعتقد ان المصعد الفضائي سيتم بناءه خلال 15 سنة و يكلف 10 بليون دولار .<br /><br />2) الجاذبية الأرضية و قوة الطرد المركزي ضد بعضهما البعض تحفظ المنصة عند حافة الفضاء مشدودة و ساكنة .<br /><br />3) المرساة تقع غرب الأكوادر فوق منصة نفطية طافية و مجددة لهذا الغرض .<br /><br />4) 650 طن وزن المنصة السابحة على حافة الفضاء .<br /><br />5) الحبل : ال 62 الف ميل من الحبل ( أكثر من ربع معدل المسافة بين الأرض و القمر ) مكون من آلاف الأنسجة الكاربونية المدعومة و المترابطة بأشرطة ساندويجية . و الكيبل المطلوب لأنجاز هذا الحبل هو العنصر الأساسي الوحيد غير المتوفر تجاريا .<br /><br />6) 8 إنج عرضا كبداية .<br /><br />7) تمتد الى 3 قدم عرضا .<br />8) أرق من سمك قطعة من الورق.<br />اذا الحبل تكسر و انقطع لأي سبب فان قطعة الحبل هذه سوف لن تحترق في ( الأوتوموسفير ) بل ستسقط على الأرض مثل سقوط صفحة من جريدة.<br /><br />9) المتسلقات الأبتدائية تسير بسرعة 124 ميل في الساعة و يمكن أن ترسل 13 طن من الحمولة الصافية الى الفضاء كل ثلاثة أيام .<br /><br />10) الطاقة الأشعاعية المرسلة .<br />الضوء الليزري يهدف الى انتاج الكهرباء .<br />الكثافة الضوئية على اللوح تعادل 10 مرات مثيلتها تلك القادمة من الشمس لكن الطيور و الطائرات تستطيع الطيران خلالها دون أن تتعرض للأذى .<br />أُُختيرت الأكوادور لأنها نادراً ما تتعرض للبرق أو العواصف الأستوائية .<br /><br />ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br /><br />ahmad_alsaleh58@yahoo.com </div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-26292343591727177302008-08-05T20:41:00.000-07:002008-08-05T20:46:05.215-07:00<div align="right"><strong>أمتحان " العراقية " في عراقيتها</strong><br /><br /> <strong>دراما التلفزيون</strong><br /><br /> أحمد الصالح <br />( ورد لي - و العهدة على الراوي - أن أحد الفنانين العراقيين المشهورين، كان قد تباهى مرة أمام مثل المصري" فريد شوقي "عند زيارته الى بغداد مطلع الثمانينيات ، بأن " الرئيس صدام " قد أهداه شخصيا ًسيارة، و هذا دليل- برأي الفنان طبعاً - بأن " رئيسه " يرعى الفنانين بوجه خاص !! فرد "فريد شوقي" على صاحبنا المشهور جدا ً، وعلى الفور : " يا أبني أنا بأقدر أشتري خمس سيارات بأجور فلم واحد بس !!<br /><br />لعل فنانا ذاك أدرك حجم الخديعة التي كان يعيشها هو وزوملاؤه وقتئذ - أو لعلهم لم يدركوا ذاك حتى اليوم - فعمله وجهده الفني المميز قد ييسرله حياة كريمة و رغيدة من كده و انتاجه دون حاجة للتوسل و التملق لهذا أو لذاك ،مثله مثل كل الفنانين على وجه الأرض ..<br />فلماذا كان الفنان العراقي دون سواه، يعيش عيشة الزهد و الضيق و تدهورت حياته<br />المعيشية في التسعينيات خاصة أسوة بحياة أغلب العراقيين.. فما عدا زمرة "الرداحين" و"الزاعقين" و"الكاولية" الذين تربطهم برجال النظام وشائج وثيقة و علاقات يومية مستمرة ، كان الجمع الأكبر من الفنانين ( المسرحيين بخاصة ) يعانون أشد المعاناة من القهر والعوز والفاقة ،ولامبالغة في هذا الوصف ، فقد أضطر البعض منهم لممارسة أعمال لم تخطرعلى بال احد أن يمارسها فنانون معرفون.<br /><br />خدعة التضامن العربي<br /><br />و مع التردي المستمر للحالة المعيشية للفنان العراقي و حاجته لتوفير لقمة العيش لأسرته ،أطلَّ عليهم " الأشقاء العرب " بخدعة جديدة و تحت لافتة التضامن والأخوّة.. و ما الى ذلك من عبارات كان النظام يروجها و يثقف الناس بها ، لكنها على الدوام كانت على حساب مصالح العراقيين و لحساب غيرهم من العرب.<br /><br />و أبتدأ " اللعبة " بعض المنتجين الأردنيين- و تبعهم عرب آخرون حتى اليمنيين - و معظمهم من الفنانيين الذين أكثروا من زياراتهم الى بغداد في مطلع التسعينات للمشاركة في الفعاليات التي كان النظام يقيمها لتبييض وجهه وتبرئته من تهمة الدمار الذي أصاب العراقيين في حروبه المستمرة و تبعاتها. ففي الوقت الذي كان فيه ضيوف النظام يذرفون الدموع الكاذبة على أطفال العراق المرضى والجوعى ، لا يتورعون عن النزول في أرقى الفنادق و يتناولون أدّسم الوجبات على حساب جوع العراقيين و أنينهم و وجعهم .<br /><br /> وعلى هذا المنوال المنافق، طُرحت فكرة " كسر الحصار الثقافي " وإتاحة الفرصة للفنان العراقي للأنطلاق الى الساحة العربية و ما الى ذلك من أكاذيب رخيصة ، فالأثنان ،- الضحية و الجلاد- كانا يعلمان أن العملية برمتّها إستغلال حاجة الفنان العراقي و إستثمار "فرق العملة" بعد التدهور المريع الذي شهدته قيمة الدينار العراقي مقابل العملات الأخرى ، فأضحى من اليسير على المنتج الأردني ( مثلا ً) أن يقوم بإنتاج مسلسل تلفزيوني درامي من عشر حلقات بتكلفة 10 آلاف دينار أردني فقط ( ما يقرب من 1300 دولار أمريكي )، و يعلم العاملون في حقل الإنتاج التلفزيوني كم هي تكلفة متدنية ، و من المؤكد أنها تضمن عائدا ربحيا عاليا ً.<br /><br />فكيف تم تمرير هذه الخدعة و على حساب من ؟!<br />إنها على حساب الفنان العراقي بالطبع، و ذلك من خلال الإتفاق معه على أجور محسوبة بالدينار العراقي ( حيث وصلت قيمته في أحد سنوات التسعينات الى ما يعادل 1 \ 4000 من الدينار الأردني ) ..<br />ثم على حساب تلفزيون الدولة العراقية و الشركات العراقية المالكة للمعدات التي يتم تأجيرها بأبخس الأثمان ، بالإضافة الى فلتان الوضع القانوني في البلاد وضياع الحقوق مما يسّر للمنتج العربي التصوير في أي مكان و في أي زمان مجانا ً أو مقابل رشاوى تافهة لهذا المسؤول الحكومي أو ذاك المسؤول الحزبي .<br /> <br />ترويج بائس<br /><br />و نشط الأنتاج التلفزيوني على هذا النمط و إستقطب عدداً كبيراً من الفنانين العراقيين الذين تخلى قسم منهم عن الكثيرمن القيم الفنية التي كانوا يتمتعون بها و ينشدونها و شاركوا في مسلسلات أقل ما يقال عنها إنها تافهة شكلا ومضمونا ً ، ومتدنية في الطرح و المعالجة ، و تنطوي على ترويج بائس لقيم البداوة والتخلف و مصنوعة بعجالة " المُستجد " في الإنتاج و الطامح الى الربح السريع على حساب كل شيء .<br /><br /> و رغم المرارة التي حصدها الفنان العراقي من هذا النشاط المخادع و الذي تواطئ على سطحه المنتج العربي وجلاوزة السلطة ،على حساب مصالحه المادية ، فإن طعم المرارة كان أشد عندما تم هدرإعتباره المعنوي أيضا ً.. فما أن تغادر "الأشرطة" الى خارج العراق حتى يتم شطب جميع أسماء العاملين من العراقيين بمن فيهم الممثلون من " تايتل المسلسل " و يتم إستبدالهم باسماء وهمية ، و لسان حال الفنان العراقي يقول:<br />*( " اللعنة على العوز وعلى كل من كان سبباً في إذلال وهدر كرامة العراقي و هو من أهل غنى"<br /><br /><br />إن تجارب مرّة من هذا النوع كنا نعتقد أنها ستكون بلا شك دروسا ً ممتازة للعاملين في قطاع التلفزيون في عراق المستقبل ..<br /><br />العراق الذي كنا ننشده للعراقيين أولاً وأخيراً وما من لغة مع الآخر سوى لغة المصالح التي تضمن حقوق العراقيين قبل الآخرين .!<br /><br />وها قد سردت عليك يا صاحبي أمنيات كانت تطوف في مخيلتنا و كنا قد نشرناها في الصحف قبل أسقاط نظام صدام يحدونا الأمل أن القادمين الجُدد بما وعدونا به قبل السقوط ، أنهم سيعدّلون "المايلة " وسيعيدون الحق الى نصابه ..<br /><br />فما الذي حدث؟!<br /><br />خلال خمس سنوات أُُنفقت من أموال الشعب على " العراقية " عشرات الملايين من الدولارات،..<br />ترى كم هي المسلسلات الدرامية و البرامج الفنية التي يسرت فرصا ً معقولة للفنانين العراقيين حتى تغنيهم عن التسول في حواري دمشق أو دبي أو القاهرة أوعمّان ؟؟!!<br /><br />وهل من وسائل عملية و فعلية تم تسييرها للفنانين العراقيين تمنعهم من اللجوء بفعل العوز والحاجة الى الوقوع في شباك " الغير " بدلا ً من أن تكون لهم" الشبكة العراقية" عونا ً و حصنا منيعا ً يحمي مواطنتهم !!؟؟<br /><br />ومن سيرفع الحيف عن أجيال من الفنانين يُعدّون بالعشرات أولئك الذين أضطروا الى مغادرة بلادهم منذ السبعينيات حتى اليوم ، و ما من وسيلة تعينهم على العيش هم و أُُسرهم في بلاد الغربة، سوى المساعدات التي تتكرم بها دول و مجتمعات أجنبية أنصفتهم بعد أن ظلمتهم دولتهم وجارَعليهم مجتمعهم ؟؟!!<br /><br /> نعم أنا لست من دعاة ولوج الدولة الى ميدان الإنتاج التلفزيوني الفني والإستفراد به حسب مزاج القائمين عليها وهذا حديث آخر سيكون في وقت آخر.. لكن هناك أموال عامة تعود ملكيتها للشعب العراقي قد أُُنفقت فعلا ًعلى مؤسسة تابعة للدولة و قائمة باسم " قناة العراقية "..<br /> و جزء من هذه الأموال كان من المفروض،أن قد تم تخصيصه للأنتاج الدرامي التلفزيوني ..<br />فما هي عوائد هذا الإنفاق ، و ما حجم إستفادة الفنانين العراقيين منه ؟؟!!<br /><br />لماذا يعمد الفنان العراقي للعمل في " الشرقية " و " السومرية " و " البغدادية "و " الديار " على سبيل المثال و لماذا يعزف عن العمل في " العراقية " ؟؟!!<br /><br /> تلك الأموال التي تُنفق على رحلات الوفود الأدارية "للشبكة" و"العراقية" الى خارج العراق مع البذخ و الأسراف البائن لأعضاء تلك الوفود و رؤسائها في المطاعم و الفنادق الفخمة <br />( هناك أشرطة فديو موجودة على موقع (( اليو توب)) لمن يريد الأطلاع على صورة البذخ والأسراف )..<br /><br />أليس الفنان العراقي أولى بقسم من هذه الأموال، تخصص لأنتاجه الفني بدلا ً من التذرع بضيق اليد و قلة التخصيصات المالية ؟؟!!<br />أما إذا أدّعت " العراقية " ضرورة المشاركة بوفود في المهرجانات الفنية خارج العراق، فهل المشاركة ،ان توجبت تستدعي هذا العدد الكبير من الإداريين الطفيليين على حساب الفنانين الحقيقيين أصحاب النتاج الفعلي ؟؟!!<br /><br />و بعد عن ماذا أحدثك أيضا ً ..<br />عن الأموال المهدورة في شراء الأعمال التلفزيونية المصرية الهابطة و الإصرار على عرضها على شاشة العراقية ؟؟! مسلسلات لا تصلح للعرض في أكثر الفضائيات فقرا ً و سذاجة ..<br />أما التمشدق بمطلوبية المادة التلفزيونية المصرية على الشاشة العراقية ، فهذه حجة بائسة و مردودة بالمثل البارع الذي قدمته الدراما السورية في السنوات الأخيرة عندما أكتسحت الشاشات العربية و أنهت أسطورة سيادة المادة التلفزيونية المصرية .<br />و ما حصل هذا الأنجاز الا لأن الأداريين والمنتجين السوريين العاملين في قطاع الإعلام الحكومي و الخاص، أدركوا ولو في وقت متأخر أهمية دعم الإنتاج الفني الوطني و تغليبه على أي نتاج وافد آخر، و بذلك أستطاعوا خلال سنوات قليلة تحقيق هذه القفزة الهائلة في الدراما التلفزيونية و سواها ..<br /><br />إذن هل تحتاج " قناة العراقية" الى ذكاء خارق للقيام بنفس التجربة وتخصيص هذه الأموال لإنتاج فني عراقي خالص لو كانت حقا ً حريصة على تشجيع الإنتاج الوطني في حقل الدراما التلفزيونية ؟؟!!<br /><br />قد تتذرع إدارة الشبكة، بأن معظم الفنانين العراقيين قد غادروا البلاد فمن أين ، نأتي بفنانيين عراقيين لينتجوا لنا أعمالا تلفزيونية ..؟!<br /><br />وإذا تغاضينا عن ، أن للشبكة والقائمين عليها دورا ً ليس بالهين في هجرة الكثيرمن الفنانين الى خارج البلاد بسبب سؤ ادارتها للموارد والمحسوبية والفساد المفزع الذي أبتلت به هذه المؤسسة مثل الكثير من مؤسسات الدولة الأخرى هذه الأيام.. <br />و سوغنا الهجرة لأسباب أخرى، فأن هذه الحجة مردودة على إدارة الشبكة أيضا ، فهي من باب أولى عليها القيام بجهد وطني خالص للسعي الى كسب هؤلاء الفنانين من خلال توفير فرص عمل لهم حتى في المهجر والمنافي و تيسير عودتهم مجددا ً الى بلادهم لتفادي وقوعهم و تسخير جهودهم لصالح أعداء العراق الجديد ، كما تريد منا " العراقية " أن نصدق شعاراتها ..<br />أليس كذلك ؟؟!!<br /><br /> إن " العراقية " يا صاحبي، كأدارة ترتكب أثما ً بائنا ً بحق الوطن و المواطنين من حيث تدري أو لا تدري ..<br /><br />لكني أكرر القول بأن في" العراقية " العديد من الشباب الموهوبين قدموا نتاجات فنية بارعة ووطنية مخلصة وفي حقول عديدة ، ولايمكن لمُنصف أن يتغافلهم ويعّز عليهم بكلمة الأشادة بالحق .. لكنهم في جميع الأحوال مواهب و طاقات فردية ليس للأدارة منة عليهم ..<br />ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br />* مقتطف من مقالة لي سبق و أن نشرتها في جريدة المؤتمر- لندن \<br /> بتاريخ 17 \1\2003 </div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-77803245377726054252008-08-05T19:34:00.000-07:002008-08-05T19:57:54.864-07:00<div align="right"><strong><span style="font-size:130%;">أستمر أيها الجنرال</span></strong><br /><br />قصة قصيرة\<br /><br />أحمد الصالح<br /><br /><br />- هل عرفتني ؟!<br /><br />- نعم يا سيدي إنك عزرائيل على ما أظن !!<br /><br />- أتعبتني أيها الجنرال .. يبدو أني لن أرتاح حتى أخطف روحك .<br /><br />- كما تشاء يا سيدي .. أنا بين يديك .<br /><br />- مهذب .. عكس ما يشاع عنك !!<br /><br />- جداًيا سيدي حتى أني لا أرفع صوتي على ضحاياي .. تكفي إشارة من إصبعي .. فتموت الجموع ..<br /><br />- و لماذا الجموع .. ألا يكفيك واحداً في اليوم .. إثنان .. عشرة ؟!.. لماذا تتعبني ؟!<br /><br />- ماذا أفعل يا سيدي ؟! هم يريدون الموت !!<br /><br />- أُقسم لك يا سيدي .. صحيح انني قاتل .. لكني طيب القلب أيضا .. لا أرد طلبا لرعيتي .. إنهم يريدون الجنة يا سيدي .. فهل أبخل عليهم بالخلود و أنا الذي جئت من أجلهم .. هل يعقل هذا ؟؟!!<br />كلا يا سيدي أرجوك .. لا تشكو من التعب ..<br />إتعب يا سيدي .. إتعب من أجل هؤلاء المساكين ..<br />و هل غيرهم أولى بالتعب ؟!!<br /><br />- حسن .....<br />استمر أيها الجنرال ...<br />أستمر .. و أني أستغفر الله من شكواي ..<br />أستمر أيها الجنرال ....<br />ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br /><strong>نشرت في مجلة التضامن – لندن – العدد ( 160 ) في 3\5\1986</strong> </div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-26763262561572918112008-08-05T19:29:00.000-07:002008-08-05T19:33:38.704-07:00<div align="right"><strong><span style="font-size:130%;">جلجلة</span></strong><br /><br />من هنا تبدأ الأسئلة<br />غرفة مقفلة<br /> حائط للسجين<br /> و لك ان تشتهي<br />طرقا موحلة<br />أول ينتهي .. بعد كل ذاك الطواف<br />و آخر لن ينتهي .. مهما أهتديت<br /> أو أرتويت<br /> أو كان ذاك الذي في لحظة قد تغير<br /> قد تحير !!<br />من هنا تبدأ الجلجلة .<br /><br /><br /> ***<br /><br /><strong><span style="font-size:130%;">سياط الراعي</span></strong><br /><br />للراعي الذي أخترته يا خروف أيها الخروف<br /> خمسة سياط<br /> و له خمس أكف<br />كل كف بخمسة أصابع<br /> أصبع يشير<br /> و أصبع يسعى<br /> و أصبع يهوى<br /> و أصبع يقترف<br /> و أصبع يدين<br /> وأنت رغم كل الذي أعطيته<br /> مديـــــــــــــن !!<br /><br /><br /> أحمد الصالح<br /> 1995</div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-27445728381756050922008-07-23T18:06:00.001-07:002011-01-18T18:02:00.762-08:00<div align="center"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjJTWwLPL2CzxaaWEUvXMPvdPd-CaGLSu7bIhrkv_8H5VekLwQSVUXjMFLtLxACxdkQpcvW71_1JR5m9AaEyLll1RBqImIeeevKgU-MMNej8XDBJoyJg1mrsShFAQteZE1GBvIVmHz2xhOe/s1600-h/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82+%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A7+%D9%88+%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7.jpg"><img style="TEXT-ALIGN: center; MARGIN: 0px auto 10px; DISPLAY: block; CURSOR: hand" id="BLOGGER_PHOTO_ID_5226381004625001474" border="0" alt="" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjJTWwLPL2CzxaaWEUvXMPvdPd-CaGLSu7bIhrkv_8H5VekLwQSVUXjMFLtLxACxdkQpcvW71_1JR5m9AaEyLll1RBqImIeeevKgU-MMNej8XDBJoyJg1mrsShFAQteZE1GBvIVmHz2xhOe/s400/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82+%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A7+%D9%88+%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7.jpg" /></a><span style="font-size:180%;"><strong> <span style="color:#3333ff;">العراق عسى و لعل</span> ! </strong><br /></span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-44702622479517592642008-07-23T17:46:00.000-07:002008-07-27T12:04:28.271-07:00تجيير المثقف لحساب السياسي<div align="right"><span style="font-size:130%;">تجيّير المثقف لحساب السياسي<br />ماجد السامرائي نموذجاً<br /><br />أحمد الصالح<br /><br />واحدة من نكبات العراقيين على مدى الخمسين سنة الأخيرة من عمر البلاد هي هجرة مثقفيه الى بلدان المنافي و بأعداد مفزعة تعبر تعبيراً صادقاً عن حجم الخسارة التي منُي بها العراق ، و لازال يخسر ، مادام السياسيون الأنتهازيون الطامحون مستمرون بمشاريعهم التي يمكن وصفها بأكثر الأوصاف لياقة أنها مشاريعا لا وطنية و لا تعنى بشؤون المواطنين لا من قريب و لا من بعيد .<br /><br />طالعنا السيد ماجد السامرائي بمقالة على ( موقع المجلس الأعلى للثقافة في العراق ) تحدث فيها عن هجرة المثقفين العراقيين الى المنافي و عن نشاطهم الثقافي و الأبداعي و أورد نماذج لنشاطات لعراقيين يعيشون الآن خارج العراق بوصفها نشاطات ( مقاومة ) للأحتلال الأمريكي للعراق..<br />فمعرض لمنحوتات الفنان الكبير محمد غني حكمت في عمّان أصبح معرضا ( مقاوماً ) للأحتلال، و مسرحية للفنان رائد محسن أصبحت مسرحية ( مقاومة ) للأحتلال ، و هجرة الشاعر و الصحفي و المسرحي و القاص الكبير المرحوم يوسف الصائغ الى سوريا على أُُخريات أيامه باحثٍ عن ملاذٍ آمنٍ يأويه من سخافات السياسة في بلاده – و هو الكاتب لقصيدة جزدان خديجة -، أصبح فعلا ً( مقاوما ) للأحتلال في عُرف السيد ماجد !!!<br /><br />و مع المقال ( ألصقت ) صورة لمسرحية قُدمت مؤخراً على شارع المتنبي من تأليف الكاتب المبدع و المواظب علي حسين و اخراج الفنان المبدع حيدر منعثر و جسد شخصياتها الفنانون الكبار سامي عبد الحميد و سامي قفطان و شذى سالم و رياض شهيد و آخرون .. مسرحية حكت عن أرهاب نذل دمر الشارع الذي يعد أحد رموز الثقافة في العراق و أودى بحياة عدد من العراقيين الطيبين .<br /><br />و لعل السيد ماجد يريد أن يقول لنا بنشره لهذه الصورة برفقة مقاله أن هذه المسرحية هي أيضا ( مقاومة ) للأحتلال و القائمين عليها هم أيضا ( مقاومون ) للأحتلال !!!<br /><br />طيب سوف لن أدخل في مهاترات الأحتلال و المقاومة هذه اللعبة القذرة التي ما زالت قائمة منذ أربع سنوات و راح ضحيتها الآلاف من العراقيين و خسارات مادية بمليارات الدولارات و فرص لتأهيل عراق ديمقراطي جديد على أنقاض أستبداد بغيض عاش مرارته السيد ماجد أيضا في وقت ما ..<br /><br />انما يهمني التوجه بالسؤال عن أولئك المثقفين الذين هاجروا الى المنافي في عهود سالفة قبل عهد ( الأحتلال ) !؟<br />ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد صدام ؟<br />ماذا لو يحدثنا عن هجرة المبدعين و المثقفين في عهد البكر ؟<br />ماذا لو يحدثنا عن هجرة المدعين و المثقفين في عهد الأخوة عارف ؟<br />ماذا لو يحدثنا عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد عبد الكريم قاسم ؟<br />ماذا لو يحدثنا عن الهجرة المليونية لعراقيين على مدى عقود و هم يبحثون عن ملاذ آمن لهم و لأطفالهم يقيهم شر الحروب القذرة التي تورط بها السياسيين و الحزبيين المتعصبين و الطامحين للحكم على أشلاء جثث أبناء بلدهم ؟!<br /><br />ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة أسماء عراقية لامعة في عالم الأبداع و الثقافة و عن زمن هجرتهم و عن أعمالهم هم أيضا في الهجرة ؟!<br /><br />ماذا عن الجواهري يا سيد ماجد و ماذا عن البياتي و النواب و سعدي و غيرهم من الشعراء ؟!<br />ماذا عن هجرة غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي و أبراهيم احمد و سليم مطر و غيرهم من القصاصين و الروائيين ؟!<br /><br />ماذا عن هجرة خليل شوقي و عوني كرومي و قاسم حول و جواد الأسدي و فيصل الياسري و قاسم محمد و ابراهيم الزبيدي و كاظم الساهر و نصير شمه و غيرهم من الفنانين و الأعلاميين ؟!<br /><br />ماذا عن هجرة شاكر السماوي و عزيز السماوي و أبو سرحان و كريم العراقي و غيرهم من الشعراء الشعبيين ؟!<br />ماذا عن هجرة ياسين النصير و حاتم الصكَر و فاضل ثامر و ضياء الشكرجي و فالح عبد الجبار و محمد عبد الجبار الشبوط و عادل عبد المهدي و طالب الشطري و عبد اللطيف الحرز وغيرهم من الكتّاب و النقاد ؟!<br /><br />ماذا عن هجرة عشرات الأسماء المبدعة من الرسامين و النحاتين و الموسيقيين و الصحفيين وأساتذة الجامعات على مدى الخمسين سنة الماضية و تحديداً في العشرين سنة الأخيرة من عهد النظام السابق ؟!<br /><br />ترى هل كانت هجرة كل تلك الأسماء المبدعة في عالم الثقافة العراقية بقصد ( مقاومة ) المُحتل الذي يريد السيد ماجد (بشخطة ) مقال واحد، أن يجيّر كل أنجازاتها لصالح خطاب سياسي معروفة مقاصده، وتبعا لذلك علينا أن ننسى كل ذاك الضيم و الحيف و الأستهتار الذي لحق بالثقافة العراقية و المثقفيين العراقيين بسبب الأحتراب بين ( سياسيين وطنيين [جداً ] و عصابيين موتوريين ) جعلوا من السياسة في العراق مجرد ميدان لتناطح الثيران المخصية ، فكان من نتائج صراعهم البائس على السلطة و منافعها أن دمروا بحوافرهم وسحقوا كل شيء جميل و معافى في هذا البلد المنكوب !!<br /><br />يريد لنا السيد ماجد أن نُحيل سبب هجرة كل أولئك المبدعين الى الأحتلال و الرغبة المُلحة في ( مقاومة) الأحتلال من على الأراضي الأردنية و السورية و القطرية و اليمنية و المصرية و التونسية مثلاً ؟؟!!<br /><br />ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن الأموال القذرة التي أشترت عدد من أصوات المثقفين العراقيين و جيّرتها لخدمة أجندات مخابرات دول الأقليم تلك الدول التي عمرها ما أرادت خيراً لا بالعراق و لا بأهله ؟!