Wednesday, July 23, 2008
تجيير المثقف لحساب السياسي
تجيّير المثقف لحساب السياسي
ماجد السامرائي نموذجاً
أحمد الصالح
واحدة من نكبات العراقيين على مدى الخمسين سنة الأخيرة من عمر البلاد هي هجرة مثقفيه الى بلدان المنافي و بأعداد مفزعة تعبر تعبيراً صادقاً عن حجم الخسارة التي منُي بها العراق ، و لازال يخسر ، مادام السياسيون الأنتهازيون الطامحون مستمرون بمشاريعهم التي يمكن وصفها بأكثر الأوصاف لياقة أنها مشاريعا لا وطنية و لا تعنى بشؤون المواطنين لا من قريب و لا من بعيد .
طالعنا السيد ماجد السامرائي بمقالة على ( موقع المجلس الأعلى للثقافة في العراق ) تحدث فيها عن هجرة المثقفين العراقيين الى المنافي و عن نشاطهم الثقافي و الأبداعي و أورد نماذج لنشاطات لعراقيين يعيشون الآن خارج العراق بوصفها نشاطات ( مقاومة ) للأحتلال الأمريكي للعراق..
فمعرض لمنحوتات الفنان الكبير محمد غني حكمت في عمّان أصبح معرضا ( مقاوماً ) للأحتلال، و مسرحية للفنان رائد محسن أصبحت مسرحية ( مقاومة ) للأحتلال ، و هجرة الشاعر و الصحفي و المسرحي و القاص الكبير المرحوم يوسف الصائغ الى سوريا على أُُخريات أيامه باحثٍ عن ملاذٍ آمنٍ يأويه من سخافات السياسة في بلاده – و هو الكاتب لقصيدة جزدان خديجة -، أصبح فعلا ً( مقاوما ) للأحتلال في عُرف السيد ماجد !!!
و مع المقال ( ألصقت ) صورة لمسرحية قُدمت مؤخراً على شارع المتنبي من تأليف الكاتب المبدع و المواظب علي حسين و اخراج الفنان المبدع حيدر منعثر و جسد شخصياتها الفنانون الكبار سامي عبد الحميد و سامي قفطان و شذى سالم و رياض شهيد و آخرون .. مسرحية حكت عن أرهاب نذل دمر الشارع الذي يعد أحد رموز الثقافة في العراق و أودى بحياة عدد من العراقيين الطيبين .
و لعل السيد ماجد يريد أن يقول لنا بنشره لهذه الصورة برفقة مقاله أن هذه المسرحية هي أيضا ( مقاومة ) للأحتلال و القائمين عليها هم أيضا ( مقاومون ) للأحتلال !!!
طيب سوف لن أدخل في مهاترات الأحتلال و المقاومة هذه اللعبة القذرة التي ما زالت قائمة منذ أربع سنوات و راح ضحيتها الآلاف من العراقيين و خسارات مادية بمليارات الدولارات و فرص لتأهيل عراق ديمقراطي جديد على أنقاض أستبداد بغيض عاش مرارته السيد ماجد أيضا في وقت ما ..
انما يهمني التوجه بالسؤال عن أولئك المثقفين الذين هاجروا الى المنافي في عهود سالفة قبل عهد ( الأحتلال ) !؟
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد صدام ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المبدعين و المثقفين في عهد البكر ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المدعين و المثقفين في عهد الأخوة عارف ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد عبد الكريم قاسم ؟
ماذا لو يحدثنا عن الهجرة المليونية لعراقيين على مدى عقود و هم يبحثون عن ملاذ آمن لهم و لأطفالهم يقيهم شر الحروب القذرة التي تورط بها السياسيين و الحزبيين المتعصبين و الطامحين للحكم على أشلاء جثث أبناء بلدهم ؟!
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة أسماء عراقية لامعة في عالم الأبداع و الثقافة و عن زمن هجرتهم و عن أعمالهم هم أيضا في الهجرة ؟!
ماذا عن الجواهري يا سيد ماجد و ماذا عن البياتي و النواب و سعدي و غيرهم من الشعراء ؟!
ماذا عن هجرة غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي و أبراهيم احمد و سليم مطر و غيرهم من القصاصين و الروائيين ؟!
ماذا عن هجرة خليل شوقي و عوني كرومي و قاسم حول و جواد الأسدي و فيصل الياسري و قاسم محمد و ابراهيم الزبيدي و كاظم الساهر و نصير شمه و غيرهم من الفنانين و الأعلاميين ؟!
ماذا عن هجرة شاكر السماوي و عزيز السماوي و أبو سرحان و كريم العراقي و غيرهم من الشعراء الشعبيين ؟!
ماذا عن هجرة ياسين النصير و حاتم الصكَر و فاضل ثامر و ضياء الشكرجي و فالح عبد الجبار و محمد عبد الجبار الشبوط و عادل عبد المهدي و طالب الشطري و عبد اللطيف الحرز وغيرهم من الكتّاب و النقاد ؟!
ماذا عن هجرة عشرات الأسماء المبدعة من الرسامين و النحاتين و الموسيقيين و الصحفيين وأساتذة الجامعات على مدى الخمسين سنة الماضية و تحديداً في العشرين سنة الأخيرة من عهد النظام السابق ؟!
ترى هل كانت هجرة كل تلك الأسماء المبدعة في عالم الثقافة العراقية بقصد ( مقاومة ) المُحتل الذي يريد السيد ماجد (بشخطة ) مقال واحد، أن يجيّر كل أنجازاتها لصالح خطاب سياسي معروفة مقاصده، وتبعا لذلك علينا أن ننسى كل ذاك الضيم و الحيف و الأستهتار الذي لحق بالثقافة العراقية و المثقفيين العراقيين بسبب الأحتراب بين ( سياسيين وطنيين [جداً ] و عصابيين موتوريين ) جعلوا من السياسة في العراق مجرد ميدان لتناطح الثيران المخصية ، فكان من نتائج صراعهم البائس على السلطة و منافعها أن دمروا بحوافرهم وسحقوا كل شيء جميل و معافى في هذا البلد المنكوب !!
يريد لنا السيد ماجد أن نُحيل سبب هجرة كل أولئك المبدعين الى الأحتلال و الرغبة المُلحة في ( مقاومة) الأحتلال من على الأراضي الأردنية و السورية و القطرية و اليمنية و المصرية و التونسية مثلاً ؟؟!!
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن الأموال القذرة التي أشترت عدد من أصوات المثقفين العراقيين و جيّرتها لخدمة أجندات مخابرات دول الأقليم تلك الدول التي عمرها ما أرادت خيراً لا بالعراق و لا بأهله ؟!
المثقفون و المبدعون العراقيون الطيبون ما عادت تنطلي عليهم سخافات الأقلام المشتراة لحساب هذا السياسي أو ذاك ، لحساب مخابرات هذه الدولة أو تلك ، فهم يعلمون جيداً أن مشروعهم الثقافي و الأبداعي أسس و يؤسس لثقافة عراقية وطنية أصيلة ترفض تجيير أنجازاتهم لخدمة السياسيين الأنتهازيين البائسين في هذا العهد و كل عهد ، ثقافة خالية من وساخات السياسيين الطامعين بالحكم في هذا العهد و كل عهد .
و أن سكت المبدعون عن فضح الأنتهازيين المتاجرين بانجازاتهم فهم ساكتون على مضض أو خشية من ارهاب يتربص بهم على عتبة باب الدار ..
أما نغمة ( مقاومة ) الأحتلال التي يحلو للبعض الترّنم بها، فستكشف لنا الأيام القادمة عن ( نشازها ) بعد أن يتم ( التصافي ) بين ( المقاوم ) و المحتل على كعكة السلطة و منافعها ، و اعتراف أطراف اللعبة جميعهم ( بحصصٍ لكلٍ منهم ) على طريقة ( التحاصص ) السائدة هذه الأيام ..
و يأمل المبدعون و المثقفون والعراقيون الطيبون جميعهم من قبلهم، أن يأمنوا شر نتائج هذا (التحاصص السياسي ) الذي فتّ بعضدهم و أطاح بأحلامهم على مدى سنين، أحلام في بلاد آمنة عادلة كريمة مع أبناءها !!
لا بلاد طاردة لأبناءها تلاحقهم بالزيف و الرعب و الأكاذيب حتى في منافيهم !!ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماجد السامرائي نموذجاً
أحمد الصالح
واحدة من نكبات العراقيين على مدى الخمسين سنة الأخيرة من عمر البلاد هي هجرة مثقفيه الى بلدان المنافي و بأعداد مفزعة تعبر تعبيراً صادقاً عن حجم الخسارة التي منُي بها العراق ، و لازال يخسر ، مادام السياسيون الأنتهازيون الطامحون مستمرون بمشاريعهم التي يمكن وصفها بأكثر الأوصاف لياقة أنها مشاريعا لا وطنية و لا تعنى بشؤون المواطنين لا من قريب و لا من بعيد .
طالعنا السيد ماجد السامرائي بمقالة على ( موقع المجلس الأعلى للثقافة في العراق ) تحدث فيها عن هجرة المثقفين العراقيين الى المنافي و عن نشاطهم الثقافي و الأبداعي و أورد نماذج لنشاطات لعراقيين يعيشون الآن خارج العراق بوصفها نشاطات ( مقاومة ) للأحتلال الأمريكي للعراق..
فمعرض لمنحوتات الفنان الكبير محمد غني حكمت في عمّان أصبح معرضا ( مقاوماً ) للأحتلال، و مسرحية للفنان رائد محسن أصبحت مسرحية ( مقاومة ) للأحتلال ، و هجرة الشاعر و الصحفي و المسرحي و القاص الكبير المرحوم يوسف الصائغ الى سوريا على أُُخريات أيامه باحثٍ عن ملاذٍ آمنٍ يأويه من سخافات السياسة في بلاده – و هو الكاتب لقصيدة جزدان خديجة -، أصبح فعلا ً( مقاوما ) للأحتلال في عُرف السيد ماجد !!!
و مع المقال ( ألصقت ) صورة لمسرحية قُدمت مؤخراً على شارع المتنبي من تأليف الكاتب المبدع و المواظب علي حسين و اخراج الفنان المبدع حيدر منعثر و جسد شخصياتها الفنانون الكبار سامي عبد الحميد و سامي قفطان و شذى سالم و رياض شهيد و آخرون .. مسرحية حكت عن أرهاب نذل دمر الشارع الذي يعد أحد رموز الثقافة في العراق و أودى بحياة عدد من العراقيين الطيبين .
و لعل السيد ماجد يريد أن يقول لنا بنشره لهذه الصورة برفقة مقاله أن هذه المسرحية هي أيضا ( مقاومة ) للأحتلال و القائمين عليها هم أيضا ( مقاومون ) للأحتلال !!!
طيب سوف لن أدخل في مهاترات الأحتلال و المقاومة هذه اللعبة القذرة التي ما زالت قائمة منذ أربع سنوات و راح ضحيتها الآلاف من العراقيين و خسارات مادية بمليارات الدولارات و فرص لتأهيل عراق ديمقراطي جديد على أنقاض أستبداد بغيض عاش مرارته السيد ماجد أيضا في وقت ما ..
انما يهمني التوجه بالسؤال عن أولئك المثقفين الذين هاجروا الى المنافي في عهود سالفة قبل عهد ( الأحتلال ) !؟
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد صدام ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المبدعين و المثقفين في عهد البكر ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المدعين و المثقفين في عهد الأخوة عارف ؟
ماذا لو يحدثنا عن هجرة المثقفين و المبدعين في عهد عبد الكريم قاسم ؟
ماذا لو يحدثنا عن الهجرة المليونية لعراقيين على مدى عقود و هم يبحثون عن ملاذ آمن لهم و لأطفالهم يقيهم شر الحروب القذرة التي تورط بها السياسيين و الحزبيين المتعصبين و الطامحين للحكم على أشلاء جثث أبناء بلدهم ؟!
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن هجرة أسماء عراقية لامعة في عالم الأبداع و الثقافة و عن زمن هجرتهم و عن أعمالهم هم أيضا في الهجرة ؟!
ماذا عن الجواهري يا سيد ماجد و ماذا عن البياتي و النواب و سعدي و غيرهم من الشعراء ؟!
ماذا عن هجرة غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي و أبراهيم احمد و سليم مطر و غيرهم من القصاصين و الروائيين ؟!
ماذا عن هجرة خليل شوقي و عوني كرومي و قاسم حول و جواد الأسدي و فيصل الياسري و قاسم محمد و ابراهيم الزبيدي و كاظم الساهر و نصير شمه و غيرهم من الفنانين و الأعلاميين ؟!
ماذا عن هجرة شاكر السماوي و عزيز السماوي و أبو سرحان و كريم العراقي و غيرهم من الشعراء الشعبيين ؟!
ماذا عن هجرة ياسين النصير و حاتم الصكَر و فاضل ثامر و ضياء الشكرجي و فالح عبد الجبار و محمد عبد الجبار الشبوط و عادل عبد المهدي و طالب الشطري و عبد اللطيف الحرز وغيرهم من الكتّاب و النقاد ؟!
ماذا عن هجرة عشرات الأسماء المبدعة من الرسامين و النحاتين و الموسيقيين و الصحفيين وأساتذة الجامعات على مدى الخمسين سنة الماضية و تحديداً في العشرين سنة الأخيرة من عهد النظام السابق ؟!
ترى هل كانت هجرة كل تلك الأسماء المبدعة في عالم الثقافة العراقية بقصد ( مقاومة ) المُحتل الذي يريد السيد ماجد (بشخطة ) مقال واحد، أن يجيّر كل أنجازاتها لصالح خطاب سياسي معروفة مقاصده، وتبعا لذلك علينا أن ننسى كل ذاك الضيم و الحيف و الأستهتار الذي لحق بالثقافة العراقية و المثقفيين العراقيين بسبب الأحتراب بين ( سياسيين وطنيين [جداً ] و عصابيين موتوريين ) جعلوا من السياسة في العراق مجرد ميدان لتناطح الثيران المخصية ، فكان من نتائج صراعهم البائس على السلطة و منافعها أن دمروا بحوافرهم وسحقوا كل شيء جميل و معافى في هذا البلد المنكوب !!
يريد لنا السيد ماجد أن نُحيل سبب هجرة كل أولئك المبدعين الى الأحتلال و الرغبة المُلحة في ( مقاومة) الأحتلال من على الأراضي الأردنية و السورية و القطرية و اليمنية و المصرية و التونسية مثلاً ؟؟!!
ماذا لو يحدثنا السيد ماجد عن الأموال القذرة التي أشترت عدد من أصوات المثقفين العراقيين و جيّرتها لخدمة أجندات مخابرات دول الأقليم تلك الدول التي عمرها ما أرادت خيراً لا بالعراق و لا بأهله ؟!
المثقفون و المبدعون العراقيون الطيبون ما عادت تنطلي عليهم سخافات الأقلام المشتراة لحساب هذا السياسي أو ذاك ، لحساب مخابرات هذه الدولة أو تلك ، فهم يعلمون جيداً أن مشروعهم الثقافي و الأبداعي أسس و يؤسس لثقافة عراقية وطنية أصيلة ترفض تجيير أنجازاتهم لخدمة السياسيين الأنتهازيين البائسين في هذا العهد و كل عهد ، ثقافة خالية من وساخات السياسيين الطامعين بالحكم في هذا العهد و كل عهد .
و أن سكت المبدعون عن فضح الأنتهازيين المتاجرين بانجازاتهم فهم ساكتون على مضض أو خشية من ارهاب يتربص بهم على عتبة باب الدار ..
أما نغمة ( مقاومة ) الأحتلال التي يحلو للبعض الترّنم بها، فستكشف لنا الأيام القادمة عن ( نشازها ) بعد أن يتم ( التصافي ) بين ( المقاوم ) و المحتل على كعكة السلطة و منافعها ، و اعتراف أطراف اللعبة جميعهم ( بحصصٍ لكلٍ منهم ) على طريقة ( التحاصص ) السائدة هذه الأيام ..
و يأمل المبدعون و المثقفون والعراقيون الطيبون جميعهم من قبلهم، أن يأمنوا شر نتائج هذا (التحاصص السياسي ) الذي فتّ بعضدهم و أطاح بأحلامهم على مدى سنين، أحلام في بلاد آمنة عادلة كريمة مع أبناءها !!
لا بلاد طاردة لأبناءها تلاحقهم بالزيف و الرعب و الأكاذيب حتى في منافيهم !!ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Tuesday, July 22, 2008
في مفهوم العدالة في العراق الجديد
توزيع حصص متساوية من عوائد الثروات الطبيعية ( النفط بخاصة ) على جميع أفراد
الشعب العراقي
أحمد الصالح
بين مجمل المسائل العالقة في العراق الجديد تبرز مسألة التوزيع العادل للثروة الطبيعية على مستحقيها الحقيقيين من أفراد الشعب العراقي بوصفها المسألة الأكثر الحاحا بل تكاد تكون و بلا مواربة هي حجر الزاوية الذي ترتكن اليه جميع المسائل العالقة الأخرى.
فبأي حال من الأحوال لا يمكن فصل المسألة الطائفية عن مسألة التوزيع العادل للثروة كما لا يمكن فصل مسألة الحكم و أستحقاقاته عنها و هكذا دواليك بالنسبة لمسألة العجز الظاهر في واقع الأقتصاد الوطني و مسألة التردي المفجع في الخدمات الأساسية و البنية التحتية للبلاد ومسألة الأمن ومسألة الفساد الأداري و مسألة العلاقات مع دول الجوار ومسألة تنظيم و تسوية العلاقات مع الولايات المتحدة راعية العملية السياسية في العراق الجديد.. و غيرها من المسائل العالقة الكثيرة التي أضحت هموما ثقيلة ما من أحد يعاني منها بقدر معاناة العراقيين أنفسهم الذين هم أصحاب المشكلة برمتها و الأولى بهم قبل غيرهم البحث عن حلول لها و تحمل تبعاتها.
السلطة و ثروة الأفراد
السلطة في العراق هي مصدر ثراء الأفراد بالأمس و اليوم و غدا، وقد تشترك جميع دول الشرق الأوسط مع العراق في هذه المعادلة البسيطة ( السطة = الثروة)، بيد أنه يشار للعراق بأنه البلد الذي يقدم صورة فاضحة و صريحة أكثر من غيره لها، و قراءة سريعة لتأريخ الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها على يد البريطانيين في العام 1921 حتى اليوم يكشف بما لا يقبل اللبس أن الثراء الفاحش الذي يتمتع به عدد محدود من الأفراد والأسرالعراقية كان مبعثه على الدوام قربهم من السلطة و أستحواذهم على قرار توزيع عوائد الثروة الطبيعية للبلاد ( النفط بخاصة ) بينهم و على أشكال مختلفة، فقد تكون على شكل مرتبات ضخمة أوعقود من الدولة في مقاولات أو مناقصات أو أيفادات اوتسهيلات مصرفية أوغيرها من الأساليب التي يجيدها الوصوليون و الأنتهازيون دوما للأستحواذ على ثروة أبناء البلاد و ترك الفتات المتبقي الذي لا يسد رمق جائع ولا يكسي عريان .. و كل هذه السرقات تتم عادة تحت يافطات ذات طابع مظلل عموما فمرة طابعها ( وطني ) و مرة قومي و مرة طابعها طائفي و مرة طابعها مناطقي و مرة طابعها حزبي .. وهكذا.
فكم هو عدد الأفراد في العراق الذين استطاعوا أن يحققوا ثروات فاحشة تبعا لأختراع تقدموا به مثلا ، أو عمل فريد قاموا به دون غيرهم ، أو مغامرة لأستكشاف ثروات نادرة على طريقة الباحثين عن الذهب في الغرب الأمريكي !؟ لا أحد.
جرد سريع على سبيل المثال لأملاك و عقارات و أراضي و مزارع و مصانع و تجارة و نفوذ مالي يتمتع به فلان من الأمعات،لم يتأتى أليه الا لأنه كان خالا أو أبنا أو أحد أقارب رئيس السلطة أو أحد النافذين فيها في هذا العهد أو أو ذاك ، لا فرق الا بدرجة الأستحواذ و الثروة ، أما فعل السرقة فهو واحد.
و تأسيسا على ما تقدم فأن الصراع على السلطة في العراق كان على الدوام هو صراع بين الأفراد للأستحواذ على ثروة البلاد و توابع هذه الثروة من نفوذ و جاه و ملذات دنيوية يعرفها الأثرياء جيدا.
و من باب أولى فأن تلك القراءة التاريخية لما يسمى بالعهد الوطني في العراق في القرن الفائت تؤكد أن نظم الحكم المتعاقبة على السلطة بمجموعها كانت نظما ظالمة في مسألة توزيع عوائد الثروات الطبيعية ( النفط بخاصة ) على جميع أفراد الشعب العراقي بعدالة و بأنصاف . و بعيدا عن الأجحاف و قريبا من الأمانة الموضوعية فأن درجات ظلم نظم الحكم تلك كانت متباينة من نظام الى آخر، فلا يمكن بأي حال من الأحوال قياس عهد الراحل عبد الكريم قاسم و مشاريعه الجبارة- نسبة للعوائد حينئذ- لخدمة أبناء البلاد ( السكنية والخدمية و المعيشية ) بعهد آخر.
بيد أن عهد عبد الكريم قاسم أيضا يشترك مع العهود الأخرى في عدم اقراره قانونيا وعمليا حقوق أفراد الشعب العراقي جميعهم بعوائد ثرواتهم الطبيعية ، سوى جملة عائمة في الدستور (ان الثروات الطبيعية في البلاد هي ملك للشعب ) أما كيف ستكون ملك للشعب و بأي طريقة ؟ فها نحن ندخل في التفاصيل و يدخل الشيطان معنا، و الشيطان كما تعلمون يتحمل على الدوام خطايا اللصوص و هو بريء منها .
ان التمايز الطبقي و الثراء الفاحش الذي شهده المجتمع العراقي خلال ( العهد الوطني ) عبر عقود، يعود بالدرجة الأساس الى سرقة عوائد الثروة الطبيعية ( النفط بخاصة ) من قبل فئة صغيرة من الأفراد والأسرعلى حساب الأعم الأغلب من أفراد الشعب.
وأرى ان لم يتم تحقيق نظام عادل لتوزيع الثروة النفطية على العراقيين كأفراد وأصر على التوصيف (كأفراد)، أذ ان واحدة من أكبر المظالم التي يعاني منها العراقيون ان قضاياهم تعمم دائما باسم الطائفة مرة و باسم القومية مرة و باسم الطبقة مرة و باسم الحزب مرة و باسم العشيرة و القبيلة مرة و باسم الأقليم مرة و باسم المنطقة مرة و لا ينظر لهم كأفراد بشر يستحقون الحياة ، الى حد تضيع حقوق الأفراد و يستحوذ واحد أو عدد قليل من الأفراد على الثروة و تُحرم الغالبية العظمى منها.
لذا و كخطوة أولى ، أدعو الى :
توزيع عوائد الثروات الطبيعية للبلاد ( النفط بخاصة ) و بحصص متساوية على جميع أفراد الشعب العراقي في الداخل و الخارج و بما يليق بأستحقاقهم الشرعي من ثروات بلادهم.
ان أمرا بهذه القوة سيسهم الى حد كبير في السيطرة على الأضطراب السياسي و الأمني في البلاد اللذان ان استمرا فسنشهد له أطوارا أكثر تدميرا للعراق و للعراقيين.
علامات على الطريق
أولا علينا أن نقر بحدود دولة العراق القائمة الآن وفق الأتفاقيات الدولية المعترف بها و التي لم تبطل قانونا حتى اليوم ، فالعراق اليوم هو ليس عراق الميزوبتميا (بلاد وادي الرافدين ) كما متعارف عليه تاريخيا ، كما هو ليس العراق ( العروبي- الذي هو جزء من الأمة العربية حسب أدبياتهم و بالتالي للأمة من المحيط الى الخليج الحق في ثرواته ، على حساب حقوق أبناءه الحقيقيين !!! ) ، كما هو ليس العراق ( الرمز و الفكرة و الصورة الشعرية الرومانسية ) كما يرد في مخيلة الشعراء، كما هو ليس العراق ( الطائفي) أو المذهبي أو القومي على طريقة الساسة الجدد .
العراق ، هو العراق كما هو في خرائط الجغرافية و في وثائق المنظمات الدولية، ذو الحدود الدولية المعروفة و التشكيلات الأدارية ( ال 18 محافظة ) المعروفة أيضا ، العراق بالملايين من سكانه، بمن ينتسب اليه حسب وثيقة الجنسية العراقية التي يحملها صاحبها سواء كان في الداخل أو في الخارج .
أذ لابد من الأعتراف بهذا العراق لأن المسالة ليست مسألة رغبة شخصية أو مزاج شخصي ، انما هو واقع متحقق على الأرض و مدعوم بأتفاقيات دولية فاعلة لليوم ، كما هو جزء قائم من نظام شرق أوسطي تشكل بعد الحرب العالمية الأولى و لم يصار الى تغييره تبعا لفعل حرب أخرى او تبعا لتسويات سلمية لتغيير هذا النظام حتى الآن ، كما هو واقع متحقق و قائم بفعل تأثير دولة عظمى ( الولايات المتحدة ) لديها عشرات الآلاف من الجنود على الأرض و قوة عسكرية جبارة تجول في الأقليم و لها حسابات و مصالح تستدعيها الحفاظ على حدود العراق الحالية كما عبرت عن ذلك مرارا في تصريحات مسؤوليها و على أعلى المستويات .
بل حتى الأصطراع المفتعل الذي أراد له الأرهاب و دول الجوار أن يشتعل بين ( الكتل ) السكانية الثلاث ( الشيعة و السنة و الأكراد كما أصطلح عليها في وسائل الأعلام ، و ان كنت لا أميل لهذا التوصيف) ، وخاب مسعى الأرهاب و من يدعمه، يؤكد قناعة جميع العراقيين على تنوع انتمائاتهم أنهم لا يمكنهم تصور عراق آخر غير العراق الذي هو قائم الآن .
هذا هو العراق الذي أراه و ان لم يستمر هذا التوصيف للعراق أو أن هناك من لديه توصيف آخر وخارطة جغرافية أخرى لعراق آخر، فليأتنا بها و عند ذاك سيكون لنا حديث آخر بالتأكيد .
كما علينا أن نقر أيضا بالنظام الفدرالي وعلى أساس أداري ، و ليس على أي أساس آخر( طائفي أو قومي ، أو اقليمي- طائفي أو أقليمي- قومي ، كما يتحايل عادة بعض السياسيين من خلال اللعب بالمفاهيم و المصطلحات )
و علينا أن نقر أيضا بالنظام الديمقراطي المعمول به في العصر الحالي في دول الغرب عموما ، فالمتحذلقين يعلمون قبل غيرهم أن ليس هناك ( ديمقراطية ) أسلامية أو مسيحية، أو ( ديمقر اطية ) عروبية أو كردية ، و هكذا دواليك ، هناك مفهوم واحد للديمقراطية في العصر الحديث ، هي ديمقراطية تضمن حقوق جميع سكان البلاد بغض النظر عن القومية و الدين و المذهب و العرق و اللون و الجنس .
كما علينا أن نقر بلائحة حقوق الأنسان الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، و دولة العراق سبق لها أن وقعت على هذه اللائحة وأعترفت بها.
و بناء على ما تقدم يمسي حلم العراقي في دولة سيادة القانون و حماية حقوق الأنسان و العدالة لا يمكن تحقيقه بدون التوزيع العادل لعوائد الثروات الطبيعية للبلاد ( النفط بخاصة ) على جميع أفراد الشعب العراقي و بحصص متساوية .
فالمبدأ الأساس في عدالة الدولة الجديدة هو لكل مواطن عراقي حصة معلومة من عوائد ثروات بلاده يستلمها فعلا بلا مواربة و تسييس .
كيف يتم توزيع هذه الحصص ؟
يُعمل على البدء بنظام انتخابات من نوع آخر ( عدا نظام انتخابات الهيئات السياسية ) يُتيح لجميع أفراد الشعب العراقي من انتخاب هيئة مفوضين عليا لأدارة شؤون الثروات الطبيعية في البلاد و تتكفل توزيع عوائدها على جميع العراقيين، و يُعمد الى الترشيح الفردي لأشخاص مستقلين سياسيا و مشهود لهم بالنزاهة و المعرفة و العلم ( مؤهل علمي معترف به يؤهل المرشح لأستيعاب علوم منهجية لها علاقة بالموارد الطبيعية و أستخراجها و أدارتها وأقتصادياتها ثم توزيع عوائدها، فأستخراج النفط ليس له علاقة بغسل الجنابة مثلا !!)
و ينتخب العراقيون جميعا في الداخل و الخارج وحسب التشكيلات الأدارية من الناحية الى القضاء و المحافظة ثم المركز بغداد ، مفوضيهم بالاقتراع السري المباشر .
ان التاكيد على مؤهل المرشح العلمي و تحصيله الدراسي شرط لا بد منه كما هي الشروط الأخرى لتجنب الأشكالات الكارثية التي أرتكبتها عملية الأنتخابات السياسية السابقة والتي اعتمدت قوائم ( خالات و عمات ) رئيس القائمة و غضت النظر عن مؤهلات المرشحين فتشكل لنا مجلس النواب الحالي و مجالس المحافظات التي تعرفون !!!
فمرشح لهيئة مفوضي أدارة شؤون الثروات الطبيعية في البلاد، لا يعرف أوليات أستخراج النفط و المعادن من الأرض و لا يعرف صناعاتها التحويلية او اقتصاديات بيعها و تسويقها ، و ربما لا يعي الفرق بين منظمة أوبك و منظمة أوابك على سبيل المثال ، فأنه سيكون ( كارثة ) منتخبة و مفوضة بشكل شرعي لسلب حقوق الأفراد و ليس لأنصافهم !!!
و ستكون هذه الهيئة مستقلة تماما عن الهيكلية السياسية القائمة بسلطاتها الثلاث لأنها هيئة معنية بحقوق العراقيين من عوائد ثرواتهم الطبيعية فقط و غير معنية بشؤون الحكم أو السياسة .
يمثل أعضائها جميع محافظات العراق و حسب النسبة السكانية و تقر نظامها الداخلي و تمنع تدخل القوى السياسية و الدينية و الأجتماعية في عملها تماما و تحدد هيكليتها الأدارية و مواردها ذاتيا .
ان تدخل القوى السياسية و الحزبية و المرجعيات الدينية في شؤون هذه الهيئة و عملها سيضر بها قطعا لأن تلك القوى سوف تعمل على تعميم حقوق أفراد الشعب العراقي تحت مسميات عديدة و تضيع بذلك حقوق الأغلبية لصالح أقلية ( أفراد أو أُسر ) تجيد اللعب بالشعارات العمومية التي تعرفون .
الحق في الثروة صفة فردانية غير قابلة للتعميم ، فيمكنك أن تعمم في الأنتماء العقائدي و المذهبي و القومي و العشائري و حتى المناطقي ، لكن ليس من الأنصاف التعميم في حقوق الأفراد المادية و المعنوية .
و بعبارة اخرى يمكنك أن تضع تحت صفة شيعي او سني أو كردي ملايين الأفراد ، لكنك قطعا لا يمكنك أن توزع ميراث (أحمد) -على سبيل المثال- على جميع ألأفراد الذي يحملون أسم (أحمد) !!
فحق (أحمد) بالميراث هو حق (أحمد) على وجه التخصيص و ليس حق كل (الأحمدات) .
و هكذا هو حق العراقي بعوائد ثروة بلاده الطبيعية ، هو حق فرداني خاص بذلك العراقي دون سواه مع اهمال انتسابه القومي و المذهبي و المناطقي و ما الى ذلك .
ان فهم من هذا النوع سيغلق الباب بوجه السياسيين و الناشطين أولئك الذين يسعون الى تعميم حقوق الأفراد تحت لافتات و شعارات عديدة يجيدون فنون التظليل بها ليحصدون المنافع لهم و لأسرهم فقط .
تشرف هذه الهيئة على جميع عمليات استخراج الثروات الطبيعية ( النفط بخاصة )أستكشافا و استخراجا و تكرارا و تسويقا و خططا مستقبلية .. و هكذا .
و تضبط الأيرادات ثم تقر توزيعها على جميع أفراد الشعب العراقي في الداخل و الخارج بحصص متساوية سنويا أو نصف سنويا و بمبالغ معلومة نقدا .
و تبعا لذلك يُعمد الى الغاء نظام البطاقة التموينية المعمول به حاليا حيث لا جدوى منه و لا داعي اليه و يستفاد من النفقات الكبيرة التي تُهدر على جيش من ألأداريين في هذا النظام بالأضافة للهدر المالي الكبير بفعل الفساد الأداري المتأصل معه ، و توفر الأموال المرصودة للبطاقة ضمن أموال الحصص النقدية التي سيتم توزيعها للمواطنين بشكل مباشر .
تستقطع من حصة كل مواطن و بموافقته نسبه نقدية معلومة لتعزيز خزينة الدولة و تعد موردا واحدا من موارد هذه الخزينة ( ولعلها ستكون الى فترة ليست قصيرة بوصفها المورد الأساسي من موارد الدولة بسبب اعتماد الأقتصاد العراقي على استخراج النفط حصرا ، و هذه واحدة من أشكالات دولة العراق الحديث كما هو معلوم ) و سيعلم المواطن و بشفافية كم هي الأموال الموجودة في خزينة دولته و كم هو الأنفاق الحكومي وما هي أوجه صرفه ، فالمال ماله و هو أحرص عليه من سواه.
و من نافلة القول ان حصة كل عراقي من عوائد مبيعات النفط لو كانت 1000 دولار مثلا و طُلب منه أن يتقدم بمبلغ 900 دولار لخزينة الدولة التي ستنفق فيما بعد على أوجه الصرف الحكومي من أمن الى خدمات الى تعليم الى صحة الى اسالة ماء و كهرباء و سواها ، فأني على يقين ان العراقي سيوافق فورا على أستقطاع هذه النسبة طالما يلمس وجود هذه الخدمات فعلا .
وهو سيوافق أيضا و بحماس لأنه يعلم ان هذه النسبة المستقطعة من حصته في ثروة بلاده هي ايضا مستقطعة من كاظم و عباس و بكر و ماركريت وعمر و علي و كاكه حمه و نوري و زهية و ياسمين ، فهؤلاء جميعهم عراقيون و جميعهم سيشملهم الأستقطاع مثلما جميعهم سيتمتعون بحصص متساوية من ثروة بلادهم .
و هكذا سيشعر موظف الدولة من رئيسها الى أصغر رتبة و ظيفية فيها انما هو يتقاضى راتبه من المواطنين و ليس العكس .
و هذا هو لب المشكلة كما تعلم يا صاحبي ،فموظف الدولة خاصة في المراتب العليا منها و رغم مروراربع سنوات منذ اسقاط صدام، لا يزال يعتقد أنه صاحب فضل و منة على المواطن ، فالميراث السياسي الذي أورثته الدولة العراقية الحديثة منذ تاسيسها في العام 1921 لهذا اليوم ركزت مفهوم أو ثقافة تعالي موظف الدولة على المواطن و أستهتاره بحقوق المواطن بما فيها حقه في الحياة و الا كيف يمكن تفسير السوق العسكري لمواليد بالجملة الى جبهات القتال في حروب رعناء هي في حقيقتها لحماية كبار موظفي الدولة و أسرهم.
و كل منا يحمل قصصا مروعة عن الشرطي و استهتاره بحق المواطن و أبتزازه بالرشوة فكيف يكون الحال أذن مع الرئيس او الوزير او حتى عضو برلمان ، فهم لا زالوا يعتقدون أنهم في دولة تتيح لهم أبتزاز المواطن و الأستهتار بحقوقه ، و ليس أكثر أستهتارا من تخصيص أموال كمنح لغير العراقيين من قبل المسؤولين في دولة العراق الجديد دون الألتفات حتى للأثر النفسي الذي يتركه هذا التبرع بعراقي لاجئء في خيمة داخل بلاده.( تم التبرع بملايين الدولارات لأفراد حزب الله في لبنان و التبرع بملايين الدولارات ايضا لأفراد منظمة حماس الفلسطينية ، و التبرع بربع مليون دولار من قبل السيد نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي الى فرد شيخ ألأزهر في مصر ، و تم التبرع بآلاف الدولارات من قبل السيد رئيس الجمهورية مام جلال لفرد كاتب جزائري ، و ما خفي كان أعظم )
مواطن جديد و دولة جديدة
المواطن الذي يتقاضى حقوقه من عوائد ثروات بلاده الطبيعية سيكون مواطنا جديدا بحق، مواطن لا يعتدي على ممتلكات دولته و لايشعر بالغبن و الحيف أزاء المسؤول في الدولة و سيسعى بكل مالديه من طاقة لحماية نظامه السياسي الجديد ، و سيتعزز لديه مفهوم المواطنة الحقة دونما حاجة للحث الديني أو القومي ، فسيفخر بانتسابه لوطنه العراق الذي منحه حق الحياة الكريمة ، و ليس هناك أكرم من الأكتفاء و الغنى و عدم الحاجة للسؤال على أبواب مفوضيات اللاجئين او على المخافر الحدودية في هذا البلد أو ذاك، كما ليس هناك أكرم من الشعور بالتساوي بين جميع المواطنين في تقاضي عوائد ثروات البلاد .
سيقدم المواطن الجديد بعد نيل حقوقه المادية والوفرة المالية التي سيتمتع بها ( فالخير كثير في العراق كما يبشرنا رجال الدولة الجديدة بأستمرار ) الى البدء بمشاريع اقتصادية بمعية أخوانه المواطنين و في ميادين شتى تجعل من العراق بلدا مزدهرا مستوردا للعمالة الأجنبية و ليس بلدا طاردا لأبناءه ( ورد في الأخبار مؤخرا أن شباب الناصرية أقبلو بحماس للعمل في قطع الأخشاب في غابات ماليزيا ، أليس عراقهم أولى بهم لو تيسر لهم المال الكافي لفتح مشاريعهم الخاصة بهم ؟!) سيشعر المواطن أنه هو الذي يدفع رواتب موظفي دولته من رئيسها الى أصغر موظف فيها مما يعيد التوازن النفسي له و يعيد له العافية و الثقة في أنه صاحب الدولة و الدولة في خدمته و ليس العكس، سيشعر انه مواطن كامل المواطنة و سوف لن يلعن مواطنته بعد ذلك و لن يكتب أبشع القصائد في شتم وطنه كما هو رائج هذه الأيام.
ان تحقيق هذا الحق للمواطن سيعيد التوازن لمعادلة المواطن \ الدولة ، وستنتهي معادلة المواطن \ السلطة أو معادلة المواطن\ المليشيا او معادلة المواطن \ العصابة كما هو سائد في معظم الأحيان، فالمواطن هو سيد دولته و ليس العكس، و ان لم يشعر المواطن انه هو سيد دولته سوف لن تقوم دولة عادلة أبدا .
الدولة من أجل المواطن و ليس المواطن من أجل الدولة ..
مواطن من أجل الدولة يعني حروب و يعني كوارث تبدأ و لا تنتهي كما عاشها العراق طيلة العقود التي مضت ، مواطن من أجل الدولة يعني قطعان ماشية تُقاد و تذبح تحت مسميات مظللة كثيرة .
أما دولة من أجل المواطن فتعني مستشفى و مدرسة و شارع مبلط و ماء و كهرباء و جواز سفر محترم و شرطي في خدمتي و لست في خدمة الشرطي .
سيشعر الموظف مهما كان منصبه في سلم التسلسل الوظيفي في دولة من هذا النوع أنه في خدمة المواطن ما دام أنه يتقاضى مرتبه من المواطن .
و سيشعر المواطن بكثير من الشجاعة في مواجهة موظف الدولة مهما كان منصبه عاليا بالحق و ليس بالتوسل و المحاباة أو بالنفاق، تلك الصفات القذرة التي لا أحد منا يستطيع نكران وجودها و أنتشارها وعلى نطاق واسع في دولة الأمس و اليوم .
و ستنتهي عند ذاك هرمية السلطة الأبوية الشرقية المستبدة التي أستعارتها دولة العراق من القبيلة فصار رئيس الدولة هو شيخ القبيلة و الموظف الكبير فيها هو شيخ ( فخذ القبيلة ) و هلم جرا مما جعل المواطن في ظل دولة من هذا النوع ليس أكثر من ( عبد ) ذليل يلبي طلبات الشيخ \ الرئيس المزاجية .
و هكذا ستبنى دولة المواطنة العصرية الحقة و سيفخر العراقي بمواطنته العراقية ، وسيشعر الجميع أنهم مواطنون و رجال حكم متساوون في الحقوق و ان اختلفوا بالواجبات الا بحدود ما يقدمون من خدمات عامة يتقاضون بدلا عنها أجرا مدفوعا من المال العام الذي هو مال الجميع ، و ليس جائزة يانصيب هبطت من السماء يوم لهذا و يوم لذاك يفرط به أو يمنعه عن الناس بمزاجه الشخصي. كلهم مواطنون ينتمون الى جنسية واحدة فقط طعمها عراق و رائحتها عراقية ..
و أخيرا ليس غير العراقيين بملاينهم هم فقط من يتحمل المطالبة بمشروع توزيع عوائد الثروة عليهم جميعا اليوم قبل الغد و بلا تسويف مهما كانت الظروف السياسية قاهرة فأحقاق الحق لا يؤجل، فالملايين التي تخرج من حين لآخر لهذا السبب أو ذاك هي اليوم مطالبة بأن تخرج من أجل حقوقها بعوائد الثروات الطبيعية ، و ما من قوة ستمنعها عن هذه المطالبة المشروعة ، و هذا هو ديدن الشعب الحي فهو لا ينام على أجحاف وضيم و لا على حق مهدور .
و ان نام و شكى و بكى فهو اذن ليس بشعب حي على الأطلاق و لا يستأهل الا ما هو عليه من ضيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم طرح الموضوع من قبل الكاتب في غرفة محادثة صوتية عراقية على شبكة الإنترنت بتاريخ \ 4 كانون الثاني 2007
ahmad_alsaleh58@yahoo.com
الشعب العراقي
أحمد الصالح
بين مجمل المسائل العالقة في العراق الجديد تبرز مسألة التوزيع العادل للثروة الطبيعية على مستحقيها الحقيقيين من أفراد الشعب العراقي بوصفها المسألة الأكثر الحاحا بل تكاد تكون و بلا مواربة هي حجر الزاوية الذي ترتكن اليه جميع المسائل العالقة الأخرى.
فبأي حال من الأحوال لا يمكن فصل المسألة الطائفية عن مسألة التوزيع العادل للثروة كما لا يمكن فصل مسألة الحكم و أستحقاقاته عنها و هكذا دواليك بالنسبة لمسألة العجز الظاهر في واقع الأقتصاد الوطني و مسألة التردي المفجع في الخدمات الأساسية و البنية التحتية للبلاد ومسألة الأمن ومسألة الفساد الأداري و مسألة العلاقات مع دول الجوار ومسألة تنظيم و تسوية العلاقات مع الولايات المتحدة راعية العملية السياسية في العراق الجديد.. و غيرها من المسائل العالقة الكثيرة التي أضحت هموما ثقيلة ما من أحد يعاني منها بقدر معاناة العراقيين أنفسهم الذين هم أصحاب المشكلة برمتها و الأولى بهم قبل غيرهم البحث عن حلول لها و تحمل تبعاتها.
السلطة و ثروة الأفراد
السلطة في العراق هي مصدر ثراء الأفراد بالأمس و اليوم و غدا، وقد تشترك جميع دول الشرق الأوسط مع العراق في هذه المعادلة البسيطة ( السطة = الثروة)، بيد أنه يشار للعراق بأنه البلد الذي يقدم صورة فاضحة و صريحة أكثر من غيره لها، و قراءة سريعة لتأريخ الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها على يد البريطانيين في العام 1921 حتى اليوم يكشف بما لا يقبل اللبس أن الثراء الفاحش الذي يتمتع به عدد محدود من الأفراد والأسرالعراقية كان مبعثه على الدوام قربهم من السلطة و أستحواذهم على قرار توزيع عوائد الثروة الطبيعية للبلاد ( النفط بخاصة ) بينهم و على أشكال مختلفة، فقد تكون على شكل مرتبات ضخمة أوعقود من الدولة في مقاولات أو مناقصات أو أيفادات اوتسهيلات مصرفية أوغيرها من الأساليب التي يجيدها الوصوليون و الأنتهازيون دوما للأستحواذ على ثروة أبناء البلاد و ترك الفتات المتبقي الذي لا يسد رمق جائع ولا يكسي عريان .. و كل هذه السرقات تتم عادة تحت يافطات ذات طابع مظلل عموما فمرة طابعها ( وطني ) و مرة قومي و مرة طابعها طائفي و مرة طابعها مناطقي و مرة طابعها حزبي .. وهكذا.
فكم هو عدد الأفراد في العراق الذين استطاعوا أن يحققوا ثروات فاحشة تبعا لأختراع تقدموا به مثلا ، أو عمل فريد قاموا به دون غيرهم ، أو مغامرة لأستكشاف ثروات نادرة على طريقة الباحثين عن الذهب في الغرب الأمريكي !؟ لا أحد.
جرد سريع على سبيل المثال لأملاك و عقارات و أراضي و مزارع و مصانع و تجارة و نفوذ مالي يتمتع به فلان من الأمعات،لم يتأتى أليه الا لأنه كان خالا أو أبنا أو أحد أقارب رئيس السلطة أو أحد النافذين فيها في هذا العهد أو أو ذاك ، لا فرق الا بدرجة الأستحواذ و الثروة ، أما فعل السرقة فهو واحد.
و تأسيسا على ما تقدم فأن الصراع على السلطة في العراق كان على الدوام هو صراع بين الأفراد للأستحواذ على ثروة البلاد و توابع هذه الثروة من نفوذ و جاه و ملذات دنيوية يعرفها الأثرياء جيدا.
و من باب أولى فأن تلك القراءة التاريخية لما يسمى بالعهد الوطني في العراق في القرن الفائت تؤكد أن نظم الحكم المتعاقبة على السلطة بمجموعها كانت نظما ظالمة في مسألة توزيع عوائد الثروات الطبيعية ( النفط بخاصة ) على جميع أفراد الشعب العراقي بعدالة و بأنصاف . و بعيدا عن الأجحاف و قريبا من الأمانة الموضوعية فأن درجات ظلم نظم الحكم تلك كانت متباينة من نظام الى آخر، فلا يمكن بأي حال من الأحوال قياس عهد الراحل عبد الكريم قاسم و مشاريعه الجبارة- نسبة للعوائد حينئذ- لخدمة أبناء البلاد ( السكنية والخدمية و المعيشية ) بعهد آخر.
بيد أن عهد عبد الكريم قاسم أيضا يشترك مع العهود الأخرى في عدم اقراره قانونيا وعمليا حقوق أفراد الشعب العراقي جميعهم بعوائد ثرواتهم الطبيعية ، سوى جملة عائمة في الدستور (ان الثروات الطبيعية في البلاد هي ملك للشعب ) أما كيف ستكون ملك للشعب و بأي طريقة ؟ فها نحن ندخل في التفاصيل و يدخل الشيطان معنا، و الشيطان كما تعلمون يتحمل على الدوام خطايا اللصوص و هو بريء منها .
ان التمايز الطبقي و الثراء الفاحش الذي شهده المجتمع العراقي خلال ( العهد الوطني ) عبر عقود، يعود بالدرجة الأساس الى سرقة عوائد الثروة الطبيعية ( النفط بخاصة ) من قبل فئة صغيرة من الأفراد والأسرعلى حساب الأعم الأغلب من أفراد الشعب.
وأرى ان لم يتم تحقيق نظام عادل لتوزيع الثروة النفطية على العراقيين كأفراد وأصر على التوصيف (كأفراد)، أذ ان واحدة من أكبر المظالم التي يعاني منها العراقيون ان قضاياهم تعمم دائما باسم الطائفة مرة و باسم القومية مرة و باسم الطبقة مرة و باسم الحزب مرة و باسم العشيرة و القبيلة مرة و باسم الأقليم مرة و باسم المنطقة مرة و لا ينظر لهم كأفراد بشر يستحقون الحياة ، الى حد تضيع حقوق الأفراد و يستحوذ واحد أو عدد قليل من الأفراد على الثروة و تُحرم الغالبية العظمى منها.
لذا و كخطوة أولى ، أدعو الى :
توزيع عوائد الثروات الطبيعية للبلاد ( النفط بخاصة ) و بحصص متساوية على جميع أفراد الشعب العراقي في الداخل و الخارج و بما يليق بأستحقاقهم الشرعي من ثروات بلادهم.
ان أمرا بهذه القوة سيسهم الى حد كبير في السيطرة على الأضطراب السياسي و الأمني في البلاد اللذان ان استمرا فسنشهد له أطوارا أكثر تدميرا للعراق و للعراقيين.
علامات على الطريق
أولا علينا أن نقر بحدود دولة العراق القائمة الآن وفق الأتفاقيات الدولية المعترف بها و التي لم تبطل قانونا حتى اليوم ، فالعراق اليوم هو ليس عراق الميزوبتميا (بلاد وادي الرافدين ) كما متعارف عليه تاريخيا ، كما هو ليس العراق ( العروبي- الذي هو جزء من الأمة العربية حسب أدبياتهم و بالتالي للأمة من المحيط الى الخليج الحق في ثرواته ، على حساب حقوق أبناءه الحقيقيين !!! ) ، كما هو ليس العراق ( الرمز و الفكرة و الصورة الشعرية الرومانسية ) كما يرد في مخيلة الشعراء، كما هو ليس العراق ( الطائفي) أو المذهبي أو القومي على طريقة الساسة الجدد .
العراق ، هو العراق كما هو في خرائط الجغرافية و في وثائق المنظمات الدولية، ذو الحدود الدولية المعروفة و التشكيلات الأدارية ( ال 18 محافظة ) المعروفة أيضا ، العراق بالملايين من سكانه، بمن ينتسب اليه حسب وثيقة الجنسية العراقية التي يحملها صاحبها سواء كان في الداخل أو في الخارج .
أذ لابد من الأعتراف بهذا العراق لأن المسالة ليست مسألة رغبة شخصية أو مزاج شخصي ، انما هو واقع متحقق على الأرض و مدعوم بأتفاقيات دولية فاعلة لليوم ، كما هو جزء قائم من نظام شرق أوسطي تشكل بعد الحرب العالمية الأولى و لم يصار الى تغييره تبعا لفعل حرب أخرى او تبعا لتسويات سلمية لتغيير هذا النظام حتى الآن ، كما هو واقع متحقق و قائم بفعل تأثير دولة عظمى ( الولايات المتحدة ) لديها عشرات الآلاف من الجنود على الأرض و قوة عسكرية جبارة تجول في الأقليم و لها حسابات و مصالح تستدعيها الحفاظ على حدود العراق الحالية كما عبرت عن ذلك مرارا في تصريحات مسؤوليها و على أعلى المستويات .
بل حتى الأصطراع المفتعل الذي أراد له الأرهاب و دول الجوار أن يشتعل بين ( الكتل ) السكانية الثلاث ( الشيعة و السنة و الأكراد كما أصطلح عليها في وسائل الأعلام ، و ان كنت لا أميل لهذا التوصيف) ، وخاب مسعى الأرهاب و من يدعمه، يؤكد قناعة جميع العراقيين على تنوع انتمائاتهم أنهم لا يمكنهم تصور عراق آخر غير العراق الذي هو قائم الآن .
هذا هو العراق الذي أراه و ان لم يستمر هذا التوصيف للعراق أو أن هناك من لديه توصيف آخر وخارطة جغرافية أخرى لعراق آخر، فليأتنا بها و عند ذاك سيكون لنا حديث آخر بالتأكيد .
كما علينا أن نقر أيضا بالنظام الفدرالي وعلى أساس أداري ، و ليس على أي أساس آخر( طائفي أو قومي ، أو اقليمي- طائفي أو أقليمي- قومي ، كما يتحايل عادة بعض السياسيين من خلال اللعب بالمفاهيم و المصطلحات )
و علينا أن نقر أيضا بالنظام الديمقراطي المعمول به في العصر الحالي في دول الغرب عموما ، فالمتحذلقين يعلمون قبل غيرهم أن ليس هناك ( ديمقراطية ) أسلامية أو مسيحية، أو ( ديمقر اطية ) عروبية أو كردية ، و هكذا دواليك ، هناك مفهوم واحد للديمقراطية في العصر الحديث ، هي ديمقراطية تضمن حقوق جميع سكان البلاد بغض النظر عن القومية و الدين و المذهب و العرق و اللون و الجنس .
كما علينا أن نقر بلائحة حقوق الأنسان الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، و دولة العراق سبق لها أن وقعت على هذه اللائحة وأعترفت بها.
و بناء على ما تقدم يمسي حلم العراقي في دولة سيادة القانون و حماية حقوق الأنسان و العدالة لا يمكن تحقيقه بدون التوزيع العادل لعوائد الثروات الطبيعية للبلاد ( النفط بخاصة ) على جميع أفراد الشعب العراقي و بحصص متساوية .
فالمبدأ الأساس في عدالة الدولة الجديدة هو لكل مواطن عراقي حصة معلومة من عوائد ثروات بلاده يستلمها فعلا بلا مواربة و تسييس .
كيف يتم توزيع هذه الحصص ؟
يُعمل على البدء بنظام انتخابات من نوع آخر ( عدا نظام انتخابات الهيئات السياسية ) يُتيح لجميع أفراد الشعب العراقي من انتخاب هيئة مفوضين عليا لأدارة شؤون الثروات الطبيعية في البلاد و تتكفل توزيع عوائدها على جميع العراقيين، و يُعمد الى الترشيح الفردي لأشخاص مستقلين سياسيا و مشهود لهم بالنزاهة و المعرفة و العلم ( مؤهل علمي معترف به يؤهل المرشح لأستيعاب علوم منهجية لها علاقة بالموارد الطبيعية و أستخراجها و أدارتها وأقتصادياتها ثم توزيع عوائدها، فأستخراج النفط ليس له علاقة بغسل الجنابة مثلا !!)
و ينتخب العراقيون جميعا في الداخل و الخارج وحسب التشكيلات الأدارية من الناحية الى القضاء و المحافظة ثم المركز بغداد ، مفوضيهم بالاقتراع السري المباشر .
ان التاكيد على مؤهل المرشح العلمي و تحصيله الدراسي شرط لا بد منه كما هي الشروط الأخرى لتجنب الأشكالات الكارثية التي أرتكبتها عملية الأنتخابات السياسية السابقة والتي اعتمدت قوائم ( خالات و عمات ) رئيس القائمة و غضت النظر عن مؤهلات المرشحين فتشكل لنا مجلس النواب الحالي و مجالس المحافظات التي تعرفون !!!
فمرشح لهيئة مفوضي أدارة شؤون الثروات الطبيعية في البلاد، لا يعرف أوليات أستخراج النفط و المعادن من الأرض و لا يعرف صناعاتها التحويلية او اقتصاديات بيعها و تسويقها ، و ربما لا يعي الفرق بين منظمة أوبك و منظمة أوابك على سبيل المثال ، فأنه سيكون ( كارثة ) منتخبة و مفوضة بشكل شرعي لسلب حقوق الأفراد و ليس لأنصافهم !!!