<br /><br />المثقفون و المبدعون العراقيون الطيبون ما عادت تنطلي عليهم سخافات الأقلام المشتراة لحساب هذا السياسي أو ذاك ، لحساب مخابرات هذه الدولة أو تلك ، فهم يعلمون جيداً أن مشروعهم الثقافي و الأبداعي أسس و يؤسس لثقافة عراقية وطنية أصيلة ترفض تجيير أنجازاتهم لخدمة السياسيين الأنتهازيين البائسين في هذا العهد و كل عهد ، ثقافة خالية من وساخات السياسيين الطامعين بالحكم في هذا العهد و كل عهد .<br /><br />و أن سكت المبدعون عن فضح الأنتهازيين المتاجرين بانجازاتهم فهم ساكتون على مضض أو خشية من ارهاب يتربص بهم على عتبة باب الدار ..<br /><br />أما نغمة ( مقاومة ) الأحتلال التي يحلو للبعض الترّنم بها، فستكشف لنا الأيام القادمة عن ( نشازها ) بعد أن يتم ( التصافي ) بين ( المقاوم ) و المحتل على كعكة السلطة و منافعها ، و اعتراف أطراف اللعبة جميعهم ( بحصصٍ لكلٍ منهم ) على طريقة ( التحاصص ) السائدة هذه الأيام ..<br /><br />و يأمل المبدعون و المثقفون والعراقيون الطيبون جميعهم من قبلهم، أن يأمنوا شر نتائج هذا (التحاصص السياسي ) الذي فتّ بعضدهم و أطاح بأحلامهم على مدى سنين، أحلام في بلاد آمنة عادلة كريمة مع أبناءها !!<br />لا بلاد طاردة لأبناءها تلاحقهم بالزيف و الرعب و الأكاذيب حتى في منافيهم !!ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-43828095403395191372008-07-22T21:21:00.000-07:002008-07-27T13:22:43.244-07:00في مفهوم العدالة في العراق الجديد<div align="right"><span style="font-size:130%;">توزيع حصص متساوية من عوائد الثروات الطبيعية ( النفط بخاصة ) على جميع أفراد<br />الشعب العراقي<br /><br /><br /><br />أحمد الصالح<br /><br /><br />بين مجمل المسائل العالقة في العراق الجديد تبرز مسألة التوزيع العادل للثروة الطبيعية على مستحقيها الحقيقيين من أفراد الشعب العراقي بوصفها المسألة الأكثر الحاحا بل تكاد تكون و بلا مواربة هي حجر الزاوية الذي ترتكن اليه جميع المسائل العالقة الأخرى.<br />فبأي حال من الأحوال لا يمكن فصل المسألة الطائفية عن مسألة التوزيع العادل للثروة كما لا يمكن فصل مسألة الحكم و أستحقاقاته عنها و هكذا دواليك بالنسبة لمسألة العجز الظاهر في واقع الأقتصاد الوطني و مسألة التردي المفجع في الخدمات الأساسية و البنية التحتية للبلاد ومسألة الأمن ومسألة الفساد الأداري و مسألة العلاقات مع دول الجوار ومسألة تنظيم و تسوية العلاقات مع الولايات المتحدة راعية العملية السياسية في العراق الجديد.. و غيرها من المسائل العالقة الكثيرة التي أضحت هموما ثقيلة ما من أحد يعاني منها بقدر معاناة العراقيين أنفسهم الذين هم أصحاب المشكلة برمتها و الأولى بهم قبل غيرهم البحث عن حلول لها و تحمل تبعاتها.<br /><br />السلطة و ثروة الأفراد<br /><br />السلطة في العراق هي مصدر ثراء الأفراد بالأمس و اليوم و غدا، وقد تشترك جميع دول الشرق الأوسط مع العراق في هذه المعادلة البسيطة ( السطة = الثروة)، بيد أنه يشار للعراق بأنه البلد الذي يقدم صورة فاضحة و صريحة أكثر من غيره لها، و قراءة سريعة لتأريخ الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها على يد البريطانيين في العام 1921 حتى اليوم يكشف بما لا يقبل اللبس أن الثراء الفاحش الذي يتمتع به عدد محدود من الأفراد والأسرالعراقية كان مبعثه على الدوام قربهم من السلطة و أستحواذهم على قرار توزيع عوائد الثروة الطبيعية للبلاد ( النفط بخاصة ) بينهم و على أشكال مختلفة، فقد تكون على شكل مرتبات ضخمة أوعقود من الدولة في مقاولات أو مناقصات أو أيفادات اوتسهيلات مصرفية أوغيرها من الأساليب التي يجيدها الوصوليون و الأنتهازيون دوما للأستحواذ على ثروة أبناء البلاد و ترك الفتات المتبقي الذي لا يسد رمق جائع ولا يكسي عريان .. و كل هذه السرقات تتم عادة تحت يافطات ذات طابع مظلل عموما فمرة طابعها ( وطني ) و مرة قومي و مرة طابعها طائفي و مرة طابعها مناطقي و مرة طابعها حزبي .. وهكذا.<br />فكم هو عدد الأفراد في العراق الذين استطاعوا أن يحققوا ثروات فاحشة تبعا لأختراع تقدموا به مثلا ، أو عمل فريد قاموا به دون غيرهم ، أو مغامرة لأستكشاف ثروات نادرة على طريقة الباحثين عن الذهب في الغرب الأمريكي !؟ لا أحد.<br />جرد سريع على سبيل المثال لأملاك و عقارات و أراضي و مزارع و مصانع و تجارة و نفوذ مالي يتمتع به فلان من الأمعات،لم يتأتى أليه الا لأنه كان خالا أو أبنا أو أحد أقارب رئيس السلطة أو أحد النافذين فيها في هذا العهد أو أو ذاك ، لا فرق الا بدرجة الأستحواذ و الثروة ، أما فعل السرقة فهو واحد.<br /><br />و تأسيسا على ما تقدم فأن الصراع على السلطة في العراق كان على الدوام هو صراع بين الأفراد للأستحواذ على ثروة البلاد و توابع هذه الثروة من نفوذ و جاه و ملذات دنيوية يعرفها الأثرياء جيدا.<br />و من باب أولى فأن تلك القراءة التاريخية لما يسمى بالعهد الوطني في العراق في القرن الفائت تؤكد أن نظم الحكم المتعاقبة على السلطة بمجموعها كانت نظما ظالمة في مسألة توزيع عوائد الثروات الطبيعية ( النفط بخاصة ) على جميع أفراد الشعب العراقي بعدالة و بأنصاف . و بعيدا عن الأجحاف و قريبا من الأمانة الموضوعية فأن درجات ظلم نظم الحكم تلك كانت متباينة من نظام الى آخر، فلا يمكن بأي حال من الأحوال قياس عهد الراحل عبد الكريم قاسم و مشاريعه الجبارة- نسبة للعوائد حينئذ- لخدمة أبناء البلاد ( السكنية والخدمية و المعيشية ) بعهد آخر.<br />بيد أن عهد عبد الكريم قاسم أيضا يشترك مع العهود الأخرى في عدم اقراره قانونيا وعمليا حقوق أفراد الشعب العراقي جميعهم بعوائد ثرواتهم الطبيعية ، سوى جملة عائمة في الدستور (ان الثروات الطبيعية في البلاد هي ملك للشعب ) أما كيف ستكون ملك للشعب و بأي طريقة ؟ فها نحن ندخل في التفاصيل و يدخل الشيطان معنا، و الشيطان كما تعلمون يتحمل على الدوام خطايا اللصوص و هو بريء منها .<br /><br />ان التمايز الطبقي و الثراء الفاحش الذي شهده المجتمع العراقي خلال ( العهد الوطني ) عبر عقود، يعود بالدرجة الأساس الى سرقة عوائد الثروة الطبيعية ( النفط بخاصة ) من قبل فئة صغيرة من الأفراد والأسرعلى حساب الأعم الأغلب من أفراد الشعب.<br />وأرى ان لم يتم تحقيق نظام عادل لتوزيع الثروة النفطية على العراقيين كأفراد وأصر على التوصيف (كأفراد)، أذ ان واحدة من أكبر المظالم التي يعاني منها العراقيون ان قضاياهم تعمم دائما باسم الطائفة مرة و باسم القومية مرة و باسم الطبقة مرة و باسم الحزب مرة و باسم العشيرة و القبيلة مرة و باسم الأقليم مرة و باسم المنطقة مرة و لا ينظر لهم كأفراد بشر يستحقون الحياة ، الى حد تضيع حقوق الأفراد و يستحوذ واحد أو عدد قليل من الأفراد على الثروة و تُحرم الغالبية العظمى منها.<br />لذا و كخطوة أولى ، أدعو الى :<br />توزيع عوائد الثروات الطبيعية للبلاد ( النفط بخاصة ) و بحصص متساوية على جميع أفراد الشعب العراقي في الداخل و الخارج و بما يليق بأستحقاقهم الشرعي من ثروات بلادهم.<br /><br />ان أمرا بهذه القوة سيسهم الى حد كبير في السيطرة على الأضطراب السياسي و الأمني في البلاد اللذان ان استمرا فسنشهد له أطوارا أكثر تدميرا للعراق و للعراقيين.<br /><br />علامات على الطريق<br /><br />أولا علينا أن نقر بحدود دولة العراق القائمة الآن وفق الأتفاقيات الدولية المعترف بها و التي لم تبطل قانونا حتى اليوم ، فالعراق اليوم هو ليس عراق الميزوبتميا (بلاد وادي الرافدين ) كما متعارف عليه تاريخيا ، كما هو ليس العراق ( العروبي- الذي هو جزء من الأمة العربية حسب أدبياتهم و بالتالي للأمة من المحيط الى الخليج الحق في ثرواته ، على حساب حقوق أبناءه الحقيقيين !!! ) ، كما هو ليس العراق ( الرمز و الفكرة و الصورة الشعرية الرومانسية ) كما يرد في مخيلة الشعراء، كما هو ليس العراق ( الطائفي) أو المذهبي أو القومي على طريقة الساسة الجدد .<br />العراق ، هو العراق كما هو في خرائط الجغرافية و في وثائق المنظمات الدولية، ذو الحدود الدولية المعروفة و التشكيلات الأدارية ( ال 18 محافظة ) المعروفة أيضا ، العراق بالملايين من سكانه، بمن ينتسب اليه حسب وثيقة الجنسية العراقية التي يحملها صاحبها سواء كان في الداخل أو في الخارج .<br />أذ لابد من الأعتراف بهذا العراق لأن المسالة ليست مسألة رغبة شخصية أو مزاج شخصي ، انما هو واقع متحقق على الأرض و مدعوم بأتفاقيات دولية فاعلة لليوم ، كما هو جزء قائم من نظام شرق أوسطي تشكل بعد الحرب العالمية الأولى و لم يصار الى تغييره تبعا لفعل حرب أخرى او تبعا لتسويات سلمية لتغيير هذا النظام حتى الآن ، كما هو واقع متحقق و قائم بفعل تأثير دولة عظمى ( الولايات المتحدة ) لديها عشرات الآلاف من الجنود على الأرض و قوة عسكرية جبارة تجول في الأقليم و لها حسابات و مصالح تستدعيها الحفاظ على حدود العراق الحالية كما عبرت عن ذلك مرارا في تصريحات مسؤوليها و على أعلى المستويات .<br />بل حتى الأصطراع المفتعل الذي أراد له الأرهاب و دول الجوار أن يشتعل بين ( الكتل ) السكانية الثلاث ( الشيعة و السنة و الأكراد كما أصطلح عليها في وسائل الأعلام ، و ان كنت لا أميل لهذا التوصيف) ، وخاب مسعى الأرهاب و من يدعمه، يؤكد قناعة جميع العراقيين على تنوع انتمائاتهم أنهم لا يمكنهم تصور عراق آخر غير العراق الذي هو قائم الآن .<br /><br />هذا هو العراق الذي أراه و ان لم يستمر هذا التوصيف للعراق أو أن هناك من لديه توصيف آخر وخارطة جغرافية أخرى لعراق آخر، فليأتنا بها و عند ذاك سيكون لنا حديث آخر بالتأكيد .<br /><br />كما علينا أن نقر أيضا بالنظام الفدرالي وعلى أساس أداري ، و ليس على أي أساس آخر( طائفي أو قومي ، أو اقليمي- طائفي أو أقليمي- قومي ، كما يتحايل عادة بعض السياسيين من خلال اللعب بالمفاهيم و المصطلحات )<br />و علينا أن نقر أيضا بالنظام الديمقراطي المعمول به في العصر الحالي في دول الغرب عموما ، فالمتحذلقين يعلمون قبل غيرهم أن ليس هناك ( ديمقراطية ) أسلامية أو مسيحية، أو ( ديمقر اطية ) عروبية أو كردية ، و هكذا دواليك ، هناك مفهوم واحد للديمقراطية في العصر الحديث ، هي ديمقراطية تضمن حقوق جميع سكان البلاد بغض النظر عن القومية و الدين و المذهب و العرق و اللون و الجنس .<br />كما علينا أن نقر بلائحة حقوق الأنسان الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، و دولة العراق سبق لها أن وقعت على هذه اللائحة وأعترفت بها.<br /><br />و بناء على ما تقدم يمسي حلم العراقي في دولة سيادة القانون و حماية حقوق الأنسان و العدالة لا يمكن تحقيقه بدون التوزيع العادل لعوائد الثروات الطبيعية للبلاد ( النفط بخاصة ) على جميع أفراد الشعب العراقي و بحصص متساوية .<br />فالمبدأ الأساس في عدالة الدولة الجديدة هو لكل مواطن عراقي حصة معلومة من عوائد ثروات بلاده يستلمها فعلا بلا مواربة و تسييس .<br /><br />كيف يتم توزيع هذه الحصص ؟<br /><br />يُعمل على البدء بنظام انتخابات من نوع آخر ( عدا نظام انتخابات الهيئات السياسية ) يُتيح لجميع أفراد الشعب العراقي من انتخاب هيئة مفوضين عليا لأدارة شؤون الثروات الطبيعية في البلاد و تتكفل توزيع عوائدها على جميع العراقيين، و يُعمد الى الترشيح الفردي لأشخاص مستقلين سياسيا و مشهود لهم بالنزاهة و المعرفة و العلم ( مؤهل علمي معترف به يؤهل المرشح لأستيعاب علوم منهجية لها علاقة بالموارد الطبيعية و أستخراجها و أدارتها وأقتصادياتها ثم توزيع عوائدها، فأستخراج النفط ليس له علاقة بغسل الجنابة مثلا !!)<br />و ينتخب العراقيون جميعا في الداخل و الخارج وحسب التشكيلات الأدارية من الناحية الى القضاء و المحافظة ثم المركز بغداد ، مفوضيهم بالاقتراع السري المباشر .<br />ان التاكيد على مؤهل المرشح العلمي و تحصيله الدراسي شرط لا بد منه كما هي الشروط الأخرى لتجنب الأشكالات الكارثية التي أرتكبتها عملية الأنتخابات السياسية السابقة والتي اعتمدت قوائم ( خالات و عمات ) رئيس القائمة و غضت النظر عن مؤهلات المرشحين فتشكل لنا مجلس النواب الحالي و مجالس المحافظات التي تعرفون !!!<br />فمرشح لهيئة مفوضي أدارة شؤون الثروات الطبيعية في البلاد، لا يعرف أوليات أستخراج النفط و المعادن من الأرض و لا يعرف صناعاتها التحويلية او اقتصاديات بيعها و تسويقها ، و ربما لا يعي الفرق بين منظمة أوبك و منظمة أوابك على سبيل المثال ، فأنه سيكون ( كارثة ) منتخبة و مفوضة بشكل شرعي لسلب حقوق الأفراد و ليس لأنصافهم !!!<br />و ستكون هذه الهيئة مستقلة تماما عن الهيكلية السياسية القائمة بسلطاتها الثلاث لأنها هيئة معنية بحقوق العراقيين من عوائد ثرواتهم الطبيعية فقط و غير معنية بشؤون الحكم أو السياسة .<br />يمثل أعضائها جميع محافظات العراق و حسب النسبة السكانية و تقر نظامها الداخلي و تمنع تدخل القوى السياسية و الدينية و الأجتماعية في عملها تماما و تحدد هيكليتها الأدارية و مواردها ذاتيا .<br />ان تدخل القوى السياسية و الحزبية و المرجعيات الدينية في شؤون هذه الهيئة و عملها سيضر بها قطعا لأن تلك القوى سوف تعمل على تعميم حقوق أفراد الشعب العراقي تحت مسميات عديدة و تضيع بذلك حقوق الأغلبية لصالح أقلية ( أفراد أو أُسر ) تجيد اللعب بالشعارات العمومية التي تعرفون .<br />الحق في الثروة صفة فردانية غير قابلة للتعميم ، فيمكنك أن تعمم في الأنتماء العقائدي و المذهبي و القومي و العشائري و حتى المناطقي ، لكن ليس من الأنصاف التعميم في حقوق الأفراد المادية و المعنوية .<br />و بعبارة اخرى يمكنك أن تضع تحت صفة شيعي او سني أو كردي ملايين الأفراد ، لكنك قطعا لا يمكنك أن توزع ميراث (أحمد) -على سبيل المثال- على جميع ألأفراد الذي يحملون أسم (أحمد) !!<br />فحق (أحمد) بالميراث هو حق (أحمد) على وجه التخصيص و ليس حق كل (الأحمدات) .<br />و هكذا هو حق العراقي بعوائد ثروة بلاده الطبيعية ، هو حق فرداني خاص بذلك العراقي دون سواه مع اهمال انتسابه القومي و المذهبي و المناطقي و ما الى ذلك .<br />ان فهم من هذا النوع سيغلق الباب بوجه السياسيين و الناشطين أولئك الذين يسعون الى تعميم حقوق الأفراد تحت لافتات و شعارات عديدة يجيدون فنون التظليل بها ليحصدون المنافع لهم و لأسرهم فقط .<br />تشرف هذه الهيئة على جميع عمليات استخراج الثروات الطبيعية ( النفط بخاصة )أستكشافا و استخراجا و تكرارا و تسويقا و خططا مستقبلية .. و هكذا .<br />و تضبط الأيرادات ثم تقر توزيعها على جميع أفراد الشعب العراقي في الداخل و الخارج بحصص متساوية سنويا أو نصف سنويا و بمبالغ معلومة نقدا .<br />و تبعا لذلك يُعمد الى الغاء نظام البطاقة التموينية المعمول به حاليا حيث لا جدوى منه و لا داعي اليه و يستفاد من النفقات الكبيرة التي تُهدر على جيش من ألأداريين في هذا النظام بالأضافة للهدر المالي الكبير بفعل الفساد الأداري المتأصل معه ، و توفر الأموال المرصودة للبطاقة ضمن أموال الحصص النقدية التي سيتم توزيعها للمواطنين بشكل مباشر .<br />تستقطع من حصة كل مواطن و بموافقته نسبه نقدية معلومة لتعزيز خزينة الدولة و تعد موردا واحدا من موارد هذه الخزينة ( ولعلها ستكون الى فترة ليست قصيرة بوصفها المورد الأساسي من موارد الدولة بسبب اعتماد الأقتصاد العراقي على استخراج النفط حصرا ، و هذه واحدة من أشكالات دولة العراق الحديث كما هو معلوم ) و سيعلم المواطن و بشفافية كم هي الأموال الموجودة في خزينة دولته و كم هو الأنفاق الحكومي وما هي أوجه صرفه ، فالمال ماله و هو أحرص عليه من سواه.<br />و من نافلة القول ان حصة كل عراقي من عوائد مبيعات النفط لو كانت 1000 دولار مثلا و طُلب منه أن يتقدم بمبلغ 900 دولار لخزينة الدولة التي ستنفق فيما بعد على أوجه الصرف الحكومي من أمن الى خدمات الى تعليم الى صحة الى اسالة ماء و كهرباء و سواها ، فأني على يقين ان العراقي سيوافق فورا على أستقطاع هذه النسبة طالما يلمس وجود هذه الخدمات فعلا .<br />وهو سيوافق أيضا و بحماس لأنه يعلم ان هذه النسبة المستقطعة من حصته في ثروة بلاده هي ايضا مستقطعة من كاظم و عباس و بكر و ماركريت وعمر و علي و كاكه حمه و نوري و زهية و ياسمين ، فهؤلاء جميعهم عراقيون و جميعهم سيشملهم الأستقطاع مثلما جميعهم سيتمتعون بحصص متساوية من ثروة بلادهم .<br />و هكذا سيشعر موظف الدولة من رئيسها الى أصغر رتبة و ظيفية فيها انما هو يتقاضى راتبه من المواطنين و ليس العكس .<br />و هذا هو لب المشكلة كما تعلم يا صاحبي ،فموظف الدولة خاصة في المراتب العليا منها و رغم مروراربع سنوات منذ اسقاط صدام، لا يزال يعتقد أنه صاحب فضل و منة على المواطن ، فالميراث السياسي الذي أورثته الدولة العراقية الحديثة منذ تاسيسها في العام 1921 لهذا اليوم ركزت مفهوم أو ثقافة تعالي موظف الدولة على المواطن و أستهتاره بحقوق المواطن بما فيها حقه في الحياة و الا كيف يمكن تفسير السوق العسكري لمواليد بالجملة الى جبهات القتال في حروب رعناء هي في حقيقتها لحماية كبار موظفي الدولة و أسرهم.<br />و كل منا يحمل قصصا مروعة عن الشرطي و استهتاره بحق المواطن و أبتزازه بالرشوة فكيف يكون الحال أذن مع الرئيس او الوزير او حتى عضو برلمان ، فهم لا زالوا يعتقدون أنهم في دولة تتيح لهم أبتزاز المواطن و الأستهتار بحقوقه ، و ليس أكثر أستهتارا من تخصيص أموال كمنح لغير العراقيين من قبل المسؤولين في دولة العراق الجديد دون الألتفات حتى للأثر النفسي الذي يتركه هذا التبرع بعراقي لاجئء في خيمة داخل بلاده.( تم التبرع بملايين الدولارات لأفراد حزب الله في لبنان و التبرع بملايين الدولارات ايضا لأفراد منظمة حماس الفلسطينية ، و التبرع بربع مليون دولار من قبل السيد نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي الى فرد شيخ ألأزهر في مصر ، و تم التبرع بآلاف الدولارات من قبل السيد رئيس الجمهورية مام جلال لفرد كاتب جزائري ، و ما خفي كان أعظم )<br /><br />مواطن جديد و دولة جديدة<br /><br />المواطن الذي يتقاضى حقوقه من عوائد ثروات بلاده الطبيعية سيكون مواطنا جديدا بحق، مواطن لا يعتدي على ممتلكات دولته و لايشعر بالغبن و الحيف أزاء المسؤول في الدولة و سيسعى بكل مالديه من طاقة لحماية نظامه السياسي الجديد ، و سيتعزز لديه مفهوم المواطنة الحقة دونما حاجة للحث الديني أو القومي ، فسيفخر بانتسابه لوطنه العراق الذي منحه حق الحياة الكريمة ، و ليس هناك أكرم من الأكتفاء و الغنى و عدم الحاجة للسؤال على أبواب مفوضيات اللاجئين او على المخافر الحدودية في هذا البلد أو ذاك، كما ليس هناك أكرم من الشعور بالتساوي بين جميع المواطنين في تقاضي عوائد ثروات البلاد .<br />سيقدم المواطن الجديد بعد نيل حقوقه المادية والوفرة المالية التي سيتمتع بها ( فالخير كثير في العراق كما يبشرنا رجال الدولة الجديدة بأستمرار ) الى البدء بمشاريع اقتصادية بمعية أخوانه المواطنين و في ميادين شتى تجعل من العراق بلدا مزدهرا مستوردا للعمالة الأجنبية و ليس بلدا طاردا لأبناءه ( ورد في الأخبار مؤخرا أن شباب الناصرية أقبلو بحماس للعمل في قطع الأخشاب في غابات ماليزيا ، أليس عراقهم أولى بهم لو تيسر لهم المال الكافي لفتح مشاريعهم الخاصة بهم ؟!) سيشعر المواطن أنه هو الذي يدفع رواتب موظفي دولته من رئيسها الى أصغر موظف فيها مما يعيد التوازن النفسي له و يعيد له العافية و الثقة في أنه صاحب الدولة و الدولة في خدمته و ليس العكس، سيشعر انه مواطن كامل المواطنة و سوف لن يلعن مواطنته بعد ذلك و لن يكتب أبشع القصائد في شتم وطنه كما هو رائج هذه الأيام.<br />ان تحقيق هذا الحق للمواطن سيعيد التوازن لمعادلة المواطن \ الدولة ، وستنتهي معادلة المواطن \ السلطة أو معادلة المواطن\ المليشيا او معادلة المواطن \ العصابة كما هو سائد في معظم الأحيان، فالمواطن هو سيد دولته و ليس العكس، و ان لم يشعر المواطن انه هو سيد دولته سوف لن تقوم دولة عادلة أبدا .<br />الدولة من أجل المواطن و ليس المواطن من أجل الدولة ..<br />مواطن من أجل الدولة يعني حروب و يعني كوارث تبدأ و لا تنتهي كما عاشها العراق طيلة العقود التي مضت ، مواطن من أجل الدولة يعني قطعان ماشية تُقاد و تذبح تحت مسميات مظللة كثيرة .<br />أما دولة من أجل المواطن فتعني مستشفى و مدرسة و شارع مبلط و ماء و كهرباء و جواز سفر محترم و شرطي في خدمتي و لست في خدمة الشرطي .<br />سيشعر الموظف مهما كان منصبه في سلم التسلسل الوظيفي في دولة من هذا النوع أنه في خدمة المواطن ما دام أنه يتقاضى مرتبه من المواطن .<br />و سيشعر المواطن بكثير من الشجاعة في مواجهة موظف الدولة مهما كان منصبه عاليا بالحق و ليس بالتوسل و المحاباة أو بالنفاق، تلك الصفات القذرة التي لا أحد منا يستطيع نكران وجودها و أنتشارها وعلى نطاق واسع في دولة الأمس و اليوم .<br />و ستنتهي عند ذاك هرمية السلطة الأبوية الشرقية المستبدة التي أستعارتها دولة العراق من القبيلة فصار رئيس الدولة هو شيخ القبيلة و الموظف الكبير فيها هو شيخ ( فخذ القبيلة ) و هلم جرا مما جعل المواطن في ظل دولة من هذا النوع ليس أكثر من ( عبد ) ذليل يلبي طلبات الشيخ \ الرئيس المزاجية .<br />و هكذا ستبنى دولة المواطنة العصرية الحقة و سيفخر العراقي بمواطنته العراقية ، وسيشعر الجميع أنهم مواطنون و رجال حكم متساوون في الحقوق و ان اختلفوا بالواجبات الا بحدود ما يقدمون من خدمات عامة يتقاضون بدلا عنها أجرا مدفوعا من المال العام الذي هو مال الجميع ، و ليس جائزة يانصيب هبطت من السماء يوم لهذا و يوم لذاك يفرط به أو يمنعه عن الناس بمزاجه الشخصي. كلهم مواطنون ينتمون الى جنسية واحدة فقط طعمها عراق و رائحتها عراقية ..<br /><br />و أخيرا ليس غير العراقيين بملاينهم هم فقط من يتحمل المطالبة بمشروع توزيع عوائد الثروة عليهم جميعا اليوم قبل الغد و بلا تسويف مهما كانت الظروف السياسية قاهرة فأحقاق الحق لا يؤجل، فالملايين التي تخرج من حين لآخر لهذا السبب أو ذاك هي اليوم مطالبة بأن تخرج من أجل حقوقها بعوائد الثروات الطبيعية ، و ما من قوة ستمنعها عن هذه المطالبة المشروعة ، و هذا هو ديدن الشعب الحي فهو لا ينام على أجحاف وضيم و لا على حق مهدور .<br />و ان نام و شكى و بكى فهو اذن ليس بشعب حي على الأطلاق و لا يستأهل الا ما هو عليه من ضيم.