و ستكون هذه الهيئة مستقلة تماما عن الهيكلية السياسية القائمة بسلطاتها الثلاث لأنها هيئة معنية بحقوق العراقيين من عوائد ثرواتهم الطبيعية فقط و غير معنية بشؤون الحكم أو السياسة .
يمثل أعضائها جميع محافظات العراق و حسب النسبة السكانية و تقر نظامها الداخلي و تمنع تدخل القوى السياسية و الدينية و الأجتماعية في عملها تماما و تحدد هيكليتها الأدارية و مواردها ذاتيا .
ان تدخل القوى السياسية و الحزبية و المرجعيات الدينية في شؤون هذه الهيئة و عملها سيضر بها قطعا لأن تلك القوى سوف تعمل على تعميم حقوق أفراد الشعب العراقي تحت مسميات عديدة و تضيع بذلك حقوق الأغلبية لصالح أقلية ( أفراد أو أُسر ) تجيد اللعب بالشعارات العمومية التي تعرفون .
الحق في الثروة صفة فردانية غير قابلة للتعميم ، فيمكنك أن تعمم في الأنتماء العقائدي و المذهبي و القومي و العشائري و حتى المناطقي ، لكن ليس من الأنصاف التعميم في حقوق الأفراد المادية و المعنوية .
و بعبارة اخرى يمكنك أن تضع تحت صفة شيعي او سني أو كردي ملايين الأفراد ، لكنك قطعا لا يمكنك أن توزع ميراث (أحمد) -على سبيل المثال- على جميع ألأفراد الذي يحملون أسم (أحمد) !!
فحق (أحمد) بالميراث هو حق (أحمد) على وجه التخصيص و ليس حق كل (الأحمدات) .
و هكذا هو حق العراقي بعوائد ثروة بلاده الطبيعية ، هو حق فرداني خاص بذلك العراقي دون سواه مع اهمال انتسابه القومي و المذهبي و المناطقي و ما الى ذلك .
ان فهم من هذا النوع سيغلق الباب بوجه السياسيين و الناشطين أولئك الذين يسعون الى تعميم حقوق الأفراد تحت لافتات و شعارات عديدة يجيدون فنون التظليل بها ليحصدون المنافع لهم و لأسرهم فقط .
تشرف هذه الهيئة على جميع عمليات استخراج الثروات الطبيعية ( النفط بخاصة )أستكشافا و استخراجا و تكرارا و تسويقا و خططا مستقبلية .. و هكذا .
و تضبط الأيرادات ثم تقر توزيعها على جميع أفراد الشعب العراقي في الداخل و الخارج بحصص متساوية سنويا أو نصف سنويا و بمبالغ معلومة نقدا .
و تبعا لذلك يُعمد الى الغاء نظام البطاقة التموينية المعمول به حاليا حيث لا جدوى منه و لا داعي اليه و يستفاد من النفقات الكبيرة التي تُهدر على جيش من ألأداريين في هذا النظام بالأضافة للهدر المالي الكبير بفعل الفساد الأداري المتأصل معه ، و توفر الأموال المرصودة للبطاقة ضمن أموال الحصص النقدية التي سيتم توزيعها للمواطنين بشكل مباشر .
تستقطع من حصة كل مواطن و بموافقته نسبه نقدية معلومة لتعزيز خزينة الدولة و تعد موردا واحدا من موارد هذه الخزينة ( ولعلها ستكون الى فترة ليست قصيرة بوصفها المورد الأساسي من موارد الدولة بسبب اعتماد الأقتصاد العراقي على استخراج النفط حصرا ، و هذه واحدة من أشكالات دولة العراق الحديث كما هو معلوم ) و سيعلم المواطن و بشفافية كم هي الأموال الموجودة في خزينة دولته و كم هو الأنفاق الحكومي وما هي أوجه صرفه ، فالمال ماله و هو أحرص عليه من سواه.
و من نافلة القول ان حصة كل عراقي من عوائد مبيعات النفط لو كانت 1000 دولار مثلا و طُلب منه أن يتقدم بمبلغ 900 دولار لخزينة الدولة التي ستنفق فيما بعد على أوجه الصرف الحكومي من أمن الى خدمات الى تعليم الى صحة الى اسالة ماء و كهرباء و سواها ، فأني على يقين ان العراقي سيوافق فورا على أستقطاع هذه النسبة طالما يلمس وجود هذه الخدمات فعلا .
وهو سيوافق أيضا و بحماس لأنه يعلم ان هذه النسبة المستقطعة من حصته في ثروة بلاده هي ايضا مستقطعة من كاظم و عباس و بكر و ماركريت وعمر و علي و كاكه حمه و نوري و زهية و ياسمين ، فهؤلاء جميعهم عراقيون و جميعهم سيشملهم الأستقطاع مثلما جميعهم سيتمتعون بحصص متساوية من ثروة بلادهم .
و هكذا سيشعر موظف الدولة من رئيسها الى أصغر رتبة و ظيفية فيها انما هو يتقاضى راتبه من المواطنين و ليس العكس .
و هذا هو لب المشكلة كما تعلم يا صاحبي ،فموظف الدولة خاصة في المراتب العليا منها و رغم مروراربع سنوات منذ اسقاط صدام، لا يزال يعتقد أنه صاحب فضل و منة على المواطن ، فالميراث السياسي الذي أورثته الدولة العراقية الحديثة منذ تاسيسها في العام 1921 لهذا اليوم ركزت مفهوم أو ثقافة تعالي موظف الدولة على المواطن و أستهتاره بحقوق المواطن بما فيها حقه في الحياة و الا كيف يمكن تفسير السوق العسكري لمواليد بالجملة الى جبهات القتال في حروب رعناء هي في حقيقتها لحماية كبار موظفي الدولة و أسرهم.
و كل منا يحمل قصصا مروعة عن الشرطي و استهتاره بحق المواطن و أبتزازه بالرشوة فكيف يكون الحال أذن مع الرئيس او الوزير او حتى عضو برلمان ، فهم لا زالوا يعتقدون أنهم في دولة تتيح لهم أبتزاز المواطن و الأستهتار بحقوقه ، و ليس أكثر أستهتارا من تخصيص أموال كمنح لغير العراقيين من قبل المسؤولين في دولة العراق الجديد دون الألتفات حتى للأثر النفسي الذي يتركه هذا التبرع بعراقي لاجئء في خيمة داخل بلاده.( تم التبرع بملايين الدولارات لأفراد حزب الله في لبنان و التبرع بملايين الدولارات ايضا لأفراد منظمة حماس الفلسطينية ، و التبرع بربع مليون دولار من قبل السيد نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي الى فرد شيخ ألأزهر في مصر ، و تم التبرع بآلاف الدولارات من قبل السيد رئيس الجمهورية مام جلال لفرد كاتب جزائري ، و ما خفي كان أعظم )
مواطن جديد و دولة جديدة
المواطن الذي يتقاضى حقوقه من عوائد ثروات بلاده الطبيعية سيكون مواطنا جديدا بحق، مواطن لا يعتدي على ممتلكات دولته و لايشعر بالغبن و الحيف أزاء المسؤول في الدولة و سيسعى بكل مالديه من طاقة لحماية نظامه السياسي الجديد ، و سيتعزز لديه مفهوم المواطنة الحقة دونما حاجة للحث الديني أو القومي ، فسيفخر بانتسابه لوطنه العراق الذي منحه حق الحياة الكريمة ، و ليس هناك أكرم من الأكتفاء و الغنى و عدم الحاجة للسؤال على أبواب مفوضيات اللاجئين او على المخافر الحدودية في هذا البلد أو ذاك، كما ليس هناك أكرم من الشعور بالتساوي بين جميع المواطنين في تقاضي عوائد ثروات البلاد .
سيقدم المواطن الجديد بعد نيل حقوقه المادية والوفرة المالية التي سيتمتع بها ( فالخير كثير في العراق كما يبشرنا رجال الدولة الجديدة بأستمرار ) الى البدء بمشاريع اقتصادية بمعية أخوانه المواطنين و في ميادين شتى تجعل من العراق بلدا مزدهرا مستوردا للعمالة الأجنبية و ليس بلدا طاردا لأبناءه ( ورد في الأخبار مؤخرا أن شباب الناصرية أقبلو بحماس للعمل في قطع الأخشاب في غابات ماليزيا ، أليس عراقهم أولى بهم لو تيسر لهم المال الكافي لفتح مشاريعهم الخاصة بهم ؟!) سيشعر المواطن أنه هو الذي يدفع رواتب موظفي دولته من رئيسها الى أصغر موظف فيها مما يعيد التوازن النفسي له و يعيد له العافية و الثقة في أنه صاحب الدولة و الدولة في خدمته و ليس العكس، سيشعر انه مواطن كامل المواطنة و سوف لن يلعن مواطنته بعد ذلك و لن يكتب أبشع القصائد في شتم وطنه كما هو رائج هذه الأيام.
ان تحقيق هذا الحق للمواطن سيعيد التوازن لمعادلة المواطن \ الدولة ، وستنتهي معادلة المواطن \ السلطة أو معادلة المواطن\ المليشيا او معادلة المواطن \ العصابة كما هو سائد في معظم الأحيان، فالمواطن هو سيد دولته و ليس العكس، و ان لم يشعر المواطن انه هو سيد دولته سوف لن تقوم دولة عادلة أبدا .
الدولة من أجل المواطن و ليس المواطن من أجل الدولة ..
مواطن من أجل الدولة يعني حروب و يعني كوارث تبدأ و لا تنتهي كما عاشها العراق طيلة العقود التي مضت ، مواطن من أجل الدولة يعني قطعان ماشية تُقاد و تذبح تحت مسميات مظللة كثيرة .
أما دولة من أجل المواطن فتعني مستشفى و مدرسة و شارع مبلط و ماء و كهرباء و جواز سفر محترم و شرطي في خدمتي و لست في خدمة الشرطي .
سيشعر الموظف مهما كان منصبه في سلم التسلسل الوظيفي في دولة من هذا النوع أنه في خدمة المواطن ما دام أنه يتقاضى مرتبه من المواطن .
و سيشعر المواطن بكثير من الشجاعة في مواجهة موظف الدولة مهما كان منصبه عاليا بالحق و ليس بالتوسل و المحاباة أو بالنفاق، تلك الصفات القذرة التي لا أحد منا يستطيع نكران وجودها و أنتشارها وعلى نطاق واسع في دولة الأمس و اليوم .
و ستنتهي عند ذاك هرمية السلطة الأبوية الشرقية المستبدة التي أستعارتها دولة العراق من القبيلة فصار رئيس الدولة هو شيخ القبيلة و الموظف الكبير فيها هو شيخ ( فخذ القبيلة ) و هلم جرا مما جعل المواطن في ظل دولة من هذا النوع ليس أكثر من ( عبد ) ذليل يلبي طلبات الشيخ \ الرئيس المزاجية .
و هكذا ستبنى دولة المواطنة العصرية الحقة و سيفخر العراقي بمواطنته العراقية ، وسيشعر الجميع أنهم مواطنون و رجال حكم متساوون في الحقوق و ان اختلفوا بالواجبات الا بحدود ما يقدمون من خدمات عامة يتقاضون بدلا عنها أجرا مدفوعا من المال العام الذي هو مال الجميع ، و ليس جائزة يانصيب هبطت من السماء يوم لهذا و يوم لذاك يفرط به أو يمنعه عن الناس بمزاجه الشخصي. كلهم مواطنون ينتمون الى جنسية واحدة فقط طعمها عراق و رائحتها عراقية ..
و أخيرا ليس غير العراقيين بملاينهم هم فقط من يتحمل المطالبة بمشروع توزيع عوائد الثروة عليهم جميعا اليوم قبل الغد و بلا تسويف مهما كانت الظروف السياسية قاهرة فأحقاق الحق لا يؤجل، فالملايين التي تخرج من حين لآخر لهذا السبب أو ذاك هي اليوم مطالبة بأن تخرج من أجل حقوقها بعوائد الثروات الطبيعية ، و ما من قوة ستمنعها عن هذه المطالبة المشروعة ، و هذا هو ديدن الشعب الحي فهو لا ينام على أجحاف وضيم و لا على حق مهدور .
و ان نام و شكى و بكى فهو اذن ليس بشعب حي على الأطلاق و لا يستأهل الا ما هو عليه من ضيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تم طرح الموضوع من قبل الكاتب في غرفة محادثة صوتية عراقية على شبكة الإنترنت بتاريخ \ 4 كانون الثاني 2007
ahmad_alsaleh58@yahoo.com
من أجل نقابة صحفية حقيقية .. من أجل صحفيين حقيقيين
للخياط و الحمداني و جميع الصحفيين العراقيين
من أجل نقابة صحفية حقيقية
من أجل صحفيين حقيقيين
أحمد الصالح
صحفي و كاتب مسرحي عراقي
منذ أيام وأنا أتابع مقالات السيد" سيف الخياط" حول نقابة الصحفيين و التي وجدتُ فيها روحاً شجاعة عالية لتصويب ما يجب تصويبه في هذا الميدان الذي لاحه الفساد والتردي مثلما لاح ميادين كثيرة .
و قلقت على حياة "الخياط" لشدة حدسي أن هناك من سيعمد الى التجرؤ على إرهابه أو خطف روحه في ظل أوضاع يعيشها العراق اليوم .
و حصل المحذور و تعرض هذا الرجل الشجاع الى محاولة إغتيال جبانة تشيرالى دناءة مرتكبيها و ترديهم و أستهتارهم بل و تشيرالى جبنهم و خوفهم من الفضائح التي تولى الخياط -كما يبدو وبمفرده في حين سكت الأخرون- عن كشفها للعلن و في هذا الوقت المهم من مسيرة نقابة الصحفيين حيث أعلن عن موعد إنتخابات قريب يفترض أول ما يفترض عنده أن يقدم الصحفيون الحقيقيون ، قبل غيرهم على تحمل مسؤليتهم التاريخية و تقويم المعوج في هيكلية و عمل نقابتهم ، ان ارادوا حقاً فعلاً مؤثرا لعملهم و احتراماً لمهنتهم .
و الحمد لله على لطفه بهذا الشاب الشجاع و نجاته من الموت .
كما قرأت بامعان مقالة السيد "ليث الحمداني" لثقتي بمهنيته وجديته في العمل الصحفي و سبق لي ان أسهمت في صحفيتين كان قد أصدرهما واحدة في بغداد ( الإتحاد و ملحقها دنيا ) في أواخر الثمانينات والأخرى في كندا ( البلاد ) مطلع القرن الحالي ، و بدون مقابل مادي أكراماً مني لمهنيته العالية .
و أثني على مجمل مقترحاته في ما يتعلق بتأجيل الإنتخابات و تشكيل اللجان الراصدة لعمل النقابة و تدقيق عضوية المنتسبين و ضمان حقوق الأعضاء العاملين ..
لكني توقفت كثيراً أمام مقترحه في تدقيق عضوية المنتسبين للنقابة لمن إنتسب اليها بعد "الأحتلال" فقط!!!..
ترى هل نسي السيد "الحمداني" الحاجة الماسة الى تدقيق عضوية كل المنتسبين للنقابة (سواء كان ذلك قبل الأحتلال أو بعده )، بل و خاصة إولئك الذين نالوا عضويتهم في عهد "عدي" و "تجمعه الثقافي" في التسعينيات ، و السيد "الحمداني" يعرف كما غيره من الصحفيين القدامى يعرفون، كم هي عدد ( العضويات المزورة ) التي مُنحت في ذلك العهد لأشخاص ليس لهم صلة بالعمل الصحفي لا من قريب أو من بعيد.
فالحمداني قد أشار بأمانة الى "المهنية" التي التزم بها السيد "ضياء حسن" و السيد "حسام الصفار" فيما يتعلق برفض إنتساب الأداريين العاملين في الصحف، للنقابة والذين تقدموا بطلب الإنتساب في أوقات سابقة خارج الأصول المرعية في منح العضوية .
فهل نسى السيد" الحمداني" "المهنية" فيما يتعلق بذلك الخرق الذي سوف يؤكده بلا شك السادة" أحمد عبد المجيد و صباح ناهي" و غيرهم من أعضاء مجلس النقابة في التسعينيات ، كما أكدها صديقنا " فلاح حسن" خلال جرده ومسكه لعدد كبير من (العضويات المزيفة) التي سبق و إن منحت في عهد (ما قبل الأحتلال) .
كما أني اثني أيضا على مقترح الصديق "الحمداني" فيما يتعلق بحق الصحفيين العراقيين الحقيقيين العاملين في الدول المجاورة للعراق، ولا ادري لماذا نسي مرة اخرى أيضاً الصحفيين العراقيين الآخرين في المهجر سواء كانوا قريبين من العراق أو بعيدين عنه في المسافات لكنهم قريبون منه في الهم المشترك ، خاصة و أن تكنلوجيا الإتصالات الحديثة يسّرت لنا جميعا فرصة التواصل و النشر ، و إمكانية الإدلاء بأصواتنا عبر (الأيميل) و بالطريقة التي يراها القاضي و اللجنة المشرفة على الإنتخابات مناسبة و تضمن حقوقنا جميعاً .
فنحن نعلم ان عدد الصحفيين الحقيقيين الذين غادروا العراق في عهد النظام السابق كثيرون و السيد "الحمداني" أحدهم ، وهم الآن يتوزعون على قارات العالم جميعها و ليس فقط في دول الجوار التي التجأ إليها الصحفيون الجدد الذين غادروا بعد سقوط النظام .
فلماذا نحرم صحفيوا الستينات و السبعينات و الثمانينات و التسعينات الذين يُشهد لهم بالكفاءة و الحضور المستمر في عملهم الصحفي عبر الصحف و المواقع الإلكترونية و متواصلين في النشر دون إنقطاع .
و أزيد على ذلك في المطالبة بالحقوق المادية لهؤلاء الصحفيين الذين شملتهم الإجراءات التعسفية للنظام السابق من (تخوين و مطاردة و طرد من العمل) و ترويج معاملات إسترجاع حقوقهم المادية كاملة إستنادا الى وثائق حقيقية - و ليست مزورة سيعمد الكثيرون على تقديمها لو تحقق هذا المطلب - و من مواقع سكناهم الحالية في المهجر، فهناك العديد من الأسباب التي تمنعهم من الذهاب للعراق للمطالبة بحقوقهم لعل واحدة منها المبالغ الطائلة التي يعجزون عن توفيرها لرحلة طويلة من هذا النوع ، فضلاً عن الأخطار التي تتهددهم .
و مطالبة مثل هذه ليس غريبة ، إذا ما عرفنا إن الحكومة الحالية تروج معاملات و تصرف ملايين الدولارات لمنتسبي أجهزة النظام السابق الخاصة و المنحلة، أولئك المقيمين في دول جوار العراق أو في دول أخرى ، حسب ما ورد الى مسامعنا .
إنه من الغريب و العجيب حقاً أن يلتفت رجال النظام الجديد ( لحقوق منتسبي نظام صدام و يلبونها ) و ينسون أو يتناسون عن قصد ، الحقوق المشروعة لمعارضي النظام السابق.
أشد على يد الصديق "الحمداني" في مقترحه حول الإلتزام بميثاق الشرف المهني ، و إن كنت أرى أن مسؤولية الشرف المهني لا قيمة لها إن لم يُسن قانوناً صارماً يصدرعن المشرع العراقي يُمنع على أساسه أي دعوة أو ترويج للكراهية العنصرية والطائفية و المذهبية و المناطقية و التمييز على أساس العرق الجنس و اللون و العقيدة .
ستبقى مقترحات "الحمداني" و ملاحظاتي لا قيمة لها إن لم يتصدى الصحفيون العراقيون اليوم في كل أرجاء المعمورة الى تبني مسؤوليتهم التاريخية و الأخلاقية لإنقاذ نقابتهم مما هي فيه و تقويم المعوج في مسيرتها ، و هذا لعمري بعض الإستحقاق المهني عليهم ، لتتبين حقاً مدى جديتهم في المطالبة ببناء المجتمع المدني المحمي بقوة القانون والذي نصبو اليه جميعاً.
لابد من الضغط بنشر المقالات و المقترحات و تنشيط العلاقات المحلية و الدولية و القيام بحملة حقيقية من قبل جميع الصحفيين وفي كل مكان من العالم لدعم مشروع السيد "سيف الخياط" و زملاؤه الصحفيون المخلصون لمهنتهم وصيانة كرامتها .
ahmad_alsaleh58@yahoo.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرابط مقالة السيد ليث الحمداني http://kitabat.com/i41222.htm
من أجل نقابة صحفية حقيقية
من أجل صحفيين حقيقيين
أحمد الصالح
صحفي و كاتب مسرحي عراقي
منذ أيام وأنا أتابع مقالات السيد" سيف الخياط" حول نقابة الصحفيين و التي وجدتُ فيها روحاً شجاعة عالية لتصويب ما يجب تصويبه في هذا الميدان الذي لاحه الفساد والتردي مثلما لاح ميادين كثيرة .
و قلقت على حياة "الخياط" لشدة حدسي أن هناك من سيعمد الى التجرؤ على إرهابه أو خطف روحه في ظل أوضاع يعيشها العراق اليوم .
و حصل المحذور و تعرض هذا الرجل الشجاع الى محاولة إغتيال جبانة تشيرالى دناءة مرتكبيها و ترديهم و أستهتارهم بل و تشيرالى جبنهم و خوفهم من الفضائح التي تولى الخياط -كما يبدو وبمفرده في حين سكت الأخرون- عن كشفها للعلن و في هذا الوقت المهم من مسيرة نقابة الصحفيين حيث أعلن عن موعد إنتخابات قريب يفترض أول ما يفترض عنده أن يقدم الصحفيون الحقيقيون ، قبل غيرهم على تحمل مسؤليتهم التاريخية و تقويم المعوج في هيكلية و عمل نقابتهم ، ان ارادوا حقاً فعلاً مؤثرا لعملهم و احتراماً لمهنتهم .
و الحمد لله على لطفه بهذا الشاب الشجاع و نجاته من الموت .
كما قرأت بامعان مقالة السيد "ليث الحمداني" لثقتي بمهنيته وجديته في العمل الصحفي و سبق لي ان أسهمت في صحفيتين كان قد أصدرهما واحدة في بغداد ( الإتحاد و ملحقها دنيا ) في أواخر الثمانينات والأخرى في كندا ( البلاد ) مطلع القرن الحالي ، و بدون مقابل مادي أكراماً مني لمهنيته العالية .
و أثني على مجمل مقترحاته في ما يتعلق بتأجيل الإنتخابات و تشكيل اللجان الراصدة لعمل النقابة و تدقيق عضوية المنتسبين و ضمان حقوق الأعضاء العاملين ..
لكني توقفت كثيراً أمام مقترحه في تدقيق عضوية المنتسبين للنقابة لمن إنتسب اليها بعد "الأحتلال" فقط!!!..
ترى هل نسي السيد "الحمداني" الحاجة الماسة الى تدقيق عضوية كل المنتسبين للنقابة (سواء كان ذلك قبل الأحتلال أو بعده )، بل و خاصة إولئك الذين نالوا عضويتهم في عهد "عدي" و "تجمعه الثقافي" في التسعينيات ، و السيد "الحمداني" يعرف كما غيره من الصحفيين القدامى يعرفون، كم هي عدد ( العضويات المزورة ) التي مُنحت في ذلك العهد لأشخاص ليس لهم صلة بالعمل الصحفي لا من قريب أو من بعيد.
فالحمداني قد أشار بأمانة الى "المهنية" التي التزم بها السيد "ضياء حسن" و السيد "حسام الصفار" فيما يتعلق برفض إنتساب الأداريين العاملين في الصحف، للنقابة والذين تقدموا بطلب الإنتساب في أوقات سابقة خارج الأصول المرعية في منح العضوية .
فهل نسى السيد" الحمداني" "المهنية" فيما يتعلق بذلك الخرق الذي سوف يؤكده بلا شك السادة" أحمد عبد المجيد و صباح ناهي" و غيرهم من أعضاء مجلس النقابة في التسعينيات ، كما أكدها صديقنا " فلاح حسن" خلال جرده ومسكه لعدد كبير من (العضويات المزيفة) التي سبق و إن منحت في عهد (ما قبل الأحتلال) .
كما أني اثني أيضا على مقترح الصديق "الحمداني" فيما يتعلق بحق الصحفيين العراقيين الحقيقيين العاملين في الدول المجاورة للعراق، ولا ادري لماذا نسي مرة اخرى أيضاً الصحفيين العراقيين الآخرين في المهجر سواء كانوا قريبين من العراق أو بعيدين عنه في المسافات لكنهم قريبون منه في الهم المشترك ، خاصة و أن تكنلوجيا الإتصالات الحديثة يسّرت لنا جميعا فرصة التواصل و النشر ، و إمكانية الإدلاء بأصواتنا عبر (الأيميل) و بالطريقة التي يراها القاضي و اللجنة المشرفة على الإنتخابات مناسبة و تضمن حقوقنا جميعاً .
فنحن نعلم ان عدد الصحفيين الحقيقيين الذين غادروا العراق في عهد النظام السابق كثيرون و السيد "الحمداني" أحدهم ، وهم الآن يتوزعون على قارات العالم جميعها و ليس فقط في دول الجوار التي التجأ إليها الصحفيون الجدد الذين غادروا بعد سقوط النظام .
فلماذا نحرم صحفيوا الستينات و السبعينات و الثمانينات و التسعينات الذين يُشهد لهم بالكفاءة و الحضور المستمر في عملهم الصحفي عبر الصحف و المواقع الإلكترونية و متواصلين في النشر دون إنقطاع .
و أزيد على ذلك في المطالبة بالحقوق المادية لهؤلاء الصحفيين الذين شملتهم الإجراءات التعسفية للنظام السابق من (تخوين و مطاردة و طرد من العمل) و ترويج معاملات إسترجاع حقوقهم المادية كاملة إستنادا الى وثائق حقيقية - و ليست مزورة سيعمد الكثيرون على تقديمها لو تحقق هذا المطلب - و من مواقع سكناهم الحالية في المهجر، فهناك العديد من الأسباب التي تمنعهم من الذهاب للعراق للمطالبة بحقوقهم لعل واحدة منها المبالغ الطائلة التي يعجزون عن توفيرها لرحلة طويلة من هذا النوع ، فضلاً عن الأخطار التي تتهددهم .
و مطالبة مثل هذه ليس غريبة ، إذا ما عرفنا إن الحكومة الحالية تروج معاملات و تصرف ملايين الدولارات لمنتسبي أجهزة النظام السابق الخاصة و المنحلة، أولئك المقيمين في دول جوار العراق أو في دول أخرى ، حسب ما ورد الى مسامعنا .
إنه من الغريب و العجيب حقاً أن يلتفت رجال النظام الجديد ( لحقوق منتسبي نظام صدام و يلبونها ) و ينسون أو يتناسون عن قصد ، الحقوق المشروعة لمعارضي النظام السابق.
أشد على يد الصديق "الحمداني" في مقترحه حول الإلتزام بميثاق الشرف المهني ، و إن كنت أرى أن مسؤولية الشرف المهني لا قيمة لها إن لم يُسن قانوناً صارماً يصدرعن المشرع العراقي يُمنع على أساسه أي دعوة أو ترويج للكراهية العنصرية والطائفية و المذهبية و المناطقية و التمييز على أساس العرق الجنس و اللون و العقيدة .
ستبقى مقترحات "الحمداني" و ملاحظاتي لا قيمة لها إن لم يتصدى الصحفيون العراقيون اليوم في كل أرجاء المعمورة الى تبني مسؤوليتهم التاريخية و الأخلاقية لإنقاذ نقابتهم مما هي فيه و تقويم المعوج في مسيرتها ، و هذا لعمري بعض الإستحقاق المهني عليهم ، لتتبين حقاً مدى جديتهم في المطالبة ببناء المجتمع المدني المحمي بقوة القانون والذي نصبو اليه جميعاً.
لابد من الضغط بنشر المقالات و المقترحات و تنشيط العلاقات المحلية و الدولية و القيام بحملة حقيقية من قبل جميع الصحفيين وفي كل مكان من العالم لدعم مشروع السيد "سيف الخياط" و زملاؤه الصحفيون المخلصون لمهنتهم وصيانة كرامتها .
ahmad_alsaleh58@yahoo.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرابط مقالة السيد ليث الحمداني http://kitabat.com/i41222.htm
ماذا بعد سرقة إسمي!؟
ماذا بعد سرقة إسمي! ؟
أحمد الصالح
وردتني من السيد عماد العبادي الرسالة التالية:
(السلام عليكم ..هل صاحب الايميل الزميل احمد الصالح مراسل العربية.. حيث اني قرأت مقالتك على كتابات ولا اعرف هل هو تشابه اسماء ام هو ايميل الاخ والزميل احمد الصالح مراسل العربية.. شكراعماد العبادي )
لم تكن مفاجأة لي ، فليست المرة الأولى التي أعرف فيها أن أسمي مستخدم من قبل شخص ٍآخر ومنذ عدة سنوات .. لكنها كانت مناسبة لتجديد الأسى ، على ما نحن فيه هذه الأيام ..
أجبت السيد العبادي :
(السيد عماد العبادي المحترم
تحياتي وبعد
منذ غادرتُ العراق قبل مايقرب من عشر سنين محتجاً على التردي المريع الذي شهدته بلادي في ظل الإستبداد، عرفتُ أن قد سُرقت مني أشياء كثيرة ..
فلا عجب أن يُسرق إسمي أيضاً
لا بأس عليك
يمكنك أن تتعرف عليّ أكثر إن كان يهمك هذا من خلال "مالك" مفتي المدينة .. وأقصد به الصديق ( هاشم حسن).
ألست أنت صاحب هذا القول ؟!
مع الود
أحمد الصالح
صحفي و كاتب مسرحي منذ العام 1980) إنتهت الرسالة..
لعل السيد (أحمد صالح ) و هذا إسمه الذي كان يعّرف نفسه به في تقاريره الأولى في بداية عمله في قناة "العربية"، و التي كنت أشاهدها في العام 2003 وأنا في منفاي أتابع أخبارالبلاد - أقول لعله غافلاً عن مسألة أخلاقية و مهنية تضره قبل أن تضرني ، و وجدت له العذر في أنه ما زال في بداية عمله الصحفي وسينتبه لهذا و يصححه مع مرور الوقت .
الغريب أنه مع مرور الوقت استلطف أضافة (أل ) التعريف ل ( صالح ) ليكون أسمه نسخة طبق الأصل من إسمي ( أحمد الصالح ) الذي عرفت به في الأوساط الصحفية و الفنية في داخل العراق و خارجه منذ الثمانينات و حتى اليوم .
لم أولي المسألة إهتماما كبيراً خاصة عندما علمت في وقت لاحق أن السيد ( جواد الحطاب ) يعمل في ( العربية ) ثم أصبح مديراً لمكتبها في بغداد ..
فقلت ، سينبه الحطاب ( أحمدا ً ) لما هو فيه و لعله سيعدل أو على الأقل سينشر إعتذاراً على شبكة الإنترنت و سيصلني إعتذاره حتماً، فالعالم اليوم غرفة صغيرة و ليس قرية صغيرة كما قيل في وقت سابق، وسيكون إعتذاره محل تقديري و إحترامي .
الغريب إنه إستمر في إ ستخدام أسمي ، و الغريب أيضاً أن زملاؤه في ( العربية ) لم يلتفتوا لهذه المسألة ، فـتأسيت ..
من المناسب هنا أن أعيد التأكيد على ما ذكره السيدين( سيف الخياط و ليث الحمداني) في مقالاتهما الأخيرة المنشورة في (كتابات) ، و التي أكدا فيها على أهمية (المهنية) في عمل نقابة الصحفيين ، فمن الطبيعي إن مسألة إنتحال الأسماء او إستخدام أسماء الأخرين في العمل الصحفي بقصد أو بدون قصد، في صلب مهام النقابة في إتخاذ الإجراءات المناسبة و رفع الحيف عن المتضرر.
أدعو السيد مراسل العربية ( أحمد صالح ) الى حل هذا الإشكال كي لا يعود عليه بالضرر مع إحترامي الشديد لشخصه و تقديري لأدائه المتميز في (العربية) ..
و إذا كان لابد من التعريف بشخصيتي المهنية ، فإني قد مارست العمل الصحفي منذ العام 1980 و كانت بدايتي في مجلة ( فنون) أي قبل أن يظهر علينا السيد مراسل (العربية) بأكثر من( 23 سنة) و نشرت في مختلف الفنون الصحفية في معظم الصحف و المجلات داخل العراق و خارجه ، و مازلت أنشر مقالاتي في عدد من المواقع العراقية الإلكترونية ، و أحمل شهادة الماجستير في الصحافة من جامعة أمريكية ..
كما سبق لي أن حزت على جائزة أحسن نص مسرحي ( ورقة التوت ) في مهرجان منتدى المسرح في العام 1991 و عن الجائزة الثانية عن مسرحية ( قطط ) في العام 1993 عن دائرة الشؤون الثقافية ..
و أعددت برنامجاً تلفزيونياً على شاشة العراقية الفضائية بعنوان ( نقاط على الحروف ) في أواسط التسعينات و قدمت من خلاله عدد من الفنانين العراقيين المعروفين .
كما أني عضو عامل في كل من( نقابة الصحفيين و اتحاد الأدباء و الفنانين) منذ الثمانينات
و كان لي شرف العمل الإعلامي المعارض لنظام الإستبداد الساقط و بأسمي الصريح في إحدى إذاعات المعارضة و عدد من الصحف ، حيث أخذنا على عاتقنا تعرية فساد الدكتاتورية في ذلك الوقت ، و ما جنينا (يا للخيبة) في من تولى إمور البلاد اليوم ، سوى الإهمال و النسيان .
فهل يا ترى تكفي هذه الدلائل للتعريف بشخصي و رفع الحيف عني و إ سترداد إسمي ، أم سيسألني ( البطران ) عن ( بطاقتي التموينية ) أيضاً.. حتى تكمل (السبحة) ..
و أية سبحة التي ستكمل و قد إنفرطت (سبحتنا) من زمان يا صاحبي!!! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ahmad_alsaleh58@yahoo.com
أحمد الصالح
وردتني من السيد عماد العبادي الرسالة التالية:
(السلام عليكم ..هل صاحب الايميل الزميل احمد الصالح مراسل العربية.. حيث اني قرأت مقالتك على كتابات ولا اعرف هل هو تشابه اسماء ام هو ايميل الاخ والزميل احمد الصالح مراسل العربية.. شكراعماد العبادي )
لم تكن مفاجأة لي ، فليست المرة الأولى التي أعرف فيها أن أسمي مستخدم من قبل شخص ٍآخر ومنذ عدة سنوات .. لكنها كانت مناسبة لتجديد الأسى ، على ما نحن فيه هذه الأيام ..
أجبت السيد العبادي :
(السيد عماد العبادي المحترم
تحياتي وبعد
منذ غادرتُ العراق قبل مايقرب من عشر سنين محتجاً على التردي المريع الذي شهدته بلادي في ظل الإستبداد، عرفتُ أن قد سُرقت مني أشياء كثيرة ..
فلا عجب أن يُسرق إسمي أيضاً
لا بأس عليك
يمكنك أن تتعرف عليّ أكثر إن كان يهمك هذا من خلال "مالك" مفتي المدينة .. وأقصد به الصديق ( هاشم حسن).
ألست أنت صاحب هذا القول ؟!
مع الود
أحمد الصالح
صحفي و كاتب مسرحي منذ العام 1980) إنتهت الرسالة..
لعل السيد (أحمد صالح ) و هذا إسمه الذي كان يعّرف نفسه به في تقاريره الأولى في بداية عمله في قناة "العربية"، و التي كنت أشاهدها في العام 2003 وأنا في منفاي أتابع أخبارالبلاد - أقول لعله غافلاً عن مسألة أخلاقية و مهنية تضره قبل أن تضرني ، و وجدت له العذر في أنه ما زال في بداية عمله الصحفي وسينتبه لهذا و يصححه مع مرور الوقت .
الغريب أنه مع مرور الوقت استلطف أضافة (أل ) التعريف ل ( صالح ) ليكون أسمه نسخة طبق الأصل من إسمي ( أحمد الصالح ) الذي عرفت به في الأوساط الصحفية و الفنية في داخل العراق و خارجه منذ الثمانينات و حتى اليوم .
لم أولي المسألة إهتماما كبيراً خاصة عندما علمت في وقت لاحق أن السيد ( جواد الحطاب ) يعمل في ( العربية ) ثم أصبح مديراً لمكتبها في بغداد ..
فقلت ، سينبه الحطاب ( أحمدا ً ) لما هو فيه و لعله سيعدل أو على الأقل سينشر إعتذاراً على شبكة الإنترنت و سيصلني إعتذاره حتماً، فالعالم اليوم غرفة صغيرة و ليس قرية صغيرة كما قيل في وقت سابق، وسيكون إعتذاره محل تقديري و إحترامي .
الغريب إنه إستمر في إ ستخدام أسمي ، و الغريب أيضاً أن زملاؤه في ( العربية ) لم يلتفتوا لهذه المسألة ، فـتأسيت ..
من المناسب هنا أن أعيد التأكيد على ما ذكره السيدين( سيف الخياط و ليث الحمداني) في مقالاتهما الأخيرة المنشورة في (كتابات) ، و التي أكدا فيها على أهمية (المهنية) في عمل نقابة الصحفيين ، فمن الطبيعي إن مسألة إنتحال الأسماء او إستخدام أسماء الأخرين في العمل الصحفي بقصد أو بدون قصد، في صلب مهام النقابة في إتخاذ الإجراءات المناسبة و رفع الحيف عن المتضرر.
أدعو السيد مراسل العربية ( أحمد صالح ) الى حل هذا الإشكال كي لا يعود عليه بالضرر مع إحترامي الشديد لشخصه و تقديري لأدائه المتميز في (العربية) ..
و إذا كان لابد من التعريف بشخصيتي المهنية ، فإني قد مارست العمل الصحفي منذ العام 1980 و كانت بدايتي في مجلة ( فنون) أي قبل أن يظهر علينا السيد مراسل (العربية) بأكثر من( 23 سنة) و نشرت في مختلف الفنون الصحفية في معظم الصحف و المجلات داخل العراق و خارجه ، و مازلت أنشر مقالاتي في عدد من المواقع العراقية الإلكترونية ، و أحمل شهادة الماجستير في الصحافة من جامعة أمريكية ..
كما سبق لي أن حزت على جائزة أحسن نص مسرحي ( ورقة التوت ) في مهرجان منتدى المسرح في العام 1991 و عن الجائزة الثانية عن مسرحية ( قطط ) في العام 1993 عن دائرة الشؤون الثقافية ..
و أعددت برنامجاً تلفزيونياً على شاشة العراقية الفضائية بعنوان ( نقاط على الحروف ) في أواسط التسعينات و قدمت من خلاله عدد من الفنانين العراقيين المعروفين .
كما أني عضو عامل في كل من( نقابة الصحفيين و اتحاد الأدباء و الفنانين) منذ الثمانينات
و كان لي شرف العمل الإعلامي المعارض لنظام الإستبداد الساقط و بأسمي الصريح في إحدى إذاعات المعارضة و عدد من الصحف ، حيث أخذنا على عاتقنا تعرية فساد الدكتاتورية في ذلك الوقت ، و ما جنينا (يا للخيبة) في من تولى إمور البلاد اليوم ، سوى الإهمال و النسيان .
فهل يا ترى تكفي هذه الدلائل للتعريف بشخصي و رفع الحيف عني و إ سترداد إسمي ، أم سيسألني ( البطران ) عن ( بطاقتي التموينية ) أيضاً.. حتى تكمل (السبحة) ..
و أية سبحة التي ستكمل و قد إنفرطت (سبحتنا) من زمان يا صاحبي!!! .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ahmad_alsaleh58@yahoo.com
يوسف الصائغ
يوسف الصائغ
أحمد الصالح
الشاعر يوسف الصائغ ( 1933- الموصل \ 2005- دمشق) أحد أبرز الشعراء العراقيين و العرب المعاصرين بما قدمه من تنوع في شتى مجالات الإبداع الأدبي و الفني، فبعد إن رسخ صوته الشعري في المشهد الشعري العربي إنطلاقا من تخوم جيل الرواد ، وجد أن طاقته الإبداعية لا يستوعبها الشعر وحده، فجرب معظم الفنون القولية – المسرحية، والروائية، والنقد والمقالة – وأجاد فيها كما جرب الفن التشكيلي وأجاد فيه بشهادة المختصين، وخلق له هذا التنوع شخصية إبداعية متفردة . ولقد تعرضت حياة الشاعر الى الكثير من المتاعب من بينها ، موت زوجته الإولى "جولي" في شمال العراق بعد تعرضهما لحادث مروري ، فضلاً عن اشكالياته مع الحزب الشيوعي العراقي.
ما هذا زمني
ما هذا زمن الشعر...ولا هذا زمنيهذا زمن مسدوديخرج منه الدودصار الشعراء قروداً فيهوالعشاق يهودباركني بيديك الحانيتين وإمنحني غفرانك يا وطني.(1)
فكرة الطهارة والنجاسة، الخطيئة والغفران، الجلاد والضحية، من أهم محركات كتابات يوسف، ولعل الثقافة المسيحية التي تربى عليها صغيراً بقيت تلازم فنه ، فيهوذا ومريم المجدلية والصلب والقرابين من بين رموزه الخفية والظاهرة التي لاتحتاج الى كبير تأمل كي يدرك القارئ مغزاها، فبساطة "يوسف" ورومانسيته الآسرة تضفي على كل البداهات طزاجة الإبتكار.(2)
جزدان خديجه
منذ كنت صغيراً كان الناس يقولون لمن يتوخى في سعيه أي نتيجة فتش في جزدان (خديجه) هذا جزدان (خديجه) ما مثله جزدان في أي زمان... و مكان وتذكّرأن خديجه ، أيضا ،ليست أي إمرأة ، بين النسوانيمكن أن يقصدها أيٌ كانْ . . أبداً . . . إن خديجه أرملة عوراء . . . لها في رأسها قرنان . . . تنتقل راكبة فوق جمل . . . لا يسترعورتها إلا جلد حملْ . . . وإنطلقت ،من مطلع هذا القرن ،تفتش عن سر ولادتها ،دون أمل حتى يئست فانكفأت تخفي خيبتها في جزدان ما مثله جزدانفي أي زمان ومكان ولهذا صار الناس يقولون ،لمن يبحث عن أي نتيجة . . .فتش في جزدان خديجه . . .الويل لكم . . . ويل لي . . . ماذا لو أن خديجه)
ضيّعت الجزدان ؟ ؟ ؟)(3)
لقد كانت إطروحته التي تقدم بها عن الشعر الحر في العراق الى جامعة بغداد ، و نال عنها درجة الماجستير في العام 1976 منجزاً أكاديمياً متميزاً في حقل دراسة الشعر المعاصر في العراق .
يقول يوسف: ( رغم أن دراستي لم تشغلني بدرجة كافية عن ولعي وإهتماماتي لكنها كانت عوناً لي وأنا في تجربتي الخاصة، أن أتعرف إلى القيمة الحقيقية لعشرات من الشعراء العراقيين (المشهورين) آنذاك، فإذا بهم شبه مجردين عن بهرج (الإشاعات) التي جعلتهم أضخم من حجومهم، وأقل شأنا مما أنجزوه.. عدا السياب.. لقد كبرت في عيني (إنجازات السياب) وإقترنت بالإنجازات الحقيقية للشعراء الذين سبقوه اللبنانيين بوجه خاص … ولقد أتاح لي ذلك أن أجرب الإفادة من تلك الإنجازات ولعل أبرز ما أفدته، هو الإنتقال من وزن لآخر.. تبعاً لحركة المشاعر والمواقف … واحسبني نجحت في ذلك إلى حد بعيد)(4)
و للصائغ رأي واضح في قصيدة النثر و تجنيسها أدبياً : ( مصطلح "قصيدة النثر" مصطلح مظلل … ثمة شعر … وثمة نثر.. والفرق بينهما واضح. رغم أنه قد يبدو أحيانا غامضاً بسبب ما وصفه النقاد في تحليلاتهم من أضاليل، وبقدر تعلق الأمر بي، أرى من المفيد أن أشير إلى أنني في مطلع قراءاتي الشعرية، كنت اكثر إهتماماً بما ينشر من "قصائد" من نوع ما يسمى الآن " قصائد النثر" و كان تعجبني حقاً، وتثير في مزاجي ضمن الإحساس بالشعر، تلك القصائد المترجمة التي تنشرها مجلة الرسالة … ومن بين ذاك" الإلياذة – حروب طروادة " وعن قصائد لامارتين التي ترجمها الزيات.. إضافة إلى قصائد أخرى لكتاب عرب احسب إن أحدهم " وكان قريبا إلى نفسي " اسمه – على ما أذكر – حسين الهنداوي أو ما شابه ذلك.. ثم اكتشفت " الماغوط "، وفي مرحلة متقدمة.. وتحت تأثير مجموع هذه النماذج. جربت كتابة عدد من القصائد، أهمها قصيدة طويلة تحت عنوان" شمة أفيون" بعثت بها إلى مجلة شعر عام 57 ونشرتها المجلة عام 61 أو 62.. وهي منشورة في مجموعة "قصائد يوسف الصائغ". أما ما ينشر الآن من نماذج ما يسمى بـ " قصيدة النثر " – بتأثير نماذج أجنبية " مترجمة أيضا ".. فهو نوع من" التغريب " لا أحسب أن له أفقاً … رغم ما تتضمنه هذه المحاولات من مغامرات – قد تكون ذات جدوى من اكتشاف علاقات " لغوية " أو" بلاغية " تترك لدى القارئ نوعا من الإحساس" بالصدق "… دون طائل!)(5)
أما عن علاقة الفنون الإبداعية ببعضها فيوجز قناعتاته:
(كنت مقتنعا، بأن الحدود بين الفنون – ولنقل بين مجالات الإبداع – هي في الناتج الأخير حدود وهمية، نستطيع أن نتحسسها حين نشاء أو نتجاهلها حين نشاء. إن تجربة المسرح مجال عملي للبرهنة على ذلك.. فكيف بتجربة السينما.. والفيديو؟.. إن عصرنا يعمل جاهداً، مستعينا بالمذهل من التقنيات على هدم الحواجز، وإلغاء الأشكال والعناوين المستقيمة ومقترحاً صيغا جديدة.. لابد للشعر، أن هو لم يفد منها، أن يقود نفسه إلى العزلة.. لامناص للشاعر في هذا العصر مثلا، من إن يقتنع، بأن الشعر، ليس مجرد " كلام جميل "… بل هو " فعالية " أو " المنظر" ACTION" ، كما في الفن السينمائي.. حيث يسود مفهوم " أو" المشهد " ويحكم علاقات كل المفردات الأخرى من حوار وشخصيات … وإضاءة … وبالتالي لابد من " نمو ". ليس هذا حسب : إن تقنيات الإبداع المعاصرة، تقترح على المبدع ضمن ذلك كله مفاهيم ومعايير جديدة أو " بلاغية " متطورة – إذا صح التعبير.. تقوم غالباً على الإختزال والتكثيف والحذف.. الإقتصاد في الحركة والصوت والضوء، وهكذا، بحيث تأتي في ساعة يمكن النظر فيها إلى قصيدة من نوع " خمسة أشخاص في الباص …" باعتبارها نتاجاً إبداعياً في مجال الشعر، يختلف " بلاغيا " عن كل ما سبقه من نماذج وكذلك نموذج " شهداء عشرة / نزلوا يوم إجازتهم للبصرة.." حتى لكأنها لشاعر غير ذاك الذي كتب " اعترافات مالك بن الريب ".(6)
يتحدث يوسف عن تجربته في الكتابة المسرحية :
(حين جربت الكتابة المسرحية في مرحلة متأخرة، كان واضحاً في ذهني أنني لن أنجح في تحقيق الإنسجام مع خبرتي ومزاجي لإنجاز نص، يكفيني آلا حين أستعين بالقدر المناسب من طاقة الشعر، وحساسية، من أجل أن أوفق في " شحن " المشاهد والشخصيات، وسائر مفردات الفعل المسرحي بالقدر المناسب من التأثير والحيوية. وهذا ما أحسبني نجحت فيه لدى كتابتي ل " الباب" ثم ما أعقبها من مسرحيات. صحيح.. لقد خطر لي مرات عديدة، أن الشعر الحر أي " شعر التفعيلة " قد يصلح لخوض مغامرة مسرحية وكان يغريني، أن أجرب تجربتي، إعتماداً على ما بدا لي أحياناً إنني حققته في عدد من القصائد الطويلة. التي تنطوي على بعض عناصر العمل المسرحي، من نوع قصيدة " خواطر بطل عادي جدا " و " بين جلدي و قلبي ".. لولا إنني بقيت أتحفظ على ما يمكن أن تخلقه موسيقى الشعر.. من مناخ، يجور على التنويع والعفوية.. ويضع الكاتب في موضع " الإلتزام " بما لا داعي لأن يلتزم به.)
و يستمر في القول: ( المسرح اقرب الفنون إلى نفسي.. إن جذوره تمتد في تاريخي إلى طفولتي وبالذات إلى طقوس " العبادة " التي لم البث أن اكتشفت مدى قربها من جوهر الإبداع المسرحي عبر مفردات عديدة " المذبح = المسرح "، " الكاهن والشماسة = بطل المسرحية والممثلون " ثم الإضاءة، والموسيقى، والديكور، والملابس... الخ. إضافة إلى ذلك الكورس والجمهور.. حتى الستارة. ولقد زاد من إحساسي بهذه القرابة، إنني فتحت عيني على نموذج الفن المسرحي، أنا على عتبة مراهقتي فشغفت، بما يتضمنه الحوار من " شعر ".. والديكور من الفنون التشكيلية..والموسيقة.. لقد كان ذلك اقرب إلى السحر.. وكثيرا آسرا من طقوس العبادة بسبب " التكرار " وهكذا، أستطيع القول بأنني رحت أقترب من الفن المسرحي، عبر ممارسة مفرداته، إبتداء بالرسم، ثم الشعر، ثم القصة ثم المسرحية " مكتوبة " ثم المسرحية وهي تتجسد على المسرح. )(7)
قراءة في مسرحية الباب للصائغ
يضع يوسف الصائغ قارئ مسرحيته " الباب " في جو صاخب يضج بالعنف و الأثارة و الدهشة ، ثم يلقي به مع أبطاله في جبّ عميق مظلم ممتلئ بالجثث النتنة .
إنه يزعزع اليقين الماثل في القناعات باسئلة صعبة يثيرها في جميع مشاهد المسرحية ، أسئلة من النوع الذي ان واجهتنا نتحاشاها خشية الإجابة عليها حين تخوننا الشجاعة .
و لن نتلمس طريق الإجابة و تتوافر الجرأة فينا فقط عندما نقع في " الشرك " و ندرك أن حتفنا قريب جداً من حيواتناً .
ففي مواجهة الموت القريب فقط نتلمس حقيقة وجودنا و ندرك أي معنى لإنسانيتنا ، و ندرك أيضاً أية تفاهة في صراخنا السقيم و أية سفاهة في مكابرتنا الخاوية .
إن موتى " يوسف الصائغ " جاءوا الى حتفهم مختارين لا مضطرين ، أرتضوا الموت مع أقرانهم و سعوا الى نهاياتهم باسم الحب، مستجيبين لقانون مدينتهم صاغرين له :
( محتقرين الخوف من الموت ، منتصرين على الشك و الخور و التردد .. فأذا استدرج الغياب أحدهم لحق به صاحبه .. و الويل لمن يحنث .. و يضعف .. إن الحياة لتلعنه و يزدريه موته و سيتحول بالعقاب الصارم الى بهيمة .. و يصير دوداً نتناً .. و تراباً تدوسه ألأقدام .)
و حين يحنث " هو " بطل المسرحية ، بالعهد الذي قطعه على نفسه و يتمرد على قانون المدينة و يرفض النزول مع نعش زوجته الى القبر – لأنه ببساطة لا يريد أن يموت – يحال الى المحكمة متهماً و يحاول " الحاكم " إقناعه للعدول عن رفضه و تمرده ، لكنه يفشل أزاء إصراره و قوة منطقه ، فيلجأ " المدعي العام " الى الحيلة و يقنع " هو " بالنزول الى القبر و يقسم له بأنه سيأتي لإنقاذه بعد يومين لا أكثر ، و بذلك يحفظ للقانون هيبته و يرد عن المحكمة سابقة خطرة ، لكن " المدعي العام " لا يأتي بالطبع و يبقى " هو " في القبر مخدوعاً مغلوباً على أمره .. و بعد حين تدخل " هي " مرافقة لنعش زوجها ..
و في الظلمة يلتقي " هو و هي " لا يرى أحدهما الآخر ، و يبدأ عالم جديد ، عالم تضطرب فيه الأفكار و تصطرع الرغبات .. رغبتها بالموت الذي إختارته مع فقيدها و رغبته في الإفلات من القبر والعودة الى الحياة التي أُستلبت منه بالخديعة .
فمن سينتصر في النهاية ؟
قوة الحياة النابضة في جسده أم قوة الموت الذي أرخى سدوله على الجميع ؟
هذه بإختصار حكاية المسرحية .
إعتمد الصائغ " الليلة الثالثة و الرابعة الخمسون بعد الخمسمائة من ألف ليلة و ليلة – و حسناً فعل في نشره لنصيهما في مقدمة المسرحية " أساساً لبناء مسرحيته ، لكنه لم يأخذ منهما غير الحبكة و مطلع الحكاية ، أما الموضوع فهو الذي أرسى أركانه و وضع أتجاهاته و حدد أبعاده .(8)
ما البطولة ؟
في مشهد من المسرحية يقف المدعي العام مفتخراً بقانون مدينته شاتماً ذلك المواطن الأحمق الذي لا يعرف أي معنى للبطولة صارخاً به : ( المدعي : ستكون – بموته طبعا !- أمام الجميع بطلاً .. و تعامل معاملة الأبطال .. سيعزفون لك و ينشدون .. ويكللون هامتك بالزهور .. و يتطلعون اليك بحسد و حسرة .. ستتمنى كل فتاة لو أن لها حبيب مثلك .. و سيكون أسمك على كل الأفواه و صورتك في جميع الأذهان ..
هو : و ماذا بعد ؟ ماذا بعد ؟ أموت ؟! )
و في كل مشهد من المسرحية يثير الصائغ إهتمام القاريء و يجتذبه الى ما ليس متوقعاً ، واضعاً بذلك قاعدة أساسية لبناء الكيان الدرامي ، فهو يخلق التوقع دون أن يحققه تمام التحقق إلا عند إسدال الستار الأخير و يدفع بشخصياته للإقتراب من أهدافها رويداً رويداً دون أن يوصلها اليها بإختلاق الصدفة أو بالإستعانة بالقوى القدرية ، إنما يتركها تتفاعل فيما بينها و مع الأحداث لتنمو نمواً طبيعياً نابعاً من صدق مشاعرها .
و ماكان يتاح لها صدق في التعبير عن مشاعرها كي يظهر سلوكها تلقائياً ، لولا براعة "الصائغ" و حذقه في إختيار مكان الأحداث و مناخه و طبيعة المواجهة القاسية التي أوقع شخصياته في شراكها ، فهو يضع بطل مسرحيته في مواجهة أعظم الحقائق و أكثرها إثارة ، إنه يسأله إختيار الموت بإسم الحب !!