<br />ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br />تم طرح الموضوع من قبل الكاتب في غرفة محادثة صوتية عراقية على شبكة الإنترنت بتاريخ \ 4 كانون الثاني 2007<br />ahmad_alsaleh58@yahoo.com<br /></span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-15232646071575262252008-07-22T21:08:00.000-07:002008-07-27T13:23:44.998-07:00من أجل نقابة صحفية حقيقية .. من أجل صحفيين حقيقيين<div align="right"><span style="font-size:130%;">للخياط و الحمداني و جميع الصحفيين العراقيين<br />من أجل نقابة صحفية حقيقية<br />من أجل صحفيين حقيقيين<br /><br />أحمد الصالح<br />صحفي و كاتب مسرحي عراقي<br /><br /><br />منذ أيام وأنا أتابع مقالات السيد" سيف الخياط" حول نقابة الصحفيين و التي وجدتُ فيها روحاً شجاعة عالية لتصويب ما يجب تصويبه في هذا الميدان الذي لاحه الفساد والتردي مثلما لاح ميادين كثيرة .<br />و قلقت على حياة "الخياط" لشدة حدسي أن هناك من سيعمد الى التجرؤ على إرهابه أو خطف روحه في ظل أوضاع يعيشها العراق اليوم .<br />و حصل المحذور و تعرض هذا الرجل الشجاع الى محاولة إغتيال جبانة تشيرالى دناءة مرتكبيها و ترديهم و أستهتارهم بل و تشيرالى جبنهم و خوفهم من الفضائح التي تولى الخياط -كما يبدو وبمفرده في حين سكت الأخرون- عن كشفها للعلن و في هذا الوقت المهم من مسيرة نقابة الصحفيين حيث أعلن عن موعد إنتخابات قريب يفترض أول ما يفترض عنده أن يقدم الصحفيون الحقيقيون ، قبل غيرهم على تحمل مسؤليتهم التاريخية و تقويم المعوج في هيكلية و عمل نقابتهم ، ان ارادوا حقاً فعلاً مؤثرا لعملهم و احتراماً لمهنتهم .<br />و الحمد لله على لطفه بهذا الشاب الشجاع و نجاته من الموت .<br />كما قرأت بامعان مقالة السيد "ليث الحمداني" لثقتي بمهنيته وجديته في العمل الصحفي و سبق لي ان أسهمت في صحفيتين كان قد أصدرهما واحدة في بغداد ( الإتحاد و ملحقها دنيا ) في أواخر الثمانينات والأخرى في كندا ( البلاد ) مطلع القرن الحالي ، و بدون مقابل مادي أكراماً مني لمهنيته العالية .<br />و أثني على مجمل مقترحاته في ما يتعلق بتأجيل الإنتخابات و تشكيل اللجان الراصدة لعمل النقابة و تدقيق عضوية المنتسبين و ضمان حقوق الأعضاء العاملين ..<br />لكني توقفت كثيراً أمام مقترحه في تدقيق عضوية المنتسبين للنقابة لمن إنتسب اليها بعد "الأحتلال" فقط!!!..<br />ترى هل نسي السيد "الحمداني" الحاجة الماسة الى تدقيق عضوية كل المنتسبين للنقابة (سواء كان ذلك قبل الأحتلال أو بعده )، بل و خاصة إولئك الذين نالوا عضويتهم في عهد "عدي" و "تجمعه الثقافي" في التسعينيات ، و السيد "الحمداني" يعرف كما غيره من الصحفيين القدامى يعرفون، كم هي عدد ( العضويات المزورة ) التي مُنحت في ذلك العهد لأشخاص ليس لهم صلة بالعمل الصحفي لا من قريب أو من بعيد.<br />فالحمداني قد أشار بأمانة الى "المهنية" التي التزم بها السيد "ضياء حسن" و السيد "حسام الصفار" فيما يتعلق برفض إنتساب الأداريين العاملين في الصحف، للنقابة والذين تقدموا بطلب الإنتساب في أوقات سابقة خارج الأصول المرعية في منح العضوية .<br />فهل نسى السيد" الحمداني" "المهنية" فيما يتعلق بذلك الخرق الذي سوف يؤكده بلا شك السادة" أحمد عبد المجيد و صباح ناهي" و غيرهم من أعضاء مجلس النقابة في التسعينيات ، كما أكدها صديقنا " فلاح حسن" خلال جرده ومسكه لعدد كبير من (العضويات المزيفة) التي سبق و إن منحت في عهد (ما قبل الأحتلال) .<br />كما أني اثني أيضا على مقترح الصديق "الحمداني" فيما يتعلق بحق الصحفيين العراقيين الحقيقيين العاملين في الدول المجاورة للعراق، ولا ادري لماذا نسي مرة اخرى أيضاً الصحفيين العراقيين الآخرين في المهجر سواء كانوا قريبين من العراق أو بعيدين عنه في المسافات لكنهم قريبون منه في الهم المشترك ، خاصة و أن تكنلوجيا الإتصالات الحديثة يسّرت لنا جميعا فرصة التواصل و النشر ، و إمكانية الإدلاء بأصواتنا عبر (الأيميل) و بالطريقة التي يراها القاضي و اللجنة المشرفة على الإنتخابات مناسبة و تضمن حقوقنا جميعاً .<br />فنحن نعلم ان عدد الصحفيين الحقيقيين الذين غادروا العراق في عهد النظام السابق كثيرون و السيد "الحمداني" أحدهم ، وهم الآن يتوزعون على قارات العالم جميعها و ليس فقط في دول الجوار التي التجأ إليها الصحفيون الجدد الذين غادروا بعد سقوط النظام .<br />فلماذا نحرم صحفيوا الستينات و السبعينات و الثمانينات و التسعينات الذين يُشهد لهم بالكفاءة و الحضور المستمر في عملهم الصحفي عبر الصحف و المواقع الإلكترونية و متواصلين في النشر دون إنقطاع .<br />و أزيد على ذلك في المطالبة بالحقوق المادية لهؤلاء الصحفيين الذين شملتهم الإجراءات التعسفية للنظام السابق من (تخوين و مطاردة و طرد من العمل) و ترويج معاملات إسترجاع حقوقهم المادية كاملة إستنادا الى وثائق حقيقية - و ليست مزورة سيعمد الكثيرون على تقديمها لو تحقق هذا المطلب - و من مواقع سكناهم الحالية في المهجر، فهناك العديد من الأسباب التي تمنعهم من الذهاب للعراق للمطالبة بحقوقهم لعل واحدة منها المبالغ الطائلة التي يعجزون عن توفيرها لرحلة طويلة من هذا النوع ، فضلاً عن الأخطار التي تتهددهم .<br />و مطالبة مثل هذه ليس غريبة ، إذا ما عرفنا إن الحكومة الحالية تروج معاملات و تصرف ملايين الدولارات لمنتسبي أجهزة النظام السابق الخاصة و المنحلة، أولئك المقيمين في دول جوار العراق أو في دول أخرى ، حسب ما ورد الى مسامعنا .<br />إنه من الغريب و العجيب حقاً أن يلتفت رجال النظام الجديد ( لحقوق منتسبي نظام صدام و يلبونها ) و ينسون أو يتناسون عن قصد ، الحقوق المشروعة لمعارضي النظام السابق.<br />أشد على يد الصديق "الحمداني" في مقترحه حول الإلتزام بميثاق الشرف المهني ، و إن كنت أرى أن مسؤولية الشرف المهني لا قيمة لها إن لم يُسن قانوناً صارماً يصدرعن المشرع العراقي يُمنع على أساسه أي دعوة أو ترويج للكراهية العنصرية والطائفية و المذهبية و المناطقية و التمييز على أساس العرق الجنس و اللون و العقيدة .<br />ستبقى مقترحات "الحمداني" و ملاحظاتي لا قيمة لها إن لم يتصدى الصحفيون العراقيون اليوم في كل أرجاء المعمورة الى تبني مسؤوليتهم التاريخية و الأخلاقية لإنقاذ نقابتهم مما هي فيه و تقويم المعوج في مسيرتها ، و هذا لعمري بعض الإستحقاق المهني عليهم ، لتتبين حقاً مدى جديتهم في المطالبة ببناء المجتمع المدني المحمي بقوة القانون والذي نصبو اليه جميعاً.<br />لابد من الضغط بنشر المقالات و المقترحات و تنشيط العلاقات المحلية و الدولية و القيام بحملة حقيقية من قبل جميع الصحفيين وفي كل مكان من العالم لدعم مشروع السيد "سيف الخياط" و زملاؤه الصحفيون المخلصون لمهنتهم وصيانة كرامتها .<br />ahmad_alsaleh58@yahoo.com<br />ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرابط مقالة السيد ليث الحمداني </span><a href="http://kitabat.com/i41222.htm"><span style="font-size:130%;">http://kitabat.com/i41222.htm</span></a></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-86873353091100704962008-07-22T21:05:00.000-07:002008-07-27T13:27:53.992-07:00ماذا بعد سرقة إسمي!؟<div align="right"><span style="font-size:130%;">ماذا بعد سرقة إسمي! ؟<br /><br />أحمد الصالح<br /><br />وردتني من السيد عماد العبادي الرسالة التالية:<br />(السلام عليكم ..هل صاحب الايميل الزميل احمد الصالح مراسل العربية.. حيث اني قرأت مقالتك على كتابات ولا اعرف هل هو تشابه اسماء ام هو ايميل الاخ والزميل احمد الصالح مراسل العربية.. شكراعماد العبادي )<br /><br />لم تكن مفاجأة لي ، فليست المرة الأولى التي أعرف فيها أن أسمي مستخدم من قبل شخص ٍآخر ومنذ عدة سنوات .. لكنها كانت مناسبة لتجديد الأسى ، على ما نحن فيه هذه الأيام ..<br /><br />أجبت السيد العبادي :<br />(السيد عماد العبادي المحترم<br />تحياتي وبعد<br />منذ غادرتُ العراق قبل مايقرب من عشر سنين محتجاً على التردي المريع الذي شهدته بلادي في ظل الإستبداد، عرفتُ أن قد سُرقت مني أشياء كثيرة ..<br />فلا عجب أن يُسرق إسمي أيضاً<br />لا بأس عليك<br />يمكنك أن تتعرف عليّ أكثر إن كان يهمك هذا من خلال "مالك" مفتي المدينة .. وأقصد به الصديق ( هاشم حسن).<br />ألست أنت صاحب هذا القول ؟!<br />مع الود<br />أحمد الصالح<br />صحفي و كاتب مسرحي منذ العام 1980) إنتهت الرسالة..<br />لعل السيد (أحمد صالح ) و هذا إسمه الذي كان يعّرف نفسه به في تقاريره الأولى في بداية عمله في قناة "العربية"، و التي كنت أشاهدها في العام 2003 وأنا في منفاي أتابع أخبارالبلاد - أقول لعله غافلاً عن مسألة أخلاقية و مهنية تضره قبل أن تضرني ، و وجدت له العذر في أنه ما زال في بداية عمله الصحفي وسينتبه لهذا و يصححه مع مرور الوقت .<br />الغريب أنه مع مرور الوقت استلطف أضافة (أل ) التعريف ل ( صالح ) ليكون أسمه نسخة طبق الأصل من إسمي ( أحمد الصالح ) الذي عرفت به في الأوساط الصحفية و الفنية في داخل العراق و خارجه منذ الثمانينات و حتى اليوم .<br />لم أولي المسألة إهتماما كبيراً خاصة عندما علمت في وقت لاحق أن السيد ( جواد الحطاب ) يعمل في ( العربية ) ثم أصبح مديراً لمكتبها في بغداد ..<br />فقلت ، سينبه الحطاب ( أحمدا ً ) لما هو فيه و لعله سيعدل أو على الأقل سينشر إعتذاراً على شبكة الإنترنت و سيصلني إعتذاره حتماً، فالعالم اليوم غرفة صغيرة و ليس قرية صغيرة كما قيل في وقت سابق، وسيكون إعتذاره محل تقديري و إحترامي .<br />الغريب إنه إستمر في إ ستخدام أسمي ، و الغريب أيضاً أن زملاؤه في ( العربية ) لم يلتفتوا لهذه المسألة ، فـتأسيت ..<br />من المناسب هنا أن أعيد التأكيد على ما ذكره السيدين( سيف الخياط و ليث الحمداني) في مقالاتهما الأخيرة المنشورة في (كتابات) ، و التي أكدا فيها على أهمية (المهنية) في عمل نقابة الصحفيين ، فمن الطبيعي إن مسألة إنتحال الأسماء او إستخدام أسماء الأخرين في العمل الصحفي بقصد أو بدون قصد، في صلب مهام النقابة في إتخاذ الإجراءات المناسبة و رفع الحيف عن المتضرر.<br />أدعو السيد مراسل العربية ( أحمد صالح ) الى حل هذا الإشكال كي لا يعود عليه بالضرر مع إحترامي الشديد لشخصه و تقديري لأدائه المتميز في (العربية) ..<br />و إذا كان لابد من التعريف بشخصيتي المهنية ، فإني قد مارست العمل الصحفي منذ العام 1980 و كانت بدايتي في مجلة ( فنون) أي قبل أن يظهر علينا السيد مراسل (العربية) بأكثر من( 23 سنة) و نشرت في مختلف الفنون الصحفية في معظم الصحف و المجلات داخل العراق و خارجه ، و مازلت أنشر مقالاتي في عدد من المواقع العراقية الإلكترونية ، و أحمل شهادة الماجستير في الصحافة من جامعة أمريكية ..<br />كما سبق لي أن حزت على جائزة أحسن نص مسرحي ( ورقة التوت ) في مهرجان منتدى المسرح في العام 1991 و عن الجائزة الثانية عن مسرحية ( قطط ) في العام 1993 عن دائرة الشؤون الثقافية ..<br />و أعددت برنامجاً تلفزيونياً على شاشة العراقية الفضائية بعنوان ( نقاط على الحروف ) في أواسط التسعينات و قدمت من خلاله عدد من الفنانين العراقيين المعروفين .<br />كما أني عضو عامل في كل من( نقابة الصحفيين و اتحاد الأدباء و الفنانين) منذ الثمانينات<br />و كان لي شرف العمل الإعلامي المعارض لنظام الإستبداد الساقط و بأسمي الصريح في إحدى إذاعات المعارضة و عدد من الصحف ، حيث أخذنا على عاتقنا تعرية فساد الدكتاتورية في ذلك الوقت ، و ما جنينا (يا للخيبة) في من تولى إمور البلاد اليوم ، سوى الإهمال و النسيان .<br />فهل يا ترى تكفي هذه الدلائل للتعريف بشخصي و رفع الحيف عني و إ سترداد إسمي ، أم سيسألني ( البطران ) عن ( بطاقتي التموينية ) أيضاً.. حتى تكمل (السبحة) ..<br />و أية سبحة التي ستكمل و قد إنفرطت (سبحتنا) من زمان يا صاحبي!!! .<br />ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br />ahmad_alsaleh58@yahoo.com</span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-88557881735486183492008-07-22T21:01:00.000-07:002008-07-27T13:31:13.549-07:00يوسف الصائغ<div align="right"><span style="font-size:130%;">يوسف الصائغ</span></div><div align="right"><span style="font-size:130%;"></span></div><div align="right"><br /><span style="font-size:130%;">أحمد الصالح<br /><br />الشاعر يوسف الصائغ ( 1933- الموصل \ 2005- دمشق) أحد أبرز الشعراء العراقيين و العرب المعاصرين بما قدمه من تنوع في شتى مجالات الإبداع الأدبي و الفني، فبعد إن رسخ صوته الشعري في المشهد الشعري العربي إنطلاقا من تخوم جيل الرواد ، وجد أن طاقته الإبداعية لا يستوعبها الشعر وحده، فجرب معظم الفنون القولية – المسرحية، والروائية، والنقد والمقالة – وأجاد فيها كما جرب الفن التشكيلي وأجاد فيه بشهادة المختصين، وخلق له هذا التنوع شخصية إبداعية متفردة . ولقد تعرضت حياة الشاعر الى الكثير من المتاعب من بينها ، موت زوجته الإولى "جولي" في شمال العراق بعد تعرضهما لحادث مروري ، فضلاً عن اشكالياته مع الحزب الشيوعي العراقي.<br /><br />ما هذا زمني<br />ما هذا زمن الشعر...ولا هذا زمنيهذا زمن مسدوديخرج منه الدودصار الشعراء قروداً فيهوالعشاق يهودباركني بيديك الحانيتين وإمنحني غفرانك يا وطني.(1)<br />فكرة الطهارة والنجاسة، الخطيئة والغفران، الجلاد والضحية، من أهم محركات كتابات يوسف، ولعل الثقافة المسيحية التي تربى عليها صغيراً بقيت تلازم فنه ، فيهوذا ومريم المجدلية والصلب والقرابين من بين رموزه الخفية والظاهرة التي لاتحتاج الى كبير تأمل كي يدرك القارئ مغزاها، فبساطة "يوسف" ورومانسيته الآسرة تضفي على كل البداهات طزاجة الإبتكار.(2)<br />جزدان خديجه<br />منذ كنت صغيراً كان الناس يقولون لمن يتوخى في سعيه أي نتيجة فتش في جزدان (خديجه) هذا جزدان (خديجه) ما مثله جزدان في أي زمان... و مكان وتذكّرأن خديجه ، أيضا ،ليست أي إمرأة ، بين النسوانيمكن أن يقصدها أيٌ كانْ . . أبداً . . . إن خديجه أرملة عوراء . . . لها في رأسها قرنان . . . تنتقل راكبة فوق جمل . . . لا يسترعورتها إلا جلد حملْ . . . وإنطلقت ،من مطلع هذا القرن ،تفتش عن سر ولادتها ،دون أمل حتى يئست فانكفأت تخفي خيبتها في جزدان ما مثله جزدانفي أي زمان ومكان ولهذا صار الناس يقولون ،لمن يبحث عن أي نتيجة . . .فتش في جزدان خديجه . . .الويل لكم . . . ويل لي . . . ماذا لو أن خديجه)<br />ضيّعت الجزدان ؟ ؟ ؟)(3)<br />لقد كانت إطروحته التي تقدم بها عن الشعر الحر في العراق الى جامعة بغداد ، و نال عنها درجة الماجستير في العام 1976 منجزاً أكاديمياً متميزاً في حقل دراسة الشعر المعاصر في العراق .<br />يقول يوسف: ( رغم أن دراستي لم تشغلني بدرجة كافية عن ولعي وإهتماماتي لكنها كانت عوناً لي وأنا في تجربتي الخاصة، أن أتعرف إلى القيمة الحقيقية لعشرات من الشعراء العراقيين (المشهورين) آنذاك، فإذا بهم شبه مجردين عن بهرج (الإشاعات) التي جعلتهم أضخم من حجومهم، وأقل شأنا مما أنجزوه.. عدا السياب.. لقد كبرت في عيني (إنجازات السياب) وإقترنت بالإنجازات الحقيقية للشعراء الذين سبقوه اللبنانيين بوجه خاص … ولقد أتاح لي ذلك أن أجرب الإفادة من تلك الإنجازات ولعل أبرز ما أفدته، هو الإنتقال من وزن لآخر.. تبعاً لحركة المشاعر والمواقف … واحسبني نجحت في ذلك إلى حد بعيد)(4)<br />و للصائغ رأي واضح في قصيدة النثر و تجنيسها أدبياً : ( مصطلح "قصيدة النثر" مصطلح مظلل … ثمة شعر … وثمة نثر.. والفرق بينهما واضح. رغم أنه قد يبدو أحيانا غامضاً بسبب ما وصفه النقاد في تحليلاتهم من أضاليل، وبقدر تعلق الأمر بي، أرى من المفيد أن أشير إلى أنني في مطلع قراءاتي الشعرية، كنت اكثر إهتماماً بما ينشر من "قصائد" من نوع ما يسمى الآن " قصائد النثر" و كان تعجبني حقاً، وتثير في مزاجي ضمن الإحساس بالشعر، تلك القصائد المترجمة التي تنشرها مجلة الرسالة … ومن بين ذاك" الإلياذة – حروب طروادة " وعن قصائد لامارتين التي ترجمها الزيات.. إضافة إلى قصائد أخرى لكتاب عرب احسب إن أحدهم " وكان قريبا إلى نفسي " اسمه – على ما أذكر – حسين الهنداوي أو ما شابه ذلك.. ثم اكتشفت " الماغوط "، وفي مرحلة متقدمة.. وتحت تأثير مجموع هذه النماذج. جربت كتابة عدد من القصائد، أهمها قصيدة طويلة تحت عنوان" شمة أفيون" بعثت بها إلى مجلة شعر عام 57 ونشرتها المجلة عام 61 أو 62.. وهي منشورة في مجموعة "قصائد يوسف الصائغ". أما ما ينشر الآن من نماذج ما يسمى بـ " قصيدة النثر " – بتأثير نماذج أجنبية " مترجمة أيضا ".. فهو نوع من" التغريب " لا أحسب أن له أفقاً … رغم ما تتضمنه هذه المحاولات من مغامرات – قد تكون ذات جدوى من اكتشاف علاقات " لغوية " أو" بلاغية " تترك لدى القارئ نوعا من الإحساس" بالصدق "… دون طائل!)(5)<br />أما عن علاقة الفنون الإبداعية ببعضها فيوجز قناعتاته:<br />(كنت مقتنعا، بأن الحدود بين الفنون – ولنقل بين مجالات الإبداع – هي في الناتج الأخير حدود وهمية، نستطيع أن نتحسسها حين نشاء أو نتجاهلها حين نشاء. إن تجربة المسرح مجال عملي للبرهنة على ذلك.. فكيف بتجربة السينما.. والفيديو؟.. إن عصرنا يعمل جاهداً، مستعينا بالمذهل من التقنيات على هدم الحواجز، وإلغاء الأشكال والعناوين المستقيمة ومقترحاً صيغا جديدة.. لابد للشعر، أن هو لم يفد منها، أن يقود نفسه إلى العزلة.. لامناص للشاعر في هذا العصر مثلا، من إن يقتنع، بأن الشعر، ليس مجرد " كلام جميل "… بل هو " فعالية " أو " المنظر" ACTION" ، كما في الفن السينمائي.. حيث يسود مفهوم " أو" المشهد " ويحكم علاقات كل المفردات الأخرى من حوار وشخصيات … وإضاءة … وبالتالي لابد من " نمو ". ليس هذا حسب : إن تقنيات الإبداع المعاصرة، تقترح على المبدع ضمن ذلك كله مفاهيم ومعايير جديدة أو " بلاغية " متطورة – إذا صح التعبير.. تقوم غالباً على الإختزال والتكثيف والحذف.. الإقتصاد في الحركة والصوت والضوء، وهكذا، بحيث تأتي في ساعة يمكن النظر فيها إلى قصيدة من نوع " خمسة أشخاص في الباص …" باعتبارها نتاجاً إبداعياً في مجال الشعر، يختلف " بلاغيا " عن كل ما سبقه من نماذج وكذلك نموذج " شهداء عشرة / نزلوا يوم إجازتهم للبصرة.." حتى لكأنها لشاعر غير ذاك الذي كتب " اعترافات مالك بن الريب ".(6)<br />يتحدث يوسف عن تجربته في الكتابة المسرحية :<br />(حين جربت الكتابة المسرحية في مرحلة متأخرة، كان واضحاً في ذهني أنني لن أنجح في تحقيق الإنسجام مع خبرتي ومزاجي لإنجاز نص، يكفيني آلا حين أستعين بالقدر المناسب من طاقة الشعر، وحساسية، من أجل أن أوفق في " شحن " المشاهد والشخصيات، وسائر مفردات الفعل المسرحي بالقدر المناسب من التأثير والحيوية. وهذا ما أحسبني نجحت فيه لدى كتابتي ل " الباب" ثم ما أعقبها من مسرحيات. صحيح.. لقد خطر لي مرات عديدة، أن الشعر الحر أي " شعر التفعيلة " قد يصلح لخوض مغامرة مسرحية وكان يغريني، أن أجرب تجربتي، إعتماداً على ما بدا لي أحياناً إنني حققته في عدد من القصائد الطويلة. التي تنطوي على بعض عناصر العمل المسرحي، من نوع قصيدة " خواطر بطل عادي جدا " و " بين جلدي و قلبي ".. لولا إنني بقيت أتحفظ على ما يمكن أن تخلقه موسيقى الشعر.. من مناخ، يجور على التنويع والعفوية.. ويضع الكاتب في موضع " الإلتزام " بما لا داعي لأن يلتزم به.)<br />و يستمر في القول: ( المسرح اقرب الفنون إلى نفسي.. إن جذوره تمتد في تاريخي إلى طفولتي وبالذات إلى طقوس " العبادة " التي لم البث أن اكتشفت مدى قربها من جوهر الإبداع المسرحي عبر مفردات عديدة " المذبح = المسرح "، " الكاهن والشماسة = بطل المسرحية والممثلون " ثم الإضاءة، والموسيقى، والديكور، والملابس... الخ. إضافة إلى ذلك الكورس والجمهور.. حتى الستارة. ولقد زاد من إحساسي بهذه القرابة، إنني فتحت عيني على نموذج الفن المسرحي، أنا على عتبة مراهقتي فشغفت، بما يتضمنه الحوار من " شعر ".. والديكور من الفنون التشكيلية..والموسيقة.. لقد كان ذلك اقرب إلى السحر.. وكثيرا آسرا من طقوس العبادة بسبب " التكرار " وهكذا، أستطيع القول بأنني رحت أقترب من الفن المسرحي، عبر ممارسة مفرداته، إبتداء بالرسم، ثم الشعر، ثم القصة ثم المسرحية " مكتوبة " ثم المسرحية وهي تتجسد على المسرح. )(7)<br />قراءة في مسرحية الباب للصائغ<br />يضع يوسف الصائغ قارئ مسرحيته " الباب " في جو صاخب يضج بالعنف و الأثارة و الدهشة ، ثم يلقي به مع أبطاله في جبّ عميق مظلم ممتلئ بالجثث النتنة .<br />إنه يزعزع اليقين الماثل في القناعات باسئلة صعبة يثيرها في جميع مشاهد المسرحية ، أسئلة من النوع الذي ان واجهتنا نتحاشاها خشية الإجابة عليها حين تخوننا الشجاعة .<br />و لن نتلمس طريق الإجابة و تتوافر الجرأة فينا فقط عندما نقع في " الشرك " و ندرك أن حتفنا قريب جداً من حيواتناً .<br />ففي مواجهة الموت القريب فقط نتلمس حقيقة وجودنا و ندرك أي معنى لإنسانيتنا ، و ندرك أيضاً أية تفاهة في صراخنا السقيم و أية سفاهة في مكابرتنا الخاوية .<br />إن موتى " يوسف الصائغ " جاءوا الى حتفهم مختارين لا مضطرين ، أرتضوا الموت مع أقرانهم و سعوا الى نهاياتهم باسم الحب، مستجيبين لقانون مدينتهم صاغرين له :<br />( محتقرين الخوف من الموت ، منتصرين على الشك و الخور و التردد .. فأذا استدرج الغياب أحدهم لحق به صاحبه .. و الويل لمن يحنث .. و يضعف .. إن الحياة لتلعنه و يزدريه موته و سيتحول بالعقاب الصارم الى بهيمة .. و يصير دوداً نتناً .. و تراباً تدوسه ألأقدام .)<br />و حين يحنث " هو " بطل المسرحية ، بالعهد الذي قطعه على نفسه و يتمرد على قانون المدينة و يرفض النزول مع نعش زوجته الى القبر – لأنه ببساطة لا يريد أن يموت – يحال الى المحكمة متهماً و يحاول " الحاكم " إقناعه للعدول عن رفضه و تمرده ، لكنه يفشل أزاء إصراره و قوة منطقه ، فيلجأ " المدعي العام " الى الحيلة و يقنع " هو " بالنزول الى القبر و يقسم له بأنه سيأتي لإنقاذه بعد يومين لا أكثر ، و بذلك يحفظ للقانون هيبته و يرد عن المحكمة سابقة خطرة ، لكن " المدعي العام " لا يأتي بالطبع و يبقى " هو " في القبر مخدوعاً مغلوباً على أمره .. و بعد حين تدخل " هي " مرافقة لنعش زوجها ..