فمن ذا الذي لا يستفزه هذا السؤال ؟!
يقول أريك بنتلي في كتابه ( الحياة في الدراما ) : ( إن خلق التوقع لا يأتي في العادة لجهلنا بما سيحدث بعد قليل ، إنما لرغبتنا في معرفته أيضاً ، و هي رغبة بالطبع أثارها منبه سابق .. )
لقد أتاح لنا الصائغ أن نرى أذهان شخصيات المسرحية و نقرأ أفكارها عن طريق الأحداث ، و أتاح لها أن تشي بأنماط سلوكياتها و تحدد أبعادها بنفسها ، فلم يقع في الخطأ الذي وقع فيه كثير من مؤلفي الدراما غير المحترفين الذين يعتقدون أن المؤلف يستطيع أن يشخص شخصاً آخر في المسرحية عن طريق الحديث عنه من قبل أناس آخرين .
" الباب " مسرحية حافلة بالتنوع و الإثارة و العمق، وضع لها الصائغ منظراً مثيراً، و نثر فيها أفعالاً محتدمة و وهب شخصياتها وجداناً ملتهباً وأدار بينها حواراً شاعرياً موحياً .
و في ختام المسرحية يقف المتفرج متسائلاً ، الى أين سيؤول مصير بطليها ؟
هل سيخرجان من القبر ؟
أم سينتهيان الى الموت كمن سبقهما ؟
و ليس هذا بالمهم على أية حال ، فما دام الحب جمع بين الرجل و المرأة إذن لابد للحياة أن تنتصر على الموت و هي في عقر داره \ المقبرة .
و في لحظة النهاية حيث تختزل جميع الحالات ثم تختلط فلا يتبين أي لون فيها أكثر ألقاً ، لون الحياة أم لون الموت ، أم لون الولادة .. و في هذه اللحظة التي لا يعرف كنهها ، هل هي لحظة وعي فاصلة أم أنها لحظة حلم من أحلام اليقظة .. حيث لا نرى غير الوجوه التي تفصدت عرقا و لا نسمع غير أنفاس أبطالنا اللآهثة .
في هذه اللحظة ، من ذا الذي سيأخذ بيد الإنسان من عبث المغالاة و المكابرة الخاوية الى نور العقل ؟
من سيضيء طريق الخلاص ؟
في هذه اللحظة نكتشف أن حتى المقبرة على عظمة ما توحي به من فناء و إنتهاء ، فهي ليست لديها القدرة على إقناع الإنسان بالموت ، بل أنها تدفعه للتشبث بالحياة أكثر .
إذن هل ثمة فعل أقوى و أبلغ من إجتماع رجل و إمراة في جبّ لدفن الموتى ؟!
قبل إسدال الستار الأخير للمسرحية يهمس الرجل :
( هو : يا حبيبتي ..
هي : أجل .. أجل .. لا تكف عن ذلك ، أهمس لي و أنا أعانقك ... ألا يشبه هذا إننا نموت ؟!
هو : بل يشبه أن نلد .. يشبه أن نولد .. تعالي ..
هي : ها أنا ذي – تصرخ – الله ... الله ما أجمل الحياة .)(9)
السياسة محرقة الشعراء
لقد كان " يوسف الصائغ " ضحية " البعث " في إنقلابه الأول عام 1963، فهو من الجيل الذي قضى ردحاً في السجون، وتلك الأحداث لاتغيب عن كتاباته، حتى وهو في عزّ تملقه لسلطة " صدام "، ولم يكف عن إستذكارها في مؤلفاته التي ظهرت في كل مراحل عمره. وعندما أُعتقل آخر مرة نهاية السبعينيات كان قد تعب من المهانة والإذلال الجسدي والروحي، وبعد أن خطفوا حبيبته وقتلوها تحت التعذيب، إستسلم في خطوة دراماتيكية تليق بأدواره التي يهواها. إنتهى " يوسف " الى مصير عاش فيه على قلق رغم إمتيازات المناصب والثروة والنساء اللواتي أحطن به ، فقد أرادوه عِبرة لكل كاتب، وهذا جهل ب " يوسف " الذي يحمل قلب طفل متشرد إرتكب أخطاء فخاف من نفسه، خاف من مرآته...
" تخونيني .. أم أخونكِ
تلك هي المسألة ..
نموتُ على المشنقة ..
ونتهم المقصلة ..
ونكتشف الزنبقة ،
في القرار من المزبلة .. تلك هي المهزلة َ ..." (10)
يوسف كان قد عرف أنه وصل الى خاتمة لاتليق به، فإختفى ، مات من الخجل حسبما نشر في سنواته الأخيرة:
"لاترحموا عزيز قوم ذل لاتعتبوا على البطليكفيه أنه رأى الذي رآه ولم يمت من الخجل..."
ستمحى كل التواريخ ويبقى يوسف الصائغ الذي لم يكتمل مشروعه الأدبي، ولكنه ترك أثراً لايمحى في تاريخ الثقافة العراقية، كظاهرة سياسية، وكإبداع متحرك جدير بإعادة القراءة والتأمل.. خسره الأدب العراقي، فلطالما إنشغل عنه بمعارك دون كيشوتية، بيد أن ما بجعبته يحفظ في قلب قارئه الكثير من المحبة والإعجاب.(11)
من أعمال الصائغ الشعرية و المسرحية
1. قصائد غير صالحة للنشر ( مجموعة شعرية مشتركة ) 1957م .
2. رواية اللعبة فازت بجائزة أحسن رواية عراقية ، 1970م .
3. السودان ثورة وشهداء - قصيدة نثر سياسية - 1970م .
4. انتظريني عند تخوم البحر ـ مجموعة شعرية ـ 1970م .
5. السيرة الذاتية - الاعتراف الأخير لمالك بن الريب - ج – الأول 1971 والثاني ،ج - الثالث غير مطبوع .
6. رواية المسافة ، اتحاد الكتاب العرب - دمشق ، 1974م .
7. سيدة التفاحات الأربع ـ مجموعة شعرية ـ 1976م .
8. الشعر الحر في العراق - أطروحة ماجستير- 1976م .
9. اعترافات ـ مجموعة شعرية ـ 1978م .
10. مسرحية الباب ، فازت بجائزة أحسن نص مسرحي في مهرجان قرطاج ،1987
11. المعلم ـ مجموعة شعرية ـ 1987م . تم الإستفادة من قصائدها في عمل مسرحي بعنوان (الذي ظل في هذيانه يقظاً ) للمخرج غانم حميد عام 1992
12. مسرحية العودة ، 1988
13. مسرحية ديزدمونه ، فازت بجائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان قرطاج ،1989
14. قصائد ، المجموعة الشعرية الكاملة ، دار الشؤون الثقافية العامة ، 1992
15. رواية السرداب رقم 2 ،1997 م .
16. قصة قصيرة غير مطبوعة .
17. مذكرات - مخطوطة - .
18. مسرحية أخري - مخطوطة - ورواية - مخطوطة .
19. يوسف اعرض عن هذا - مجموعة شعرية غير مطبوعة .
20. مسرحية البديل - مخطوطة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من قصيدة للشاعر
(2) فاطمة المحسن- جريدة المدى – بغداد – 2005
(3) قصيدة للشاعر
(4) حوار غير منشور مع يوسف الصائغ\ فاتن عبد الجبار \28 حزيران 2006 – جريدة ايلاف الألكترونية.
(5) الحوار أعلاه.
(6) الحوار أعلاه .
(7) الحوار أعلاه.
(8)مقالة لأحمد الصالح - مجلة آفاق عربية \ بغداد –العدد السادس – حزيران 1986
(9) المقالة أعلاه.
(10) من قصيدة للشاعر
(11) في وداع يوسف الصائغ \ الحيــــاة وســــط إشكاليـــــة الشعــر- فاطمة المحسن – جريدة المدى- بغداد 2005
ahmad_alsaleh58@yahoo.com
Monday, July 14, 2008
المواقع الصحفية العراقية على شبكة الإنترنت
المواقع الصحفية العراقية على شبكة الإنترنت *
أحمد الصالح
مع شيوع إستخدام شبكة الإنترنت عبر قارات العالم وعلى نطاق شعبي في أواسط التسعينات من القرن الماضي ، كان الإعلاميون و الصحفيون العراقيون الذين يعيشون في المنافي سباقون لإقتحام هذا العالم الواسع الرحيب للتعبير عن قضاياهم و همومهم ، خاصة تلك التي تتعلق بمسألة الحكم و العدالة و الحرية و النشاط الثقافي و الفني في بلادهم التي كانت تحت حكم إستبدادي مطلق .
أما زملاؤهم في الداخل فكانوا يتحرقون شوقا لإستخدام هذه التقنية بشكل حر وكفوء حيث حُرم عليهم ذلك بفعل الإجراءات القسرية التي كان يعمد اليها النظام مع حملة الأقلام الحرة .
و ما أن أُطيح بنظام صدام حتى سارع الأعلاميون العراقيون الى تأسيس مواقعهم الإلكترونية ، يشاركهم في هذه الفورة السياسيون القدامى و الجدد و كل من يرى في الإنترنت فرصة للشهرة و الإنتشار و الكسب ، خاصة و أن العراق الجديد تبنى الديمقراطية كمنهج لتداول الحكم ، و ما للإعلام من دور مهم و حاسم في تعزيز فرص الناشطين سياسياً في هذا المنهج .
الأستنتاجات و بعد التعرف على تاريخ الصحافة العراقية منذ التأسيس و ما تلاها من حقب ، مع التركيز على النشاط الصحفي على شبكة الإنترنت خاصة بعد الإطاحة بنظام صدام و على مساحة خمس سنوات ، يمكن الخروج بالإستنتاجات التالية:
1- يعكس النشاط الصحفي والإعلامي عموماً ، حجم و نوع الحراك السياسي في أي مجتمع ، و يمكن إعتماده كمعيار لكشف إتجاهات الصراع و بيان حجم الكتل والتيارات الفاعلة في المشهد السياسي للمجتمع ، و كذا الحال في العراق ، فلطالما كانت الصحافة في هذه البلاد، وعبر تاريخها الطويل و المتفرد بين بلدان الشرق الأوسط ، تعبر تعبيراً صادقاً و دقيقاً عن مجمل العملية السياسية الجارية فيه خاصة بعد أن إنفتحت أجواء العمل الحر أمام الصحافة وعلى أوسع أبوابها بعد التاسع من نيسان 2003.
2- الأعداد المتزايدة للمواقع الصحفية الإلكترونية على الشبكة و إتجاهاتها و ميولها المختلفة و المتعارضة أحيانا ، قد تعبر عن حجم التشتت السياسي و الديني و المذهبي و القومي الذي يعيشه العراق في ظل ظروف الفوضى التي شهدتها البلاد بعد الإطاحة بنظام الحكم المركزي الذي كان قائما في عهد صدام حسين .
لكن هذا الإختلاف والتباين يعبر من جانب آخر عن التعدد الواسع النطاق في أصل مكونات الشعب العراقي و تنوع ثقافاته و التي كانت على مر التاريخ مصدر غنى لثقافة الشعب عموما بدلا من أن تكون مصدر تفتت أو إحتراب خاصة عندما تتيسر ظروف إستقرارالأوضاع السياسية و قيام دولة قوية في البلاد .
على هذا الأساس يمكن أن تكون ( المواقع الصحفية الإلكترونية ) مؤشرا ممتازا للحراك السياسي و الإجتماعي و الثقافي في البلاد في هذه المرحلة .
3- يلاحظ أيضا تزايد المواقع الإلكترونية الصحفية الحزبية ، ولهذا عدة دلالات منها :
- نشطت أحزاب و حركات المعارضة لنظام صدام منذ وقت مبكر على شبكة الإنترت و إستخدمتها على نطاق واسع للترويج الى خطابها السياسي لرخص تكاليف هذه الوسيلة الإعلامية و لسعتها المتزايدة بإضطراد و لإمكانية الوصول الى الجمهور المستهدف من العراقيين خاصة في خارج العراق بسهولة و يسر رغم إنتشارهم الواسع في مختلف بلدان العالم .
- تمتعت أحزاب و حركات المعارضة لنظام صدام بوجود أعداد كبيرة من المثقفين و الإختصاصيين و الإعلاميين الذي غادروا العراق هرباً من الإجراءات القمعية للنظام السابق فعمدوا الى تكريس جهودم في مقارعته بالوسائل الإعلامية المتيسرة و خاصة شبكة الإنترنت لمزايها الأيجابية الكثيرة و لعل أبرزها أنها سهلة التمكن والأستخدام من قبل حتى الناشطين الأفراد .
- الدعم المادي الدولي الذي حظيت به فصائل المعارضة للنظام السابق و خاصة من الولايات المتحدة و دول أخرى .
- أما بعد الإطاحة بنظام صدام فقد تيسرت لجميع الناشطين العراقيين فرصة إستخدام شبكة الإنترنت لأغراض متعددة و لعل أبرزها النشاط الإعلامي والصحفي ، بما يعبر عن سعة الحراك السياسي و الإجتماعي و حجم الخزين الثقافي في العراق.
4- يلاحظ أن هناك زيادة واضحة في عدد المواقع الصحفية الكردية نسبة الى مواقع القوميات الأخرى المكونة للمجتمع العراقي ، و قد يعود سبب ذلك الى عدة عوامل :
- إن منطقة كردستان العراق شهدت إستقراراً سياسياً مبكراً و متنامي بإضطراد نسبة الى مناطق العراق فقد تمكنت أحزابها السياسية من مسك زمام الأمور فيها بعد إنتفاضة العام 1991 بعد أن تخلى الحكم المركزي في بغداد عنها بفعل الضغوط الدولية وعدم سيطرته على المنطقة و تغير الظروف السياسية في غير صالحه .
- الشعور القومي الكردي الطاغي على الحركة السياسية وعموم النشاط الإجتماعي لسكان المنطقة على خلفية عقود من الإضطهاد و الحروب التي تعرض لها الشعب الكردي من الحكومات المركزية المتعاقبة.
- تعرف سكان المنطقة على شبكة الإنترنت في وقت مبكر نسبة الى بقية سكان العراق الذين كان يُمنع عليهم إستخدام شبكة الإنترنت إلا بشكل محدود جداً و تحت رقابة مشددة .
- تتلقى عموم النشاطات الإعلامية و الإجتماعية و السياسية في المنطقة الكردية دعماً متزايداً من قبل جهات متعددة و على المستوى العالمي نصرة للقضية الكردية و بفعل المجهود الناجح الذي بذلته التنظيمات الكردية عبر أقطار العالم و لعقود من السنين.
5 - من جانب آخر يلاحظ زيادة في عدد المواقع السياسية الإسلامية الشيعية نسبة الى غيرها ، وهذا يعود الى :
- إدراك أبناء الطائفة الشيعية و لو في وقت متأخر أهمية النشاط الإعلامي في الترويج الى قضيتهم و للتعبير عن طموحاتهم و مصالحهم .
- مساحة الحرية الواسعة التي تمتع بها عموم الشعب العراقي بعد الإطاحة بنظام صدام و خاصة أبناء الطائفة الشيعية الذين تيسرت لهم لأول مرة فرصة المشاركة بالحكم على نطاق واسع و بشكل مركزي في العهد الجديد ، فجائت هذه المواقع كغيرها من وسائل الإعلام المتيسرة للتعريف بنشاطهم السياسي و الإجتماعي والثقافي .
- حصول الأحزاب و الحركات السياسية الشيعية على دعم غير محدود من الطائفة الشيعية عبر أقطار العالم المختلفة ، وإن كان بعضه يأتي بشكل غير مباشر، عبر دعم المرجعيات الدينية الشيعية مثلاً أو عبر التبرعات التي تحظى بها المراقد المقدسة المتعددة "لآل البيت" في العراق.
- إدراك قطاعات واسعة من أبناء الشيعة في العراق أهمية النشاط الإعلامي للترويج لقضاياهم و للتعبير عن نظرتهم في مختلف القضايا التي تعنيهم و تعني بلادهم .
6- إن الصراع السياسي و طموحات الأحزاب والحركات والناشطين السياسيين هو الطاغي على المواقع الصحفية الإلكترونية أكثر من غيره وان كان يلبس لبوساً طائفياً أو قومياً في أحيان أخرى .
7- قد تعبر بعض المواقع الصحفية عن ترويج طائفي و إتهامات متبادلة بين أطراف النزاع ، بيد أنه من الواضح غير متأصل في طبيعة العراقيين بقدر ما هو حث أجنبي و نفوذ مدفوع من قبل دول الجوار تبعاً لأجندتها الوطنية و الأقليمية المختلفة والمتباينة ، فعلى سبيل المثال ، ما زال الصراع "الأيراني \ السعودي- العربي" يترك بصماته الواضحة على الأرض العراقية ليعبر عنه في وسائل الإعلام على أنه صراعا بين مكونات الشعب العراقي و ليس في هذا التعليل الكثير من الحقيقة .
8- لم تشر معظم المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية الى تاريخ تأسيسها و ظهورها على الشبكة ليتسنى متابعة مواقفها من مجريات الأحداث و القضايا رجوعاً الى الماضي و بشكل متسلسل.
9- تبقى مصادر تمويل المواقع الإلكترونية مجهولة أو خفية و يحرص القائمون عليها على التمويه على هذه المسألة مما يثير الكثير من الشك و يعيق المصداقية في الخطاب الإعلامي و السياسي لهذه المواقع والأجندة التي تسعى الى تحقيقها .
10 – هناك الكثير من الإرتجال في تأسيس بعض المواقع الإلكترونية الصحفية ، وقد يعود ذلك الى تحاشي دخول مؤسسات و شركات و منظمات أو وكالات محلية جادة هذا الميدان .. فقد يتم إنشاء المواقع الألكترونية بناء على رغبة شخصية و مزاج فردي لا يلبث أن ينطفئ مع مرور الزمن أو عدم الجدوى ، و هوأيضا مغامرات غير محسوبة و غير مهيء لها مهنياً بشكل جيد ... بالإضافة الى ضعف التمويل لهذا الأستثمار ، لحداثة عهد العراقيين بالصحافة الحرة ، و تخوف الرأسمال المحلي من إقتحام هذا الميدان لعدم خبرته به.
11- ما زال الصحفيون العراقيون يعانون من التهديد لحياتهم و مصادر رزقهم. فإذا كان النظام السابق هو مصدر التهديد لهم مما دفع العشرات منهم للهجرة خارج البلاد فان الوضع الأمني المرتبك وعبث الميليشيات و العصابات والأرهابيين و الأحزاب المتطرفة و المتعصبة هي مصدر التهديد الجديد لهم ، فضلاً عن ضعف أجهزة الدولة الأمنية غير القادرة عن توفير الحماية للصحفيين و للمواطنين عموما .
12- معظم المواقع الإكترونية الصحفية العراقية لم تستخدم التقنيات الحديثة في الإخراج الفني و العرض والمشوقة للمادة الصحفية ، و قد يعود ذلك الى ضعف التمويل المُستثمر في إنشاء المواقع ، و لقلة خبرة و دراية القائمين على إنشائها و أدارتها بأهمية الأخراج الفني للمواقع الصحفية ، فضلاً عن حداثة العهد بالنسبة لعراقيي الداخل بالعمل الصحفي الحر و النشر الإلكتروني على وجه الخصوص .
13- غياب الأخبار المبدعة و الأصيلة عن معظم المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية ، و يعود ذلك الى: - إعتمادها على مواقع وكالات الأنباء والأذاعات و الفضائيات و الصحف أستسهالاً . - الوضع الأمني غير المستتب و التهديد المستمر و المتصاعد لحياة المراسلين الصحفيين العاملين في ميدان الأحداث ، مما أعاق عمل الكثير منهم و أدى بذلك الى شحة الأخبار الأصيلة و المبدعة و المنتجة في مكان الحدث .
- عدم وجود تشريعات و إجراءات رسمية رادعة تمنع المواقع الإلكترونية من سرقة جهود الغير في النشر الصحفي .
- ضعف الإمكانات و القدرات لبعض القائمين على إدارة المواقع الإلكترونية ، و إبتعاد البعض عنهم عن شروط العمل الصحفي و أخلاقيات المهنة .
14- إقتحمت شبكة الإنترنت " الخشية و التوجس " التاريخي للشخصية العراقية و المحرمات التي كان إختراقها الى وقت قريب مؤداه الإعدام في كثير من الأحيان تحت سلطة النظام الدكتاتوري السابق .
فجأة وجد العراقي نفسه أمام العالم الواسع الملون الرحيب عبر نافذة الإنترنت ليطل من خلالها وقت ما يشاء و في أي مكان يشاء حتى لوكان مستلقيا على فراش النوم .
إن تزايد سعة الإستخدام لشبكة الإنترنت في العراق مع مرور الوقت أتاح للعراقيين فرصة ممتازة لمتابعة الأحداث و القضايا التي تحظى بإهتمامهم ، والتعرف على وجهات النظر المتباينة ، مما سوف ييسر رؤية ناضجة للأشياء ستكون هي الفيصل في إختياراتهم السياسية والحياتية في المستقبل ، خاصة وهم يعيشون حياة ديمقراطية نامية .
و لم يكن الإستخدام الحر لشبكة الإنترنت يحمل طابعا إيجابيا فقط ، إنما كانت له تأثيرات سلبية لابد منها في ظل أوضاع سياسية و أمنية قلقة ، خاصة بعد إستخدام الإرهابيين و المتطرفين الواسع و الفعال للشبكة في الترويج و التثقيف لأفكارهم الشاذة و نشر عملياتهم و بياناتهم الأرهابية و ثقافة الكراهية و التطرف التي تبنوها، فكانت الشبكة عبر وسائطها المتعددة مرتعاً مفضلاً لهذه المنظمات ، تبعا لخاصية الهروب و التخفي عن أنظار العدالة، تلك الميزة التي تيسرها الشبكة للمستفيدين من هذه التقنية .
15- يسرت شبكة الإنترنت فرص كبيرة لهواة الكتابة و غيرالمحترفين من الصحفيين لنشر نتاجاتهم الصحفية في المواقع الإلكترونية المنتشرة بأعداد لا تحصى ، كما أن قسم منهم فضل إقامة موقعه الشخصي لعرض آراءه و نتاجاته الأدبية الخاصة .
أخيرا يسّر ( البلوغ \ المدونة) فرصة ممتازة للناشطين في ميدان الكتابة الصحفية ، حتى كان لأحد العراقيين قصب السبق في شهرة ( البلوغ ) عالمياً من خلال روايته لمعايشاته اليومية في بغداد أبان الإطاحة بنظام صدام ، مما دعى كبريات الصحف العالمية الى التعاقد معه و نشر قصصه الصحفية .
أصبح ( البلوغ \ التدوين ) اليوم ممارسة شهيرة لدى العراقيين لنشر قصصهم الصحفية و باللغتين العربية والإنكليزية مما جعل القراء يهتمون بهذه القصص على نطاق عالمي .
16- يسّرت المواقع الإلكترونية التفاعلية و مع تحسن إستخدامات شبكة الإنترنت مع مرور الزمن فرصا كبيرة للعراقيين للتواصل و التحاور في شتى المواضيع مما سيتم حصاده في المستقبل وعيا ًو إدراكاً لأهمية الحياة الديمقراطية و تبادل الرأي في حياتهم الجديدة و نبذ العنف و القسر الذي إعتادوا عليه عقود من الزمن تحت حكم الدكتاتورية .
17- منذ اليوم الأول لإسقاط النظام السابق ، ظهرت على الساحة الإعلامية في العراق ثلاثة أنواع من الصحف يمكن تصنيفها حسب جههات إصدارها ، وهي: صحف السلطة الجديدة ، و صحف الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني ، و الصحف المستقلة .
تبنت صحف السلطة في البداية الخطاب السياسي للولايات المتحدة الراعية للعملية السياسية في العراق ، ثم مع تأسيس السلطات العراقية و تعاقب مراحل العملية السياسية الوطنية، تحول خطاب هذه الصحف ليعبر عن سياسة الدولة الجديدة و توجهاتها الديمقراطية ، و رغم الضبابية و المصاعب الكبيرة التي إعترضت عمل هذه الصحف و وسائل الإعلام من حيث كفاءة العاملين فيها أو من حيث الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها مقراتها و العاملين فيها ، أو من حيث تيسر الأمكانيات المادية ، فقد حاولت مع مرور الزمن أن تنتهج لها خطاً يسعى لأن يكون مهنياً محترفاً و بعيد الى حد مقبول، عن الصراعات السياسية و الحزبية و تبعاتها .
18- صورة الفوضى التي عاشتها البلاد طيلة الخمس سنوات السابقة منذ إسقاط نظام صدام تكشف عن جزء من الأجابة على السؤال أعلاه ..
فلعل الكثير من الوسائل و الصحف التي تثير الفوضى و تشجع على إعاقة العملية السياسية الجارية في البلاد تتلقى تمويلاً من جهات داخلية أو خارجية خفية و غير شرعية ، لا يسرها إقامة العراق الجديد و لأسباب سياسية باتت معروفة . كما أن هناك من الأثرياء الذين سعوا الى إقتحام مجال الإعلام ليس لغرض الأستثمار المشروع ، إنما بقصد الوجاهة والترويج الإعلاني لأغراض سياسية و منفعية خاصة .
أسهم هؤلاء للأسف في إعطاء صورة غير حسنة عن الممارسة الإعلامية في البلاد بسبب ضعف قدراتهم و عدم درايتهم بإصول العمل الإعلامي و مقاصده الشريفة .
19- تثار تساؤلات كثيرة عن شرعية التمويل الحزبي للصحف و وسائل الإعلام الناطقه بإسمائها ، كما تثار نفس التسؤلات بخصوص شرعية تمويل بعض الصحف المستقلة .
ففي الوقت الذي تعاني منه جميع الصحف و وسائل الإعلام العراقية من ضعف التمويل المتأتي من الإعلانات التجارية أو مبيعات الصحف ، يبقى السؤال العالق ..
أذن كيف تستطيع هذه الوسائل و الصحف من الإستمرار في الصدور و العمل في حين توقفت أخرى بسبب إنعدام مصادر التمويل ؟؟!!
20- إتجاهات التحرير الصحفي في المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية تنوعت و تعددت ، حسب الفنون الصحفية المعروفة ، فهناك صحف الرأي، و صحف الخبر ، و الصحف التي تستقي مادتها من الإنترنت بالإعتماد على المواقع و الصحف الأخرى ، كما أن هناك مواقع و صحف تجمع كل الفنون الصحفية بما فيها الفديو كليب و الإذاعة .
وهناك مواقع أهتمت بعرض وقائع الماضي و الذكريات عبر نشرها للوثائق و الشهادات عن حقبة العهد السابق و الذي قبله ، فالمتصفح ما زال مهتماً بهذا الموروث و متابعة مادته.
و هناك أيضا إتجاهات أخرى للتحرير الصحفي لهذه المواقع ، فهناك صحف و مواقع هزلية ، و أخرى شبابية ، و أخرى إختصت بالفضائح السياسية و غيرها .
لكن الملاحظ أن الفورة الأولى لظهور أعداد كبيرة من الصحف في البداية لم تستمر طويلا ، فمع مرور الزمن بدأت الكثير من الصحف تتوقف عن الصدور أو مواقع إلكترونية تتوقف عن التحديث.
و من حيث التوجه أيضا فقد أهتمت بعض الصحف والمواقع بالمسائل المطلبية للشعب والتي ما زالت الشاغل الأكبر- بعد الأمن - للناس و للصحافة، لعدم وجود أفق قريب لحل هذه المشكلات الموروثة من النظام السابق و التي إزدادت كثيراً بفعل العمليات الإرهابية و الفساد الأداري المستشري في الدولة الجديدة .