<br />و في الظلمة يلتقي " هو و هي " لا يرى أحدهما الآخر ، و يبدأ عالم جديد ، عالم تضطرب فيه الأفكار و تصطرع الرغبات .. رغبتها بالموت الذي إختارته مع فقيدها و رغبته في الإفلات من القبر والعودة الى الحياة التي أُستلبت منه بالخديعة .<br />فمن سينتصر في النهاية ؟<br />قوة الحياة النابضة في جسده أم قوة الموت الذي أرخى سدوله على الجميع ؟<br />هذه بإختصار حكاية المسرحية .<br />إعتمد الصائغ " الليلة الثالثة و الرابعة الخمسون بعد الخمسمائة من ألف ليلة و ليلة – و حسناً فعل في نشره لنصيهما في مقدمة المسرحية " أساساً لبناء مسرحيته ، لكنه لم يأخذ منهما غير الحبكة و مطلع الحكاية ، أما الموضوع فهو الذي أرسى أركانه و وضع أتجاهاته و حدد أبعاده .(8)<br /><br />ما البطولة ؟<br /><br />في مشهد من المسرحية يقف المدعي العام مفتخراً بقانون مدينته شاتماً ذلك المواطن الأحمق الذي لا يعرف أي معنى للبطولة صارخاً به : ( المدعي : ستكون – بموته طبعا !- أمام الجميع بطلاً .. و تعامل معاملة الأبطال .. سيعزفون لك و ينشدون .. ويكللون هامتك بالزهور .. و يتطلعون اليك بحسد و حسرة .. ستتمنى كل فتاة لو أن لها حبيب مثلك .. و سيكون أسمك على كل الأفواه و صورتك في جميع الأذهان ..<br />هو : و ماذا بعد ؟ ماذا بعد ؟ أموت ؟! )<br />و في كل مشهد من المسرحية يثير الصائغ إهتمام القاريء و يجتذبه الى ما ليس متوقعاً ، واضعاً بذلك قاعدة أساسية لبناء الكيان الدرامي ، فهو يخلق التوقع دون أن يحققه تمام التحقق إلا عند إسدال الستار الأخير و يدفع بشخصياته للإقتراب من أهدافها رويداً رويداً دون أن يوصلها اليها بإختلاق الصدفة أو بالإستعانة بالقوى القدرية ، إنما يتركها تتفاعل فيما بينها و مع الأحداث لتنمو نمواً طبيعياً نابعاً من صدق مشاعرها .<br />و ماكان يتاح لها صدق في التعبير عن مشاعرها كي يظهر سلوكها تلقائياً ، لولا براعة "الصائغ" و حذقه في إختيار مكان الأحداث و مناخه و طبيعة المواجهة القاسية التي أوقع شخصياته في شراكها ، فهو يضع بطل مسرحيته في مواجهة أعظم الحقائق و أكثرها إثارة ، إنه يسأله إختيار الموت بإسم الحب !!<br />فمن ذا الذي لا يستفزه هذا السؤال ؟!<br />يقول أريك بنتلي في كتابه ( الحياة في الدراما ) : ( إن خلق التوقع لا يأتي في العادة لجهلنا بما سيحدث بعد قليل ، إنما لرغبتنا في معرفته أيضاً ، و هي رغبة بالطبع أثارها منبه سابق .. )<br />لقد أتاح لنا الصائغ أن نرى أذهان شخصيات المسرحية و نقرأ أفكارها عن طريق الأحداث ، و أتاح لها أن تشي بأنماط سلوكياتها و تحدد أبعادها بنفسها ، فلم يقع في الخطأ الذي وقع فيه كثير من مؤلفي الدراما غير المحترفين الذين يعتقدون أن المؤلف يستطيع أن يشخص شخصاً آخر في المسرحية عن طريق الحديث عنه من قبل أناس آخرين .<br />" الباب " مسرحية حافلة بالتنوع و الإثارة و العمق، وضع لها الصائغ منظراً مثيراً، و نثر فيها أفعالاً محتدمة و وهب شخصياتها وجداناً ملتهباً وأدار بينها حواراً شاعرياً موحياً .<br />و في ختام المسرحية يقف المتفرج متسائلاً ، الى أين سيؤول مصير بطليها ؟<br />هل سيخرجان من القبر ؟<br />أم سينتهيان الى الموت كمن سبقهما ؟<br />و ليس هذا بالمهم على أية حال ، فما دام الحب جمع بين الرجل و المرأة إذن لابد للحياة أن تنتصر على الموت و هي في عقر داره \ المقبرة .<br />و في لحظة النهاية حيث تختزل جميع الحالات ثم تختلط فلا يتبين أي لون فيها أكثر ألقاً ، لون الحياة أم لون الموت ، أم لون الولادة .. و في هذه اللحظة التي لا يعرف كنهها ، هل هي لحظة وعي فاصلة أم أنها لحظة حلم من أحلام اليقظة .. حيث لا نرى غير الوجوه التي تفصدت عرقا و لا نسمع غير أنفاس أبطالنا اللآهثة .<br />في هذه اللحظة ، من ذا الذي سيأخذ بيد الإنسان من عبث المغالاة و المكابرة الخاوية الى نور العقل ؟<br />من سيضيء طريق الخلاص ؟<br />في هذه اللحظة نكتشف أن حتى المقبرة على عظمة ما توحي به من فناء و إنتهاء ، فهي ليست لديها القدرة على إقناع الإنسان بالموت ، بل أنها تدفعه للتشبث بالحياة أكثر .<br />إذن هل ثمة فعل أقوى و أبلغ من إجتماع رجل و إمراة في جبّ لدفن الموتى ؟!<br />قبل إسدال الستار الأخير للمسرحية يهمس الرجل :<br />( هو : يا حبيبتي ..<br />هي : أجل .. أجل .. لا تكف عن ذلك ، أهمس لي و أنا أعانقك ... ألا يشبه هذا إننا نموت ؟!<br />هو : بل يشبه أن نلد .. يشبه أن نولد .. تعالي ..<br />هي : ها أنا ذي – تصرخ – الله ... الله ما أجمل الحياة .)(9)<br /><br />السياسة محرقة الشعراء<br />لقد كان " يوسف الصائغ " ضحية " البعث " في إنقلابه الأول عام 1963، فهو من الجيل الذي قضى ردحاً في السجون، وتلك الأحداث لاتغيب عن كتاباته، حتى وهو في عزّ تملقه لسلطة " صدام "، ولم يكف عن إستذكارها في مؤلفاته التي ظهرت في كل مراحل عمره. وعندما أُعتقل آخر مرة نهاية السبعينيات كان قد تعب من المهانة والإذلال الجسدي والروحي، وبعد أن خطفوا حبيبته وقتلوها تحت التعذيب، إستسلم في خطوة دراماتيكية تليق بأدواره التي يهواها. إنتهى " يوسف " الى مصير عاش فيه على قلق رغم إمتيازات المناصب والثروة والنساء اللواتي أحطن به ، فقد أرادوه عِبرة لكل كاتب، وهذا جهل ب " يوسف " الذي يحمل قلب طفل متشرد إرتكب أخطاء فخاف من نفسه، خاف من مرآته...<br /><br />" تخونيني .. أم أخونكِ<br />تلك هي المسألة ..<br />نموتُ على المشنقة ..<br />ونتهم المقصلة ..<br />ونكتشف الزنبقة ،<br />في القرار من المزبلة .. تلك هي المهزلة َ ..." (10)<br />يوسف كان قد عرف أنه وصل الى خاتمة لاتليق به، فإختفى ، مات من الخجل حسبما نشر في سنواته الأخيرة:<br />"لاترحموا عزيز قوم ذل لاتعتبوا على البطليكفيه أنه رأى الذي رآه ولم يمت من الخجل..."<br />ستمحى كل التواريخ ويبقى يوسف الصائغ الذي لم يكتمل مشروعه الأدبي، ولكنه ترك أثراً لايمحى في تاريخ الثقافة العراقية، كظاهرة سياسية، وكإبداع متحرك جدير بإعادة القراءة والتأمل.. خسره الأدب العراقي، فلطالما إنشغل عنه بمعارك دون كيشوتية، بيد أن ما بجعبته يحفظ في قلب قارئه الكثير من المحبة والإعجاب.(11)<br />من أعمال الصائغ الشعرية و المسرحية<br />1. قصائد غير صالحة للنشر ( مجموعة شعرية مشتركة ) 1957م .<br />2. رواية اللعبة فازت بجائزة أحسن رواية عراقية ، 1970م .<br />3. السودان ثورة وشهداء - قصيدة نثر سياسية - 1970م .<br />4. انتظريني عند تخوم البحر ـ مجموعة شعرية ـ 1970م .<br />5. السيرة الذاتية - الاعتراف الأخير لمالك بن الريب - ج – الأول 1971 والثاني ،ج - الثالث غير مطبوع .<br />6. رواية المسافة ، اتحاد الكتاب العرب - دمشق ، 1974م .<br />7. سيدة التفاحات الأربع ـ مجموعة شعرية ـ 1976م .<br />8. الشعر الحر في العراق - أطروحة ماجستير- 1976م .<br />9. اعترافات ـ مجموعة شعرية ـ 1978م .<br />10. مسرحية الباب ، فازت بجائزة أحسن نص مسرحي في مهرجان قرطاج ،1987<br />11. المعلم ـ مجموعة شعرية ـ 1987م . تم الإستفادة من قصائدها في عمل مسرحي بعنوان (الذي ظل في هذيانه يقظاً ) للمخرج غانم حميد عام 1992<br />12. مسرحية العودة ، 1988<br />13. مسرحية ديزدمونه ، فازت بجائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان قرطاج ،1989<br />14. قصائد ، المجموعة الشعرية الكاملة ، دار الشؤون الثقافية العامة ، 1992<br />15. رواية السرداب رقم 2 ،1997 م .<br />16. قصة قصيرة غير مطبوعة .<br />17. مذكرات - مخطوطة - .<br />18. مسرحية أخري - مخطوطة - ورواية - مخطوطة .<br />19. يوسف اعرض عن هذا - مجموعة شعرية غير مطبوعة .<br />20. مسرحية البديل - مخطوطة .<br />ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br />(1) من قصيدة للشاعر<br />(2) فاطمة المحسن- جريدة المدى – بغداد – 2005<br />(3) قصيدة للشاعر<br />(4) حوار غير منشور مع يوسف الصائغ\ فاتن عبد الجبار \28 حزيران 2006 – جريدة ايلاف الألكترونية.<br />(5) الحوار أعلاه.<br />(6) الحوار أعلاه .<br />(7) الحوار أعلاه.<br />(8)مقالة لأحمد الصالح - مجلة آفاق عربية \ بغداد –العدد السادس – حزيران 1986<br />(9) المقالة أعلاه.<br />(10) من قصيدة للشاعر<br />(11) </span><a name="2"><span style="font-size:130%;">في وداع يوسف الصائغ \</span></a><span style="font-size:130%;"> الحيــــاة وســــط إشكاليـــــة الشعــر- فاطمة المحسن – جريدة المدى- بغداد 2005<br />ahmad_alsaleh58@yahoo.com</span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-3296488048685296572008-07-14T12:17:00.000-07:002023-02-07T16:22:10.849-08:00المواقع الصحفية العراقية على شبكة الإنترنت<div align="right"><span style="font-size: 130%;">المواقع الصحفية العراقية على شبكة الإنترنت *
أحمد الصالح
مع شيوع إستخدام شبكة الإنترنت عبر قارات العالم وعلى نطاق شعبي في أواسط التسعينات من القرن الماضي ، كان الإعلاميون و الصحفيون العراقيون الذين يعيشون في المنافي سباقون لإقتحام هذا العالم الواسع الرحيب للتعبير عن قضاياهم و همومهم ، خاصة تلك التي تتعلق بمسألة الحكم و العدالة و الحرية و النشاط الثقافي و الفني في بلادهم التي كانت تحت حكم إستبدادي مطلق .
أما زملاؤهم في الداخل فكانوا يتحرقون شوقا لإستخدام هذه التقنية بشكل حر وكفوء حيث حُرم عليهم ذلك بفعل الإجراءات القسرية التي كان يعمد اليها النظام مع حملة الأقلام الحرة .
و ما أن أُطيح بنظام صدام حتى سارع الأعلاميون العراقيون الى تأسيس مواقعهم الإلكترونية ، يشاركهم في هذه الفورة السياسيون القدامى و الجدد و كل من يرى في الإنترنت فرصة للشهرة و الإنتشار و الكسب ، خاصة و أن العراق الجديد تبنى الديمقراطية كمنهج لتداول الحكم ، و ما للإعلام من دور مهم و حاسم في تعزيز فرص الناشطين سياسياً في هذا المنهج .
الأستنتاجات و بعد التعرف على تاريخ الصحافة العراقية منذ التأسيس و ما تلاها من حقب ، مع التركيز على النشاط الصحفي على شبكة الإنترنت خاصة بعد الإطاحة بنظام صدام و على مساحة خمس سنوات ، يمكن الخروج بالإستنتاجات التالية:
1- يعكس النشاط الصحفي والإعلامي عموماً ، حجم و نوع الحراك السياسي في أي مجتمع ، و يمكن إعتماده كمعيار لكشف إتجاهات الصراع و بيان حجم الكتل والتيارات الفاعلة في المشهد السياسي للمجتمع ، و كذا الحال في العراق ، فلطالما كانت الصحافة في هذه البلاد، وعبر تاريخها الطويل و المتفرد بين بلدان الشرق الأوسط ، تعبر تعبيراً صادقاً و دقيقاً عن مجمل العملية السياسية الجارية فيه خاصة بعد أن إنفتحت أجواء العمل الحر أمام الصحافة وعلى أوسع أبوابها بعد التاسع من نيسان 2003.
2- الأعداد المتزايدة للمواقع الصحفية الإلكترونية على الشبكة و إتجاهاتها و ميولها المختلفة و المتعارضة أحيانا ، قد تعبر عن حجم التشتت السياسي و الديني و المذهبي و القومي الذي يعيشه العراق في ظل ظروف الفوضى التي شهدتها البلاد بعد الإطاحة بنظام الحكم المركزي الذي كان قائما في عهد صدام حسين .
لكن هذا الإختلاف والتباين يعبر من جانب آخر عن التعدد الواسع النطاق في أصل مكونات الشعب العراقي و تنوع ثقافاته و التي كانت على مر التاريخ مصدر غنى لثقافة الشعب عموما بدلا من أن تكون مصدر تفتت أو إحتراب خاصة عندما تتيسر ظروف إستقرارالأوضاع السياسية و قيام دولة قوية في البلاد .
على هذا الأساس يمكن أن تكون ( المواقع الصحفية الإلكترونية ) مؤشرا ممتازا للحراك السياسي و الإجتماعي و الثقافي في البلاد في هذه المرحلة .
3- يلاحظ أيضا تزايد المواقع الإلكترونية الصحفية الحزبية ، ولهذا عدة دلالات منها :
- نشطت أحزاب و حركات المعارضة لنظام صدام منذ وقت مبكر على شبكة الإنترت و إستخدمتها على نطاق واسع للترويج الى خطابها السياسي لرخص تكاليف هذه الوسيلة الإعلامية و لسعتها المتزايدة بإضطراد و لإمكانية الوصول الى الجمهور المستهدف من العراقيين خاصة في خارج العراق بسهولة و يسر رغم إنتشارهم الواسع في مختلف بلدان العالم .
- تمتعت أحزاب و حركات المعارضة لنظام صدام بوجود أعداد كبيرة من المثقفين و الإختصاصيين و الإعلاميين الذي غادروا العراق هرباً من الإجراءات القمعية للنظام السابق فعمدوا الى تكريس جهودم في مقارعته بالوسائل الإعلامية المتيسرة و خاصة شبكة الإنترنت لمزايها الأيجابية الكثيرة و لعل أبرزها أنها سهلة التمكن والأستخدام من قبل حتى الناشطين الأفراد .
- الدعم المادي الدولي الذي حظيت به فصائل المعارضة للنظام السابق و خاصة من الولايات المتحدة و دول أخرى .
- أما بعد الإطاحة بنظام صدام فقد تيسرت لجميع الناشطين العراقيين فرصة إستخدام شبكة الإنترنت لأغراض متعددة و لعل أبرزها النشاط الإعلامي والصحفي ، بما يعبر عن سعة الحراك السياسي و الإجتماعي و حجم الخزين الثقافي في العراق.
4- يلاحظ أن هناك زيادة واضحة في عدد المواقع الصحفية الكردية نسبة الى مواقع القوميات الأخرى المكونة للمجتمع العراقي ، و قد يعود سبب ذلك الى عدة عوامل :
- إن منطقة كردستان العراق شهدت إستقراراً سياسياً مبكراً و متنامي بإضطراد نسبة الى مناطق العراق فقد تمكنت أحزابها السياسية من مسك زمام الأمور فيها بعد إنتفاضة العام 1991 بعد أن تخلى الحكم المركزي في بغداد عنها بفعل الضغوط الدولية وعدم سيطرته على المنطقة و تغير الظروف السياسية في غير صالحه .
- الشعور القومي الكردي الطاغي على الحركة السياسية وعموم النشاط الإجتماعي لسكان المنطقة على خلفية عقود من الإضطهاد و الحروب التي تعرض لها الشعب الكردي من الحكومات المركزية المتعاقبة.
- تعرف سكان المنطقة على شبكة الإنترنت في وقت مبكر نسبة الى بقية سكان العراق الذين كان يُمنع عليهم إستخدام شبكة الإنترنت إلا بشكل محدود جداً و تحت رقابة مشددة .
- تتلقى عموم النشاطات الإعلامية و الإجتماعية و السياسية في المنطقة الكردية دعماً متزايداً من قبل جهات متعددة و على المستوى العالمي نصرة للقضية الكردية و بفعل المجهود الناجح الذي بذلته التنظيمات الكردية عبر أقطار العالم و لعقود من السنين.
5 - من جانب آخر يلاحظ زيادة في عدد المواقع السياسية الإسلامية الشيعية نسبة الى غيرها ، وهذا يعود الى :
- إدراك أبناء الطائفة الشيعية و لو في وقت متأخر أهمية النشاط الإعلامي في الترويج الى قضيتهم و للتعبير عن طموحاتهم و مصالحهم .
- مساحة الحرية الواسعة التي تمتع بها عموم الشعب العراقي بعد الإطاحة بنظام صدام و خاصة أبناء الطائفة الشيعية الذين تيسرت لهم لأول مرة فرصة المشاركة بالحكم على نطاق واسع و بشكل مركزي في العهد الجديد ، فجائت هذه المواقع كغيرها من وسائل الإعلام المتيسرة للتعريف بنشاطهم السياسي و الإجتماعي والثقافي .
- حصول الأحزاب و الحركات السياسية الشيعية على دعم غير محدود من الطائفة الشيعية عبر أقطار العالم المختلفة ، وإن كان بعضه يأتي بشكل غير مباشر، عبر دعم المرجعيات الدينية الشيعية مثلاً أو عبر التبرعات التي تحظى بها المراقد المقدسة المتعددة "لآل البيت" في العراق.
- إدراك قطاعات واسعة من أبناء الشيعة في العراق أهمية النشاط الإعلامي للترويج لقضاياهم و للتعبير عن نظرتهم في مختلف القضايا التي تعنيهم و تعني بلادهم .
6- إن الصراع السياسي و طموحات الأحزاب والحركات والناشطين السياسيين هو الطاغي على المواقع الصحفية الإلكترونية أكثر من غيره وان كان يلبس لبوساً طائفياً أو قومياً في أحيان أخرى .
7- قد تعبر بعض المواقع الصحفية عن ترويج طائفي و إتهامات متبادلة بين أطراف النزاع ، بيد أنه من الواضح غير متأصل في طبيعة العراقيين بقدر ما هو حث أجنبي و نفوذ مدفوع من قبل دول الجوار تبعاً لأجندتها الوطنية و الأقليمية المختلفة والمتباينة ، فعلى سبيل المثال ، ما زال الصراع "الأيراني \ السعودي- العربي" يترك بصماته الواضحة على الأرض العراقية ليعبر عنه في وسائل الإعلام على أنه صراعا بين مكونات الشعب العراقي و ليس في هذا التعليل الكثير من الحقيقة .
8- لم تشر معظم المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية الى تاريخ تأسيسها و ظهورها على الشبكة ليتسنى متابعة مواقفها من مجريات الأحداث و القضايا رجوعاً الى الماضي و بشكل متسلسل.
9- تبقى مصادر تمويل المواقع الإلكترونية مجهولة أو خفية و يحرص القائمون عليها على التمويه على هذه المسألة مما يثير الكثير من الشك و يعيق المصداقية في الخطاب الإعلامي و السياسي لهذه المواقع والأجندة التي تسعى الى تحقيقها .
10 – هناك الكثير من الإرتجال في تأسيس بعض المواقع الإلكترونية الصحفية ، وقد يعود ذلك الى تحاشي دخول مؤسسات و شركات و منظمات أو وكالات محلية جادة هذا الميدان .. فقد يتم إنشاء المواقع الألكترونية بناء على رغبة شخصية و مزاج فردي لا يلبث أن ينطفئ مع مرور الزمن أو عدم الجدوى ، و هوأيضا مغامرات غير محسوبة و غير مهيء لها مهنياً بشكل جيد ... بالإضافة الى ضعف التمويل لهذا الأستثمار ، لحداثة عهد العراقيين بالصحافة الحرة ، و تخوف الرأسمال المحلي من إقتحام هذا الميدان لعدم خبرته به.
11- ما زال الصحفيون العراقيون يعانون من التهديد لحياتهم و مصادر رزقهم. فإذا كان النظام السابق هو مصدر التهديد لهم مما دفع العشرات منهم للهجرة خارج البلاد فان الوضع الأمني المرتبك وعبث الميليشيات و العصابات والأرهابيين و الأحزاب المتطرفة و المتعصبة هي مصدر التهديد الجديد لهم ، فضلاً عن ضعف أجهزة الدولة الأمنية غير القادرة عن توفير الحماية للصحفيين و للمواطنين عموما .
12- معظم المواقع الإكترونية الصحفية العراقية لم تستخدم التقنيات الحديثة في الإخراج الفني و العرض والمشوقة للمادة الصحفية ، و قد يعود ذلك الى ضعف التمويل المُستثمر في إنشاء المواقع ، و لقلة خبرة و دراية القائمين على إنشائها و أدارتها بأهمية الأخراج الفني للمواقع الصحفية ، فضلاً عن حداثة العهد بالنسبة لعراقيي الداخل بالعمل الصحفي الحر و النشر الإلكتروني على وجه الخصوص .
13- غياب الأخبار المبدعة و الأصيلة عن معظم المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية ، و يعود ذلك الى: - إعتمادها على مواقع وكالات الأنباء والأذاعات و الفضائيات و الصحف أستسهالاً . - الوضع الأمني غير المستتب و التهديد المستمر و المتصاعد لحياة المراسلين الصحفيين العاملين في ميدان الأحداث ، مما أعاق عمل الكثير منهم و أدى بذلك الى شحة الأخبار الأصيلة و المبدعة و المنتجة في مكان الحدث .
- عدم وجود تشريعات و إجراءات رسمية رادعة تمنع المواقع الإلكترونية من سرقة جهود الغير في النشر الصحفي .
- ضعف الإمكانات و القدرات لبعض القائمين على إدارة المواقع الإلكترونية ، و إبتعاد البعض عنهم عن شروط العمل الصحفي و أخلاقيات المهنة .
14- إقتحمت شبكة الإنترنت " الخشية و التوجس " التاريخي للشخصية العراقية و المحرمات التي كان إختراقها الى وقت قريب مؤداه الإعدام في كثير من الأحيان تحت سلطة النظام الدكتاتوري السابق .
فجأة وجد العراقي نفسه أمام العالم الواسع الملون الرحيب عبر نافذة الإنترنت ليطل من خلالها وقت ما يشاء و في أي مكان يشاء حتى لوكان مستلقيا على فراش النوم .
إن تزايد سعة الإستخدام لشبكة الإنترنت في العراق مع مرور الوقت أتاح للعراقيين فرصة ممتازة لمتابعة الأحداث و القضايا التي تحظى بإهتمامهم ، والتعرف على وجهات النظر المتباينة ، مما سوف ييسر رؤية ناضجة للأشياء ستكون هي الفيصل في إختياراتهم السياسية والحياتية في المستقبل ، خاصة وهم يعيشون حياة ديمقراطية نامية .
و لم يكن الإستخدام الحر لشبكة الإنترنت يحمل طابعا إيجابيا فقط ، إنما كانت له تأثيرات سلبية لابد منها في ظل أوضاع سياسية و أمنية قلقة ، خاصة بعد إستخدام الإرهابيين و المتطرفين الواسع و الفعال للشبكة في الترويج و التثقيف لأفكارهم الشاذة و نشر عملياتهم و بياناتهم الأرهابية و ثقافة الكراهية و التطرف التي تبنوها، فكانت الشبكة عبر وسائطها المتعددة مرتعاً مفضلاً لهذه المنظمات ، تبعا لخاصية الهروب و التخفي عن أنظار العدالة، تلك الميزة التي تيسرها الشبكة للمستفيدين من هذه التقنية .
15- يسرت شبكة الإنترنت فرص كبيرة لهواة الكتابة و غيرالمحترفين من الصحفيين لنشر نتاجاتهم الصحفية في المواقع الإلكترونية المنتشرة بأعداد لا تحصى ، كما أن قسم منهم فضل إقامة موقعه الشخصي لعرض آراءه و نتاجاته الأدبية الخاصة .
أخيرا يسّر ( البلوغ \ المدونة) فرصة ممتازة للناشطين في ميدان الكتابة الصحفية ، حتى كان لأحد العراقيين قصب السبق في شهرة ( البلوغ ) عالمياً من خلال روايته لمعايشاته اليومية في بغداد أبان الإطاحة بنظام صدام ، مما دعى كبريات الصحف العالمية الى التعاقد معه و نشر قصصه الصحفية .
أصبح ( البلوغ \ التدوين ) اليوم ممارسة شهيرة لدى العراقيين لنشر قصصهم الصحفية و باللغتين العربية والإنكليزية مما جعل القراء يهتمون بهذه القصص على نطاق عالمي .
16- يسّرت المواقع الإلكترونية التفاعلية و مع تحسن إستخدامات شبكة الإنترنت مع مرور الزمن فرصا كبيرة للعراقيين للتواصل و التحاور في شتى المواضيع مما سيتم حصاده في المستقبل وعيا ًو إدراكاً لأهمية الحياة الديمقراطية و تبادل الرأي في حياتهم الجديدة و نبذ العنف و القسر الذي إعتادوا عليه عقود من الزمن تحت حكم الدكتاتورية .
17- منذ اليوم الأول لإسقاط النظام السابق ، ظهرت على الساحة الإعلامية في العراق ثلاثة أنواع من الصحف يمكن تصنيفها حسب جههات إصدارها ، وهي: صحف السلطة الجديدة ، و صحف الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني ، و الصحف المستقلة .
تبنت صحف السلطة في البداية الخطاب السياسي للولايات المتحدة الراعية للعملية السياسية في العراق ، ثم مع تأسيس السلطات العراقية و تعاقب مراحل العملية السياسية الوطنية، تحول خطاب هذه الصحف ليعبر عن سياسة الدولة الجديدة و توجهاتها الديمقراطية ، و رغم الضبابية و المصاعب الكبيرة التي إعترضت عمل هذه الصحف و وسائل الإعلام من حيث كفاءة العاملين فيها أو من حيث الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها مقراتها و العاملين فيها ، أو من حيث تيسر الأمكانيات المادية ، فقد حاولت مع مرور الزمن أن تنتهج لها خطاً يسعى لأن يكون مهنياً محترفاً و بعيد الى حد مقبول، عن الصراعات السياسية و الحزبية و تبعاتها .
18- صورة الفوضى التي عاشتها البلاد طيلة الخمس سنوات السابقة منذ إسقاط نظام صدام تكشف عن جزء من الأجابة على السؤال أعلاه ..
فلعل الكثير من الوسائل و الصحف التي تثير الفوضى و تشجع على إعاقة العملية السياسية الجارية في البلاد تتلقى تمويلاً من جهات داخلية أو خارجية خفية و غير شرعية ، لا يسرها إقامة العراق الجديد و لأسباب سياسية باتت معروفة . كما أن هناك من الأثرياء الذين سعوا الى إقتحام مجال الإعلام ليس لغرض الأستثمار المشروع ، إنما بقصد الوجاهة والترويج الإعلاني لأغراض سياسية و منفعية خاصة .
أسهم هؤلاء للأسف في إعطاء صورة غير حسنة عن الممارسة الإعلامية في البلاد بسبب ضعف قدراتهم و عدم درايتهم بإصول العمل الإعلامي و مقاصده الشريفة .
19- تثار تساؤلات كثيرة عن شرعية التمويل الحزبي للصحف و وسائل الإعلام الناطقه بإسمائها ، كما تثار نفس التسؤلات بخصوص شرعية تمويل بعض الصحف المستقلة .
ففي الوقت الذي تعاني منه جميع الصحف و وسائل الإعلام العراقية من ضعف التمويل المتأتي من الإعلانات التجارية أو مبيعات الصحف ، يبقى السؤال العالق ..
أذن كيف تستطيع هذه الوسائل و الصحف من الإستمرار في الصدور و العمل في حين توقفت أخرى بسبب إنعدام مصادر التمويل ؟؟!!
20- إتجاهات التحرير الصحفي في المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية تنوعت و تعددت ، حسب الفنون الصحفية المعروفة ، فهناك صحف الرأي، و صحف الخبر ، و الصحف التي تستقي مادتها من الإنترنت بالإعتماد على المواقع و الصحف الأخرى ، كما أن هناك مواقع و صحف تجمع كل الفنون الصحفية بما فيها الفديو كليب و الإذاعة .
وهناك مواقع أهتمت بعرض وقائع الماضي و الذكريات عبر نشرها للوثائق و الشهادات عن حقبة العهد السابق و الذي قبله ، فالمتصفح ما زال مهتماً بهذا الموروث و متابعة مادته.
و هناك أيضا إتجاهات أخرى للتحرير الصحفي لهذه المواقع ، فهناك صحف و مواقع هزلية ، و أخرى شبابية ، و أخرى إختصت بالفضائح السياسية و غيرها .
لكن الملاحظ أن الفورة الأولى لظهور أعداد كبيرة من الصحف في البداية لم تستمر طويلا ، فمع مرور الزمن بدأت الكثير من الصحف تتوقف عن الصدور أو مواقع إلكترونية تتوقف عن التحديث.
و من حيث التوجه أيضا فقد أهتمت بعض الصحف والمواقع بالمسائل المطلبية للشعب والتي ما زالت الشاغل الأكبر- بعد الأمن - للناس و للصحافة، لعدم وجود أفق قريب لحل هذه المشكلات الموروثة من النظام السابق و التي إزدادت كثيراً بفعل العمليات الإرهابية و الفساد الأداري المستشري في الدولة الجديدة .
في حين راحت صحف و مواقع أخرى و هي كثيرة أيضا تهتم بجدل الهويات القومية و الطائفية و الجهوية و عرض المظلوميات على خلفية مجريات الأمور في ظل نظام صدام السابق .
و بالتأكيد كان للبعض المتطر ف من وسائل الأعلام و الصحف هذه دوراً مثيراً في الصراع المسلح المؤسف بين بعض المكونات الشعبية العراقية خلال السنين الماضية .
21- كشفت الدراسة عن العدد المريع للصحفيين و الإعلاميين الذي تعرضوا للإغتيال و للعمليات الأرهابية و للإختطاف و للإصابة خلال العمل و للإعتقال ، و ما الى ذلك من مخاطر .
ففي كل عام تكشف منظمات معنية بحقوق الصحفيين عن الخطرالأكبرالذي يحيق بالصحفيين العاملين في العراق بما لايوجد له مثيلا في بلدان أخرى أو في مواقع نزاع سابقة.
و رغم ذلك تدل هذه الأرقام و الحوادث على أصرار الصحفي العراقي على المواصلة و الإستمرار في أداء مهماته ساعيا الى تطويرها قُدما ، و هذا يُعد مفخرة للعاملين في هذا القطاع سيحصدون نتائجه الحسنة على المستوى العالمي في المستقبل القريب .
22- من جانب آخر أضحى الصحفيون و العاملون في حقل الأعلام عموما هدفاً سهلاً و محدداً لما يمكن تسميته بالطغيان الطائفي و العرقي المتطرف و قوى التخلف و الجهل التي وجدت لها مساحة واسعة من الحركة في ظل غياب هيبة الدولة و القانون ، فراح عشرات الصحفيين و الإعلاميين ضحية لإصرارهم على الإستمرار في عملهم ، مثلما تعرض زملاؤهم من أجيال سابقة لعنت و ظلم سلطات النظام السابق ، فإضطر عدد غير قليل للهجرة بينما تنحى بعضهم عن مهنة المتاعب و الموت السهل في حين إستمر البعض الآخر باصرار على تأدية واجبه المهني .
إن مساحة الحريات المطلقة التي يسّرتها الحياة السياسية في العراق الجديد مهدت لظهور بعض الإعلاميين و الصحفيين ذوي الميول العرقية و الطائفية عملوا على تكريس مصطلحات و مسميات طغت على الخيارات الوطنية ، في حين تخلى العلمانيون و اللبراليون، وغيرهم عن الإعلان عن ميولهم السياسية أو برامجهم الوطنية خشية إتهامهم (بالكفر والإلحاد) و ما يتبع هذا الإتهام من عواقب وخيمة .
التوصيات
في ظل هذا التنافس الشديد و حجم الإستثمار المتزايد و المتنوع في حقل الإعلام على مستوى الوسيلة و التوجه و المضمون ، تصبح مسألة النجاح و التفوق أمرا لابد منه للإستمرار و فيما عدا ذلك فلا بد من التخلي عن ولوج هذا العالم الصعب و التنحي جانبا لإتاحة الفرصة الى من يجيد شروط لعبة النجاح .
إن النجاح الأعلامي في عصر العولمة لا يقاس بالقيمة الثقافية و المعرفية و المنفعة الإجتماعية المضافة فقط إنما يقاس بالعائد التجاري قبل كل شيء .
فأما أن تستمر في العمل و الإنجاز بتوفر التمويل الكاف أو أنك تخسر كل شيء دفعة واحدة ، و ما من أحد يتبرع لتعويض خسارتك بدون مقابل .
مازالت معظم الوسائل الإعلامية تعتمد الى حد كبير على الإعلان كمصدر أساس للتمويل و التشغيل والذي يضمن للوسيلة مستوى كبير من الأستقلالية و إعتماد المعايير المهنية الصحيحة بعيداً عن نفوذ غير مرغوب به أو مضر بأخلاقيات المهنة و أصولها .
و رغم الإنفتاح الواسع في العمل الإعلامي و الإعلاني في العراق بعد الإطاحة بالنظام الدكتاتوري السابق ، فإن معظم الصحف و وسائل الأعلام العراقية الأخرى ما زالت تعاني من شحة التمويل عن طريق الإعلانات ، و هذا مرتبط بعدة عوامل ، لعل أبرزها ضعف الحركة الأقتصادية في البلاد بسبب الظروف الأمنية القلقة ، و لجهل المستثمر العراقي بالقيمة الترويجية التسويقية للإعلان ، و لحداثة العراقيين بهذه الوسيلة حيث كان الإعلان التجاري ممنوعاً أو محدوداً بشروط قاسية الى وقت قريب قبل سقوط النظام السابق على خلفية فلسفة النظام في الحكم .
الإعلانات الوحيدة التي يمكن إعتبارها مصدر تمويل جيد للصحف هي الإعلانات الحكومية ، التي إستحوذت على معظمها" شبكة الإعلام العراقي " الحكومية عبر وسائلها الإعلامية التلفزيونية و الإذاعية و الصحفية الحكومية مما دعا الصحف و وسائل الإعلام العراقية الأخرى الى الشكوى من هذا الأستحواذ و مطالبة الدولة و في أعلى مستوياتها بإتخاذ إجراءات عادلة في نشر الإعلانات الحكومية .
إن انحسار الإعلان التجاري عن الصحف الورقية إنسحب أيضا على المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية مما أفقدها مصدراً مهما للتمويل المستقل .
إن ضعف التمويل المستقل لوسائل الإعلام العراقية أو إنعدامه كلياً ، حتماً يثير التساؤل عن مصادر تمويل هذه الوسائل و الصحف ، و ماهية إستحقاقاته ؟!
و تبعاً لذلك يصبح من الطبيعي التساؤل عن الأخلاقية والإستقلالية و المهنية ثم تنمية و تطوير حقل النشاط الإعلامي العراقي بشكل مستقل ، والذي يعد العلامة الأبرز و الأهم في الحياة الديمقراطية في العراق الجديد .
إن مسالة السوق الإعلامية و التنشيط الإعلامي في العراق بحاجة الى معرفة دقيقة بأساليب الترويج و التسويق الإعلامي لشعوب العالم من حيث إستخدام النهج والإسلوب المناسب لمخاطبة شعوب تؤمن بالديمقراطية و تمارسها . إن أقامة صناعة إعلامية وطنية متطورة في العراق سيمكن من تحقيق عوائد مالية كبيرة للبلاد ، ستسهم بالتالي في تعزيز الديمقراطية و تنشيط العمل الإعلامي ذاته ، فضلاً عن الرخاء الذي سيتمتع به العاملين في هذا القطاع .
1- العراق منذ عقود من السنين و هو مركز إستقطاب عالمي و محل إهتمام سكان العالم في كل مكان و كان من المفترض أن تنشط فيه حركة الإعلام المحلي و الدولي .
ومن الحيف أن لا يلتفت الإعلاميون العراقيون و الجهات المعنية بالتنشيط الإعلامي ، للإستفادة من السوق الدولية النشيطة في هذا الحقل .
2- من المهم جداً سن تشريعات تتعامل مع ظاهرة التمويل الخفي و غير المنظور لوسائل الإعلام العراقية ، و تحديد مصادره، خاصة تلك الوسائل التي تروج للإرهاب و تهدد السلم الإجتماعي ، و تدعو الى ثقافة الكراهية و التمييز بين أفراد الشعب العراقي .
3- تطوير شبكة الإنترنت و تعزيز بنيتها التحتية و التقنية ، و فسح المجال للقطاع الخاص تحت تشريعات محددة لولوج هذا الميدان وعلى جميع أصعدته إنسجاما مع التوجه الديمقراطي للبلاد .
4- مساهمة الدولة و تشجيع القطاع الخاص عبر تشريعات معينة على الولوج بفعالية الى عالم البرمجيات و تقنياتها و صناعة أجهزة الكومبيوتر ، و السعي الى تيسيرها بأسعار متهاودة في الأسواق ، خاصة و أن المواد الأولية و الطاقات البشرية و الأموال متوفرة في العراق للبدء في إنشاء و تطوير هذه الصناعة .
5- إلزام نقابة الصحفيين و الجهات المعنية بالنشر و الإعلام في البلاد، بتبني تشريعات يتم بموجبها أعداد كشوف و بيانات بوسائل الأعلام المختلفة جميعها ، و التعريف بالقائمين عليها و المشرفين على أدارتها من حيث الآهلية و الإنتساب للعمل الصحفي من عدمه ، لغرض تعريف المتلقي و القارئ و حماية ذوي المهنة من المتطفلين عليها .
6- إعادة النظر بتشريعات الوسائل الإعلامية الممولة من قبل الدولة و المال العام حالياً ، خاصة فيما يتعلق بممتلكاتها و جدارة منتسبيها و كفائتهم و طبيعة توجهاتهم ، خاصة وأن ناشطي النظام السابق إستطاعوا أن ينظمّوا صفوفهم و يعودون الى الساحة الإعلامية بقوة للتبشير بعودة الدكتاتورية و النظام الشمولي مرة أخرى سواء كان ذلك بصبغة بعثية أو إسلامية ... أو أي صبغة شمولية أخرى .
على المشّرع العراقي أن يولي إهتماما خاصا لمتابعة المال العام المصروف على وسائل إعلام الدولة ، و تبيان مجالات صرفه و جدواه ، و بيان ذلك الى الشعب .
إن إعتماد الكفاءات الإعلامية العراقية المشهود لها بالتاريخ المهني المحترف و النزاهة و الجدارة أمر لا يمكن التغاضي عنه في تعيين و إدارة وسائل الإعلام العائدة للدولة ، و لا يتأتى ذلك إلا بنبذ المحسوبية و الولاء الحزبي و إقصاء التحاصص الطائفي عن هذا القطاع ، و ما عدا ذلك فمن الأجدر بالدولة أن تتخلى عن دعم (إعلام رسمي) و عليها أن تتبنى مفهوم الإعلام الحر الممول من قبل القطاع الخاص ، لتدرء عن نفسها تهمة الفساد في المال العام .
7- تفعيل قانون مكافحة الترويج للإرهاب و ما يهدد السلم الأجتماعي و عدم التساهل مع أية وسيلة أعلامية و صحيفة تتبنى هذا الخطاب الخطير و أن تغلف بدعوات تبدو للظاهر دعوات سياسية مشروعة ، فعلى القضاء و الجهات المعنية بالترويج الإعلامي أن تولي هذا الأمر أهمية خاصة في ظل الظروف القلقة و الصعبة التي يعيشها العراق اليوم ، كما يجب إعتماد العدل في المراقبة و المحاسبة ، و نبذ سياسة الكيل بمكيالين .
8- ضرورة الإهتمام بكليات و معاهد الإعلام في البلاد والبحث عن مصادر تمويل أخرى لتطويرها و تحسين أداءها التعليمي بما يتناسب مع حجم الثورة التقنية و الإعلامية الكبرى التي يعيشها العالم في عصر العولمة ، يأتي ذلك من خلال مفاتحة و تعزيز العلاقات مع وسائل الإعلام الدولية التي لها الريادة في إعانة الإعلام النامي و مساعدته على النهوض .
إن تجربة وكالة رويترز بالتعاون مع مظمة اليونسكو في تأسيس وكالة ( أ صوات العراق ) ينبغي الأخذ بها و تعميمها من قبل المعنيين بوسائل الإعلام في عموم العراق .
9- لا بد من إتباع شروط مهنية- يجب أن تكون شروط غير سياسية - صارمة في منح الهوية الصحفية في نقابة الصحفيين ، كما يجب إتباع نفس الشروط المهنية الصارمة بمنح رخص العمل لوسائل الإعلام من قبل الجهات المعنية بمنح الرخص، لغرض حماية مهنة العمل الصحفي من المتطفلين و ذوي الأغراض الخاصة التي لا تنسجم مع أصول هذا النشاط . </span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-82161453984185502472008-07-14T12:14:00.000-07:002023-02-07T16:22:38.161-08:00المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية و المسألة العراقية<div align="right">المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية والمسألة العراقية *<span style="font-size: 130%;">
أحمد الصالح
تصدت جميع المواقع الصحفية العراقية لمجمل الأحداث والقضايا الجارية على الساحة العراقية منذ التاسع من نيسان 2003 و ما بعده ، و تناولتها بمختلف الفنون الصحفية المعروفة ، و تبعاً لتوجهات المواقع ومديات إلتزامها بأساسيات العمل الصحفي ، يمكن ملاحظة التباين الواضح بين مواقف المواقع و وجهات نظرها أزاء تلك القضايا والأحداث . و رغم تفاوت ظهور المواقع الصحفية على شبكة الإنترنت في أزمان مختلفة ، يمكن ملاحظة و تحديد إتجاهاتها و هويتها ، إذ أن معظم المواقع التزمت خطاباً اعلامياً و سياسياً محدداً قلما يتغير ، مع أن هناك مواقع تحاول التعامل مع مجمل الأحداث بمهنية و حيادية يستوجبها العمل الصحفي .
و يمكن إعتماد معيار أساسي يتلخص في مجموعة من القضايا والأحداث التي جرت على الساحة العراقية و من خلاله يمكن الكشف عن طبيعة تعامل المواقع الصحفية مع هذا المعيار ..
و فيما يلي عدد من الشخصيات والأحداث والقضايا المهمة التي رسمت معالم العهد الجديد في العراق ما بعد التاسع من نيسان 2003 ، و بيان طريقة معالجتها من قبل المواقع الصحفية العراقية :
· ( صدام حسين )
تعاملت المواقع الصحفية مع شخصية " صدام حسين" بطرق مختلفة و متباينة ، فبعضها تعامل معها على أساس خلفيته السياسية و البعض الآخر تعامل معها على أساس مهني بحت .
المواقع العائدة للأحزاب و الموالية سياسياً لأحد الأطراف المهتمة بالشأن العراقي ، تعاملت مع شخصية "صدام" على أساس خلفيتها و مرجعيتها السياسية، فالمواقع الإسلامية و العلمانية المعارضة لصدام و المؤيدة للعملية السياسية الجارية بعد إسقاط نظامه ، تصفه "بالدكتاتور" و "الطاغية" و "المستبد" و ما إلى ذلك من صفات سلبية ، في حين تصفه المواقع الموالية " لنظام صدام " أو المواقع الإسلامية المعارضة للعملية السياسية الجارية بعد إسقاط النظام " بالرئيس الشرعي " و " الرئيس الشهيد " و غيرها من الصفات الإيجابية .
أما المواقع المهنية فهي تتعامل مع صدام بوصفه رئيساً لنظام سابق أُطيح به و إبتدأ بعده بناء نظام آخر .
· (عملية حرية العراق)
هذه التسمية كانت قد أطلقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على العمليات العسكرية التي أطاحت بنظام صدام حسين في 9 نيسان 2003 و تم تداولها على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأمريكية و الغربية .
أما المواقع الصحفية العراقية فقد أنقسمت فيما بينها في التعامل مع هذه التسمية منها من تعامل معها إيجابيا وإستخدمها في بداية إطلاقها ثم إستبدلها بصياغة إيجابية أخرى مثل ( تحرير العراق ، و عملية إسقاط نظام الإستبداد ) و هذه هي المواقع المساندة لقوات الحلفاء والمؤيدة لها في إسقاط نظام صدام والتي ما زالت مؤيدة للعملية السياسية الجارية في عهد العراق الجديد .
أما المواقع المعارضة لإسقاط نظام صدام والتي ما زالت معارضة للعملية السياسية الجارية في العراق الجديد، فإنها تعاملت سلبيا مع هذه التسمية وأستخدمت بدلاً عنها تسميات أخرى مثل ( إحتلال العراق ، والغزو الهمجي للعراق ... الخ ) و من هذه المواقع مَن تبنى نهجاً إسلامياً بشقيه السني والشيعي ، ومواقع أخرى تعود لحزب البعث و لمؤيدي النظام السابق ، وإن كانت توجهاتها غير إسلامية .
· (إحتلال العراق)
المواقع المساندة لقوات الحلفاء في الإطاحة بنظام صدام تعاملت سلبياً مع هذه العبارة و لم تستخدمها ، حتى صدور قرارمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 16 تشرين الأول 2003 الذي جاء بالأجماع في منح "الشرعية الدولية " للإحتلال الأمريكي للعراق حسب لوائح الأمم المتحدة، ثم بعد ذلك عادت لإستخدام تسمية "التحرير" بعد قيام الحاكم المدني " بول بريمر " بتسليم السيادة للعراقيين في 8 حزيران 2004 حيث صادق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار بإنهاء إحتلال العراق في 30 حزيران و نقل السيادة الى إدارة عراقية مؤقته .
أما المواقع الرافضة لعملية إسقاط نظام صدام فهي ما زالت تتعامل إيجابيا مع تسمية "الإحتلال" و تستخدمها بشكل مركزي في خطابها الإعلامي حتى بعد تسليم السيادة للعراقيين و قيام الأمم المتحدة بإستصدار قرار إنهاء الإحتلال السالف الذكر .
· ( محاكمة صدام حسين وإعدامه )
المواقع الموالية للعملية السياسية الجارية تعاملت إيجابيا مع محاكمة رئيس النظام السابق وتابعت وقائعها ، مع بعض الإنتقادات لمجريات المحكمة و ماعدّته بعض التجاوزات القانونية والتساهل الذي أبداه القضاة الذين توالوا على المحاكمة ، ثم أيدّت بشدة حكم المحكمة بالإعدام على صدام و عاضدته .
أما المواقع غيرالموالية للعهد الجديد والتي ترفض العملية السياسية فهي أيضا رفضت المحاكمة و عدّتها باطلة و وصفتها بكونها "لعبة" من ألاعيب الإحتلال ، ودعت الى إطلاق سراح صدام ، ثم إستنكرت إعدامه في أول يوم العيد، وعدّته متعجلاً و مسيئاً للقيم الإسلامية التي يؤمن بها المجتمع العراقي والعربي .
· ( الديمقراطية في العراق )
أبدت المواقع الموالية للعملية السياسية الجارية بعد إسقاط نظام صدام ، تأييدها و مساندتها للخطوات الديمقراطية التي تبناها العهد الجديد في جميع مراحلها من تشكيل مجلس الحكم الى الجمعية الوطنية الى الإنتخابات العامة الى الإستفتاء على الدستور وإنتخابات مجالس المحافظات ، و رغم أنها في العادة توجه إنتقاداتها لبعض الأجراءات والمناقشات التي تجري في مجلس النواب العراقي أو في جميع مفاصل العملية السياسية الجديدة ، لكنها تعد إنتقاداتها ضمن التوجه الديمقراطي العام للبلاد .
أما المواقع الرافضة للعملية السياسية سواء كانت إسلامية متطرفة أوموالية للنظام السابق ، فإنها سخرت من الديمقراطية كمفهوم (مستورد) وغير قابل للعيش في بيئة إسلامية ، أو أنها عدّتها " مسرحية " من صنع الإحتلال لغرض صرف أنظار الناس عن (جرائمه) .
أما المواقع "البعثية" فهي لا تعترف سوى بشرعية النظام السابق وترفض كل ما بعده .
· (قوات الحرس الوطني)
رحبت المواقع الموالية بتشكيل هذه القوات كبديل للجيش السابق و تعاملت معها إيجابيا و ساندت عملياتها القتالية ضد أعداء النظام الجديد . أما المواقع الرافضة للعملية السياسية فقد رفضت الإعتراف بهذه القوات و تعاملت معها سلبياً و أطلقت عليها تسمية " الحرس الوثني " بقصد تحقيرها و التقليل من شأنها ، بل ودعت الى محاربتها و القضاء عليها بوصفها "صنيعة الإحتلال".
· (القاعدة و " المجاهدين العرب ")
المواقع الموالية للعملية السياسية، تعاملت مع تنظيم" القاعدة " وما يسمى " بالمجاهدين العرب " تعاملا سلبياً و وصفتهم بالإرهابييين المجرمين ، و إستنكرت عملياتهم القتالية و تفجيراتهم في أوساط المدنيين و تخريبهم المتعمد لمصالح العراقيين وعهدهم الجديد، و شجّعت على مقاتلتهم و القبض عليهم و تقديمهم للعدالة و أدانت دول الجوار التي سهّلت دخولهم للعراق أو ساندتهم إعلامياً و ماليا ً ، و تعرضت بعض المواقع بالنقد للمذهب " الوهابي " الذي ينتمي إليه تنظيم القاعدة من الناحية المذهبية الدينية .
أما المواقع الرافضة للعملية السياسية فقد تباينت مواقفها من تنظيم القاعدة و مقاتليه ، و تبعاً لتطورات العملية السياسية و تتابع مراحلها الزمنية ، فهناك من ساند هذا التنظيم بشكل تام و وصف مقاتليه " بالمجاهدين " أو " المقاومين " ودعا العراقيين الى مناصرته ، و هناك من إنتقل بموقفه من تنظيم "القاعدة" من المساندة في الأيام الإولى للتمرد على العهد الجديد، ثم ما لبث أن إتخذ موقفا منتقداً للتنظيم ، و تحول فيما بعد الى الإستنكار والإدانه والدعوة الى مقاتلته على خلفية تطورات العملية السياسية و تغير مواقف بعض القوى والحركات خاصة في المنطقة الغربية و خاصة أولئك الذين أطلق عليهم فيما بعد "بمجالس الصحوات" .
· ( السيد السيستاني و المرجعية الشيعية)
تعاملت المواقع الموالية إيجابيا مع المرجعية الشيعية و "السيد السستاني" وعاضدتها في مواقفها الإيجابية من العملية السياسية و دعمها للإنتخابات و سن الدستور الدائم للبلاد ، و أثنت على أدائها في مواقفها المترافقة مع تطورات الأحداث ، و بعضها عظمت من دورها و إعتبرتها الهادية والموجهة للجميع والحريصة على حقوق العراقيين جميعاً .
أما المواقع الرافضة ، فقد تعاملت سلبياً مع المرجعية وأطلقت أقذع الصفات عليها وعلى السيد السستاني و حملتها _ و حملته _ المسؤولية الأولى في" إحتلال " العراق ، و طالبت بإقصاء المرجعية و طرد رجال الدين الشيعة المنتسبين إليها بوصفهم غيرعراقيين و يحملون جنسيات أجنبية .
ملاحظات و سمات
لقد أقام العراقيون بمساعدة المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة و بمساندة قوية من قبل الولايات المتحدة ، نموذجاً للحكم الديمقراطي في بلادهم، يعد فريداً من نوعه في الشرق الأوسط و يعد سابقة غير مطروقة في المنطقة عبر حقب عديدة من تاريخها .
فهل النموذج الديمقراطي الذي يشهده العراق الجديد يشبه أو يحاكي النموذج الغربي للديمقراطية ، و هل الممارسات الديمقراطية المتاحة للعراقيين تحاكي الممارسات الديمقراطية المتيسرة للغربيين . و هل النشاط الصحفي الحرالذي يشهده العراق الجديد اليوم يحاكي النموذج الغربي للحرية الصحفية ؟؟
نموذج الحكم الديمقراطي الجديد في العراق أتاح مساحة كبيرة من الحريات للعمل الصحفي و شرع جملة تشريعات تضمن هذه الحرية و تحميها.
لكن هل التشريعات و القوانين كافية لضمان حرية العمل الصحفي و تداول الأخبار بحرية في الصحافة العراقية ؟
و بناء على ما تقدم فإن المتابع و المراقب لأداء المواقع الصحفية العراقية على شبكة الإنترنت يلاحظ و بشكل عام ، جملة سمات أساسية فيما يتعلق في نشر الأخبار و أسلوب معالجتها :
1- إن معظم الأخبار المنشورة غير أصيلة و منقولة عن وسائل إعلام أخرى مثل وكالات الأنباء و قنوات التلفزيون و الإذاعات مما يفقدها عناصر التوقيت والسرعة والتشويق، و هذا يعني أنها أخبار جاهزة، و عيب هذا النوع من الأخبار أنها تكون دائما في متناول أيدي جميع الصحفيين بحيث لا يستطيع الصحفي أن ينفرد بنشرها دون غيره من الصحف . و الإعتماد كثيراً على وسائل أعلامية أخرى ، حتماً يخلق صحافة مزيفة و غيرأصيلة .
2- يغلب على الأخبار المنشورة طابع الإنتقاء والتمييز ليس على أساس القيمة الخبرية المرتكزة الى عناصر الخبر ، إنما على أساس سياسة الموقع و توجهاته السياسية والدينية المذهبية و الحزبية ، مما يفقد الموقع صفة الحياد الموضوعي الذي يستوجبه العمل الصحفي .