في حين راحت صحف و مواقع أخرى و هي كثيرة أيضا تهتم بجدل الهويات القومية و الطائفية و الجهوية و عرض المظلوميات على خلفية مجريات الأمور في ظل نظام صدام السابق .
و بالتأكيد كان للبعض المتطر ف من وسائل الأعلام و الصحف هذه دوراً مثيراً في الصراع المسلح المؤسف بين بعض المكونات الشعبية العراقية خلال السنين الماضية .
21- كشفت الدراسة عن العدد المريع للصحفيين و الإعلاميين الذي تعرضوا للإغتيال و للعمليات الأرهابية و للإختطاف و للإصابة خلال العمل و للإعتقال ، و ما الى ذلك من مخاطر .
ففي كل عام تكشف منظمات معنية بحقوق الصحفيين عن الخطرالأكبرالذي يحيق بالصحفيين العاملين في العراق بما لايوجد له مثيلا في بلدان أخرى أو في مواقع نزاع سابقة.
و رغم ذلك تدل هذه الأرقام و الحوادث على أصرار الصحفي العراقي على المواصلة و الإستمرار في أداء مهماته ساعيا الى تطويرها قُدما ، و هذا يُعد مفخرة للعاملين في هذا القطاع سيحصدون نتائجه الحسنة على المستوى العالمي في المستقبل القريب .
22- من جانب آخر أضحى الصحفيون و العاملون في حقل الأعلام عموما هدفاً سهلاً و محدداً لما يمكن تسميته بالطغيان الطائفي و العرقي المتطرف و قوى التخلف و الجهل التي وجدت لها مساحة واسعة من الحركة في ظل غياب هيبة الدولة و القانون ، فراح عشرات الصحفيين و الإعلاميين ضحية لإصرارهم على الإستمرار في عملهم ، مثلما تعرض زملاؤهم من أجيال سابقة لعنت و ظلم سلطات النظام السابق ، فإضطر عدد غير قليل للهجرة بينما تنحى بعضهم عن مهنة المتاعب و الموت السهل في حين إستمر البعض الآخر باصرار على تأدية واجبه المهني .
إن مساحة الحريات المطلقة التي يسّرتها الحياة السياسية في العراق الجديد مهدت لظهور بعض الإعلاميين و الصحفيين ذوي الميول العرقية و الطائفية عملوا على تكريس مصطلحات و مسميات طغت على الخيارات الوطنية ، في حين تخلى العلمانيون و اللبراليون، وغيرهم عن الإعلان عن ميولهم السياسية أو برامجهم الوطنية خشية إتهامهم (بالكفر والإلحاد) و ما يتبع هذا الإتهام من عواقب وخيمة .
التوصيات
في ظل هذا التنافس الشديد و حجم الإستثمار المتزايد و المتنوع في حقل الإعلام على مستوى الوسيلة و التوجه و المضمون ، تصبح مسألة النجاح و التفوق أمرا لابد منه للإستمرار و فيما عدا ذلك فلا بد من التخلي عن ولوج هذا العالم الصعب و التنحي جانبا لإتاحة الفرصة الى من يجيد شروط لعبة النجاح .
إن النجاح الأعلامي في عصر العولمة لا يقاس بالقيمة الثقافية و المعرفية و المنفعة الإجتماعية المضافة فقط إنما يقاس بالعائد التجاري قبل كل شيء .
فأما أن تستمر في العمل و الإنجاز بتوفر التمويل الكاف أو أنك تخسر كل شيء دفعة واحدة ، و ما من أحد يتبرع لتعويض خسارتك بدون مقابل .
مازالت معظم الوسائل الإعلامية تعتمد الى حد كبير على الإعلان كمصدر أساس للتمويل و التشغيل والذي يضمن للوسيلة مستوى كبير من الأستقلالية و إعتماد المعايير المهنية الصحيحة بعيداً عن نفوذ غير مرغوب به أو مضر بأخلاقيات المهنة و أصولها .
و رغم الإنفتاح الواسع في العمل الإعلامي و الإعلاني في العراق بعد الإطاحة بالنظام الدكتاتوري السابق ، فإن معظم الصحف و وسائل الأعلام العراقية الأخرى ما زالت تعاني من شحة التمويل عن طريق الإعلانات ، و هذا مرتبط بعدة عوامل ، لعل أبرزها ضعف الحركة الأقتصادية في البلاد بسبب الظروف الأمنية القلقة ، و لجهل المستثمر العراقي بالقيمة الترويجية التسويقية للإعلان ، و لحداثة العراقيين بهذه الوسيلة حيث كان الإعلان التجاري ممنوعاً أو محدوداً بشروط قاسية الى وقت قريب قبل سقوط النظام السابق على خلفية فلسفة النظام في الحكم .
الإعلانات الوحيدة التي يمكن إعتبارها مصدر تمويل جيد للصحف هي الإعلانات الحكومية ، التي إستحوذت على معظمها" شبكة الإعلام العراقي " الحكومية عبر وسائلها الإعلامية التلفزيونية و الإذاعية و الصحفية الحكومية مما دعا الصحف و وسائل الإعلام العراقية الأخرى الى الشكوى من هذا الأستحواذ و مطالبة الدولة و في أعلى مستوياتها بإتخاذ إجراءات عادلة في نشر الإعلانات الحكومية .
إن انحسار الإعلان التجاري عن الصحف الورقية إنسحب أيضا على المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية مما أفقدها مصدراً مهما للتمويل المستقل .
إن ضعف التمويل المستقل لوسائل الإعلام العراقية أو إنعدامه كلياً ، حتماً يثير التساؤل عن مصادر تمويل هذه الوسائل و الصحف ، و ماهية إستحقاقاته ؟!
و تبعاً لذلك يصبح من الطبيعي التساؤل عن الأخلاقية والإستقلالية و المهنية ثم تنمية و تطوير حقل النشاط الإعلامي العراقي بشكل مستقل ، والذي يعد العلامة الأبرز و الأهم في الحياة الديمقراطية في العراق الجديد .
إن مسالة السوق الإعلامية و التنشيط الإعلامي في العراق بحاجة الى معرفة دقيقة بأساليب الترويج و التسويق الإعلامي لشعوب العالم من حيث إستخدام النهج والإسلوب المناسب لمخاطبة شعوب تؤمن بالديمقراطية و تمارسها . إن أقامة صناعة إعلامية وطنية متطورة في العراق سيمكن من تحقيق عوائد مالية كبيرة للبلاد ، ستسهم بالتالي في تعزيز الديمقراطية و تنشيط العمل الإعلامي ذاته ، فضلاً عن الرخاء الذي سيتمتع به العاملين في هذا القطاع .
1- العراق منذ عقود من السنين و هو مركز إستقطاب عالمي و محل إهتمام سكان العالم في كل مكان و كان من المفترض أن تنشط فيه حركة الإعلام المحلي و الدولي .
ومن الحيف أن لا يلتفت الإعلاميون العراقيون و الجهات المعنية بالتنشيط الإعلامي ، للإستفادة من السوق الدولية النشيطة في هذا الحقل .
2- من المهم جداً سن تشريعات تتعامل مع ظاهرة التمويل الخفي و غير المنظور لوسائل الإعلام العراقية ، و تحديد مصادره، خاصة تلك الوسائل التي تروج للإرهاب و تهدد السلم الإجتماعي ، و تدعو الى ثقافة الكراهية و التمييز بين أفراد الشعب العراقي .
3- تطوير شبكة الإنترنت و تعزيز بنيتها التحتية و التقنية ، و فسح المجال للقطاع الخاص تحت تشريعات محددة لولوج هذا الميدان وعلى جميع أصعدته إنسجاما مع التوجه الديمقراطي للبلاد .
4- مساهمة الدولة و تشجيع القطاع الخاص عبر تشريعات معينة على الولوج بفعالية الى عالم البرمجيات و تقنياتها و صناعة أجهزة الكومبيوتر ، و السعي الى تيسيرها بأسعار متهاودة في الأسواق ، خاصة و أن المواد الأولية و الطاقات البشرية و الأموال متوفرة في العراق للبدء في إنشاء و تطوير هذه الصناعة .
5- إلزام نقابة الصحفيين و الجهات المعنية بالنشر و الإعلام في البلاد، بتبني تشريعات يتم بموجبها أعداد كشوف و بيانات بوسائل الأعلام المختلفة جميعها ، و التعريف بالقائمين عليها و المشرفين على أدارتها من حيث الآهلية و الإنتساب للعمل الصحفي من عدمه ، لغرض تعريف المتلقي و القارئ و حماية ذوي المهنة من المتطفلين عليها .
6- إعادة النظر بتشريعات الوسائل الإعلامية الممولة من قبل الدولة و المال العام حالياً ، خاصة فيما يتعلق بممتلكاتها و جدارة منتسبيها و كفائتهم و طبيعة توجهاتهم ، خاصة وأن ناشطي النظام السابق إستطاعوا أن ينظمّوا صفوفهم و يعودون الى الساحة الإعلامية بقوة للتبشير بعودة الدكتاتورية و النظام الشمولي مرة أخرى سواء كان ذلك بصبغة بعثية أو إسلامية ... أو أي صبغة شمولية أخرى .
على المشّرع العراقي أن يولي إهتماما خاصا لمتابعة المال العام المصروف على وسائل إعلام الدولة ، و تبيان مجالات صرفه و جدواه ، و بيان ذلك الى الشعب .
إن إعتماد الكفاءات الإعلامية العراقية المشهود لها بالتاريخ المهني المحترف و النزاهة و الجدارة أمر لا يمكن التغاضي عنه في تعيين و إدارة وسائل الإعلام العائدة للدولة ، و لا يتأتى ذلك إلا بنبذ المحسوبية و الولاء الحزبي و إقصاء التحاصص الطائفي عن هذا القطاع ، و ما عدا ذلك فمن الأجدر بالدولة أن تتخلى عن دعم (إعلام رسمي) و عليها أن تتبنى مفهوم الإعلام الحر الممول من قبل القطاع الخاص ، لتدرء عن نفسها تهمة الفساد في المال العام .
7- تفعيل قانون مكافحة الترويج للإرهاب و ما يهدد السلم الأجتماعي و عدم التساهل مع أية وسيلة أعلامية و صحيفة تتبنى هذا الخطاب الخطير و أن تغلف بدعوات تبدو للظاهر دعوات سياسية مشروعة ، فعلى القضاء و الجهات المعنية بالترويج الإعلامي أن تولي هذا الأمر أهمية خاصة في ظل الظروف القلقة و الصعبة التي يعيشها العراق اليوم ، كما يجب إعتماد العدل في المراقبة و المحاسبة ، و نبذ سياسة الكيل بمكيالين .
8- ضرورة الإهتمام بكليات و معاهد الإعلام في البلاد والبحث عن مصادر تمويل أخرى لتطويرها و تحسين أداءها التعليمي بما يتناسب مع حجم الثورة التقنية و الإعلامية الكبرى التي يعيشها العالم في عصر العولمة ، يأتي ذلك من خلال مفاتحة و تعزيز العلاقات مع وسائل الإعلام الدولية التي لها الريادة في إعانة الإعلام النامي و مساعدته على النهوض .
إن تجربة وكالة رويترز بالتعاون مع مظمة اليونسكو في تأسيس وكالة ( أ صوات العراق ) ينبغي الأخذ بها و تعميمها من قبل المعنيين بوسائل الإعلام في عموم العراق .
9- لا بد من إتباع شروط مهنية- يجب أن تكون شروط غير سياسية - صارمة في منح الهوية الصحفية في نقابة الصحفيين ، كما يجب إتباع نفس الشروط المهنية الصارمة بمنح رخص العمل لوسائل الإعلام من قبل الجهات المعنية بمنح الرخص، لغرض حماية مهنة العمل الصحفي من المتطفلين و ذوي الأغراض الخاصة التي لا تنسجم مع أصول هذا النشاط .
المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية و المسألة العراقية
المواقع الصحفية العراقية الإلكترونية والمسألة العراقية *
أحمد الصالح
تصدت جميع المواقع الصحفية العراقية لمجمل الأحداث والقضايا الجارية على الساحة العراقية منذ التاسع من نيسان 2003 و ما بعده ، و تناولتها بمختلف الفنون الصحفية المعروفة ، و تبعاً لتوجهات المواقع ومديات إلتزامها بأساسيات العمل الصحفي ، يمكن ملاحظة التباين الواضح بين مواقف المواقع و وجهات نظرها أزاء تلك القضايا والأحداث . و رغم تفاوت ظهور المواقع الصحفية على شبكة الإنترنت في أزمان مختلفة ، يمكن ملاحظة و تحديد إتجاهاتها و هويتها ، إذ أن معظم المواقع التزمت خطاباً اعلامياً و سياسياً محدداً قلما يتغير ، مع أن هناك مواقع تحاول التعامل مع مجمل الأحداث بمهنية و حيادية يستوجبها العمل الصحفي .
و يمكن إعتماد معيار أساسي يتلخص في مجموعة من القضايا والأحداث التي جرت على الساحة العراقية و من خلاله يمكن الكشف عن طبيعة تعامل المواقع الصحفية مع هذا المعيار ..
و فيما يلي عدد من الشخصيات والأحداث والقضايا المهمة التي رسمت معالم العهد الجديد في العراق ما بعد التاسع من نيسان 2003 ، و بيان طريقة معالجتها من قبل المواقع الصحفية العراقية :
· ( صدام حسين )
تعاملت المواقع الصحفية مع شخصية " صدام حسين" بطرق مختلفة و متباينة ، فبعضها تعامل معها على أساس خلفيته السياسية و البعض الآخر تعامل معها على أساس مهني بحت .
المواقع العائدة للأحزاب و الموالية سياسياً لأحد الأطراف المهتمة بالشأن العراقي ، تعاملت مع شخصية "صدام" على أساس خلفيتها و مرجعيتها السياسية، فالمواقع الإسلامية و العلمانية المعارضة لصدام و المؤيدة للعملية السياسية الجارية بعد إسقاط نظامه ، تصفه "بالدكتاتور" و "الطاغية" و "المستبد" و ما إلى ذلك من صفات سلبية ، في حين تصفه المواقع الموالية " لنظام صدام " أو المواقع الإسلامية المعارضة للعملية السياسية الجارية بعد إسقاط النظام " بالرئيس الشرعي " و " الرئيس الشهيد " و غيرها من الصفات الإيجابية .
أما المواقع المهنية فهي تتعامل مع صدام بوصفه رئيساً لنظام سابق أُطيح به و إبتدأ بعده بناء نظام آخر .
· (عملية حرية العراق)
هذه التسمية كانت قد أطلقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على العمليات العسكرية التي أطاحت بنظام صدام حسين في 9 نيسان 2003 و تم تداولها على نطاق واسع في وسائل الإعلام الأمريكية و الغربية .
أما المواقع الصحفية العراقية فقد أنقسمت فيما بينها في التعامل مع هذه التسمية منها من تعامل معها إيجابيا وإستخدمها في بداية إطلاقها ثم إستبدلها بصياغة إيجابية أخرى مثل ( تحرير العراق ، و عملية إسقاط نظام الإستبداد ) و هذه هي المواقع المساندة لقوات الحلفاء والمؤيدة لها في إسقاط نظام صدام والتي ما زالت مؤيدة للعملية السياسية الجارية في عهد العراق الجديد .
أما المواقع المعارضة لإسقاط نظام صدام والتي ما زالت معارضة للعملية السياسية الجارية في العراق الجديد، فإنها تعاملت سلبيا مع هذه التسمية وأستخدمت بدلاً عنها تسميات أخرى مثل ( إحتلال العراق ، والغزو الهمجي للعراق ... الخ ) و من هذه المواقع مَن تبنى نهجاً إسلامياً بشقيه السني والشيعي ، ومواقع أخرى تعود لحزب البعث و لمؤيدي النظام السابق ، وإن كانت توجهاتها غير إسلامية .
· (إحتلال العراق)
المواقع المساندة لقوات الحلفاء في الإطاحة بنظام صدام تعاملت سلبياً مع هذه العبارة و لم تستخدمها ، حتى صدور قرارمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 16 تشرين الأول 2003 الذي جاء بالأجماع في منح "الشرعية الدولية " للإحتلال الأمريكي للعراق حسب لوائح الأمم المتحدة، ثم بعد ذلك عادت لإستخدام تسمية "التحرير" بعد قيام الحاكم المدني " بول بريمر " بتسليم السيادة للعراقيين في 8 حزيران 2004 حيث صادق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار بإنهاء إحتلال العراق في 30 حزيران و نقل السيادة الى إدارة عراقية مؤقته .
أما المواقع الرافضة لعملية إسقاط نظام صدام فهي ما زالت تتعامل إيجابيا مع تسمية "الإحتلال" و تستخدمها بشكل مركزي في خطابها الإعلامي حتى بعد تسليم السيادة للعراقيين و قيام الأمم المتحدة بإستصدار قرار إنهاء الإحتلال السالف الذكر .
· ( محاكمة صدام حسين وإعدامه )
المواقع الموالية للعملية السياسية الجارية تعاملت إيجابيا مع محاكمة رئيس النظام السابق وتابعت وقائعها ، مع بعض الإنتقادات لمجريات المحكمة و ماعدّته بعض التجاوزات القانونية والتساهل الذي أبداه القضاة الذين توالوا على المحاكمة ، ثم أيدّت بشدة حكم المحكمة بالإعدام على صدام و عاضدته .
أما المواقع غيرالموالية للعهد الجديد والتي ترفض العملية السياسية فهي أيضا رفضت المحاكمة و عدّتها باطلة و وصفتها بكونها "لعبة" من ألاعيب الإحتلال ، ودعت الى إطلاق سراح صدام ، ثم إستنكرت إعدامه في أول يوم العيد، وعدّته متعجلاً و مسيئاً للقيم الإسلامية التي يؤمن بها المجتمع العراقي والعربي .
· ( الديمقراطية في العراق )
أبدت المواقع الموالية للعملية السياسية الجارية بعد إسقاط نظام صدام ، تأييدها و مساندتها للخطوات الديمقراطية التي تبناها العهد الجديد في جميع مراحلها من تشكيل مجلس الحكم الى الجمعية الوطنية الى الإنتخابات العامة الى الإستفتاء على الدستور وإنتخابات مجالس المحافظات ، و رغم أنها في العادة توجه إنتقاداتها لبعض الأجراءات والمناقشات التي تجري في مجلس النواب العراقي أو في جميع مفاصل العملية السياسية الجديدة ، لكنها تعد إنتقاداتها ضمن التوجه الديمقراطي العام للبلاد .
أما المواقع الرافضة للعملية السياسية سواء كانت إسلامية متطرفة أوموالية للنظام السابق ، فإنها سخرت من الديمقراطية كمفهوم (مستورد) وغير قابل للعيش في بيئة إسلامية ، أو أنها عدّتها " مسرحية " من صنع الإحتلال لغرض صرف أنظار الناس عن (جرائمه) .
أما المواقع "البعثية" فهي لا تعترف سوى بشرعية النظام السابق وترفض كل ما بعده .
· (قوات الحرس الوطني)
رحبت المواقع الموالية بتشكيل هذه القوات كبديل للجيش السابق و تعاملت معها إيجابيا و ساندت عملياتها القتالية ضد أعداء النظام الجديد . أما المواقع الرافضة للعملية السياسية فقد رفضت الإعتراف بهذه القوات و تعاملت معها سلبياً و أطلقت عليها تسمية " الحرس الوثني " بقصد تحقيرها و التقليل من شأنها ، بل ودعت الى محاربتها و القضاء عليها بوصفها "صنيعة الإحتلال".
· (القاعدة و " المجاهدين العرب ")
المواقع الموالية للعملية السياسية، تعاملت مع تنظيم" القاعدة " وما يسمى " بالمجاهدين العرب " تعاملا سلبياً و وصفتهم بالإرهابييين المجرمين ، و إستنكرت عملياتهم القتالية و تفجيراتهم في أوساط المدنيين و تخريبهم المتعمد لمصالح العراقيين وعهدهم الجديد، و شجّعت على مقاتلتهم و القبض عليهم و تقديمهم للعدالة و أدانت دول الجوار التي سهّلت دخولهم للعراق أو ساندتهم إعلامياً و ماليا ً ، و تعرضت بعض المواقع بالنقد للمذهب " الوهابي " الذي ينتمي إليه تنظيم القاعدة من الناحية المذهبية الدينية .
أما المواقع الرافضة للعملية السياسية فقد تباينت مواقفها من تنظيم القاعدة و مقاتليه ، و تبعاً لتطورات العملية السياسية و تتابع مراحلها الزمنية ، فهناك من ساند هذا التنظيم بشكل تام و وصف مقاتليه " بالمجاهدين " أو " المقاومين " ودعا العراقيين الى مناصرته ، و هناك من إنتقل بموقفه من تنظيم "القاعدة" من المساندة في الأيام الإولى للتمرد على العهد الجديد، ثم ما لبث أن إتخذ موقفا منتقداً للتنظيم ، و تحول فيما بعد الى الإستنكار والإدانه والدعوة الى مقاتلته على خلفية تطورات العملية السياسية و تغير مواقف بعض القوى والحركات خاصة في المنطقة الغربية و خاصة أولئك الذين أطلق عليهم فيما بعد "بمجالس الصحوات" .
· ( السيد السيستاني و المرجعية الشيعية)
تعاملت المواقع الموالية إيجابيا مع المرجعية الشيعية و "السيد السستاني" وعاضدتها في مواقفها الإيجابية من العملية السياسية و دعمها للإنتخابات و سن الدستور الدائم للبلاد ، و أثنت على أدائها في مواقفها المترافقة مع تطورات الأحداث ، و بعضها عظمت من دورها و إعتبرتها الهادية والموجهة للجميع والحريصة على حقوق العراقيين جميعاً .
أما المواقع الرافضة ، فقد تعاملت سلبياً مع المرجعية وأطلقت أقذع الصفات عليها وعلى السيد السستاني و حملتها _ و حملته _ المسؤولية الأولى في" إحتلال " العراق ، و طالبت بإقصاء المرجعية و طرد رجال الدين الشيعة المنتسبين إليها بوصفهم غيرعراقيين و يحملون جنسيات أجنبية .
ملاحظات و سمات
لقد أقام العراقيون بمساعدة المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة و بمساندة قوية من قبل الولايات المتحدة ، نموذجاً للحكم الديمقراطي في بلادهم، يعد فريداً من نوعه في الشرق الأوسط و يعد سابقة غير مطروقة في المنطقة عبر حقب عديدة من تاريخها .
فهل النموذج الديمقراطي الذي يشهده العراق الجديد يشبه أو يحاكي النموذج الغربي للديمقراطية ، و هل الممارسات الديمقراطية المتاحة للعراقيين تحاكي الممارسات الديمقراطية المتيسرة للغربيين . و هل النشاط الصحفي الحرالذي يشهده العراق الجديد اليوم يحاكي النموذج الغربي للحرية الصحفية ؟؟
نموذج الحكم الديمقراطي الجديد في العراق أتاح مساحة كبيرة من الحريات للعمل الصحفي و شرع جملة تشريعات تضمن هذه الحرية و تحميها.
لكن هل التشريعات و القوانين كافية لضمان حرية العمل الصحفي و تداول الأخبار بحرية في الصحافة العراقية ؟
و بناء على ما تقدم فإن المتابع و المراقب لأداء المواقع الصحفية العراقية على شبكة الإنترنت يلاحظ و بشكل عام ، جملة سمات أساسية فيما يتعلق في نشر الأخبار و أسلوب معالجتها :
1- إن معظم الأخبار المنشورة غير أصيلة و منقولة عن وسائل إعلام أخرى مثل وكالات الأنباء و قنوات التلفزيون و الإذاعات مما يفقدها عناصر التوقيت والسرعة والتشويق، و هذا يعني أنها أخبار جاهزة، و عيب هذا النوع من الأخبار أنها تكون دائما في متناول أيدي جميع الصحفيين بحيث لا يستطيع الصحفي أن ينفرد بنشرها دون غيره من الصحف . و الإعتماد كثيراً على وسائل أعلامية أخرى ، حتماً يخلق صحافة مزيفة و غيرأصيلة .
2- يغلب على الأخبار المنشورة طابع الإنتقاء والتمييز ليس على أساس القيمة الخبرية المرتكزة الى عناصر الخبر ، إنما على أساس سياسة الموقع و توجهاته السياسية والدينية المذهبية و الحزبية ، مما يفقد الموقع صفة الحياد الموضوعي الذي يستوجبه العمل الصحفي .
3- إرتفاع نسبة عناصر الإثارة والشهرة والأهمية و التشويق في المواقع الصحفية المنحازة حزبيا أو مذهبيا ، و إنخفاض نسبة عناصر التوقيت والمصلحة الإجتماعية والوطنية في هذه المواقع .
4- المواقع غير الحزبية تسعى الى إعتماد العناصر الأساسية في أخبارها المنشورة ، و تحاول تأسيس تقاليد مهنية صحيحة .
5- رغم التوسع الكبير جداً في العمل الصحفي الحر في العراق الجديد لكن يلاحظ إنحسار الأخبار المبدعة الأصيلة تلك التي يبذل المخبر الصحفي جهداً كبيراً في الحصول عليها و إستكمالها بالمعلومات الكافية .
و قد يعود السبب في هذا الإنحسار الى تدهور الوضع الأمني في العراق و إستهداف الصحفيين بشكل خاص من قبل الجماعات الأرهابية و المسلحة مما أعاق الى حد كبير من نشاط المخبريين و المراسلين الصحفيين وعطّل حركتهم في الحصول على الأخبار الجديدة.
إن تحسن الوضع الأمني سيعدل هذه الملاحظة و سييسر للمخبرين و المراسلين الصحفيين العراقيين في ميادين الأحداث، الفرصة في إنتاج أخبار أصيلة .
6- إنتشار الخبر المحرف على حساب الخبر الموضوعي في المواقع الصحفية الحزبية و المنحازة على أساس ديني مذهبي، فرغم أن الكثير من الأخبار المنشورة في هذه المواقع منقولة من وسائل إعلامية اخرى ، لكنها تتعرض الى إعتداءات تجعل منها أخبار محرفة ، مثل حذف بعض الوقائع لا بقصد الإختصار و إنما بقصد إخفاء هذه الوقائع عن القراء !
و إختلاق بعض الوقائع التي لم ترد بالفعل في الخبر عند نشره .
و تضمين الخبر رأيا أو وجهة نظر لهدف التأثير بهدف معين ، و بذلك يتعرض الخبر الى عملية تشويه متعمدة تفقده موضوعيته من ناحية و دقته من ناحية ثانية . بحيث يصل الخبر الى القارئ لا كما حدث بالفعل في الواقع و إنما كما تريده الصحيفة أن يصل الى القراء، وهوالأمر الذي من شأنه تضليل القراء و خلق رأي عام موجه في المجتمع . و هوالشيء الذي يمكن أن ينعكس أخيرا في فقد القارئ لثقته في الصحيفة وفي موقعها، و هو أكبر عقاب يمكن أن يوجه الى صحيفة تريد أن تحترم إسمها !
7- تميل معظم الشخصيات السياسية البارزة في العراق الجديد الى تزويد الصحف الأجنبية و العربية بالتصريحات على حساب الصحف المحلية ، مما يعرض الأخيرة الى شحة واضحة في الأخبار المبدعة الجديدة .
و قد يعود سبب إهتمام الشخصيات العراقية بالوسائل الإعلامية غير المحلية و ذلك لسعة إنتشارالإولى و ضخامة انتاجها ، بقدر كاف لإغراء الشخصيات في حصاد التأثير والشهرة ، لكن إتباع هذا النهج سيؤثر سلبياً على الصحف المحلية و يعيق نموها و تطورها و إنتشارها .
8- تهتم الصحف الحزبية و المنحازة سياسياً بأخبار الشخصيات أكثر من إهتمامها بالأحداث ، في حين تهتم المواقع الصحفية المهنية بشكل متوازن بين أخبار الشخصيات و الأخبار المستمدة من الأحداث .
إن أهتمام المواقع الحزبية بأخبارالشخصيات، الغرض منه سرعة التأثير في أوساط القراء قليلي التعليم و الثقافة الذين يكونون في العادة شغوفون بمتابعة أخبار الشخصيات البارزة بدلاً من إشغال الفكر في تحليل الأحداث و تتبع تفاعلاتها ، كما يفعل القراء المثقفون و أصحاب التعليم العالي في العادة .
9- لا تشير الكثير من المواقع الصحفية الى مصادر الأخبار التي تنشرها مما يضعف مصداقيتها و يجعلها أقرب الى ترويج الإشاعات منها الى نشرالأخبارالصحفية ، ورغم أن الأخبار القليلة المصداقية من هذا النوع قد تلقى رواجاً في أوساط العراقيين في ظروف التوترالأمني و عدم إستتاب الأوضاع ، فهي في الواقع تمنح ( نجاحاً ) مزيفاً للصحف التي تروج هذه الأخبار \ الأشاعات ، و مع مرور الزمن و زيادة رقعة التنافس المتنامية بإضطراد فإن هذه الصحف سوف تفقد مصداقيتها لدى القارئ مما يؤدي بالتالي الى فشلها .
الأخراج الفني للمواقع
تنزع جميع المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية الى إعتماد رموز عراقية مألوفة و متداولة بطوابعها المختلفة ، التاريخية و الجغرافية و التراثية و الفلكلورية ، و البيئية ، و السياسية .
و تبرزها في صور أو أشكال مختلفة ، تعبر عن هوية الموقع الوطنية و إنتماءه السياسي و الفكري و الديني و المذهبي و الحزبي .
بعض المواقع واكبت التطور المتجدد في الإخراج الفني وإستخدام التقنيات المستحدثة و البعض الأخر ما زال يعتمد الأشكال التقليدية و البدائية في العرض و الأخراج ، كل حسب إمكانياته المادية و حجم تمويله و كفاءة المشرفين على إدارته .
فأدخلت بعض المواقع تقنيات حديثة ، مثل شريط الأخبار ، و الصور المتغيرة ، و الفلاش ، و بعضها إستضاف تسجيلات فديو أو تسجيلات إذاعية ، واعتماد التفاعلية مع القراء فضلاً عن إستضافة مواقع أخرى صديقة .
و إستنادا الى نتائج مسح المواقع الصحفية الإلكترونية العراقية و رصد أستخدامها للتقنيات ، فقد لوحظ أن إستخدام المواقع للتقنيات الحديثة في العرض متفاوتة من حيث النوع و الكم ، و قد يعود ذلك الى حجم التمويل من جهة أو للمعرفة التقنية من عدمها لدى إدارة المواقع، بأهمية إستخدام هذه التقنيات لرفع مستوى التأثير في المتلقي و إيصال الخطاب بأقوى صوره .
أكثر التقنيات المستخدمة شيوعاً في المواقع العراقية هي "الصور" ، و يعود ذلك لسهولة إستخدامها و قوة تأثيرها في إيصال الخطاب الى المتلقي خاصة عندما يكون الجمهور المستهدف على الأغلب قليل التعليم أو أنه لا يحفل كثيراً بالموضوعات المكتوبة تبعاً لطبيعة التصفح على الإنترنت الذي أتاح خياراً واسعاً جداً للمتصفح ، مما أبعده الى حدما عن التركيز على الكلام المكتوب و إنصراف ذهنه الى الصور و الأشكال المرئية التي تكون في العادة أكثر جاذبية و تأثير من الكتابة ، و قديماً قيل إن للصوة المنشورة تأثير على القارئ أكثر من ألف كلمة مكتوبة .
يأتي إستخدام شريط الأخبار المتحرك بالدرجة الثانية في المواقع ، و هو يعبر عن مواكبة الموقع لآخر الأخبار و مستجداتها ، و التي تتطلب متابعة و تحديث مستمرين و المواقع تعمل في سوق منافسة قوي جدا على شبكة الإنترنت و بين وسائل الإعلام الأخرى خاصة القنوات الفضائية و الإذاعات ، التي تتسابق على نشر الأخبار الجديدة دوماً . قد يكتفي المتصفح لمواقع الشبكة اليوم في قراءة شريط الأخبار المتحرك ، فإن كان بقدر من الكفاءة و السعة و النضج و الدقة و السرعة في نقل و عرض الأخبار الجديدة سيكون عاملاً مؤثراً في كسب المتصفح لهذا الموقع و تفضيله على سواه .
إستخدام تقنية الفلاش في المواقع العراقية ما زالت شحيحة ، ربما يعود ذلك الى حداثة هذه التقنية في الإستخدام عموما ، و قد تعمد المواقع العراقية الى إستخدامها مع مرور الزمن و تراكم الخبرة
الصحافة في عهد البعث الثاني في العراق 1968-2003
الصحافة في عهد البعث الثاني في العراق 1968-2003
أحمد الصالح
تقديم
عَرف العراق الصحافة أول مرة بصدور جريدة (الزوراء) باللغة العربية في عام 1869 ابان سلطة الوالي مدحت باشا، وبدأ العراقيون يحتفلون في 15 حزيران من كل عام عيداً للصحافة منذ قيام الاحتفالية بمئويتها عام 1969 . كما عَرف العراق التلفاز عام 1956، ويُعتبر من أوائل الدول العربية التي تأسست فيها هذه الوسيلة الإعلامية المؤثرة، وكان قد عَرف أيضا البث السمعي (الراديو) في العام 1936 حيث يعد من دول الشرق الأوسط الرائدة في هذا المجال.وخضعت الوسيلتان السمعية والبصرية منذ تأسيسهما في العراق الى السيطرة الحكومية وفق تشريعات خاصة، بيد أن الصحافة الورقية يمكن استثناءها من هذه السيطرة المباشرة، سوى القليل من الصحف التي أصدرتها الجهات الحكومية في مراحل تطور العراق السياسي في العهد الملكي الذي امتد حتى قيام الجمهورية في 14 تموز 1958. ثم ليُحصر امتياز الأصدار الصحفي في العهود اللاحقة بيد الجهات الحكومية والمنظمات المرتبطة بها عدا بعض الإستثناءات في هذا العهد أو ذاك .
كانت الصحافة العراقية إمتداد للنزاع السياسي المباشر عقب إنشاء الدولة العراقية ، هذا إذا إستثنينا بقدر ما الصحافة الساخرة التي كانت بدورها مرآةً تهكمية مسيسة في الكثير من الأحيان .ولم يتح للبلاد بلورة ما يسمى " السلطة الرابعة " التي يتعين أن تراقب السلطات الثلاث الأخرى كما يفترض . ومن هذا الموقع واجهت المؤسسة الإعلامية سلطة الدولة الفتية وغير الخبيرة وأحياناً المنحازة الى " العهد " تماماً كما واجهت أحزاباً تقع المنازعة السياسية في صلب عملها ومقدمة أولوياتها مما أفضى في النهاية الى دمج وإخضاع السلطة الرابعة لتأثيرهما بل عمدت الدولة في خضم الصراع ولا سيما خلال الخمسينات الى الغائها بالكامل. ولهذا لم تتمكن الصحافة من تطوير عدتها المهنية بحيث تقوم بالواجبات التي تتحملها مثيلاتها في الديمقراطيات البرلمانية الإخرى . ومع نشوء أجيال من الصحافيين المهنيين والمشاهير من رحم تلك الصحافة السياسية ، إلا انهم كانوا بمقاييس الإحتراف محض معلقين ومحللين سياسيين أكثر منهم أركان صحافة مهنية تقليدية بالمعنى الواسع .(1)
تشريعات قديمة للإعلام
أصدرت السلطات الحاكمة في العراق تشريعات و قوانين تنظم عملية إصدار الصحف منذ العهد العثماني، حيث صدر أول نظام لها بتشريع قانون المطبوعات في 16 تموز1909 بعد الإنقلاب الدستوري لعام 1908. وكان قد صدر خلال ثلاث سنوات من صدور هذا القانون 37 جريدة كان أولها جريدة (بغداد) كأول صحيفة شعبية تصبح ملكاً خاصاً.من مواد هذا القانون:- يجوز أن تعطل مؤقتا الجريدة أو المجلة التي تنشر ما من شأنه أن يخل بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي. (السجن من 3 اشهرالى 3 سنوات)وشرع القضاء العراقي أول قانون عرف بقانون المطبوعات رقم 82 لسنة 1931 والذي يعتبر صدوره من أهم العوامل أو الاسباب التي ادت الى تخلف الصحافة العراقية، خاصة فيما يتعلق بمواد التعطيل الإداري وإلغاء الإمتياز، حيث جاء في فقرات المادة 18 منه: يجوز لوزير الداخلية إنزال العقوبة أذا:- نشر ما يخلُ بأمن الدولة الداخلي والخارجي.- ما يسبب الكراهية والبغضاء بين أفراد الشعب وطبقاته بصورة تخل بأمن الدولة.- ما يؤثر على الصلات الودية بين العراق والدول الأجنبية.- ما يخالف الحقيقة بقصد إثارة الرأي العام.- ما يخل بالآداب والأخلاق العامة.- ما يسبب كراهية الحكومة أو يمس كرامتها.بقي هذا القانون سارياً حتى عام 1954، عندما عدّل بقانون آخر لم يختلف عن السابق سوى أن بعض الأحكام الخاصة بالغرامة والسجن قد إرتفعت. وإرتبطت بعد صدر القانون كل الصحف والمجلات الصادرة في العراق مباشرة بمديرية الدعاية التي انشأتها الحكومة وربطتها بدورها بوزارة الداخلية.
بعد 14 تموز 1958 أنشأت حكومة العهد الجديد أول مرة (وزارة الارشاد) التي أشرفت وسيطرت بصورة تكاد تكون تامة عل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
وبعيد إنقلاب 8 شباط 1963، وفي عهد حكم البعث الأول ألغت حكومة الإنقلاب جميع الصحف والمجلات في العراق، والتي دامت في السلطة تسعة أشهر فقط، على أثر قيام عبد السلام عارف بإنقلاب تشرين وإزاحة حزب البعث العربي الاشتراكي عن الحكم.في 28 نيسان 1964، صدر قانون جديد حمل الرقم 53 ، لم يختلف في جوهره عن القوانين السابقة إلا ما يتعلق بإجازة المطبوع السياسي، حيث نصت المادة على أن يكون عدد أعضاء أصحاب الإمتياز خمسة أفراد بدلاً من واحد فقط، شريطة أن لا يكونون من موظفي الدولة، إثنان منهم يجب أن يكونا من الذين مارسوا المهنة وأن يكون رئيس التحرير من حاملي شهادة كلية الحقوق أو أية شهادة جامعية عليا.
تشريعات جديدة في عهد البعث الثاني
وتبعاً لما تقدم فقد دخل النشاط الصحفي في العراق حقبة حكم البعث الثاني أثر إنقلاب 17 تموز 1968 و هو يحمل معه أرث مشوش وغير مكتمل مهنياً و تأسيسياً لصحافة مستقلة منذ نشؤ الدولة العراقية الحديثة في العام 1921.
و كان لابد للإنقلابيين الجدد أن يصدروا قانوناً جديداً للمطبوعات ينسجم مع توجهات نظامهم الإقصائية والإستئثار بالحكم لصالح حزب البعث الذي شارك في الأنقلاب ثم إستلم مقاليد الأمور تماماً في أنقلاب آخر في 30 تموز 1968 حيث تمكن من إقصاء شركاؤه الفاعلين و الذين كان لهم الدور الأكبر في الإطاحة بنظام عبد الرحمن عارف و هما (عبد الرزاق النايف و ابراهيم الداوود) .
ففي 5 كانون الثاني 1969، نشرت جريدة (الوقائع العراقية) الرسمية الصادرة عن دائرة المطبوعات، نص قانون المطبوعات رقم 206 لعام 1968 الذي بقي ساري المفعول حتى سقوط النظام في 9 نيسان 2003.(2)و هو القانون الذي تم الركون اليه آنذاك في رفع الدعاوى عن ما ينشر في الصحف من (أساءات مفترضة) لنظام الحكم أو لرجاله وهو مليء بالممنوعات والعقوبات والمحرمات وهو أحد أهم القوانين التي جعلت الكتابة آنذاك ورطة ما بعدها ورطة فصاحب المطبوع ورئيس التحرير وكاتب المقال كلهم مجرمون إذا مس المقال شعرة من رأس النظام.
كما صدر أيضا قانون نقابة الصحفيين رقم 178 لسنة 1969 وتعديلاته ، وهو قانون ملغوم بالدس لصالح ( الحزب والثورة) كالتضليل وإستغلال الصحافة بما يفيد جهة معادية أو إثارة الغرائز وما الى ذلك.
لكن يجدر الإشارة الى أن نقابة الصحفيين خلال حقبة "البعث" إستطاعت أن تحقق بعض المطالب المهنية لقسم من الصحفيين خاصة فيما يتعلق بتوزيع الأراضي و على عدة مراحل كان آخرها في مطلع التسعينات . كما تم إصدار قانون صندوق تقاعد الصحفيين الذي كان يؤمل له أن يكرّم الصحفيين في شيخوختهم و يضمن لهم العيش الطيب، لكنه و منذ صدوره حتى اليوم لا يتقاضى الصحفيون بموجبه إلا رواتب بائسة لا تكاد تسد احتياجاتهم ليوم واحد .و هناك أيضا ً مواد من قانون العقوبات الرقم 111 لسنة 1969 والذي نظم أحكام المسؤولية في جرائم النشر في المواد( 81 ـ 84) قرر معاقبة رئيس تحرير الصحيفة بصفته فاعلاً أصلياً للجرائم التي ترتكب بواسطة النشر في صحيفته واذا لم يكن ثمة رئيس تحرير يعاقب المحرر المسؤول عن القسم الذي حصل فيه النشر فضلاً عن شمول الصحفي بجريمة القذف في المادة 433وجريمة السب والشتم في المادة 434 من القانون ذاته.
جرائد و مجلات
منذ بداية عهد إنقلاب 1968 تولت الجهات الحكومية و المنظمات المهنية و النقابية المرتبطة بحزب البعث فقط إصدار الصحف والمطبوعات فضلاً عن سيطرة السلطة سيطرة تامة على الإذاعة و التلفزيون ، و كان التلفزيون بقناتين أرضيتين فقط تبث لساعات محددة من النهار و المساء ولحقتهما قناة تلفزيونية ثالثة في عقد التسعينيات سميت بتلفزيون (الشباب) التي كانت عائديتها "لعدي" الإبن الأكبر لرئيس النظام صدام ، كما شهد عقد التسعينات إنظلاق قناة (تلفزيون بغداد الثقافي) الذي ما لبث ان تحول الى (قناة العراق الفضائية) و التي إستمر بثها حتى سقوط النظام في 2003 . أما (إذاعة بغداد) والتي تأسست في العام 1936 أستمرت ببث برامجها ، ثم أقدمت سلطة البعث على إطلاق إذاعة( صوت الجماهير) . وفي التسعينات أطلق "عدي صدام" إذاعة (الشباب) .
(جريدة الجمهورية) الرسمية التي سبق و أن صدرت في بداية العهد الجمهوري في العام 1958 إستمر صدورها في ظل سلطة البعث و لكن بإدارة جديدة و بتوجهات تنسجم مع خطاب النظام الجديد ، ثم أقدمت السلطة و في وقت مبكر من إستلامها لمقاليد الحكم على تأسيس (دار الثورة للصحافة و النشر) بميزانية باذخة و يسرّت لها مباني ضخمة و مطبعة كبيرة وإستقدمت لها كتّاب عراقيين وعرب أعلنوا إنتمائهم الصريح للبعث وأيدلوجيته رغم أن البعض منهم كانوا محسوبين على الشيوعيين في وقت سابق ، و صدر عن الدار جريدة ( الثورة ) اليومية بوصفها جريدة ناطقة بإسم حزب البعث الحاكم .
و جريدة (القادسية) التي صدرت عن وزارة الدفاع مع بداية الحرب العراقية- الإيرانية عام 1980 و صدرعنها عدد الأحد ( القادسية الإسبوعي) الموسع والمنوع فيما بعد .
كما صدرت عن وزارة الدفاع مجلة (حراس الوطن) التي كانت متخصصة بالشؤون العسكرية و تصدر شهرياً ثم تحولت الى إسبوعية في العام 1989 وأصبحت مجلة منوعة عامة ونافست مجلة (الف باء) بل فاقتها في التوزيع في السوق بعد صدور الأعداد القليلة الأولى منها ، وتم إغلاقها في أواخر العام 1990 بعد غزو النظام للكويت .
و أثر بيان آذار في العام 1970 الذي وضع أسس التحالف بين حزب البعث الحاكم و الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة الملا مصطفى البارزاني صدرت جر يدة (التآخي) باللغة العربية لتكن ناطقة باسم الحزب الكردي المذكور. و بعد إعلان ميثاق العمل الوطني عام 1972 والذي مهد الطريق لقيام التحالف الجبهوي بين حزب البعث الحاكم و الحزب الشيوعي العراقي في العام 1973 ، صدرت جريدة (الفكر الجديد) الأسبوعية في العام 1972 ثم تبعتها جريدة (طريق الشعب) اليومية في العام 1973 أثر إعلان الجبهة بين الحزبين في ذلك العام ، والجريدتان ناطقتان بإسم الحزب الشيوعي العراقي . و هناك أيضا مجلة (الثقافة الجديدة) التي رأس تحريرها "الدكتور صلاح خالص" و هي مطبوع أهلي ، تبنت توجهات يسارية و قريبة من الخطاب السياسي للشيوعيين .
في العام 1979 و بعد إستحواذ "صدام حسين" على السلطة بشكل مطلق وحيث قُضي على التحالف الجبهوي بين البعثيين والشيوعيين قبل ذلك بأقل من عام ، توقفت جريدتا (الفكر الجديد) و (طريق الشعب) عن الصدور العلني و إستمرت مجلة (الثقافة الجديدة) بالصدور برئاسة التحرير نفسها الى أواسط الثمانينات لتتوقف كلياً فيما بعد وفاة رئيس تحريرها ثم تخلي زوجته عنها بعد صدورعدة أعداد منها. وإثر إنهيارالتحالف بين سلطة البعث و قيادة البارزاني توقفت جريدة (التآخي) عن الصدور لتحل محلها جريدة (العراق) بإدارة جديدة و بتوجهات منسجمة مع الخطاب السياسي للنظام خاصة في ما يتعلق برؤيته للمسألة الكردية .
كما صدرت صحف و مجلات عديدة ناطقة بإسم النقابات والمنظمات الجماهيرية التي أسستها السلطة الجديدة للسيطرة على قطاعات المجتمع كافة وللترويج لسياسات حزب البعث الحاكم .
فهناك مجلة (صوت الطلبة) ومجلة (المرأة) ومجلة (وعي العمال) ومجلة (صوت الفلاح) و مجلة ( المصور ) وواضح من عناوينها إنها تدل على الشرائح و القطاعات الناطقة بإسمها بالإضافة الى عشرات المجلات التابعة لمؤسسات الدولة و المنظمات والإتحادات المهنية العراقية والعربية التي كانت في ضيافة نظام الحكم في بغداد . و هناك أيضا جريدة( بغداد اوبزرفر) باللغة الأنكليزية تصدر عن دار الجماهير الحكومية .
و في عقد الثمانينات صدرت جريدة (البعث الرياضي) التي يشرف عليها "عدي إبن رئيس النظام" لتنمو مع السنين وتصبح في ما بعد مؤسسة كبيرة، تضم (نادي الرشيد الرياضي) ثم (اللجنة الأولمبية الرياضية) ثم في التسعينات أصدر "عدي" جريدة (بابل) اليومية التي أتاح لها النظام المجال واسعاً لإنتقاد الأداء الحكومي في قطاع الخدمات خاصة ، عدا التعرض الى شخص رأس النظام و المقربين منه من أفراد أسرته ، ثم مجلة (الرافدين الإسبوعية) و(إذاعة وتلفزيون الشباب) و (التجمع الثقافي) و ( نقابة الصحفيين ) الذي ضم جميع المنظمات المهنية الناشطة في ميدان الثقافة والفنون ، و جريدة ( الزوراء ) الناطقة بإسم نقابة الصحفيين ، وعدد كبيرمن الصحف الإسبوعية القطاعية الصادرة في التسعينات و جميع هذه المؤسسات تحت إشراف "عدي صدام حسين" و ما يُجنى من أرباح نشاطاتها التجارية يعود لحسابه الشخصي .
ملامح مرحلة
في تموز 1979 حيث تسلم "صدام حسين" رئاسة الجمهورية وحزب البعث من سلفه "أحمد حسن البكر"بإنقلاب غير معلن ، إتّبع الحاكم الجديد سياسة "التبعيث" و ( الفكر الواحد ) في مجالات الثقافة والإعلام والتربية، وربط وسائل الإعلام جميعها بوزارة الإعلام والثقافة التي تناوب على كرسيها كل من:
شفيق الكمالي : شاعر وعضو قيادتين قومية وقطرية. طارق عزيز: رئيس تحرير جريدة الثورة السابق ووزير خارجية لاحقاً.سعد قاسم حمودي: رئيس تحرير جريدة الجمهورية ونقيب الصحفيين.حامد يوسف حمادي: المستشار الدائم في القصر الجمهوري.لطيف نصيف جاسم: رئيس تحرير جريدة صوت الفلاح وعضو منظمة حنين الأمنية.محمد سعيد الصحاف: مدير مؤسسة الإذاعة والتلفزيون السابق ووزير الخارجية لاحقاً.واتّبع هؤلاء الوزراء المتعاقبون سياسة الولاء التام "لصدام حسين"، وأسبغوا عليه عشرات الألقاب التي كان يطرب لها الحاكم الفرد، وصعّدوا من أساليب تدبيج المديح والتمجيد، وقاموا بالدفاع عن النظام وحروبه: (الحرب مع إيران 1980-1988 ؛ اجتياح كردستان العراق ومجزرة مدينة حلبجة الكردية بالسلاح الكيمياوي – عمليات الأنفال التي راح ضحيتها 182 الف مواطن كردي 1988 – غزو الكويت 1990 ، تجفيف الأهوار في الجنوب و تشريد سكانها فضلا عن تصفية كل المعارضين للنظام ).
كما كان لمكتبي الإعلام في القيادة القومية و القطرية لحزب البعث و التي كان يشرف عليهما صدام بشكل مباشر منذ وقت مبكر في السبعينات حتى سقوط النظام أثراً بالغاً في رسم السياسة الإعلامية في البلاد . كان التلفزيون العراقي يبث لقاءات "صدام حسين" وخطبه وترؤسه إجتماعات قيادته ومجلس الوزراء وغيرها من الفعاليات ثلاث مرات في اليوم الواحد أو أكثر. كما تبث اذاعة بغداد خطبه في كل نشرة إخبارية على مدار اليوم الواحد.كانت كل الصحف الصادرة تواصل وفي كل عدد ،منذ تولي صدام الحكم في 1979 وحتى يوم سقوطه، نشر صورة لصدام وبحجم كبير في صدر صفحاتها الإولى وبأوضاع مختلفة ( لباس عسكري – زي قبائلي – قيافة مدنية بقبعة وبالكوفية وبدونهما في أكثر الاوقات).وصدرت في عهد "صدام" 31 مادة إعدام في قانون العقوبات البغدادي، كان نصيب الإعلام منها البعض والتي قتل بحيثياتها وبلا سبب، العشرات من الصحفيين والمثقفين، كان" ضرغام هاشم" سكرتير تحرير مجلة (حراس الوطن) أحد الذين أُعدموا في السجون سراً بعد إنتفاضة أذار 1991 وهي الجريمة التي أثارت حفيظة الإعلاميين العراقيين والعرب وإستنكرتها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في أرجاء العالم آنذاك. ومن تلك المواد التي طالت المواطن العراقي:- كل من يرمي عن قصد الجريدة التي تحتوي على صورة رئيس الجمهورية في الشارع.- ومن ينتقد أو يطعن بالرئيس وبالحزب القائد.- ومن يهاجم أو يوجه النقد الى الوزراء وأعضاء القيادة القطرية لحزب البعث.- ومن يهين القوات المسلحة.
ولم يكتف النظام بسياسة (التبعيث) وغسل الأدمغة وإعلان الولاء المطلق لصدام ومبايعته التي تكون نسبة المصوتين له في العادة 99،9 دون وجود أي مرشح آخر ، بل قام بسن قانون يفرض على المسؤولين والمواطنين ووسائل الإعلام إضفاء لقب (أستاذ) على إسم نجله عدي.(3 )
و يذكر أن عزت الدوري نائب صدام و المشرف على الإنتخابات في أواسط التسعينات أستكثر على ما نسبته 0, 04 من الناخبين العراقيين ممن تركوا أوراقهم بيضاء في صندوق الإنتخابات، هذا الموقف المعارض الصامت للنظام ووصفهم بتصريح رسمي ( أنهم بلا أخلاق!! ).