3- إرتفاع نسبة عناصر الإثارة والشهرة والأهمية و التشويق في المواقع الصحفية المنحازة حزبيا أو مذهبيا ، و إنخفاض نسبة عناصر التوقيت والمصلحة الإجتماعية والوطنية في هذه المواقع .
4- المواقع غير الحزبية تسعى الى إعتماد العناصر الأساسية في أخبارها المنشورة ، و تحاول تأسيس تقاليد مهنية صحيحة .
5- رغم التوسع الكبير جداً في العمل الصحفي الحر في العراق الجديد لكن يلاحظ إنحسار الأخبار المبدعة الأصيلة تلك التي يبذل المخبر الصحفي جهداً كبيراً في الحصول عليها و إستكمالها بالمعلومات الكافية .
و قد يعود السبب في هذا الإنحسار الى تدهور الوضع الأمني في العراق و إستهداف الصحفيين بشكل خاص من قبل الجماعات الأرهابية و المسلحة مما أعاق الى حد كبير من نشاط المخبريين و المراسلين الصحفيين وعطّل حركتهم في الحصول على الأخبار الجديدة.
إن تحسن الوضع الأمني سيعدل هذه الملاحظة و سييسر للمخبرين و المراسلين الصحفيين العراقيين في ميادين الأحداث، الفرصة في إنتاج أخبار أصيلة .
6- إنتشار الخبر المحرف على حساب الخبر الموضوعي في المواقع الصحفية الحزبية و المنحازة على أساس ديني مذهبي، فرغم أن الكثير من الأخبار المنشورة في هذه المواقع منقولة من وسائل إعلامية اخرى ، لكنها تتعرض الى إعتداءات تجعل منها أخبار محرفة ، مثل حذف بعض الوقائع لا بقصد الإختصار و إنما بقصد إخفاء هذه الوقائع عن القراء !
و إختلاق بعض الوقائع التي لم ترد بالفعل في الخبر عند نشره .
و تضمين الخبر رأيا أو وجهة نظر لهدف التأثير بهدف معين ، و بذلك يتعرض الخبر الى عملية تشويه متعمدة تفقده موضوعيته من ناحية و دقته من ناحية ثانية . بحيث يصل الخبر الى القارئ لا كما حدث بالفعل في الواقع و إنما كما تريده الصحيفة أن يصل الى القراء، وهوالأمر الذي من شأنه تضليل القراء و خلق رأي عام موجه في المجتمع . و هوالشيء الذي يمكن أن ينعكس أخيرا في فقد القارئ لثقته في الصحيفة وفي موقعها، و هو أكبر عقاب يمكن أن يوجه الى صحيفة تريد أن تحترم إسمها !
7- تميل معظم الشخصيات السياسية البارزة في العراق الجديد الى تزويد الصحف الأجنبية و العربية بالتصريحات على حساب الصحف المحلية ، مما يعرض الأخيرة الى شحة واضحة في الأخبار المبدعة الجديدة .
و قد يعود سبب إهتمام الشخصيات العراقية بالوسائل الإعلامية غير المحلية و ذلك لسعة إنتشارالإولى و ضخامة انتاجها ، بقدر كاف لإغراء الشخصيات في حصاد التأثير والشهرة ، لكن إتباع هذا النهج سيؤثر سلبياً على الصحف المحلية و يعيق نموها و تطورها و إنتشارها .
8- تهتم الصحف الحزبية و المنحازة سياسياً بأخبار الشخصيات أكثر من إهتمامها بالأحداث ، في حين تهتم المواقع الصحفية المهنية بشكل متوازن بين أخبار الشخصيات و الأخبار المستمدة من الأحداث .
إن أهتمام المواقع الحزبية بأخبارالشخصيات، الغرض منه سرعة التأثير في أوساط القراء قليلي التعليم و الثقافة الذين يكونون في العادة شغوفون بمتابعة أخبار الشخصيات البارزة بدلاً من إشغال الفكر في تحليل الأحداث و تتبع تفاعلاتها ، كما يفعل القراء المثقفون و أصحاب التعليم العالي في العادة .
9- لا تشير الكثير من المواقع الصحفية الى مصادر الأخبار التي تنشرها مما يضعف مصداقيتها و يجعلها أقرب الى ترويج الإشاعات منها الى نشرالأخبارالصحفية ، ورغم أن الأخبار القليلة المصداقية من هذا النوع قد تلقى رواجاً في أوساط العراقيين في ظروف التوترالأمني و عدم إستتاب الأوضاع ، فهي في الواقع تمنح ( نجاحاً ) مزيفاً للصحف التي تروج هذه الأخبار \ الأشاعات ، و مع مرور الزمن و زيادة رقعة التنافس المتنامية بإضطراد فإن هذه الصحف سوف تفقد مصداقيتها لدى القارئ مما يؤدي بالتالي الى فشلها .
الأخراج الفني للمواقع
تنزع جميع المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية الى إعتماد رموز عراقية مألوفة و متداولة بطوابعها المختلفة ، التاريخية و الجغرافية و التراثية و الفلكلورية ، و البيئية ، و السياسية .
و تبرزها في صور أو أشكال مختلفة ، تعبر عن هوية الموقع الوطنية و إنتماءه السياسي و الفكري و الديني و المذهبي و الحزبي .
بعض المواقع واكبت التطور المتجدد في الإخراج الفني وإستخدام التقنيات المستحدثة و البعض الأخر ما زال يعتمد الأشكال التقليدية و البدائية في العرض و الأخراج ، كل حسب إمكانياته المادية و حجم تمويله و كفاءة المشرفين على إدارته .
فأدخلت بعض المواقع تقنيات حديثة ، مثل شريط الأخبار ، و الصور المتغيرة ، و الفلاش ، و بعضها إستضاف تسجيلات فديو أو تسجيلات إذاعية ، واعتماد التفاعلية مع القراء فضلاً عن إستضافة مواقع أخرى صديقة .
و إستنادا الى نتائج مسح المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية و رصد أستخدامها للتقنيات ، فقد لوحظ أن إستخدام المواقع للتقنيات الحديثة في العرض متفاوتة من حيث النوع و الكم ، و قد يعود ذلك الى حجم التمويل من جهة أو للمعرفة التقنية من عدمها لدى إدارة المواقع، بأهمية إستخدام هذه التقنيات لرفع مستوى التأثير في المتلقي و إيصال الخطاب بأقوى صوره .
أكثر التقنيات المستخدمة شيوعاً في المواقع العراقية هي "الصور" ، و يعود ذلك لسهولة إستخدامها و قوة تأثيرها في إيصال الخطاب الى المتلقي خاصة عندما يكون الجمهور المستهدف على الأغلب قليل التعليم أو أنه لا يحفل كثيراً بالموضوعات المكتوبة تبعاً لطبيعة التصفح على الإنترنت الذي أتاح خياراً واسعاً جداً للمتصفح ، مما أبعده الى حدما عن التركيز على الكلام المكتوب و إنصراف ذهنه الى الصور و الأشكال المرئية التي تكون في العادة أكثر جاذبية و تأثير من الكتابة ، و قديماً قيل إن للصوة المنشورة تأثير على القارئ أكثر من ألف كلمة مكتوبة .
يأتي إستخدام شريط الأخبار المتحرك بالدرجة الثانية في المواقع ، و هو يعبر عن مواكبة الموقع لآخر الأخبار و مستجداتها ، و التي تتطلب متابعة و تحديث مستمرين و المواقع تعمل في سوق منافسة قوي جدا على شبكة الإنترنت و بين وسائل الإعلام الأخرى خاصة القنوات الفضائية و الإذاعات ، التي تتسابق على نشر الأخبار الجديدة دوماً . قد يكتفي المتصفح لمواقع الشبكة اليوم في قراءة شريط الأخبار المتحرك ، فإن كان بقدر من الكفاءة و السعة و النضج و الدقة و السرعة في نقل و عرض الأخبار الجديدة سيكون عاملاً مؤثراً في كسب المتصفح لهذا الموقع و تفضيله على سواه .
إستخدام تقنية الفلاش في المواقع العراقية ما زالت شحيحة ، ربما يعود ذلك الى حداثة هذه التقنية في الإستخدام عموما ، و قد تعمد المواقع العراقية الى إستخدامها مع مرور الزمن و تراكم الخبرة </span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-57635201678123006512008-07-14T12:11:00.000-07:002008-07-27T13:43:13.990-07:00الصحافة في عهد البعث الثاني في العراق 1968-2003<div align="right"><span style="font-size:130%;">الصحافة في عهد البعث الثاني في العراق 1968-2003<br /><br />أحمد الصالح<br /><br />تقديم<br /><br />عَرف العراق الصحافة أول مرة بصدور جريدة (الزوراء) باللغة العربية في عام 1869 ابان سلطة الوالي مدحت باشا، وبدأ العراقيون يحتفلون في 15 حزيران من كل عام عيداً للصحافة منذ قيام الاحتفالية بمئويتها عام 1969 . كما عَرف العراق التلفاز عام 1956، ويُعتبر من أوائل الدول العربية التي تأسست فيها هذه الوسيلة الإعلامية المؤثرة، وكان قد عَرف أيضا البث السمعي (الراديو) في العام 1936 حيث يعد من دول الشرق الأوسط الرائدة في هذا المجال.وخضعت الوسيلتان السمعية والبصرية منذ تأسيسهما في العراق الى السيطرة الحكومية وفق تشريعات خاصة، بيد أن الصحافة الورقية يمكن استثناءها من هذه السيطرة المباشرة، سوى القليل من الصحف التي أصدرتها الجهات الحكومية في مراحل تطور العراق السياسي في العهد الملكي الذي امتد حتى قيام الجمهورية في 14 تموز 1958. ثم ليُحصر امتياز الأصدار الصحفي في العهود اللاحقة بيد الجهات الحكومية والمنظمات المرتبطة بها عدا بعض الإستثناءات في هذا العهد أو ذاك .<br />كانت الصحافة العراقية إمتداد للنزاع السياسي المباشر عقب إنشاء الدولة العراقية ، هذا إذا إستثنينا بقدر ما الصحافة الساخرة التي كانت بدورها مرآةً تهكمية مسيسة في الكثير من الأحيان .ولم يتح للبلاد بلورة ما يسمى " السلطة الرابعة " التي يتعين أن تراقب السلطات الثلاث الأخرى كما يفترض . ومن هذا الموقع واجهت المؤسسة الإعلامية سلطة الدولة الفتية وغير الخبيرة وأحياناً المنحازة الى " العهد " تماماً كما واجهت أحزاباً تقع المنازعة السياسية في صلب عملها ومقدمة أولوياتها مما أفضى في النهاية الى دمج وإخضاع السلطة الرابعة لتأثيرهما بل عمدت الدولة في خضم الصراع ولا سيما خلال الخمسينات الى الغائها بالكامل. ولهذا لم تتمكن الصحافة من تطوير عدتها المهنية بحيث تقوم بالواجبات التي تتحملها مثيلاتها في الديمقراطيات البرلمانية الإخرى . ومع نشوء أجيال من الصحافيين المهنيين والمشاهير من رحم تلك الصحافة السياسية ، إلا انهم كانوا بمقاييس الإحتراف محض معلقين ومحللين سياسيين أكثر منهم أركان صحافة مهنية تقليدية بالمعنى الواسع .(1)<br /><br />تشريعات قديمة للإعلام<br />أصدرت السلطات الحاكمة في العراق تشريعات و قوانين تنظم عملية إصدار الصحف منذ العهد العثماني، حيث صدر أول نظام لها بتشريع قانون المطبوعات في 16 تموز1909 بعد الإنقلاب الدستوري لعام 1908. وكان قد صدر خلال ثلاث سنوات من صدور هذا القانون 37 جريدة كان أولها جريدة (بغداد) كأول صحيفة شعبية تصبح ملكاً خاصاً.من مواد هذا القانون:- يجوز أن تعطل مؤقتا الجريدة أو المجلة التي تنشر ما من شأنه أن يخل بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي. (السجن من 3 اشهرالى 3 سنوات)وشرع القضاء العراقي أول قانون عرف بقانون المطبوعات رقم 82 لسنة 1931 والذي يعتبر صدوره من أهم العوامل أو الاسباب التي ادت الى تخلف الصحافة العراقية، خاصة فيما يتعلق بمواد التعطيل الإداري وإلغاء الإمتياز، حيث جاء في فقرات المادة 18 منه: يجوز لوزير الداخلية إنزال العقوبة أذا:- نشر ما يخلُ بأمن الدولة الداخلي والخارجي.- ما يسبب الكراهية والبغضاء بين أفراد الشعب وطبقاته بصورة تخل بأمن الدولة.- ما يؤثر على الصلات الودية بين العراق والدول الأجنبية.- ما يخالف الحقيقة بقصد إثارة الرأي العام.- ما يخل بالآداب والأخلاق العامة.- ما يسبب كراهية الحكومة أو يمس كرامتها.بقي هذا القانون سارياً حتى عام 1954، عندما عدّل بقانون آخر لم يختلف عن السابق سوى أن بعض الأحكام الخاصة بالغرامة والسجن قد إرتفعت. وإرتبطت بعد صدر القانون كل الصحف والمجلات الصادرة في العراق مباشرة بمديرية الدعاية التي انشأتها الحكومة وربطتها بدورها بوزارة الداخلية.<br />بعد 14 تموز 1958 أنشأت حكومة العهد الجديد أول مرة (وزارة الارشاد) التي أشرفت وسيطرت بصورة تكاد تكون تامة عل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.<br />وبعيد إنقلاب 8 شباط 1963، وفي عهد حكم البعث الأول ألغت حكومة الإنقلاب جميع الصحف والمجلات في العراق، والتي دامت في السلطة تسعة أشهر فقط، على أثر قيام عبد السلام عارف بإنقلاب تشرين وإزاحة حزب البعث العربي الاشتراكي عن الحكم.في 28 نيسان 1964، صدر قانون جديد حمل الرقم 53 ، لم يختلف في جوهره عن القوانين السابقة إلا ما يتعلق بإجازة المطبوع السياسي، حيث نصت المادة على أن يكون عدد أعضاء أصحاب الإمتياز خمسة أفراد بدلاً من واحد فقط، شريطة أن لا يكونون من موظفي الدولة، إثنان منهم يجب أن يكونا من الذين مارسوا المهنة وأن يكون رئيس التحرير من حاملي شهادة كلية الحقوق أو أية شهادة جامعية عليا.<br /><br />تشريعات جديدة في عهد البعث الثاني<br />وتبعاً لما تقدم فقد دخل النشاط الصحفي في العراق حقبة حكم البعث الثاني أثر إنقلاب 17 تموز 1968 و هو يحمل معه أرث مشوش وغير مكتمل مهنياً و تأسيسياً لصحافة مستقلة منذ نشؤ الدولة العراقية الحديثة في العام 1921.<br />و كان لابد للإنقلابيين الجدد أن يصدروا قانوناً جديداً للمطبوعات ينسجم مع توجهات نظامهم الإقصائية والإستئثار بالحكم لصالح حزب البعث الذي شارك في الأنقلاب ثم إستلم مقاليد الأمور تماماً في أنقلاب آخر في 30 تموز 1968 حيث تمكن من إقصاء شركاؤه الفاعلين و الذين كان لهم الدور الأكبر في الإطاحة بنظام عبد الرحمن عارف و هما (عبد الرزاق النايف و ابراهيم الداوود) .<br />ففي 5 كانون الثاني 1969، نشرت جريدة (الوقائع العراقية) الرسمية الصادرة عن دائرة المطبوعات، نص قانون المطبوعات رقم 206 لعام 1968 الذي بقي ساري المفعول حتى سقوط النظام في 9 نيسان 2003.(2)و هو القانون الذي تم الركون اليه آنذاك في رفع الدعاوى عن ما ينشر في الصحف من (أساءات مفترضة) لنظام الحكم أو لرجاله وهو مليء بالممنوعات والعقوبات والمحرمات وهو أحد أهم القوانين التي جعلت الكتابة آنذاك ورطة ما بعدها ورطة فصاحب المطبوع ورئيس التحرير وكاتب المقال كلهم مجرمون إذا مس المقال شعرة من رأس النظام.<br />كما صدر أيضا قانون نقابة الصحفيين رقم 178 لسنة 1969 وتعديلاته ، وهو قانون ملغوم بالدس لصالح ( الحزب والثورة) كالتضليل وإستغلال الصحافة بما يفيد جهة معادية أو إثارة الغرائز وما الى ذلك.<br />لكن يجدر الإشارة الى أن نقابة الصحفيين خلال حقبة "البعث" إستطاعت أن تحقق بعض المطالب المهنية لقسم من الصحفيين خاصة فيما يتعلق بتوزيع الأراضي و على عدة مراحل كان آخرها في مطلع التسعينات . كما تم إصدار قانون صندوق تقاعد الصحفيين الذي كان يؤمل له أن يكرّم الصحفيين في شيخوختهم و يضمن لهم العيش الطيب، لكنه و منذ صدوره حتى اليوم لا يتقاضى الصحفيون بموجبه إلا رواتب بائسة لا تكاد تسد احتياجاتهم ليوم واحد .و هناك أيضا ً مواد من قانون العقوبات الرقم 111 لسنة 1969 والذي نظم أحكام المسؤولية في جرائم النشر في المواد( 81 ـ 84) قرر معاقبة رئيس تحرير الصحيفة بصفته فاعلاً أصلياً للجرائم التي ترتكب بواسطة النشر في صحيفته واذا لم يكن ثمة رئيس تحرير يعاقب المحرر المسؤول عن القسم الذي حصل فيه النشر فضلاً عن شمول الصحفي بجريمة القذف في المادة 433وجريمة السب والشتم في المادة 434 من القانون ذاته.<br />جرائد و مجلات<br />منذ بداية عهد إنقلاب 1968 تولت الجهات الحكومية و المنظمات المهنية و النقابية المرتبطة بحزب البعث فقط إصدار الصحف والمطبوعات فضلاً عن سيطرة السلطة سيطرة تامة على الإذاعة و التلفزيون ، و كان التلفزيون بقناتين أرضيتين فقط تبث لساعات محددة من النهار و المساء ولحقتهما قناة تلفزيونية ثالثة في عقد التسعينيات سميت بتلفزيون (الشباب) التي كانت عائديتها "لعدي" الإبن الأكبر لرئيس النظام صدام ، كما شهد عقد التسعينات إنظلاق قناة (تلفزيون بغداد الثقافي) الذي ما لبث ان تحول الى (قناة العراق الفضائية) و التي إستمر بثها حتى سقوط النظام في 2003 . أما (إذاعة بغداد) والتي تأسست في العام 1936 أستمرت ببث برامجها ، ثم أقدمت سلطة البعث على إطلاق إذاعة( صوت الجماهير) . وفي التسعينات أطلق "عدي صدام" إذاعة (الشباب) .<br />(جريدة الجمهورية) الرسمية التي سبق و أن صدرت في بداية العهد الجمهوري في العام 1958 إستمر صدورها في ظل سلطة البعث و لكن بإدارة جديدة و بتوجهات تنسجم مع خطاب النظام الجديد ، ثم أقدمت السلطة و في وقت مبكر من إستلامها لمقاليد الحكم على تأسيس (دار الثورة للصحافة و النشر) بميزانية باذخة و يسرّت لها مباني ضخمة و مطبعة كبيرة وإستقدمت لها كتّاب عراقيين وعرب أعلنوا إنتمائهم الصريح للبعث وأيدلوجيته رغم أن البعض منهم كانوا محسوبين على الشيوعيين في وقت سابق ، و صدر عن الدار جريدة ( الثورة ) اليومية بوصفها جريدة ناطقة بإسم حزب البعث الحاكم .<br />و جريدة (القادسية) التي صدرت عن وزارة الدفاع مع بداية الحرب العراقية- الإيرانية عام 1980 و صدرعنها عدد الأحد ( القادسية الإسبوعي) الموسع والمنوع فيما بعد .<br />كما صدرت عن وزارة الدفاع مجلة (حراس الوطن) التي كانت متخصصة بالشؤون العسكرية و تصدر شهرياً ثم تحولت الى إسبوعية في العام 1989 وأصبحت مجلة منوعة عامة ونافست مجلة (الف باء) بل فاقتها في التوزيع في السوق بعد صدور الأعداد القليلة الأولى منها ، وتم إغلاقها في أواخر العام 1990 بعد غزو النظام للكويت .<br />و أثر بيان آذار في العام 1970 الذي وضع أسس التحالف بين حزب البعث الحاكم و الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة الملا مصطفى البارزاني صدرت جر يدة (التآخي) باللغة العربية لتكن ناطقة باسم الحزب الكردي المذكور. و بعد إعلان ميثاق العمل الوطني عام 1972 والذي مهد الطريق لقيام التحالف الجبهوي بين حزب البعث الحاكم و الحزب الشيوعي العراقي في العام 1973 ، صدرت جريدة (الفكر الجديد) الأسبوعية في العام 1972 ثم تبعتها جريدة (طريق الشعب) اليومية في العام 1973 أثر إعلان الجبهة بين الحزبين في ذلك العام ، والجريدتان ناطقتان بإسم الحزب الشيوعي العراقي . و هناك أيضا مجلة (الثقافة الجديدة) التي رأس تحريرها "الدكتور صلاح خالص" و هي مطبوع أهلي ، تبنت توجهات يسارية و قريبة من الخطاب السياسي للشيوعيين .<br />في العام 1979 و بعد إستحواذ "صدام حسين" على السلطة بشكل مطلق وحيث قُضي على التحالف الجبهوي بين البعثيين والشيوعيين قبل ذلك بأقل من عام ، توقفت جريدتا (الفكر الجديد) و (طريق الشعب) عن الصدور العلني و إستمرت مجلة (الثقافة الجديدة) بالصدور برئاسة التحرير نفسها الى أواسط الثمانينات لتتوقف كلياً فيما بعد وفاة رئيس تحريرها ثم تخلي زوجته عنها بعد صدورعدة أعداد منها. وإثر إنهيارالتحالف بين سلطة البعث و قيادة البارزاني توقفت جريدة (التآخي) عن الصدور لتحل محلها جريدة (العراق) بإدارة جديدة و بتوجهات منسجمة مع الخطاب السياسي للنظام خاصة في ما يتعلق برؤيته للمسألة الكردية .<br />كما صدرت صحف و مجلات عديدة ناطقة بإسم النقابات والمنظمات الجماهيرية التي أسستها السلطة الجديدة للسيطرة على قطاعات المجتمع كافة وللترويج لسياسات حزب البعث الحاكم .<br />فهناك مجلة (صوت الطلبة) ومجلة (المرأة) ومجلة (وعي العمال) ومجلة (صوت الفلاح) و مجلة ( المصور ) وواضح من عناوينها إنها تدل على الشرائح و القطاعات الناطقة بإسمها بالإضافة الى عشرات المجلات التابعة لمؤسسات الدولة و المنظمات والإتحادات المهنية العراقية والعربية التي كانت في ضيافة نظام الحكم في بغداد . و هناك أيضا جريدة( بغداد اوبزرفر) باللغة الأنكليزية تصدر عن دار الجماهير الحكومية .<br />و في عقد الثمانينات صدرت جريدة (البعث الرياضي) التي يشرف عليها "عدي إبن رئيس النظام" لتنمو مع السنين وتصبح في ما بعد مؤسسة كبيرة، تضم (نادي الرشيد الرياضي) ثم (اللجنة الأولمبية الرياضية) ثم في التسعينات أصدر "عدي" جريدة (بابل) اليومية التي أتاح لها النظام المجال واسعاً لإنتقاد الأداء الحكومي في قطاع الخدمات خاصة ، عدا التعرض الى شخص رأس النظام و المقربين منه من أفراد أسرته ، ثم مجلة (الرافدين الإسبوعية) و(إذاعة وتلفزيون الشباب) و (التجمع الثقافي) و ( نقابة الصحفيين ) الذي ضم جميع المنظمات المهنية الناشطة في ميدان الثقافة والفنون ، و جريدة ( الزوراء ) الناطقة بإسم نقابة الصحفيين ، وعدد كبيرمن الصحف الإسبوعية القطاعية الصادرة في التسعينات و جميع هذه المؤسسات تحت إشراف "عدي صدام حسين" و ما يُجنى من أرباح نشاطاتها التجارية يعود لحسابه الشخصي .<br /><br />ملامح مرحلة<br />في تموز 1979 حيث تسلم "صدام حسين" رئاسة الجمهورية وحزب البعث من سلفه "أحمد حسن البكر"بإنقلاب غير معلن ، إتّبع الحاكم الجديد سياسة "التبعيث" و ( الفكر الواحد ) في مجالات الثقافة والإعلام والتربية، وربط وسائل الإعلام جميعها بوزارة الإعلام والثقافة التي تناوب على كرسيها كل من:<br />شفيق الكمالي : شاعر وعضو قيادتين قومية وقطرية. طارق عزيز: رئيس تحرير جريدة الثورة السابق ووزير خارجية لاحقاً.سعد قاسم حمودي: رئيس تحرير جريدة الجمهورية ونقيب الصحفيين.حامد يوسف حمادي: المستشار الدائم في القصر الجمهوري.لطيف نصيف جاسم: رئيس تحرير جريدة صوت الفلاح وعضو منظمة حنين الأمنية.محمد سعيد الصحاف: مدير مؤسسة الإذاعة والتلفزيون السابق ووزير الخارجية لاحقاً.واتّبع هؤلاء الوزراء المتعاقبون سياسة الولاء التام "لصدام حسين"، وأسبغوا عليه عشرات الألقاب التي كان يطرب لها الحاكم الفرد، وصعّدوا من أساليب تدبيج المديح والتمجيد، وقاموا بالدفاع عن النظام وحروبه: (الحرب مع إيران 1980-1988 ؛ اجتياح كردستان العراق ومجزرة مدينة حلبجة الكردية بالسلاح الكيمياوي – عمليات الأنفال التي راح ضحيتها 182 الف مواطن كردي 1988 – غزو الكويت 1990 ، تجفيف الأهوار في الجنوب و تشريد سكانها فضلا عن تصفية كل المعارضين للنظام ).<br />كما كان لمكتبي الإعلام في القيادة القومية و القطرية لحزب البعث و التي كان يشرف عليهما صدام بشكل مباشر منذ وقت مبكر في السبعينات حتى سقوط النظام أثراً بالغاً في رسم السياسة الإعلامية في البلاد . كان التلفزيون العراقي يبث لقاءات "صدام حسين" وخطبه وترؤسه إجتماعات قيادته ومجلس الوزراء وغيرها من الفعاليات ثلاث مرات في اليوم الواحد أو أكثر. كما تبث اذاعة بغداد خطبه في كل نشرة إخبارية على مدار اليوم الواحد.كانت كل الصحف الصادرة تواصل وفي كل عدد ،منذ تولي صدام الحكم في 1979 وحتى يوم سقوطه، نشر صورة لصدام وبحجم كبير في صدر صفحاتها الإولى وبأوضاع مختلفة ( لباس عسكري – زي قبائلي – قيافة مدنية بقبعة وبالكوفية وبدونهما في أكثر الاوقات).وصدرت في عهد "صدام" 31 مادة إعدام في قانون العقوبات البغدادي، كان نصيب الإعلام منها البعض والتي قتل بحيثياتها وبلا سبب، العشرات من الصحفيين والمثقفين، كان" ضرغام هاشم" سكرتير تحرير مجلة (حراس الوطن) أحد الذين أُعدموا في السجون سراً بعد إنتفاضة أذار 1991 وهي الجريمة التي أثارت حفيظة الإعلاميين العراقيين والعرب وإستنكرتها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في أرجاء العالم آنذاك. ومن تلك المواد التي طالت المواطن العراقي:- كل من يرمي عن قصد الجريدة التي تحتوي على صورة رئيس الجمهورية في الشارع.- ومن ينتقد أو يطعن بالرئيس وبالحزب القائد.- ومن يهاجم أو يوجه النقد الى الوزراء وأعضاء القيادة القطرية لحزب البعث.- ومن يهين القوات المسلحة.<br />ولم يكتف النظام بسياسة (التبعيث) وغسل الأدمغة وإعلان الولاء المطلق لصدام ومبايعته التي تكون نسبة المصوتين له في العادة 99،9 دون وجود أي مرشح آخر ، بل قام بسن قانون يفرض على المسؤولين والمواطنين ووسائل الإعلام إضفاء لقب (أستاذ) على إسم نجله عدي.(3 )<br />و يذكر أن عزت الدوري نائب صدام و المشرف على الإنتخابات في أواسط التسعينات أستكثر على ما نسبته 0, 04 من الناخبين العراقيين ممن تركوا أوراقهم بيضاء في صندوق الإنتخابات، هذا الموقف المعارض الصامت للنظام ووصفهم بتصريح رسمي ( أنهم بلا أخلاق!! ).<br />طبعاً من الصعب الحكم على حقبة أمتدت 53 سنة من حكم البعث في العراق على أنها لم تشهد ظهور كفاءات صحفية جيدة في شتى ميادين النشر والأخراج الصحفي ، بيد أن أصوات بعضهم غيبتها السجون و الإعدامات ( غيّب النظام الكاتب البارز و الصحفي "عزيز السيد جاسم" في السجن لسنوات حتى تأكد إعدامه بعد الإطاحة بالنظام كما أقدم النظام على إعدام الخطاط و المصمم الفني "سامي العتابي") و آخرين آثروا الصمت و الكثير منهم إضطروا لمغادرة بلادهم الى المنافي . كان الصحفيون المحترفون طيلة كل تلك السنوات ( يتعذبون ) وهم يرون كفاءاتهم تُهدر في صحف متشابهة من حيث الشكل والمضمون، يتألمون وهم يرون صحفاً متطورة تصدر في بلدان لم تكن تعرف الصحافة يوم كان في العراق صحف تُسقط حكومات. وبمرور الزمن أَحكمت الأجهزة الأمنية يدها على كل الحلقات وأصبح الإستشهاد بأقوال (القائد) هو وحده يجنب الصحفيين المساءلة والتشكيك في المواقف الوطنية. وتمادى الحاكم بالإستهانة بالصحفيين فلَم يكتف بإستدعاء هذا الصحفي العربي أو ذاك، كلما أراد أن يوجه ( خطاباً للأمة) بل أنفق، عبر مخابراته، الملايين من الدولارات على صحفيين أصدروا صحفاً لحسابه، كان يعرف جيداً أنها لاتلقى الإهتمام ، وإستثنى من تلك ( الفرص ) الخارجية حتى الكفاءات المهنية من (البعثيين) أنفسهم رغم أنهم (أبناء النظام وأحباؤه ) . عقدة الحاكم من إبن بلده تتكرر ، وأصبح التنظيم المهني تابعاً للسلطة ، وأُهدرت الإمكانيات المهنية ليتحول التحقيق الصحفي إلى ( تقرير يعده مكتب الإعلام في الوزارة المعنية ويسلمه للصحفي مشترطاً، حسب توجيه وزيره، عدم الحذف والتغيير ). أما العمود الصحفي فقد شهد مداحين لم يعرف تاريخ الصحافة العراقية لهم مثيلاً، كانوا( يسبحون بحمد القائد) ليل نهار، ويتصيدون ( مكرماته)، وإنتهت ( الإفتتاحية ) في الصحف العراقية وتحولت إلى إنشائيات تكتب بتوجيه من الأعلى، ولم يسلم الخبر المحلي من الحصار فأصدر أحد وزراء الإعلام تعميماً يمنع بموجبه نشرالأخبارالمحلية الرسمية التي لاترد للصحف عبر وكالة الأنباء العراقية. فهل هناك عذاب أكبر من هذا بالنسبة للمهنيين الذين حوصرت كفاءاتهم وهمشوا بهذا المستوى ، ثم نصب النظام نقيباً لهم تعامل معهم ( بالحجز والتوقيف وحلاقة الرأس ).(4)<br />خاتمة<br />يكفي النظر الى ما جرى في العراق طيلة حكم نظام البعث و صدام لنلمس حالة التخريب المقصود للعملية الإعلامية المهنية حتى كاد النظام أن يكون نموذجاً لما يحصل في النماذج الديكتاتورية ومثيلاتها . فقد عملت الحكومة على إحتكارالمعلومات ووسائل إيصالها أولاً ، وعلى منع المعلومات المحايدة أو " الأخرى " من الوصول الى الناس ثانياً ، حتى أنها إستكملت حلقة التعتيم والعزلة بغلقها المنافذ القليلة والمحدودة التي إضطرت للسماح بها بداية عهدها . ولا تتوفر في البلاد مصادر صحافية وثقافية عالمية أو حتى عربية إلا بما يتناسب وسياسة الحكومة . وتنشغل مئات من محطات التشويش بمنع المواطن من إلتقاط الإذاعات والمحطات التلفزيونية ، بل أن وسائل البريد والهواتف نفسها تخضع لرقابة متصلة على مدار الساعة . يقول(فولتير) في مقدمة كتابه عن الحياة البرلمانية:"إن الحقيقة لا تبدو ناصعة إلا في ظل الحرية التامة، وبعيدا عن المؤثرات التي يتعرض لها الباحث، لذلك نرى ان الشعوب تقبل في عصور الاستبداد على الصحف المستقلة الرأي، وتبتعد عن الصحف الحكومية لأن مصدر وحيها معروف".(5)<br />ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ<br />(1) جهاد زاير – الصباح الجديد- ملاحظات اولية حول الخصائص السياسية والإجتماعية للصحافة العراقية<br />(2) من اوراق إسبوع المدى الثقافي الخامس: الإعلام وتأثيره في العملية السياسية في العراق<br />د. فائق بطي<br />(3) المصدر السابق<br />(4) </span><a href="mailto:laith@albilad.net?subject=الحوار%20المتمدن%20-على%20أعتاب%20المؤتمر%20الانتخابي%20لنقابة%20الصحفيين%20العراقيين&body=Comments%20about%20your%20article%20%20http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=40339"><span style="font-size:130%;">ليث الحمداني</span></a><span style="font-size:130%;"> \ صحفيو العراق ...ضحية الأنظمة والاحتلال \ </span><a href="http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=40339##"><span style="font-size:130%;">الحوار المتمدن - العدد: 1245 - 2005 / 7 / 1 </span></a><span style="font-size:130%;">(5) جهاد زاير – الصباح الجديد- ملاحظات أولية حول الخصائص السياسية والإجتماعية للصحافة العراقية<br /></span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-15789534613976476082008-07-13T23:03:00.000-07:002023-02-07T16:25:34.158-08:00الصحافة العراقية ما بعد التاسع من نيسان 2003<div align="right"><span style="font-size: 130%;">الصحافة العراقية ما بعد التاسع من نيسان 2003 *
أحمد الصالح
مع إسقاط نظام صدام في التاسع من نيسان عام 2003 إبتدأ عهد جديد للصحافة العراقية شهدت فيها تحولات كبيرة ، ولعل كان أبرزها هو رفع جميع القيود التي كانت مفروضة عليها في ظل النظام السابق ، فظهرت أثر ذلك، العشرات من الصحف و المجلات اليومية و الأسبوعية، كما دخل البلاد، العشرات من المراسلين الأجانب لوكالات الأنباء و التلفزيون و الإذاعة و الصحف، وأصبح العراق ورشة عمل صحفي كبرى يحسب لها حساباً على المستوى العالمي بالنظر لجسامة الأحداث الجارية على ساحته ومدى أهتمام العالم بأجمعه بتلقي أخباره و متابعة تطورات العمليات العسكرية و السياسية الجارية في هذا البلد ، خاصة وان سلطات الحاكم المدني لقوات الأئتلاف الدولي في البداية ثم السلطات العراقية الوطنية فيما بعد، قد وفرت أجواء الحرية و فتحت الأبواب واسعة أمام الجميع لممارسة العمل الصحفي و النشر بكافة أشكاله و أنواعه ، إنسجاما مع إلتزامات رجال العهد الجديد بالنهج الديمقراطي و أعترافهم بحق الجمهور بالأتصال و تلقي المعلومات عبر وسائل الأعلام المتعددة، دون قيد أو شرط .
إلغاء وزارة الإعلام وإستحداث الهيئات المتخصصة
بعد ما يقرب من أسبوعين من الإطاحة بنظام صدام ، وفي 23/4/2003 أقدم الحاكم الأمريكي المدني لسلطة الإئتلاف "بول بريمر" على حل وزارة الإعلام العراقية ، والتي كانت جزءاً من المشهد السياسي العراقي لما قبل الحرب ، وتم تسريح كل موظفيها إسوة بوزارة الدفاع و المؤسسات القريبة من مركز القرار للنظام السابق، وإثر ذلك القرار تغير المشهد الإعلامي في العراق رأسا على عقب و قطع صلته بالكامل بما كان عليه قبل سقوط النظام ، فإنتقلت الفعالية الإعلامية من مرحلة الإعلام المُحتكر من قبل سلطة الحاكم المستبد والموجه بإتجاه واحد متمثلاً بعدة صحف وثلاث قنوات محلية وفضائية واحدة، إلى إعلام متحرر من كل القيود وغير منضبط على مستويي الكم والنوع ، فوجدت وسائل الإعلام العراقية نفسها فجأة في مواجهة وضع جديد لم يعشه العراق طيلة الـعقود الماضية كما لاتوجد تجربة مشابهه له من قبل، في الشرق الأوسط أو في العالم العربي . بعد الرقابة الصارمة التي كان النظام السابق يمارسها في إدارته لمختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة والتي كانت أشبه بنوع من أنواع الدعاية والوصاية، أصبحت الساحة الإعلامية في العراق متاحة لكل مَن يريد أن يصدر جريدة أو يُنشئ إذاعة أو يؤسس قناة تلفزيونية من دون رقيب، وبالتالي أفرزت هذه الأوضاع عددًا من الظواهر تجسدت في البداية بشكل أو بآخر في حالة من الفوضى والإنفلات الإعلامي، و أبرزت عدداً هائلاً من الصحف والمنشورات أول الأمر، كإحدى معالم المشهد الاعلامي العراقي الجديد - لسهولة إنتاجها وتوزيعها- حتى تراوح عددها من 180 إلى 200 صحيفة يومية وأسبوعية، وأخرى نصف أسبوعية وشهرية، وكذلك صحف تصدر بين يوم وآخر، متباينة في التوجهات السياسية والأيديولوجية، والمذهبية و القومية، و كل منها تتبع الجهة الصادرة عنها، لتتوسع الأمور فيما بعد إلى عدد من الإذاعات و القنوات التلفزيونية المحلية العاملة على نطاق البلد أو على نطاق كل محافظة من محافظات البلاد.ولتنظيم هذه الحركة الإعلامية أصدر الحاكم المدني السابق للعراق "بول بريمر" قرارين الأول بتاريخ 20/3/2004 ويحمل رقم 65 وهو القرار المؤسس لـ"الهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والإعلام"، أما القرار الثاني فهو الأمر رقم (66) بتاريخ 20/3/2004 والذي ينص على تأسيس "الهيئة العراقية العامة لخدمات البث والإرسال". وهذان القراران كانا يهدفان إلى توفير الهيكلية القانونية والإدارية لتفعيل أهداف ووظائف وآليات عمل الإعلام العراقي الجديد . فأصدرت "الهيئة الوطنية للاتصالات والإعلام" فيما بعد مجموعة من التوجيهات العامة حول قواعد ونظم التغطية الإعلامية، كما أصدرت "اللائحة المؤقتة لقواعد البث الإعلامي" بشقيه الحكومي والخاص. أما "الهيئة العراقية العامة لخدمات البث والإرسال" فهي الجهاز الحكومي الوحيد المؤهل لعمليات البث الإذاعي والتلفزيوني في العراق والتي تشرف على "شبكة الإعلام العراقي" التي تُعد اليوم أكبر مؤسسة إعلامية عراقية ممولة من قبل الدولة و تضم عدد من القنوات التلفزيونية و الإذاعية المتخصصة و عدد من الصحف و المجلات و أستقبلت عدد كبيراً من موظفي وزارة الإعلام و مؤسساتها المنحلة السابقة فضلاً عن أشغالها لعدد من مباني و منافع الوزارة المنحلة.وقد ولدت فكرة إنشاء هيئة الإتصالات والإعلام خلال مؤتمر دولي عقد في العاصمة اليونانية أثينا في حزيران 2003، فقد إعتمد ذلك المؤتمر إطاراً وثائقياً لإصلاح الاعلام العراقي عُرف لاحقاً بـ "إطار أثينا" والذي شكل الأساس لقانون إنشاء الهيئة بعد تشاور الحاكم الاميركي المدني " بول بريمر" مع مجلس الحكم العراقي وإختصاصيين عراقيين في قطاعي الإعلام والإتصالات.و أُنيطت بالهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والإعلام المهام التالية :- تنظيم البث وشبكة الإتصالات العامة والخدمات، ويشمل التراخيص والتسعير والربط الداخلي. - وتحديد الشروط الأساسية لتوفير الخدمات العامة وخدمات الإتصالات الدولية. - و تخطيط وتنسيق وتوزيع وتحديد إستعمال ذبذبات البث، وتنظيم مضامين الإعلام. - وتطوير آليات الصحافة المطبوعة، ووضع وتطوير وتعزيز قواعد الإعلام الخاص بالإنتخابات، - ودعم وتشجيع التأهيل المهني، وإعتماد توجيهات السلوك المهني على مواضيع الإعلام، - وتطوير ونشر سياسات إتصالاتية وإعلامية، وإقتراح القوانين على الحكومة والجهات المعنية في هذا الشأن.
يتشكل المجتمع الإعلامي العراقي في الوقت الحالي من أكثر من 200 جريدة ومجلة بين يومية وإسبوعية وشهرية وغيرها. وما يقارب 50 قناة تلفزيونية بين فضائية وأرضية وأذاعية ، تتوزع على لغات البلد الرئيسية (العربية، الكردية، التركمانية والكلدو آشورية). مثلما تتوزع على ألوان الطيف العراقي الأثني والديني، كما تتوزع على أراضي محافظاته، حيث توجد قناة تلفزيونية أرضية واحدة على الأقل لكل محافظة. كما لا يمكن أن نتجاهل الإعلام الإلكتروني، حيث توجد مئات المواقع الإعلامية العراقية الشخصية أوالمؤسساتية على شبكة الإنترنت.
إتجاهات متنوعة
تنوعت إتجاهات التحرير الصحفي في صحف ومجلات العهد الجديد ، بحيث إتصفت كل صحيفة بخصائص تميزها عن غيرها، فظهرت صحف خبرية وصحف الرأي وصحف الإنترنيت التي تستقي كل مادتها الإخبارية والثقافية من الإنترنيت ماعدا المقال الإفتتاحي، وظهرت صحف تعيش في الماضي بإجترار الذكريات الصحفية والسياسية في القرن العشرين، مع ظهور صحف شبابية وأخرى هزلية وصحف فضائح سياسية وصحف الإعلانات وكان صدورالكثيرمن الصحف متذبذباً، بحيث توقفت الكثير من الصحف عن الصدور بعد فترة زمنية قصيرة . وركزت بعض الصحف على الخدمات البلدية والكهربائية والنفطية والإتصالاتية والمالية التي تقدمها الحكومة للشعب بالنقد ومتابعة آخرالآخبار… وهناك صحف أخرى دخلت في معركة جدل الهويات، وفي مدى أحقية ومظلومية كل حزب أو طائفة أو قومية وطلب التعويض على حساب الفئات الأخرى، مما أدى الى تفتيت الهوية الوطنية وماتبعه من تعدد الولاءات بتعدد الهويات الطائفية والقومية والحزبية. إن هذا الجدل العقيم قد كان سبباً في صراعات وصدامات مسلحة، ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء في ظل غياب الولاء الوطني الحقيقي.. ومازالتً التجربة اللبنانية في ثمانينات القرن الماضي ماثلة في الأذهان، ودور المليشيات في الحرب الأهلية آنذاك، وما رافقها من مآسي والتي إنتهت بالشعب اللبناني الى حـالة اللا دولة و لعله يعاني من نتائج تلك الأحداث الى اليوم ، و على الدوام كان العراقيون المعتدلون يذكّرون الفرقاء بمآسي التجربة اللبنانية ، لعلهم يعقلون و يتافدونها في أدائهم السياسي على الساحة العراقية.
وجه آخر
و مع هذا التعدد و التنوع الكبيرين في الصحافة بعد سقوط نظام صدام ، لكن بالمقابل فإن هناك وجه آخر للعمل الصحفي في العراق في العهد الجديد تمثل في التهديدات والتحديات التي واجهها العاملون في هذا الميدان، مما جعل ممارسة العمل الصحفي في العراق من أخطر الأعمال على حياة العاملين في عالم اليوم .
إذ لم يشهد العالم بأسره وعلى الرغم من كل الحروب والكوارث التي عصفت بالعديد من الدول ما شهده العراق من إستهداف للصحفيين ، يتمثل تارة بالإغتيالات التي تتم بسرعة وعن بعد, وتارة أخرى بالقتل الوحشي الذي ينفذ بعد نصب الكمائن وخطف الضحايا تحت تهديد السلاح. ومما يزيد من فرص الخطورة وتعقيد العمل الصحفي في العراق أيضا ما يتعرض اليه العاملون في الصحافة من ملاحقة وإعتقالات ومقاضاة بدعاوى كيدية وعلى نحو متواتر يثير القلق. الأمر الذي ينعكس سلباً بالتأكيد على حرية الرأي والتعبير وعلى إنسيابية حركة الإعلام والصحافة وبما يجعل حريةالصحافة في العراق تمضي صوب منزلق خطير.(1) تقول نقابة الصحفيين العراقيين، إن أكثر من 270 صحفياً وإعلامياً قد قتلوا في العراق على مدى خمس سنوات منذ سقوط النظام السابق حتى العام 2008.نعم لقد قام العهد الجديد برفع كل القيود التي كانت مفروضة على الصحافة العراقية، لكنه من جانب آخر ترك الباب مفتوحأ ولم يضع ضوابطً أو شروطاً مهنية واضحة المعالم لممارسة العمل الصحفي أو لإصدار الصحف والمجلات أوإقامة محطات تلفزيونية أو إذاعية، الأمر الذي أدى الى فوضى إعلامية كبيرة في العراق أسفرت عن أصدار عشرات الصحف من قبل أشخاص بعيدين كل البعد عن مهنة الصحافة، مما شكل إنتكاسة مهنية في تاريخ الصحافة العراقية .فمن حيث عدد وسائل الإعلام خلال السنوات ما بعد 2003 فان العراق إحتل المركز الأول على المستوى العربي، لكن من حيث المهنية والنوعية فأنه يحتل مركزاً متأخراً لعدم وجود ضوابط، ما دام كل شخص يمتلك المال يستطيع أن يصدر صحيفة.تفتخر القيادة العراقية الجديدة بأنها رفعت القيود عن الصحافة، حيث قال الرئيس العراقي "جلال طالباني" في بيان أصدره بمناسبة الذكرى الخامسة لأسقاط نظام صدام و قيام العراق الجديد: "أُطلقت حريات العمل السياسي والحزبي والنقابي، وشرعت الأبواب أمام الإعلام الحر فصدرت مئات المطبوعات وتأسست عشرات القنوات التلفزيونية والإذاعية، مما أنهى عهد الرأي الواحد المفروض قسراً".يُذكر أن منظمة مراسلون بلا حدود وضعت العراق فى عام 2007 في الترتيب رقم 157 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره المنظمة كل عام، متراجعاً ثلاث درجات عن العام الذى قبله، ليكون في المرتبة قبل الأخيرة بين الدول العربية، متقدما على فلسطين بدرجة واحدة.وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن الصحفيين في العراق "يخشون بالدرجة الأولى الجماعات المسلحة التي تستهدفهم، في الوقت الذي لم تجد فيه السلطات أي سبيل لوضع حد لحوادث إستهداف الصحفيين". (2)
موجة جديدة من الصحفيين المهاجرين
كما تعرفنا في فصل سابق على ظاهرة هجرة عدد كبير من الصحفيين و المثقفين العراقيين الى خارج البلاد بسبب خشيتهم من ملاحقات و إجراءات النظام السابق القسرية والقمعية، على مدى عقود حكمه الثلاثة و نّيف ، والتي كانت تهدد حياتهم و حياة أُسرهم و مصدر رزقهم ، فلم يهنئ الصحفيون في العهد الجديد طويلاً في العمل الحر في بلادهم ، إذ بعد أن إستبشروا خيراً به خاب أملهم في الإستمرار في العمل داخل البلاد بالنسبة الى كثير منهم إثر تعرضهم لمخاطر عديدة هددت حياتهم و مصادر رزقهم. و إذا كان الصحفيون في السابق يتعرضون الى مخاطر محددة من قبل أجهزة النظام القمعية، فالمخاطر في العهد الجديد متعددة المصادر و مختلفة الأنواع والأشكال، إذ قد تكون تهديداً مباشراً من بعض المتنفذين في العهد الجديد أولئك المتعصبين حزبياً أو مذهبياً ، أو من العصابات و الميليشيات التي وجدت لها مرتعاً خصباً في ظل غياب الدولة القوية و ضعف أجهزتها الأمنية ، أو من خلال المصادمات العسكرية المستمرة ، أو من خلال العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين مثل التفجيرات و الإختطافات و الإغتيالات التي كان للصحفيين حصة كبيرة منها ..ألخ ،
كل هذه العوامل أدت الى هجرة موجة جديدة من الصحفيين الى خارج البلاد للنجاة بحياتهم و بحياة أُسرهم ، أو للبحث عن فرصة للرزق و العيش بأمان في بلدان المنافي و الشتات . أشار تقرير لمنظمة " مراسلون بلا حدود " الى عدد كبير من الصحفيين الذين يعيشون خارج البلاد بقوله: "يعيش هؤلاء الصحفيون في مأمن إثر نجاتهم من الجحيم العراقي لا سيما أن هذه الدولة تعد الأكثر دموية في العالم بالنسبة إلى المحترفين في القطاع الإعلامي ولكن الإبتعاد عن الوطن لا يعني نهاية مشاكلهم، فمعظم هؤلاء عاطلون عن العمل".وأضاف التقرير أن المحترفين يتعرضون في القطاع الإعلامي للإختطاف على يد جماعات تسيرها الأسباب السياسية أو جني الأرباح.وقد أحصت مراسلون بلا حدود 87 عملية إختطاف لصحفيين منذ بداية النزاع في العراق، وفي هذا السياق، لا يزال 15 إعلاميا محتجزين كرهائن في العراق. وأضافت المنظمة في تقريرها، أنه بالرغم من دعوة السلطات العراقية لإحترام حرية الصحافة "فإن التدابيرالأخيرة التي إتخذتها الحكومة تترجم عجزها" مذكرة بأن وزارة الداخلية إقترحت في شباط 2008 "منح الصحافيين تراخيص لحمل أسلحة"، وبحسب المنظمة ومقرها باريس، فقد قتل 210 صحافيين وعاملين في مجال الصحافة منذ اذار/مارس 2003 وخطف 87 آخرين. واذا كان المراسلون الأجانب أول المستهدفين في المرحلة الأولى من الحرب فقد بات الصحافيون العراقيون اليوم هم المستهدفون، وأن في هذه الظروف غالباً ما يختارالصحافيون العراقيون المنفى "حفاظاً على سلامتهم" ويقرر البعض "الرحيل بعد التعرض لمحاولة أغتيال أو خطف" في حين يرحل آخرون "بمجرد تلقي تهديدات".وبحسب المنظمة فأن "هناك 200 صحافي وموظف في وسائل الاعلام العراقية في الأردن" في حين "يصعب الحصول على أرقام دقيقة" من سوريا. كما لجأ "عشرات" الصحافيين العراقيين الى أوروبا حيث ساعدت المنظمة حوالى ثلاثين صحافياً خصوصاً في فرنسا. وتشير المنظمة الى أن الصحافيين العراقيين في المنفى غالبا ما يعيشون في ظروف صعبة وأن عدداً منهم أضطر الى التخلي عن مهنة الصحافة. وخلصت الى القول إن عودتهم الى العراق "غير واردة حاليا لأن المجموعات المسلحة لا تزال ناشطة في البلاد" .(3) و لعل حادثة إغتيال نقيب الصحفيين العراقيين " شهاب التميمي " آذار 2008 من قبل أفراد مجهولين ، تؤشر الى حد بعيد حجم الخطر الذي يتهدد الصحفيين في العراق اليوم ، مما دفع السلطات المحلية الى التفكير جدياً للبحث عن وسائل ناجعة لحماية الصحفيين .
فقد قامت وزارة الداخلية، أثر ذلك بفتح 43 ملفاً يتعلق بإستهداف الصحفيين وملاحقة الجماعات التي تستهدف عموم الاعلاميين العراقيين. و مما يشار له في هذا الصدد وعلى سبيل (الكوميديا السوداء) ، أن محافظ النجف " أسعد أبو كلل " قد قرر أنشاء (مقبرة خاصة) للصحفيين في مقبرة وادي السلام في النجف ، مما شكل صدمة كبيرة للصحفيين و الأعلاميين العراقيين ، حيث وصفوا هذا القرار بنذير شؤم لهم ، و أشار بعضهم الى أن بعض القوى السياسية في العراق الجديد تحاول دوما أشاعة ثقافة الموت حتى على سبيل الإحسان !!
و أعتبر البعض الآخر هذا القرار بمثابة " دعوة لموت الصحفيين " !!(4)
تشريعات جديدة للإعلام
يعتبر العراق واحدًا من أفضل دول الشرق الأوسط و الدول العربية في قوانينه الإعلامية التي أطلقت العنان للصحافيين في التعبير عن آرائهم وإنشاء مؤسساتهم الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية التي كفل الدستور العراقي حريتها في التعبير حيث نصت المادة 36 من الدستور العراقي لسنة 2005 ضمن الفصل الثاني تحت عنوان الحريات على ما يلي:
تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب:
أولا- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً- حرية الاجتماع والتظاهرالسلمي وتنظم بقانون. كما نصت المادة (45) من الدستور "لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءاً عليه، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية.
كما أقدم مجلس النواب العراقي في نيسان من العام 2008 على مناقشة تشريع قانون لحماية الصحفيين العراقيين تأكيداً لأحكام الدستور الخاصة بحرية الصحافة.
ينص مشروع القانون الجديد على أن " أي إعتداء على الصحفي أثناء تأدية مهامه الصحفية بمثابة إعتداء على موظف حكومي أثناء تأديه واجباته الرسمية ويعاقب المعتدي بالعقوبة المقررة قانوناً على الموظف الحكومي ".
ويؤكد مشروع القانون على أنه لا يعتقل الصحفي أو يلقى القبض عليه بسبب عمله الصحفي إلا عن طريق القضاء وبعد إعلام نقابة الصحفيين العراقيين وحضور ممثلها في التحقيق ." و يتيح هذا القانون للصحفي حق الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الدوائر الحكومية والهيئات العامة لنقلها الى الجمهور ولايحق لتلك الجهات رفض طلبات الحصول على المعلومات إلا في حالة كان الإفصاح عنها سيلحق ضرراً كبيراً باحدى المصالح الوطنية بشكل أكبر من الضرر الحاصل في حالة عدم نشر تلك المعلومات وحجبها عن الجمهور ."