طبعاً من الصعب الحكم على حقبة أمتدت 53 سنة من حكم البعث في العراق على أنها لم تشهد ظهور كفاءات صحفية جيدة في شتى ميادين النشر والأخراج الصحفي ، بيد أن أصوات بعضهم غيبتها السجون و الإعدامات ( غيّب النظام الكاتب البارز و الصحفي "عزيز السيد جاسم" في السجن لسنوات حتى تأكد إعدامه بعد الإطاحة بالنظام كما أقدم النظام على إعدام الخطاط و المصمم الفني "سامي العتابي") و آخرين آثروا الصمت و الكثير منهم إضطروا لمغادرة بلادهم الى المنافي . كان الصحفيون المحترفون طيلة كل تلك السنوات ( يتعذبون ) وهم يرون كفاءاتهم تُهدر في صحف متشابهة من حيث الشكل والمضمون، يتألمون وهم يرون صحفاً متطورة تصدر في بلدان لم تكن تعرف الصحافة يوم كان في العراق صحف تُسقط حكومات. وبمرور الزمن أَحكمت الأجهزة الأمنية يدها على كل الحلقات وأصبح الإستشهاد بأقوال (القائد) هو وحده يجنب الصحفيين المساءلة والتشكيك في المواقف الوطنية. وتمادى الحاكم بالإستهانة بالصحفيين فلَم يكتف بإستدعاء هذا الصحفي العربي أو ذاك، كلما أراد أن يوجه ( خطاباً للأمة) بل أنفق، عبر مخابراته، الملايين من الدولارات على صحفيين أصدروا صحفاً لحسابه، كان يعرف جيداً أنها لاتلقى الإهتمام ، وإستثنى من تلك ( الفرص ) الخارجية حتى الكفاءات المهنية من (البعثيين) أنفسهم رغم أنهم (أبناء النظام وأحباؤه ) . عقدة الحاكم من إبن بلده تتكرر ، وأصبح التنظيم المهني تابعاً للسلطة ، وأُهدرت الإمكانيات المهنية ليتحول التحقيق الصحفي إلى ( تقرير يعده مكتب الإعلام في الوزارة المعنية ويسلمه للصحفي مشترطاً، حسب توجيه وزيره، عدم الحذف والتغيير ). أما العمود الصحفي فقد شهد مداحين لم يعرف تاريخ الصحافة العراقية لهم مثيلاً، كانوا( يسبحون بحمد القائد) ليل نهار، ويتصيدون ( مكرماته)، وإنتهت ( الإفتتاحية ) في الصحف العراقية وتحولت إلى إنشائيات تكتب بتوجيه من الأعلى، ولم يسلم الخبر المحلي من الحصار فأصدر أحد وزراء الإعلام تعميماً يمنع بموجبه نشرالأخبارالمحلية الرسمية التي لاترد للصحف عبر وكالة الأنباء العراقية. فهل هناك عذاب أكبر من هذا بالنسبة للمهنيين الذين حوصرت كفاءاتهم وهمشوا بهذا المستوى ، ثم نصب النظام نقيباً لهم تعامل معهم ( بالحجز والتوقيف وحلاقة الرأس ).(4)
خاتمة
يكفي النظر الى ما جرى في العراق طيلة حكم نظام البعث و صدام لنلمس حالة التخريب المقصود للعملية الإعلامية المهنية حتى كاد النظام أن يكون نموذجاً لما يحصل في النماذج الديكتاتورية ومثيلاتها . فقد عملت الحكومة على إحتكارالمعلومات ووسائل إيصالها أولاً ، وعلى منع المعلومات المحايدة أو " الأخرى " من الوصول الى الناس ثانياً ، حتى أنها إستكملت حلقة التعتيم والعزلة بغلقها المنافذ القليلة والمحدودة التي إضطرت للسماح بها بداية عهدها . ولا تتوفر في البلاد مصادر صحافية وثقافية عالمية أو حتى عربية إلا بما يتناسب وسياسة الحكومة . وتنشغل مئات من محطات التشويش بمنع المواطن من إلتقاط الإذاعات والمحطات التلفزيونية ، بل أن وسائل البريد والهواتف نفسها تخضع لرقابة متصلة على مدار الساعة . يقول(فولتير) في مقدمة كتابه عن الحياة البرلمانية:"إن الحقيقة لا تبدو ناصعة إلا في ظل الحرية التامة، وبعيدا عن المؤثرات التي يتعرض لها الباحث، لذلك نرى ان الشعوب تقبل في عصور الاستبداد على الصحف المستقلة الرأي، وتبتعد عن الصحف الحكومية لأن مصدر وحيها معروف".(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جهاد زاير – الصباح الجديد- ملاحظات اولية حول الخصائص السياسية والإجتماعية للصحافة العراقية
(2) من اوراق إسبوع المدى الثقافي الخامس: الإعلام وتأثيره في العملية السياسية في العراق
د. فائق بطي
(3) المصدر السابق
(4) ليث الحمداني \ صحفيو العراق ...ضحية الأنظمة والاحتلال \ الحوار المتمدن - العدد: 1245 - 2005 / 7 / 1 (5) جهاد زاير – الصباح الجديد- ملاحظات أولية حول الخصائص السياسية والإجتماعية للصحافة العراقية
أحمد الصالح
تقديم
عَرف العراق الصحافة أول مرة بصدور جريدة (الزوراء) باللغة العربية في عام 1869 ابان سلطة الوالي مدحت باشا، وبدأ العراقيون يحتفلون في 15 حزيران من كل عام عيداً للصحافة منذ قيام الاحتفالية بمئويتها عام 1969 . كما عَرف العراق التلفاز عام 1956، ويُعتبر من أوائل الدول العربية التي تأسست فيها هذه الوسيلة الإعلامية المؤثرة، وكان قد عَرف أيضا البث السمعي (الراديو) في العام 1936 حيث يعد من دول الشرق الأوسط الرائدة في هذا المجال.وخضعت الوسيلتان السمعية والبصرية منذ تأسيسهما في العراق الى السيطرة الحكومية وفق تشريعات خاصة، بيد أن الصحافة الورقية يمكن استثناءها من هذه السيطرة المباشرة، سوى القليل من الصحف التي أصدرتها الجهات الحكومية في مراحل تطور العراق السياسي في العهد الملكي الذي امتد حتى قيام الجمهورية في 14 تموز 1958. ثم ليُحصر امتياز الأصدار الصحفي في العهود اللاحقة بيد الجهات الحكومية والمنظمات المرتبطة بها عدا بعض الإستثناءات في هذا العهد أو ذاك .
كانت الصحافة العراقية إمتداد للنزاع السياسي المباشر عقب إنشاء الدولة العراقية ، هذا إذا إستثنينا بقدر ما الصحافة الساخرة التي كانت بدورها مرآةً تهكمية مسيسة في الكثير من الأحيان .ولم يتح للبلاد بلورة ما يسمى " السلطة الرابعة " التي يتعين أن تراقب السلطات الثلاث الأخرى كما يفترض . ومن هذا الموقع واجهت المؤسسة الإعلامية سلطة الدولة الفتية وغير الخبيرة وأحياناً المنحازة الى " العهد " تماماً كما واجهت أحزاباً تقع المنازعة السياسية في صلب عملها ومقدمة أولوياتها مما أفضى في النهاية الى دمج وإخضاع السلطة الرابعة لتأثيرهما بل عمدت الدولة في خضم الصراع ولا سيما خلال الخمسينات الى الغائها بالكامل. ولهذا لم تتمكن الصحافة من تطوير عدتها المهنية بحيث تقوم بالواجبات التي تتحملها مثيلاتها في الديمقراطيات البرلمانية الإخرى . ومع نشوء أجيال من الصحافيين المهنيين والمشاهير من رحم تلك الصحافة السياسية ، إلا انهم كانوا بمقاييس الإحتراف محض معلقين ومحللين سياسيين أكثر منهم أركان صحافة مهنية تقليدية بالمعنى الواسع .(1)
تشريعات قديمة للإعلام
أصدرت السلطات الحاكمة في العراق تشريعات و قوانين تنظم عملية إصدار الصحف منذ العهد العثماني، حيث صدر أول نظام لها بتشريع قانون المطبوعات في 16 تموز1909 بعد الإنقلاب الدستوري لعام 1908. وكان قد صدر خلال ثلاث سنوات من صدور هذا القانون 37 جريدة كان أولها جريدة (بغداد) كأول صحيفة شعبية تصبح ملكاً خاصاً.من مواد هذا القانون:- يجوز أن تعطل مؤقتا الجريدة أو المجلة التي تنشر ما من شأنه أن يخل بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي. (السجن من 3 اشهرالى 3 سنوات)وشرع القضاء العراقي أول قانون عرف بقانون المطبوعات رقم 82 لسنة 1931 والذي يعتبر صدوره من أهم العوامل أو الاسباب التي ادت الى تخلف الصحافة العراقية، خاصة فيما يتعلق بمواد التعطيل الإداري وإلغاء الإمتياز، حيث جاء في فقرات المادة 18 منه: يجوز لوزير الداخلية إنزال العقوبة أذا:- نشر ما يخلُ بأمن الدولة الداخلي والخارجي.- ما يسبب الكراهية والبغضاء بين أفراد الشعب وطبقاته بصورة تخل بأمن الدولة.- ما يؤثر على الصلات الودية بين العراق والدول الأجنبية.- ما يخالف الحقيقة بقصد إثارة الرأي العام.- ما يخل بالآداب والأخلاق العامة.- ما يسبب كراهية الحكومة أو يمس كرامتها.بقي هذا القانون سارياً حتى عام 1954، عندما عدّل بقانون آخر لم يختلف عن السابق سوى أن بعض الأحكام الخاصة بالغرامة والسجن قد إرتفعت. وإرتبطت بعد صدر القانون كل الصحف والمجلات الصادرة في العراق مباشرة بمديرية الدعاية التي انشأتها الحكومة وربطتها بدورها بوزارة الداخلية.
بعد 14 تموز 1958 أنشأت حكومة العهد الجديد أول مرة (وزارة الارشاد) التي أشرفت وسيطرت بصورة تكاد تكون تامة عل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
وبعيد إنقلاب 8 شباط 1963، وفي عهد حكم البعث الأول ألغت حكومة الإنقلاب جميع الصحف والمجلات في العراق، والتي دامت في السلطة تسعة أشهر فقط، على أثر قيام عبد السلام عارف بإنقلاب تشرين وإزاحة حزب البعث العربي الاشتراكي عن الحكم.في 28 نيسان 1964، صدر قانون جديد حمل الرقم 53 ، لم يختلف في جوهره عن القوانين السابقة إلا ما يتعلق بإجازة المطبوع السياسي، حيث نصت المادة على أن يكون عدد أعضاء أصحاب الإمتياز خمسة أفراد بدلاً من واحد فقط، شريطة أن لا يكونون من موظفي الدولة، إثنان منهم يجب أن يكونا من الذين مارسوا المهنة وأن يكون رئيس التحرير من حاملي شهادة كلية الحقوق أو أية شهادة جامعية عليا.
تشريعات جديدة في عهد البعث الثاني
وتبعاً لما تقدم فقد دخل النشاط الصحفي في العراق حقبة حكم البعث الثاني أثر إنقلاب 17 تموز 1968 و هو يحمل معه أرث مشوش وغير مكتمل مهنياً و تأسيسياً لصحافة مستقلة منذ نشؤ الدولة العراقية الحديثة في العام 1921.
و كان لابد للإنقلابيين الجدد أن يصدروا قانوناً جديداً للمطبوعات ينسجم مع توجهات نظامهم الإقصائية والإستئثار بالحكم لصالح حزب البعث الذي شارك في الأنقلاب ثم إستلم مقاليد الأمور تماماً في أنقلاب آخر في 30 تموز 1968 حيث تمكن من إقصاء شركاؤه الفاعلين و الذين كان لهم الدور الأكبر في الإطاحة بنظام عبد الرحمن عارف و هما (عبد الرزاق النايف و ابراهيم الداوود) .
ففي 5 كانون الثاني 1969، نشرت جريدة (الوقائع العراقية) الرسمية الصادرة عن دائرة المطبوعات، نص قانون المطبوعات رقم 206 لعام 1968 الذي بقي ساري المفعول حتى سقوط النظام في 9 نيسان 2003.(2)و هو القانون الذي تم الركون اليه آنذاك في رفع الدعاوى عن ما ينشر في الصحف من (أساءات مفترضة) لنظام الحكم أو لرجاله وهو مليء بالممنوعات والعقوبات والمحرمات وهو أحد أهم القوانين التي جعلت الكتابة آنذاك ورطة ما بعدها ورطة فصاحب المطبوع ورئيس التحرير وكاتب المقال كلهم مجرمون إذا مس المقال شعرة من رأس النظام.
كما صدر أيضا قانون نقابة الصحفيين رقم 178 لسنة 1969 وتعديلاته ، وهو قانون ملغوم بالدس لصالح ( الحزب والثورة) كالتضليل وإستغلال الصحافة بما يفيد جهة معادية أو إثارة الغرائز وما الى ذلك.
لكن يجدر الإشارة الى أن نقابة الصحفيين خلال حقبة "البعث" إستطاعت أن تحقق بعض المطالب المهنية لقسم من الصحفيين خاصة فيما يتعلق بتوزيع الأراضي و على عدة مراحل كان آخرها في مطلع التسعينات . كما تم إصدار قانون صندوق تقاعد الصحفيين الذي كان يؤمل له أن يكرّم الصحفيين في شيخوختهم و يضمن لهم العيش الطيب، لكنه و منذ صدوره حتى اليوم لا يتقاضى الصحفيون بموجبه إلا رواتب بائسة لا تكاد تسد احتياجاتهم ليوم واحد .و هناك أيضا ً مواد من قانون العقوبات الرقم 111 لسنة 1969 والذي نظم أحكام المسؤولية في جرائم النشر في المواد( 81 ـ 84) قرر معاقبة رئيس تحرير الصحيفة بصفته فاعلاً أصلياً للجرائم التي ترتكب بواسطة النشر في صحيفته واذا لم يكن ثمة رئيس تحرير يعاقب المحرر المسؤول عن القسم الذي حصل فيه النشر فضلاً عن شمول الصحفي بجريمة القذف في المادة 433وجريمة السب والشتم في المادة 434 من القانون ذاته.
جرائد و مجلات
منذ بداية عهد إنقلاب 1968 تولت الجهات الحكومية و المنظمات المهنية و النقابية المرتبطة بحزب البعث فقط إصدار الصحف والمطبوعات فضلاً عن سيطرة السلطة سيطرة تامة على الإذاعة و التلفزيون ، و كان التلفزيون بقناتين أرضيتين فقط تبث لساعات محددة من النهار و المساء ولحقتهما قناة تلفزيونية ثالثة في عقد التسعينيات سميت بتلفزيون (الشباب) التي كانت عائديتها "لعدي" الإبن الأكبر لرئيس النظام صدام ، كما شهد عقد التسعينات إنظلاق قناة (تلفزيون بغداد الثقافي) الذي ما لبث ان تحول الى (قناة العراق الفضائية) و التي إستمر بثها حتى سقوط النظام في 2003 . أما (إذاعة بغداد) والتي تأسست في العام 1936 أستمرت ببث برامجها ، ثم أقدمت سلطة البعث على إطلاق إذاعة( صوت الجماهير) . وفي التسعينات أطلق "عدي صدام" إذاعة (الشباب) .
(جريدة الجمهورية) الرسمية التي سبق و أن صدرت في بداية العهد الجمهوري في العام 1958 إستمر صدورها في ظل سلطة البعث و لكن بإدارة جديدة و بتوجهات تنسجم مع خطاب النظام الجديد ، ثم أقدمت السلطة و في وقت مبكر من إستلامها لمقاليد الحكم على تأسيس (دار الثورة للصحافة و النشر) بميزانية باذخة و يسرّت لها مباني ضخمة و مطبعة كبيرة وإستقدمت لها كتّاب عراقيين وعرب أعلنوا إنتمائهم الصريح للبعث وأيدلوجيته رغم أن البعض منهم كانوا محسوبين على الشيوعيين في وقت سابق ، و صدر عن الدار جريدة ( الثورة ) اليومية بوصفها جريدة ناطقة بإسم حزب البعث الحاكم .
و جريدة (القادسية) التي صدرت عن وزارة الدفاع مع بداية الحرب العراقية- الإيرانية عام 1980 و صدرعنها عدد الأحد ( القادسية الإسبوعي) الموسع والمنوع فيما بعد .
كما صدرت عن وزارة الدفاع مجلة (حراس الوطن) التي كانت متخصصة بالشؤون العسكرية و تصدر شهرياً ثم تحولت الى إسبوعية في العام 1989 وأصبحت مجلة منوعة عامة ونافست مجلة (الف باء) بل فاقتها في التوزيع في السوق بعد صدور الأعداد القليلة الأولى منها ، وتم إغلاقها في أواخر العام 1990 بعد غزو النظام للكويت .
و أثر بيان آذار في العام 1970 الذي وضع أسس التحالف بين حزب البعث الحاكم و الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة الملا مصطفى البارزاني صدرت جر يدة (التآخي) باللغة العربية لتكن ناطقة باسم الحزب الكردي المذكور. و بعد إعلان ميثاق العمل الوطني عام 1972 والذي مهد الطريق لقيام التحالف الجبهوي بين حزب البعث الحاكم و الحزب الشيوعي العراقي في العام 1973 ، صدرت جريدة (الفكر الجديد) الأسبوعية في العام 1972 ثم تبعتها جريدة (طريق الشعب) اليومية في العام 1973 أثر إعلان الجبهة بين الحزبين في ذلك العام ، والجريدتان ناطقتان بإسم الحزب الشيوعي العراقي . و هناك أيضا مجلة (الثقافة الجديدة) التي رأس تحريرها "الدكتور صلاح خالص" و هي مطبوع أهلي ، تبنت توجهات يسارية و قريبة من الخطاب السياسي للشيوعيين .
في العام 1979 و بعد إستحواذ "صدام حسين" على السلطة بشكل مطلق وحيث قُضي على التحالف الجبهوي بين البعثيين والشيوعيين قبل ذلك بأقل من عام ، توقفت جريدتا (الفكر الجديد) و (طريق الشعب) عن الصدور العلني و إستمرت مجلة (الثقافة الجديدة) بالصدور برئاسة التحرير نفسها الى أواسط الثمانينات لتتوقف كلياً فيما بعد وفاة رئيس تحريرها ثم تخلي زوجته عنها بعد صدورعدة أعداد منها. وإثر إنهيارالتحالف بين سلطة البعث و قيادة البارزاني توقفت جريدة (التآخي) عن الصدور لتحل محلها جريدة (العراق) بإدارة جديدة و بتوجهات منسجمة مع الخطاب السياسي للنظام خاصة في ما يتعلق برؤيته للمسألة الكردية .
كما صدرت صحف و مجلات عديدة ناطقة بإسم النقابات والمنظمات الجماهيرية التي أسستها السلطة الجديدة للسيطرة على قطاعات المجتمع كافة وللترويج لسياسات حزب البعث الحاكم .
فهناك مجلة (صوت الطلبة) ومجلة (المرأة) ومجلة (وعي العمال) ومجلة (صوت الفلاح) و مجلة ( المصور ) وواضح من عناوينها إنها تدل على الشرائح و القطاعات الناطقة بإسمها بالإضافة الى عشرات المجلات التابعة لمؤسسات الدولة و المنظمات والإتحادات المهنية العراقية والعربية التي كانت في ضيافة نظام الحكم في بغداد . و هناك أيضا جريدة( بغداد اوبزرفر) باللغة الأنكليزية تصدر عن دار الجماهير الحكومية .
و في عقد الثمانينات صدرت جريدة (البعث الرياضي) التي يشرف عليها "عدي إبن رئيس النظام" لتنمو مع السنين وتصبح في ما بعد مؤسسة كبيرة، تضم (نادي الرشيد الرياضي) ثم (اللجنة الأولمبية الرياضية) ثم في التسعينات أصدر "عدي" جريدة (بابل) اليومية التي أتاح لها النظام المجال واسعاً لإنتقاد الأداء الحكومي في قطاع الخدمات خاصة ، عدا التعرض الى شخص رأس النظام و المقربين منه من أفراد أسرته ، ثم مجلة (الرافدين الإسبوعية) و(إذاعة وتلفزيون الشباب) و (التجمع الثقافي) و ( نقابة الصحفيين ) الذي ضم جميع المنظمات المهنية الناشطة في ميدان الثقافة والفنون ، و جريدة ( الزوراء ) الناطقة بإسم نقابة الصحفيين ، وعدد كبيرمن الصحف الإسبوعية القطاعية الصادرة في التسعينات و جميع هذه المؤسسات تحت إشراف "عدي صدام حسين" و ما يُجنى من أرباح نشاطاتها التجارية يعود لحسابه الشخصي .
ملامح مرحلة
في تموز 1979 حيث تسلم "صدام حسين" رئاسة الجمهورية وحزب البعث من سلفه "أحمد حسن البكر"بإنقلاب غير معلن ، إتّبع الحاكم الجديد سياسة "التبعيث" و ( الفكر الواحد ) في مجالات الثقافة والإعلام والتربية، وربط وسائل الإعلام جميعها بوزارة الإعلام والثقافة التي تناوب على كرسيها كل من:
شفيق الكمالي : شاعر وعضو قيادتين قومية وقطرية. طارق عزيز: رئيس تحرير جريدة الثورة السابق ووزير خارجية لاحقاً.سعد قاسم حمودي: رئيس تحرير جريدة الجمهورية ونقيب الصحفيين.حامد يوسف حمادي: المستشار الدائم في القصر الجمهوري.لطيف نصيف جاسم: رئيس تحرير جريدة صوت الفلاح وعضو منظمة حنين الأمنية.محمد سعيد الصحاف: مدير مؤسسة الإذاعة والتلفزيون السابق ووزير الخارجية لاحقاً.واتّبع هؤلاء الوزراء المتعاقبون سياسة الولاء التام "لصدام حسين"، وأسبغوا عليه عشرات الألقاب التي كان يطرب لها الحاكم الفرد، وصعّدوا من أساليب تدبيج المديح والتمجيد، وقاموا بالدفاع عن النظام وحروبه: (الحرب مع إيران 1980-1988 ؛ اجتياح كردستان العراق ومجزرة مدينة حلبجة الكردية بالسلاح الكيمياوي – عمليات الأنفال التي راح ضحيتها 182 الف مواطن كردي 1988 – غزو الكويت 1990 ، تجفيف الأهوار في الجنوب و تشريد سكانها فضلا عن تصفية كل المعارضين للنظام ).
كما كان لمكتبي الإعلام في القيادة القومية و القطرية لحزب البعث و التي كان يشرف عليهما صدام بشكل مباشر منذ وقت مبكر في السبعينات حتى سقوط النظام أثراً بالغاً في رسم السياسة الإعلامية في البلاد . كان التلفزيون العراقي يبث لقاءات "صدام حسين" وخطبه وترؤسه إجتماعات قيادته ومجلس الوزراء وغيرها من الفعاليات ثلاث مرات في اليوم الواحد أو أكثر. كما تبث اذاعة بغداد خطبه في كل نشرة إخبارية على مدار اليوم الواحد.كانت كل الصحف الصادرة تواصل وفي كل عدد ،منذ تولي صدام الحكم في 1979 وحتى يوم سقوطه، نشر صورة لصدام وبحجم كبير في صدر صفحاتها الإولى وبأوضاع مختلفة ( لباس عسكري – زي قبائلي – قيافة مدنية بقبعة وبالكوفية وبدونهما في أكثر الاوقات).وصدرت في عهد "صدام" 31 مادة إعدام في قانون العقوبات البغدادي، كان نصيب الإعلام منها البعض والتي قتل بحيثياتها وبلا سبب، العشرات من الصحفيين والمثقفين، كان" ضرغام هاشم" سكرتير تحرير مجلة (حراس الوطن) أحد الذين أُعدموا في السجون سراً بعد إنتفاضة أذار 1991 وهي الجريمة التي أثارت حفيظة الإعلاميين العراقيين والعرب وإستنكرتها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في أرجاء العالم آنذاك. ومن تلك المواد التي طالت المواطن العراقي:- كل من يرمي عن قصد الجريدة التي تحتوي على صورة رئيس الجمهورية في الشارع.- ومن ينتقد أو يطعن بالرئيس وبالحزب القائد.- ومن يهاجم أو يوجه النقد الى الوزراء وأعضاء القيادة القطرية لحزب البعث.- ومن يهين القوات المسلحة.
ولم يكتف النظام بسياسة (التبعيث) وغسل الأدمغة وإعلان الولاء المطلق لصدام ومبايعته التي تكون نسبة المصوتين له في العادة 99،9 دون وجود أي مرشح آخر ، بل قام بسن قانون يفرض على المسؤولين والمواطنين ووسائل الإعلام إضفاء لقب (أستاذ) على إسم نجله عدي.(3 )
و يذكر أن عزت الدوري نائب صدام و المشرف على الإنتخابات في أواسط التسعينات أستكثر على ما نسبته 0, 04 من الناخبين العراقيين ممن تركوا أوراقهم بيضاء في صندوق الإنتخابات، هذا الموقف المعارض الصامت للنظام ووصفهم بتصريح رسمي ( أنهم بلا أخلاق!! ).
طبعاً من الصعب الحكم على حقبة أمتدت 53 سنة من حكم البعث في العراق على أنها لم تشهد ظهور كفاءات صحفية جيدة في شتى ميادين النشر والأخراج الصحفي ، بيد أن أصوات بعضهم غيبتها السجون و الإعدامات ( غيّب النظام الكاتب البارز و الصحفي "عزيز السيد جاسم" في السجن لسنوات حتى تأكد إعدامه بعد الإطاحة بالنظام كما أقدم النظام على إعدام الخطاط و المصمم الفني "سامي العتابي") و آخرين آثروا الصمت و الكثير منهم إضطروا لمغادرة بلادهم الى المنافي . كان الصحفيون المحترفون طيلة كل تلك السنوات ( يتعذبون ) وهم يرون كفاءاتهم تُهدر في صحف متشابهة من حيث الشكل والمضمون، يتألمون وهم يرون صحفاً متطورة تصدر في بلدان لم تكن تعرف الصحافة يوم كان في العراق صحف تُسقط حكومات. وبمرور الزمن أَحكمت الأجهزة الأمنية يدها على كل الحلقات وأصبح الإستشهاد بأقوال (القائد) هو وحده يجنب الصحفيين المساءلة والتشكيك في المواقف الوطنية. وتمادى الحاكم بالإستهانة بالصحفيين فلَم يكتف بإستدعاء هذا الصحفي العربي أو ذاك، كلما أراد أن يوجه ( خطاباً للأمة) بل أنفق، عبر مخابراته، الملايين من الدولارات على صحفيين أصدروا صحفاً لحسابه، كان يعرف جيداً أنها لاتلقى الإهتمام ، وإستثنى من تلك ( الفرص ) الخارجية حتى الكفاءات المهنية من (البعثيين) أنفسهم رغم أنهم (أبناء النظام وأحباؤه ) . عقدة الحاكم من إبن بلده تتكرر ، وأصبح التنظيم المهني تابعاً للسلطة ، وأُهدرت الإمكانيات المهنية ليتحول التحقيق الصحفي إلى ( تقرير يعده مكتب الإعلام في الوزارة المعنية ويسلمه للصحفي مشترطاً، حسب توجيه وزيره، عدم الحذف والتغيير ). أما العمود الصحفي فقد شهد مداحين لم يعرف تاريخ الصحافة العراقية لهم مثيلاً، كانوا( يسبحون بحمد القائد) ليل نهار، ويتصيدون ( مكرماته)، وإنتهت ( الإفتتاحية ) في الصحف العراقية وتحولت إلى إنشائيات تكتب بتوجيه من الأعلى، ولم يسلم الخبر المحلي من الحصار فأصدر أحد وزراء الإعلام تعميماً يمنع بموجبه نشرالأخبارالمحلية الرسمية التي لاترد للصحف عبر وكالة الأنباء العراقية. فهل هناك عذاب أكبر من هذا بالنسبة للمهنيين الذين حوصرت كفاءاتهم وهمشوا بهذا المستوى ، ثم نصب النظام نقيباً لهم تعامل معهم ( بالحجز والتوقيف وحلاقة الرأس ).(4)
خاتمة
يكفي النظر الى ما جرى في العراق طيلة حكم نظام البعث و صدام لنلمس حالة التخريب المقصود للعملية الإعلامية المهنية حتى كاد النظام أن يكون نموذجاً لما يحصل في النماذج الديكتاتورية ومثيلاتها . فقد عملت الحكومة على إحتكارالمعلومات ووسائل إيصالها أولاً ، وعلى منع المعلومات المحايدة أو " الأخرى " من الوصول الى الناس ثانياً ، حتى أنها إستكملت حلقة التعتيم والعزلة بغلقها المنافذ القليلة والمحدودة التي إضطرت للسماح بها بداية عهدها . ولا تتوفر في البلاد مصادر صحافية وثقافية عالمية أو حتى عربية إلا بما يتناسب وسياسة الحكومة . وتنشغل مئات من محطات التشويش بمنع المواطن من إلتقاط الإذاعات والمحطات التلفزيونية ، بل أن وسائل البريد والهواتف نفسها تخضع لرقابة متصلة على مدار الساعة . يقول(فولتير) في مقدمة كتابه عن الحياة البرلمانية:"إن الحقيقة لا تبدو ناصعة إلا في ظل الحرية التامة، وبعيدا عن المؤثرات التي يتعرض لها الباحث، لذلك نرى ان الشعوب تقبل في عصور الاستبداد على الصحف المستقلة الرأي، وتبتعد عن الصحف الحكومية لأن مصدر وحيها معروف".(5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جهاد زاير – الصباح الجديد- ملاحظات اولية حول الخصائص السياسية والإجتماعية للصحافة العراقية
(2) من اوراق إسبوع المدى الثقافي الخامس: الإعلام وتأثيره في العملية السياسية في العراق
د. فائق بطي
(3) المصدر السابق
(4) ليث الحمداني \ صحفيو العراق ...ضحية الأنظمة والاحتلال \ الحوار المتمدن - العدد: 1245 - 2005 / 7 / 1 (5) جهاد زاير – الصباح الجديد- ملاحظات أولية حول الخصائص السياسية والإجتماعية للصحافة العراقية
Subscribe to:
Posts (Atom)