و أتاح القانون " للصحفي الحق في عدم الأفصاح عن مصادر معلوماته مالم يكن ذلك ضروياً لمنع وقوع جريمة أو كشف فاعليها على أن يصدر ذلك بقرار من المحكمة المختصة بالحادث ولايجوز إقامة الدعاوى للمطالبة بالتعويض بعد ثلاثة أشهر من تاريخ النشر ." و شدد القانون على أنه لايجوز مصادرة أدوات عمل الصحفي إلا بإذن من المحكمة ، وأن يكون ذلك ضروريا لمنع وقوع جريمة او التحقيق فيها . وتتكفل الدولة بإنشاء قوة فعالة لحماية الصحفيين ووسائل الاعلام والتحقيق في الجرائم التي تطالهم و على الأجهزة الأمنية إجراء تحقيقات فورية في حالة تعرض أي صحفي لأي نوع من التهديد أو الأذى وأن تبذل الجهود لمعاقبة الجناة ." و أجاز القانون للصحفيين أداء عملهم دون تدخل من قبل القوات الأمنية مالم يكن هناك مسوغ شرعي . كما أوجب القانون على الدولة التكفل برعاية عوائل شهداء الصحافة بتخصيص راتب تقاعدي لهم . وتكفل أيضاً بتخصيص راتب للصحفيين الذين يتعرضون الى الإعاقة بسبب عملهم اذا كان العجز أكثر من خمسين بالمائة . و تكفل بالرعاية الصحية للصحفيين وتتكفل بعلاجهم على نفقتها داخل وخارج البلاد اذا كانت الإصابة أو الإعاقة بسبب العمل الصحفي . و يلزم القانون رؤساء المؤسسات الإعلامية المحلية والأجنبية العاملة في العراق إبرام عقود عمل مع الصحفيين العاملين بتلك المؤسسات وفق نموذج معد من قبل نقابة الصحفيين العراقيين يضمن حقوق المؤسسة والمنتسب فيها ويتم إيداع نسخة من العقد لدى النقابة .
و يؤكد القانون على عدم جواز فصل الصحفي من عمله إلا بعد إخبار نقابة الصحفيين بمبررات الفصل فإذا إستنفذت النقابة مرحلة التوفيق بين الصحفي ومؤسسته تطبق الأحكام الواردة في قانون العمل عند إنتهاء تعاقده .
و يؤكد القانون على حق الصحفي حضور المؤتمرات وكذلك الجلسات والإجتماعات العامة في سبيل تأدية عمله المهني. و يشير القانون الى أن الصحفيين لاسلطات عليهم في أداء عملهم غير القانون .
من الجدير بالذكر أن التشريع القانوني الجديد عرّف الصحفي بأنه: الذي يعمل في الصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية ومنتمي الى نقابة الصحفيين العراقيين، كما ألغى هذا القانون قانون المطبوعات رقم 206 لسنة 1968 بكافة تعديلاته .(5)
و من الإنتقادات التي وجهت للقانون الجديد أنه عرّف الصحفي بالمنتمي لنقابة الصحفيين العراقيين فقط ، علماً أن هناك تنظيمات نقابية و مهنية عديدة تضم عدداً من الصحفيين غير (نقابة الصحفيين) والتي يتهمها منتقدوها بإن هناك تيار سياسي معين قد سيطر على هيكليتها و فعالياتها تبعاً لظروف البلاد المعروفة.
أكد "هادي جلو مرعي" نائب مدير مرصد الحريات الصحفية في العراق : " إن من صاغوا مشروع القانون يحملون عقليات تفكر بإسلوب النظام السابق، وإنهم لم يستوعبوا عمق التغييرالذي حدث في العراق منذ سنة 2003، حسب تعبيره. ووصف "مرعي" النقابات والإتحادات الصحافية بالقيد الذي يحد من حرية الصحافيين".
و تعالت دعوات في مجلس النواب و من قبل عدد من العاملين في ميدان الإعلام، الى إعادة النظر بالقانون و إجراء التعديلات عليه لكي لا يتأطر بظروف المرحلة الآنية ، بل يسري على السنوات القادمة و يتطلع الى المستقبل.(6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)التقرير السنوى للجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين بالتعاون مع برنامج دعم الاعلام العراقي المستقل ( داعم ) عن انتهاكات حرية الصحافة والتعبير في العراق لعام 2007
(2)جريدة </span><a href="http://arabic.people.com.cn/31662/index.html"><span style="font-size: 130%;">الشرق الأوسط</span></a><span><span style="font-size: 130%;">\ </span><span style="font-size: large;">عن وكالة شينخوا\ 21\3\ 2008 \واقع الصحافة في العراق بعد 5 سنوات على الحرب.
(3)وكالة الصحافة الفرنسية (4)شبكة النبأ للمعلوماتية على النت
(5) المركزالاعلامي للبلاغ \ على النت في 29/04/2008م
(6)راديو سوا
</span><span style="font-size: 130%;">* </span></span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-58860827236756168242008-07-13T22:58:00.000-07:002023-02-07T16:29:00.626-08:00الصحافة العراقية عند اسقاط صدام في 9 نيسان 2003<div align="right"><span style="font-size: 130%;">الصحافة العراقية عند إسقاط صدام في 9 نيسان 2003*
أحمد الصالح
لم تتغير الخطوط العامة للسياسة الإعلامية لنظام الحكم السابق في العراق، في أيامه الأخيرة ، و التي إنتهجها منذ تولي" صدام" مقادير البلاد عام 1979 ، فرغم الضغوط الكبيرة التي كان يعاني منها الشعب العراقي و الرعب الذي إجتاح البلاد من مجاهيل الحرب القادمة التي بدت نذرها تلوح في الأفق ، و لم تزل الذكريات المريرة لحرب تحرير الكويت و الحرب الإيرانية ماثلة في أذهان الناس ، في حين أستمرت وسائل إعلام النظام في إتباع سياسة التجهيل و إخفاء المعلومات و كيل الإتهامات للخصوم و التزلف و التطبيل لرأس النظام و الدعاء له بالعمر المديد و الإنتصار على أعداءه .
و كالعادة تصدر الإنتهازيون و المتملقون و الجهلة الصفوف و تولوا المناصب و سيطروا على المفاصل الرئيسية في ماكنة الإعلام الرسمي و غير الرسمي .
يقول الأديب العراقي المعروف "عبد الستار ناصر": (جاءني الصديق الصحفي هاشم حسن برزمة من صحف النظام وقال (أقرأ) وكان ذلك قبل التحرير طبعاً، إذا بي أمام كارثة حقيقية عنوانها الصحافة في العراق، طباعة رثة، وإخراج متخلف، وحروف مثلومة وصور باهتة وقصائد مضحكة ومقالات يرثي لها، وفي أعلى كل صحيفة وصية عجفاء من وصايا القائد (المحنك!) .
ماذا تراني قرأت في كومة الصحف التي جاءت من بغداد؟ قرأت عن مأدبة إفطار أقامها المقاتل الكيمياوي علي حسن المجيد في ذكري شهداء (النصر المبين!) وقيادة فرع (سيف القائد) تهدي سيفها ثانية إلي الرئيس بمناسبة التصدي للجيوش العالمية عام 1991 وجاءت الهدية من الرفيق (عكلة عبد صكر ) عضو قيادة قطر العراق، وقد وردت في كلمته وصف صدام بالمؤمن المجاهد، والجهبذ العبقري والمعلم الأول!!
الجرائد العراقية تنشر صورة صدام وهو (يصلّي) في كربلاء والنجف الأشرف وما من أحد يمكنه القول: إن صدام هو الذي أمر بضرب كربلاء والنجف الأشرف، ذلك ان الصحافة العراقية تصدر تحت لمعان السيف والخنجر والسكين وأمام رائحة البارود وحبال المشانق، وكل من يعمل في صحف النظام يحيا بروح تقول (كلا) ولسان محكوم بالرعب لا يكرر غير (نعم ) وإذا اخترع الإنسان جهازاً يقرأ الأفكار لما كان مصير الصحفيين تحت حكم النظام المقبور غير الموت وبتر الأصابع واللسان .(1)
إستمرت الصحف الحكومية اليومية وغيرالحكومية بالصدور حيث يتصدر صفحاتها الإولى يومياً صورة لصدام بغض النظر عن وجود خبر يتعلق بنشاطاته من عدمه و هذا سياق إعتمدته الصحافة العراقية منذ آب 1979 مما أفقد الصحف خاصية مهمة من خصائصها المهنية .
و الصحف هي :
(الثورة) وتصدر يوميا عن دار الثور للصحافة والنشر وهي ناطقة باسم حزب البعث الحاكم .
(الجمهورية) و تصدر عن دارالجماهير للصحافة والنشر وهي جريدة حكومية رسمية .
(العراق) وتصدرعن دارالعراق للصحافة والنشر وأوكل لها دورالنطق باسم الأحزاب الكردية الموالية للنظام التي لم يكن لها وجود أصلاً بعد فك التحالف (الكردي-البعثي) منذ السبعينات .
(القادسية) وهي جريدة يومية سياسية منوعة تصدر عن وزارة الدفاع و يرافقها مطبوع آخر بإسم القادسية الأسبوعي ـ يصدر كل يوم أحد .
و ( بغداد أوبزرفر ) و تصدر باللغة الإنكليزية عن دار الجماهير للصحافة .
و ( البعث الرياضي ) و تصدر عن اللجنة الأولمبية التي يشرف عليها عدي صدام .
و إستمرت مجلة (ألف باء) الأسبوعية بالصدور عن وزارة الثقافة والإعلام ، وهي مجلة عريقة سبق و أن صدرت في الستينات قبل إستلام البعث للسلطة لكن خطابها تغير بما يتماشى مع الخطاب الرسمي للنظام .
و مجلة ( مجلتي ) المعنية بالأطفال و الصادرة عن دار ثقافة أطفال في وزارة الثقافة والإعلام .
إلى جانب 24 صحيفة إسبوعية تصدرها النقابات والمنظمات المهنية والإتحادات الجماهيرية و ماتصدره المحافظات أيضاً التي كان يشرف عليها "عدي" منذ العام 1992 .
فلقد سبق لعدي الأبن الأكبر لصدام أن أقام إمبراطورية إعلامية منذ أواسط الثمانينات عندما أصدر جريدة (البعث الرياضي) في ذلك الوقت و تضخمت الى حد كبير في مطلع التسعينات عندما ضم جميع الإتحادات الجماهيرية والمنظمات المهنية ( نقابة الصحفيين وإتحاد الأدباء ونقابة الفنانين وجمعية المصورين وجمعية الشعراء الشعبيين ...الخ )، تحت مظلة (التجمع الثقافي) الذي ترأسه وأشرف عليه ومن خلالها أصدرعدد كبير من الصحف الإسبوعية التي يفترض بها أن تكون ناطقة بإسم تلك المنظمات لكنها في الحقيقة مشاريع تجارية يعود ريعها الوفير الى حساب "عدي" الشخصي ، و ذلك من خلال الإعلانات و الصفقات المريبة التي كان يبرمها عبر ممثليه المشرفين على هذه الصحف مع دوائر الدولة أو مع الشركات التجارية الخاصة ، و قد ظهرت أسماء كثيرة من وكلاء "عدي" في الوسط الإعلامي والذين كان لهم دور في عقد هذه الصفقات بتوكيل منه شخصياً .
حتى سقوط النظام إستمرت جريدة ( بابل) بالصدور اليومي وهي تصدر عن دار بابل للصحافة و النشر التي كان قد أسسها "عدي" بعد حرب تحرير الكويت في مطلع التسعينات و جهز لها موارد مادية و بشرية ضخمة بعد أن إستحوذ على إحدى مطابع و مباني ( دارالحرية ) الحكومية و أدرجها ضمن ممتلكاته الخاصة .
و من تلك الصحف التي تعود ملكيتها الى عدي شخصياً :
جريدة (نبض الشباب) والتي كان أول صدور لها بعد نجاة "عدي" من محاولة الإغتيال التي تعرض لها في العام 1996 حيث حاز "عدي" على لقب ( نبض الشباب!! ) ، و جريدة ( الزوراء ) و التي كانت تصدر عن نقابة الصحفيين، و جريدة ( ألوان) و مجلة ( الموعد ) وهما معنيتان بالنشاطات الفنية ، و جريدة ( الرأي ) والتي قدمت نفسها بخطاب إسلامي ينسجم مع توجه النظام في تلك المرحلة ، و جريدة (المصور ) و جريدة ( الإتحاد) و مجلة ( الرافدين ) الإسبوعية ، و مجلة ( المرأة ) و مجلة (صوت الطلبة )، و جريدة ( الزمن ) التي أريد لها أن تستقطب المثقفين العراقيين المهاجرين و الذين كانت مواقفهم معلنة و معروفة في معارضة النظام آنذاك .
يقول " وجيه عباس " : ( ما بعد عام 2001 كنت أدير بشكل كامل صحيفة (الزمن) الأسبوعية وهي ثقافية منوعة،أراد لها عدي صدام حسين أن تسحب عيون القارئ العراقي عن صحيفة (الزمان) اللندنية التي يديرها "سعد البزاز"، والتي كانت بحق البضاعة السرية الأكثر تهريبا لسواق طريق النقل البري،رئة العراقيين الوحيدة إلى الخارج آنذاك، طريق بغداد-عمان، ومدار بحث المعنيين بالصحافة الأهم من عراقيي الداخل، عبر شبكة الإنترنيت حتى حجبها بشكل كامل من الشبكة العنكبوتية في منتصف العام 2002، بل حجبها عن الوزراء أنفسهم ). (2)
وإستمر تلفزيون العراق الرسمي ببث برامجه و إذاعة بغداد كذلك .
و كذلك إستمرت قناة العراق الفضائية التي كانت قد تأسست في أواسط التسعينات في بث برامجها اليومية المعتادة .
وإستمر تلفزيون الشباب و إذاعة الشباب بث برامجهما على مداراليوم ، وسبق للمحطتين أن أنشأهما "عدي" مطلع التسعينات بعد أن إستحوذ على ممتلكات القناة الثانية التلفزيونية الحكومية و إذاعة صوت الجماهير الحكومية أيضا وأدرجهما ضمن ممتلكاته الخاصة .
تهجم شنيع
من الأمور اللافتة في ذلك الوقت قيام جريدة (بابل) بالتعرض الى موضوع حساس جداً لم يجرؤ أحد ان يتناوله في العراق في جدل علني وفي صحافة رسمية .
فقامت الجريدة بالتهجم على ( الطائفة الشيعية ) بشكل مباشر و صريح و طعنت بمعتقادتهم و طقوسهم متغافلة ان ( الشيعة ) في العراق يشكلون نسبة الأغلبية من السكان.
نعم ، لقد تعرضت جريدة (الثورة) الناطقة بإسم حزب البعث، في وقت سابق و في العام 1991 بعد القضاء على إنتفاضة الجنوب التي قامت بعد حرب الكويت و إنهيار الجيش و أنسحابه حينذاك .
لكن الكاتب في حينها حاول أن يبطن كلامه ولا يصرح بشكل علني أنه يستهدف (شيعة العراق) حصراً في التهجم و التشنيع، اما ما جاءت به جريدة ( بابل ) في أُخريات أيام النظام قبل سقوطه فهو تهجم صريح و يعبرعن موقف النظام من أبناء شعبه وبطريقة إستفزازية لعلها تبرر لنا الكثير من المظاهر التي برزت بعد سقوط النظام .
( نشرت جريدة (بابل) مقالة تحت عنوان (طقوس عاشوراء عند الرافضة) في عددها الصادر في العاشر من نيسان (ابريل) الماضي. إن هذه المقالة الإستفزازية قميئة فعلاً بكل إدانة وإستنكار وهي إن دلت علي شيء فإنما تدل علي مستوي الخواء الفكري والسياسي لصحف النظام والناطقة باسم بعض رموزه.إن الفقرات النـزيرة التي نقلتها جريدة عراقية معارضة تصدر في لندن عن جريدة (بابل) تقطر في الحقيقة سماً طائفياً متخلفاً، هو الوجه الآخر للقطران الطائفي الذي راح يفوح ويفيض من البرامج والبيانات الطائفية من الجهة المقابلة والتي تريد وإن أنكرت ذلك علناً وتكتيكيا إقامة إتحاد للإمارات الطائفية المتذابحة في العراق.
ففي مقالته يذهب كاتب (بابل) الذي إمتشق لغة طائفية سقيمة سادت في عهد المماليك وما قبله من عصور الإنحطاط الحضاري التي أعقبت سقوط بغداد علي أيدي المغول وصعود نجم السلاجقة الترك فيستعمل كلمة (الرافضة) جمع (الرافضي).في النـزر اليسير الذي أقتبس عن تلك المقالة المفعمة بالسوء، نقرأ، أن الكاتب (البابلي) يشنع على أغلبية المجتمع العراقي من الطائفة الشيعية بأنهم (أبناء زنى لأنهم يبيحون العلاقات الجنسية المحرمة (وأن مزارات أئمة الشيعة - وهم جميعا من أحفاد النبي العربي الكريم كما يعلم القارئ -وعتباتهم المقدسة هي أماكن للاختلاط الجنسي بهدف التكاثر السكاني..) و(أن الشيعة أو الرافضة حين يبكون خلال طقوس عاشوراء فهم لا يبكون علي الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وإنما يبكون مصيرهم ومصير أجدادهم الخونة الذين خانوا الله ورسوله والصحابة..) فهل ثمة تشنيع طائفي أكثر بذاءة وحقدا علي ملايين العراقيين من هذا؟) (3)
إختراق و إضطراب
و من الفعاليات المبتكرة لمعارضي نظام صدام آنذاك ان قامت احدى صحف المعارضة بطبع إحدى أعدادها بترويسة ومانشيت صحيفة (بابل) التي يصدرها عدي صدام وأرسلت خمسين ألف نسخة منها الى بغداد وتم توزيعها هناك ونفدت خلال ساعات حيث استبشر المواطنون عندما اكتشفوا أن عنوان الصحيفة (بابل) لكن موادها ضد نظام صدام ولما علمت أجهزة النظام بهذه الفعالية أعلنت حالة الطوارئ بين صفوفها ولكن بعد فوات الأوان·
ليس هذا فحسب بل إن هناك مجاميع قصصية وشعرية معارضة لكتاب وشعراء عراقيين في داخل العراق أخذوا يطبعون مؤلفاتهم بشكل سري وبطريقة التصوير ويوزعونها على المواطنين وبعضها يرسل الى خارج العراق·
في أواخر أيام النظام و قعت أجهزته الأمنية و العسكرية في إرتباك و اضطراب كبيرين إنعكس بالتالي على أداء منتسبيها الذين أخذوا يبحثون عن ملاذ آمن لهم بعد أن تسربلت لهم القناعة أن النظام زائل لا محالة في الحرب القادمة ..
إن ما ورد في مذكرات الطبيب الشخصي لصدام وأسرته الدكتور الجراح "علاء بشير" و التي نشرها في كتاب بعنوان ( كنت طبيباً لصدام ) يشير بدقة الى التردي الكبير الذي وقع فيه النظام و رجاله .
يقول بشير : ( كانت مظاهر الإنهيار تطالعنا واضحة في كل مكان، ففي أماكن متزايدة من بغداد بدأت مياه الصرف الصحي في ملء الشوارع من الرصيف إلي الرصيف. كان الماء يصعد من الأرض ولا أحد يعرف من أين.
كان طفح مياه الصرف الصحي يحدث دائما بالطريقة نفسها فقد كان يصيب الحي تلو الآخر بالتناوب وعندما استقصيت هذه الظاهرة عرفت السبب: لقد أصاب جنون الفساد قطاع الصرف الصحي ببغداد أيضا. عندما تطفح مياه الصرف الصحي في مكان وتملأه كان الناس يذهبون للمهندس المسؤول في الإدارة المختصة، وهناك كان الفني المسؤول متواجد دائما وفي مقابل رشوة مناسبة يقوم بتحويل مياه الصرف الصحي إلي حي سكني آخر.. كانت هذه تجارة مربحة. لقد إمتد الفساد في كل المجتمع العراقي ولم يتوقف امتداده حتي في الوسط الأكاديمي فقد ازدادت الحالات التي يأخذ فيها المدرسون والأساتذة ــ الذين لم تعد الحكومة قادرة علي دفع رواتبهم ـ الرشاوي من تلاميذهم وطلابهم من أجل مساعدتهم علي إجتياز إختبارات القبول أو الإمتحانات. بدأت الجامعات والمعاهد العليا في العراق التي كانت تعمل علي مستوي عال وتبعاَ للنموذج الإنكليزي، بدأت مثلها مثل كل شيء في المجتمع العراقي في الإنهيار وقد ساهمت الطبقة الحاكمة في هذا الإنهيار، فقد ظهرت على كثير منهم فجأة عقد الإحساس بالنقص لأن الأعضاء الشباب في حزب البعث بدأوا في الترقي. وكان معظمهم من الحاصلين علي الشهادة الجامعية ودرجة الدكتوراه من جامعة بغداد. وكان معظم المقربين من صدام من الحاصلين علي شهادة إتمام التعليم الابتدائي أو الثانوي على الأكثر. )(4)و قد إنعكس هذا الإضطراب على الصحافة و وسائل الإعلام الرسمية و غير الرسمية التي لم تعد مقُنعة لمتلقيها العراقي و الذي أخذ يتخلى عنها تماماً و ينصرف لتلقي الأخبار و المعلومات من مصادر أخرى خاصة تلك المعارضة للنظام .
لقد كان رأس النظام و أفراد إسرته يعيشون في عالم آخر غير مشغولين بمصير الشعب و البلاد و غير مشغولين حتى بمصائرهم الشخصية لقناعتهم أنهم سينجون من الحرب القادمة كما نجوا و نجا نظامهم في حروب و أزمات سابقة .
ان ما ورد في مذكرات الدكتور الجراح "علاء بشير" ، يدل بوضوح على أنماط تفكير و سلوك بعض أفراد أسرة صدام قبل أيام من بدء العمليات العسكرية التي أطاحت بنظامه .
يقول الدكتور علاء :
( في السادس من كانون الثاني تم إلغاء العرض العسكري الذي يقام عادة في عيد الجيش. فقد اصبح من الواضح لكل مواطن عراقي عاقل أن العد التنازلي للحرب ضد أميركا وبريطانيا قد بدأ وأن العراق ليس لديه أي قدرة علي المقاومة. وبينما كان المفتشون يبحثون بلا جدوي عن أسلحة الدمار الشامل في العراق التي لم تكن بحوزة صدام، وبينما كانت التهديدات تنهال علينا من واشنطن ولندن، إذا ب "قصي" الأبن الأصغر لصدام يطلبني إلي بيته. فإبنته ذات الخمس عشر سنة لم تكن راضية عن أنفها، وطلبت مني الأسرة أن أعدله. فبينما تدق طبول الحرب علي مشارف العراق كانت عائلة صدام منشغلة بمثل هذه الأمور. وعلي أي حال فقد كانت عملية بسيطة، قد أجريتها آلاف المرات في مستشفي المنصور من قبل. وفي اليوم التالي طلبت إلي بيت" رغد" ابنة صدام زوجة "حسين كامل" فقد كانت ابنتها، حفيدة صدام ذات الستة عشر ربيعا، "حرير"، تريد تجميل أنفها هي الأخري. وكأنهم لم يكتفوا بذلك.. فقد اتصلت بي بعدها أخت زوجة قصي للسبب نفسه. وفي الخامس عشر من شباط كنت قد انتهيت من الثلاث عمليات. وقد لفت نظري أن عائلة صدام لم تكن تدرك ما ينتظرها وما تعنيه الحرب وما ستجلبه عليهم. لم يكن تقييمهم للأمور سليما كما ظهر لاحقا فيما بعد.
في الثالث عشر من شهر مارس قبل بدء الحرب بأسبوع أجريت آخر فحص علي مريضاتي الثلاث. ولفت نظري اختفاء جميع النجف والأثاث الإيطالي من بيت قصي في الجادرية وبدا البيت شبه خال. كان للموت رائحة في ذلك المكان. أما وطبان أخو برزان و صدام فقد أرسل لي قبلها بأيام داعرتين من صديقاته بصحبة أحد حراسه، أرادت أحداهما تصغير صدرها والثانية تعديل عظام الحوض حيث كانت فعلا كبيرة الحجم فأجبتهما أن الوقت غير مناسب تماماً لأن البلد يستعد لخوض الحرب. وغضبتا جداً عندما أرسلتهما دون تلبية رغبتهما. اتصل بي حارس وطبان بعدها بيوم قائلا: «إن رئيسي يسألك ماذا إذا كان من الممكن أن تساعد الفتاتين بالرغم من ذلك»؟ فأجبته: لآلقد وصلت حياة وطبان إلي هذا المستوي المتدني فلم يعد يشغله غير الخمر والراقصات والداعرات. وكان هذا هو وضع سبعاوي أيضا، الأخ الأكبر لبرزان.)(5)
بهذه الأجواء دخل العراق الحرب مع قوات التحالف الدولي فكان من الطبيعي أن يحصل الأنهيار الكبير الذي شهدناه لنظام صدام و بهذه السرعة ، و ذلك يفسر صمت أغلبية الشعب العراقي و عدم مقاومته للقوات الغازية و التي رفعت شعار التحرير للشعب من الدكتاتورية و الإستبداد .
و كانت الصحافة بإضطرابها و ترديها المريع في أخريات أيام النظام تعبر تعبيراً صادقا عن حال النظام و مدى ترديه و إرتباكه و ضعفه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جريدة الزمان اللندنية - بهدؤ رجاءاً - متي سنصدق ما جري؟ - عبد الستار ناصر- مايس 2003(2) وجيه عباس- صحفي عراقي- مقالة على النت
(3) جريدة ابن الرئيس والتهجم علي الطائفة الشيعية - إستفزازات ضد العراقيين جميعاً.. وليس طائفة بعينها - علاء اللاميجريدة (الزمان) العدد 1317 التاريخ 2002 - 9 – 20
(4) كنت طبيبا لصدام _ الدكتور علاء بشير الطبيب الشخصي لصدام حسين
(5) المصدر أعلاه.
* </span> )</div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-2373005646291012547.post-20323573673107357342008-07-12T19:29:00.000-07:002008-07-12T21:00:54.793-07:00<div align="center"><span style="color:#ff6600;"></span><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1n-GNsgIG96T7T3nYu3RcXmJ8oSAP_0GlY3j1jGjo8_13hMteH9DvE_qAI3kCgcm5KWaYR4_Kmg85oYDujuxq0djQby6gV7OiNMcC6SBObCV05qs8I4tAecgjZZwqI9PaAF1_R0TXcGDq/s1600-h/say+cheese+-smile.jpg"><img id="BLOGGER_PHOTO_ID_5222320927148513154" style="DISPLAY: block; MARGIN: 0px auto 10px; CURSOR: hand; TEXT-ALIGN: center" alt="" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1n-GNsgIG96T7T3nYu3RcXmJ8oSAP_0GlY3j1jGjo8_13hMteH9DvE_qAI3kCgcm5KWaYR4_Kmg85oYDujuxq0djQby6gV7OiNMcC6SBObCV05qs8I4tAecgjZZwqI9PaAF1_R0TXcGDq/s400/say+cheese+-smile.jpg" border="0" /></a><span style="font-family:arial;"><span style="color:#ff6600;"><span style="font-size:180%;"> <strong><span style="font-family:arial;">SMILE !</span></strong></span></span><span style="font-size:180%;"><span style="font-family:arial;"> </span><span style="color:#33cc00;"><strong>إبتسامة يبه ؟؟</strong></span></span></span></div>U R FREE أنت حرhttp://www.blogger.com/profile/03727101147850548937noreply@blogger.com0